هبة عمر
هبة عمر


وجع قلب

الحق فى الماء والهواء

أخبار اليوم

الجمعة، 08 سبتمبر 2023 - 07:24 م

حين أطلق طه حسين مقولته الشهيرة «التعليم حق للجميع كالماء والهواء» فى مطلع الخمسينيات من القرن الماضى،  كان يتطلع كوزير للمعارف أن يصبح التعليم حقا لكل مواطن مثل حقه فى الماء والهواء، وكان وهو ينادى بمجانية التعليم يتمنى أن يصل إلى كل مكان حتى يحصل الجميع على فرص متكافئة يصل فيها النابغون إلى حقهم فى التعلم والمعرفة  بغض النظر عن نشأتهم أو ظروفهم، إذ كان هذا الحق فى هذا الزمن يصعب توفيره للجميع.

أثمرت الدعوة ثمارها على مدى السنين وأصبح التعليم متاحا وميسورا وبات التفوق فيه يفتح أبواب الأمل فى حياه أفضل للجميع بلا استثناء ، قبل أن يتحول تدريجيا من حق كالماء والهواء إلى سلعة تنقص جودتها أو تزيد تبعا للحالة الاقتصادية، ورغم أن التعليم الحكومى الذى تتبناه الدولة مازال حقا للجميع ، ورغم إنشاء مئات المدارس الجديدة لاستيعاب الزيادة المستمرة فى أعداد التلاميذ، فإن محتوى هذا التعليم وقيمته وجدواه أضعف من الاستجابة لمتطلبات العصر الحالى من ضرورة إجادة لغة أجنبية ومعرفة تكنولوجية، وحتى إجادة اللغة العربية أصبحت معضلة يعجز عن التغلب عليها  أغلب خريجى المدارس وخريجى الجامعات أيضا.

أما التعليم الخاص فقد تحول إلى تجارة مربحة ومضمونة لا رقابة عليها، فهو الملاذالذى يلجأ إليه المضطرون لتوفير تعليم حقيقى للأبناء والمضربون عن التعليم الحكومي، وهؤلاء قد يدفعون دماء قلوبهم لضمان مستقبل أفضل لأبنائهم، ورغم ذلك يلجأون للدروس الخصوصية المكلفة التى تستنزف دخولهم لتعويض التراخى فى توفير تعليم جيد وحقيقى بهذه المدارس، وتبقى مدارس اللغات والمدارس الدولية هى الحل الأنسب لأبناء الطبقة الوسطى والطبقة العليا ، والتى تبلغ مصروفاتها ومتطلباتها عنان السماء وتتجاوز الحدود القصوى فى كل شىء، بدءاً من اختبارات القبول للأطفال فى سن الحضانة وإختبارات للمستوى المادى لأولياء الأمور، وحتى مصروفات الدراسة والكتب والزى المدرسى والاختراع الجديد «السبلايز» وهو كل الأدوات والمستلزمات التى يحتاجها الطفل خلال العام الدراسى والتى تصل قيمتها إلى آلاف الجنيهات، رغم أن المصروفات الدراسية التى تقدر بآلاف الجنيهات أيضا يجب أن تتضمن مصروفات الكتب والزى والأدوات ، وهو ما يذكرنا بمصروفات «الخروف» فى فيلم  «سلامة بخير»  التى تضاعفت عشرات المرات بلا مبرر.
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة