صورة أرشيفية لإحدى التنظيمات الإرهابية فى أفريقيا
صورة أرشيفية لإحدى التنظيمات الإرهابية فى أفريقيا


بعد الإعلان عن مقتل أبو حذيفة أفريقيا ساحة تنافس بين التنظيمات الإرهابية

الأخبار

الأحد، 12 مايو 2024 - 09:23 م

ظلت القارة الأفريقية لسنوات طويلة مسرحاً للعمليات الإرهابية، التى قد تتراجع أحيانا ثم ما تلبث أن تندلع نيرانها من جديد، نتيجة لتجدد الصراعات الداخلية وغياب الاستقرار السياسى والاجتماعى والاقتصادى فى العديد من أقاليمها. وهو الأمر الذى يجعل غالبية دول القارة الإفريقية،لا سيما إقليم الساحل والصحراء تتصدر قائمة الدول الأكثر تضررًا بأنشطة التنظيمات الإرهابية،وقد أظهرت إحصائيات نشرها مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية - التابع لوزارة الدفاع الأمريكية - سقوط قرابة 4 آلاف شخص فى أفريقيا خلال العام الماضى بسبب الهجمات الإرهابية، بزيادة بلغت 19% مقارنة بعام 2022.
ورغم أن بعض الأحداث الإرهابية مرت عليها سنوات، إلا أن مرور الوقت لم يجعل جرائمها تسقط بالتقادم، وهو الأمر الذى اتضح قبل أيام، عندما قررت باريس إعادة التحقيق فى تهمة القتل غير العمد ضد مجموعة «توتال إنرجى» الفرنسية، نتيجة هجوم إرهابى حدث فى مدينة بالما بموزمبيق فى مارس 2021، وخلّف مئات القتلى.. وجاء هذا التحقيق بعد تقدم بعض الناجين وعائلات الضحايا بشكوى تتهم المجموعة بعدم توفير الحماية لمقاوليها، فى هجوم شنته مجموعة الشباب الإرهابية المنتمية لداعش وهى غير مرتبطة بمجموعة الشباب الصومالية.


قبلها بأيام أعلنت السلطات فى مالى عن مقتل أبو حذيفة، القيادى بتنظيم داعش فى الصحراء الكبرى، ليكتب حلقة جديدة فى مسلسل الصراع مع الإرهاب، وكان أبو حذيفة مطلوبا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان قائد فرقة الكوماندوز التى هاجمت القوات الأمريكية فى النيجر عام 2017 وأسفر عن الهجوم مقتل 4 جنود أمريكيين ومثلهم من النيجر.
وتضم أفريقيا عدة جماعات إرهابية تتبنى فكر داعش، حيث تؤكد د. سمر الباجورى أستاذ الاقتصاد بكلية الدراسات والبحوث الأفريقية أنه تم إحصاء تنظيمات أساسية تابعة لـ (تنظيم الدولة الاسلامية)، تشمل 52400 مقاتل، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن لجنة مكافحة الغرهاب التابعة لمجلس الأمن، وتتنشر معظمها فى غرب القارة، وأهمها جماعة بوكو حرام وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
وتوضح الباجورى أن تقرير مؤشر الإرهاب العالمى لعام 2023 أشار إلى أن إقليم الساحل والصحراء شهد أكبر معدلات وفيات ناتجة عن العمليات الإرهابية خلال العقد الأخير، حيث ارتفعت الوفيات من 472 إلى 1159 حالة، خلال الفترة من 2012 حتى 2022، فيما سجلت موزمبيق والصومال أكبر زيادات فى عدد العمليات الإرهابية، وزادت الهجمات فى موزمبيق 40 ضعفًا، وبلغت الزيادة فى معدلات الهجمات الإرهابية بالصومال قرابة (96%) خلال الفترة من 2013 حتى 2022.
ويوضح التقرير أن الوفيات بموزمبيق والصومال بلغت 52%من إجمالى الوفيات الناتجة عن أعمال إرهابية بإقليم الساحل والصحراء خلال العشر سنوات الماضية، وارتفعت المعدلات فى كل من بوركينا فاسو ومالى بنسبتى 50% و56%، ومنذ انتشار التنظيمات الإرهابية فى القارة عام 2012، فقد احتلت بوركينا فاسو المرتبة الثانية فى قائمة الدول العشر الأكثر تضررًا عالميًا من نشاط العمليات الإرهابية، بدلًا من أفغانستان التى تصدرتها لمدة أربع سنوات، ويرجع ذلك لحذف نشاط طالبان منذ توليها السلطة فى البلاد نهاية 2021، ورغم انخفاض عدد الهجمات الإرهابية فى مالى بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضى، إلا أن الوفيات الناجمة عن الهجمات زادت لأكثر من 50%، وهو الأمر الذى يعكس دموية الهجمات، خاصة بعد أن شكل المدنيون 64% من إجمالى الوفيات، يليهم الجيش بنسبة 20%.
وتضيف الباجورى: على الرغم من انتشار العديد من التنظيمات الإرهابية داخل القارة الإفريقية، لكن هناك تنظيمين رئيسيين مسئولين عن (43%) من إجمالى الوفيات، هما تنظيما «داعش» و«جماعة نصرة الإسلام».. أما عن نشاط حركة شباب المجاهدين، فقد ارتفعت هجماتها خلال 2022 بنسبة 23%، بإجمالى 784 حالة وفاة، كان نصيب الصومال 93% منها و7% بكينيا. وفيما يتعلق بجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، أفاد التقرير أن سنة 2022 شهدت هدوءًا نسبيًا فى تحركاتها بخلاف 2021 التى شهدت ذروة نشاط الجماعة.. وتوضح أن التقرير أكد أن داعش كان له الغلبة فى هجماته هذا العام مقارنة بالقاعدة، حيث كانت الوفيات الناجمة عن هجمات داعش أعلى مرتين مقارنة بجماعة «النصرة»، خاصة أن تنظيم الدولة الإسلامية اعتمد فى هجماته على استخدام الأسلحة النارية، بخلاف القاعدة التى اعتمدت النهج التفخيخى.. وتؤكد : نلاحظ تراجعا واضحا لنشاط بوكو حرام فى نيجيريا، حيث انخفضت هجمات التنظيم للنصف مقارنة بعام 2021، وفى المقابل حقق داعش تقدمًا فى نيجيريا، حيث سجل نحو 40 هجومًا أسفر عن 168حالة وفاة سنة 2022 مقارنة بست هجمات و63 حالة وفاة العام الماضى، وأرجع التقرير التفوق الداعشى فى نيجيريا إلى حالة التنافس الكبيرة بينه وبين «بوكوحرام»، وكذلك تكثيف القوات النيجيرية قتالها ضد «بوكوحرام»، مما أدى إلى انحسار أنشطته مقابل تصاعد هجمات «داعش».
وترى الباجورى أن الإرهاب المنتشر فى غالبية دول القارة الإفريقية نبع من عدة محفزات،أبرزها فشل الأنظمة الإفريقية فى احتواء الغضب الشعبى الناتج عن السياسات الانتقائية للحكومات، وتبنى استراتيجيات أمنية شديدة الفتك بالمعارضين للأنظمة الحاكمة، مما أدى لحالة من الرفض المجتمعى للسلطات، والبحث عن بديل حتى لو كان تنظيمات جهادية تضمن لهم أحوالا معيشية ومادية أفضل.. كما أن لأزمات الجوار دورا فى تعزيز انتشار الجماعات الجهادية.. وتضيف: هذا بجانب معاناة دول القارة أوضاعًا اقتصادية قاسية انعكست بالسلب على الأحوال الاجتماعية والمعيشية، بالإضافة إلى تصاعد المشكلات الطبيعية كأزمة المناخ وانعدام الأمن المائى والغذائى والتلوث والتصحر والمجاعات والجفاف.
■ ريهام نبيل

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة