المحكمة الجنائية الدولية
المحكمة الجنائية الدولية


ملاحقات «الجنائية» لقادة الاحتلال «مع إيقاف التنفيذ»

محمد نعيم

السبت، 11 مايو 2024 - 07:17 م

رغم المساعى الإسرائيلية المبذولة لإحباط محاكمة جنرالات تل أبيب أمام المحاكم الجنائية الدولية على خلفية جرائم الإبادة الجماعية فى قطاع غزة، لكن هلع المستوى السياسى والعسكرى الإسرائيلى، أضحى أكثر حدة من تبعات اعتداءات إسرائيل السابقة، لاسيما عند النظر إلى أبعاد لم تفرض نفسها سابقًا على واقع الداخل والخارج الإسرائيلى.

الأغلبية فى إسرائيل لا تكترث بالعناوين التى تميل إلى إمكانية ملاحقة قادة إسرائيل قضائيًا، وتحكم-من البداية بالفشل على إثارة القضية، خاصة أن التحقيقات فى هذا الخصوص تتطلب موارد هائلة، وتفرض تحديات وتفرُّغ أكثر من دولة (على الأقل) للاشتباك الدبلوماسى مع إسرائيل، وربما مع الإدارة الأمريكية أيضًا، بحسب المحامية يائيل جڤير تزمان، مدير شعبة القانون الدولى فى جامعة «رايخمان» الإسرائيلية.

اقرأ أيضًا| نتنياهو يسترضى المتطرفين بعملية رفح

لكن الواقع ربما يطرح صورة مغايرة قد تزيد التفاف الخناق حول عنق إسرائيل، إذ يفطن بارونات القانون الدولى فى تل أبيب إلى أن تغوُّل المستوى السياسى على صلاحيات جهاز القضاء الإسرائيلى عبر ما يُعرف بـ «الإصلاحات القضائية»، انتزع عن المنظومة حياديتها ونزاهتها أمام المجتمع الدولى، وفى المقابل فتح الباب (دون قصد) أمام أحقية جهات أجنبية من بينها المحاكم الجنائية فى ملاحقة قادة إسرائيل قضائيًا، ولعل ذلك كان سببًا فى إحجام بنيامين نتانياهو عن مغادرة إسرائيل خلال الآونة الأخيرة، خاصة بعد تحذير العديد من خبراء القانون العسكرى والدولى فى إسرائيل من أن «المساس باستقلال منظومة القضاء الإسرائيلية، يعرض قادة وجنود الجيش الإسرائيلى للخطر».

يضاف إلى ذلك قرار محكمة العدل العليا عند نظرها فى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؛ فحتى إذا لم تدن إسرائيل فى لاهاى بالشكل المرجو، واصطبغ قرار المحكمة بـ «ألوان سياسية» تجافى المفهوم الحقيقى للقضاء، لكنه يعزز موقف المحاكم الجنائية إذا لاحقت قادة إسرائيل؛ وربما أدركت تل أبيب هذه الفرضية حين أسرعت فى إقالة عضو الكنيست عوفير كاسيف بعد توقيعه على وثيقة تؤيد الدعوى المرفوعة ضد إسرائيل فى لاهاى.

حينها، وفى لقاء مع إذاعة الجيش الاسرائيلى، أعلن عضو الكنيست عوديد فورير، وهو المبادر لإقالة «زميله المارق» عوفير كاسيف، أنه إذا «قبلت لاهاى الدعوة المرفوعة ضد إسرائيل، يصبح قادة الجيش الإسرائيلى فى مواجهة المحاكم الجنائية، ولا يوجد حينئذ ما يحول دون صدور مذكرات اعتقال بحقهم فى مختلف دول العالم».

وفى مقالهما المنشور بمجلة «القانون» الإسرائيلية، لم تستنكف المحامية كيرين ميخائيلى، والأكاديمية أرينا بن نفتالى اعترافًا بتحسبات عضو الكنيست عوديد فورير، وأجمعا على أن «الاحتمال قائم بالفعل، وربما يزيد رجاحة بفعل قرار محكمة العدل فى لاهاى، وتأكيدها ارتكاب إسرائيل جرائم حرب وإبادة جماعية فى قطاع غزة، وفقًا للدعوى القضائية التى رفعتها جنوب أفريقيا».

رغم ذلك، جنحت المحامية والأكاديمية الإسرائيليتان إلى تفريغ الاحتمال من مضمونه، وأشارتا فى مقالهما إلى أن محاكمة أية دولة فى العالم لمواطن أجنبى جنائيًا، تتعلق بما يُعرف بـ «الولاية القضائية العالمية»، وهو مفهوم يحتمل كثيرًا من وجهات النظر؛ فمن أجل ممارسة هذه السلطة، من الضرورى استيفاء عدة شروط، أهمها: إثبات أن هذه الجريمة هى «واحدة من أخطر الجرائم المعروفة للمجتمع الدولى».

بعيدًا عن التفاف دهاة القانون الدولى فى إسرائيل على الحقيقة، أكدت صحيفة «هاآرتس» المحسوبة على معسكر اليسار أنه «يحق لكل دولة وقعت على معاهدة جنيف المتعلقة بقواعد الحرب أن تحاكم على أراضيها أولئك الذين ارتكبوا جرائم حرب، وفى ظل ظروف معينة، يمكن أيضًا تقديم مجرمى الحرب إلى المحكمة.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة