كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الخطاب الدينى بين التجديد والتجميد!

وليد عبدالعزيز

الإثنين، 13 مايو 2024 - 08:28 م

ثلاثة آراء بشأن تجديد الخطاب الدينى :
الأول: يرفض فكرة التجديد من أساسها بدعوى أن الدين قد نزل واكتمل، وأن التجديد دعوى للتضليل وتسيء الى الإسلام.
والثاني: يرى شمول التجديد ليصل إلى الدين كله، ويرفض رأيهم مصطفى صادق الرافعى ويقول: «إنَّهم يريدون أن يجدِّدوا الدين واللغة والشمس والقمر»!.
والثالث: يجيزون التجديد فى فهم النصوص، لتتلاءم مع متطلبات العصر دون مساس بالجوهر والنص، والاحتكام إلى القرآن والسنة و»إجماع» فقهاء المسلمين والبعد عن الجدل والآراء والاحكام المتطرفة، وفهم النصوص بمقاصدها الحقيقية.
مثلاً: تعميم خطاب دينى حول المرأة مستمد من القرآن والسنة، وبعيد عن سلوكيات وممارسات الشعوب التى ألحقت بالنساء أشد الضرر، وجرى تصويرهن على أنهن درجة ثانية، ومغتصبات للحقوق، ولا كيان لهن.
خطاب معتدل لا يخضع للأهواء الشخصية، ولا ينصرف إلى إهانة المرأة التى كرمها الإسلام أشد تكريم ويلحق بها المتطرفون أشد إهانات، ويتم نسبتها زورا للإسلام.. فتاوى كثيرة تتعلق بسن زواج البنت وأحكام الطلاق والميراث وخروج المرأة للعمل، وغيرها من الأفكار التى تعشش فى بعض العقول المنغلقة، وتحرم المرأة من حقها العادل فى الحياة.
وخطاب دينى صحيح حول علاقة شركاء الوطن المسيحيين، يكون دستوراً يقمع رغبات المتطرفين فى إشعال الفتن الدينية، واستحضار أحداث أفنت دولاً وشعوباً، وجعلت بحور الدماء تجرى بلا انقطاع.
فلا استقبال للمناسبات الدينية والوطنية بخرافات فتاوى التطرف التى تحرم -مثلا- الاحتفال برأس السنة وشم النسيم وتبادل التهنئة مع المسيحيين، ولإغلاق هذا الباب تماماً فى وجه صناع الفتن ومساءلة من يحاول تقويض سلام المجتمع.
وخطاب دينى حول «الأديان والأوطان» يرسخ مفهوم تقديس الأديان للأوطان بعد أن أشاعت الجماعة الإرهابية مفهوم التعارض بينهما، ضربا للهوية الوطنية ومحاولة تدميرها ومحوها، وجرياً وراء أوهام الخلافة التى لا تقوم إلا على أنقاض الأوطان وهدم ثوابتها.
وخطاب دينى مجدد فى مسائل الجهاد المشروع والإرهاب الإجرامى، وفى مجتمعاتنا الإسلامية يبيح الإرهابيون قتل أبناء الوطن، ويقسمون الناس بين «مؤمنين» و»رويبضة» وكأنهم يمسكون موازين الحساب .
وخطاب دينى يزيح الجهل عن العقول والغل من القلوب، ويوقف نزيف الدم، ويضرب الأطماع السياسية التى ترتدى عباءة دينية، وتعتبر الإسلام مجرد وسيلة لاقتناص الحكم.
صحيح الاسلام بعيدا عن الخرافات وكل ما هو ضد العقل والمنطق، خطاب رشيد يصنع حدوداً فاصلة بين الدين والسلطة، ويمنع استثمار المشاعر الدينية فى مقاصدها ، وينبذ التحكم فى مصائر الناس بعيداً عن مظلة القانون والعدالة والمساواة.
وتمتلك مصر رصيدا من العلماء الاجلاء الذين يبذلون جهودا مخلصة لإعلاء شأن خطاب دينى يرفع شأن الأمم والشعوب ويعمم مفاهيم الإنسانية والعدالة والمساواة، ويسمو بالإسلام الذى أنزله المولى عز وجل لخدمة البشرية وإسعادها.
نريد من الأزهر والكنيسة والأوقاف والثقافة والإعلام وكل المهمومين بالشأن العام أن يجلسوا حول مائدة مستديرة بدراسات محددة، لا تفتح أبواب الجدل، بل تضىء نوافذ الوعى.
●● ملحوظة مهمة: هذا الرأى سبق نشره من عامين.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة