«خيوط النور» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم
«خيوط النور» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم


«خيوط النور» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

صفوت ناصف

الأحد، 18 فبراير 2024 - 03:31 م

«خيوط النور» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

اعتدت أن أستقل سيارتي القديمة في الصباح الباكر والتي تبلغ من العمر أرذله لكني أحبها وكأنها جزء من تلك الأشياء القديمة التي أكره أن أُفرِّط بها مهما كان عمرها أو أصابها الوهن والهلاك بمرور الزمن، فهي تغنيني عن السؤال وخصوصاً في هذه المرحلة الزمنية الصعبة التي أصبح فيها شراء سيارة حلم الأغنياء فقط .

 

أعمل صيدلانية ورثت عن أبى هذه المهنة وأيضاً مصنع الأدوية الذي تركه لي وأخذت موثقاً على نفسي باستكمال المسيرة كما وعدت أبى.

 

 منذ أكثر من عشر سنوات توفى والدي وأنا أعمل جاهدة ليل نهار لتحقيق الهدف الذي بنى والدي من أجله هذا المصنع وصار يجاهد فيه من أجل توفير الأدوية المحلية قدر الإمكان كى تكون في متناول الجميع جاهدت للمحافظة على سمعته والاسم السوقي الذي أفنى والدي حياته من أجله

 

ولكن بمرور الوقت والزمن فكل شيء أصبح يتغير ما بين ساعة وأخرى وليلة وضحاها بدأت المادة الخام المطلوبة لتصنيع الدواء تقل حتى أنها صارت منعدمة، اليوم قررت عقد اجتماع طارئ لمجلس الإدارة وسأتخذ قرارا بوقف التصنيع لمعظم الأدوية لحين إشعار آخر!

قرار صعب على نفسي هزني هزة داخلية مُحرِقة، ركبت سيارتي وأنا في طريق العودة إلى المنزل شعرت بأن أبى يجلس جواري ويتحدث معي، رأيته أمامي وكأن عيناه تلومني وتقول لي لماذا فعلتي، أهذا وعدك لي؟؟

صحت وبصوت عالي: صدقني يا أبي أنا لم أُقصِّر، وأسير على نفس النهج الذي كنت تنتهجه ولم أُهمل حاولت قدر استطاعتي وبذلت قصارى جهدي لكن ما حدث خارج عن إرادتي وإرادة الكثير، بابا أعرف تماماً أن مهمتنا مهمة إنسانية، نعم تصنيع الدواء وتوفيره مهمة إنسانية واجتماعية لكنى حاولت وحاولت كثيراً كي أمتنع عن هذا القرار... ماذا أفعل!!!

الاستيراد مغلق والعملة التي نستورد بها أصبحت شحيحه جداً وارتفع سعرها بشكل جنوني والخسارة تحاصرني من كل جانب.

 

أجبني يا أبي ماذا أفعل؟؟؟؟

 

فجأة توقفت السيارة وأبت ألا تتحرك من الواضح أنه عطل مفاجئ.. حتى السيارة معترضة!!!

اتصلت بصديقتي وبصوت مرتعش تكسوه الدموع الحقيني السيارة عطلت وتوقفت عن الحركة وأنا في وسط الشارع، حتى خضرت صديقتي كنت قد وصلت إلى حالة من الانهيار التام، انتَقَلَت سريعاً إلى سيارتها وطلبت الميكانيكي ليحضر ويأخذ السيار، هكذا أصبحت تطل علينا سحب الغمام تملأ المكان باليأس

 

حاولت صديقتي أن تحنو علىَّ وتلطف من حالتي ببعض الكلمات عندما سمعت كلامي عن اليأس وكأنها تواسيني في خيمة عزاء، علّها تمنحني شيئًا من الأمل الذي أطمع أن يتسلل إلى نفسي المتشائمة فيمحو عنى شيئا من لحظات اليأس التي أحالت أيامى إلى حلكة معتمة لا بصيص لخيوط النور فيها!

 أخبرتني بأن اليأس حين يتحكم في النفس فإنه يقتلها ويفقدها لذة السعادة والحياة فتستسلم له بانهزام ليسحبها فيما بعد من عنفوان الحياة ودفئها إلى حيث برودة الأحلام الموءودة والأماني المذبوحة بسلاحه البغيض.

وصاحت قائلة: حبيبتي يجب أن تعي تماماً بأن العظماء ليس شرطاً أن يكونوا ممن رست سفن التاريخ على موانئ حياتهم ذات يوم، وفى اعتقادي أن كل شخص حارب اليأس والفشل وصنع أسطورة نجاحه بكل إرادة وتصميم فإنه جدير به أن يكون عظيما، حتى ولو كان شخص بسيط في نظر الآخرين.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة