فساد المحليات أصبح كالسوس ينخر في عظام الدولة ويضعف هيبتها ولو اننا حاسبنا كل محافظ أو مسئول ما رأينا كل تلك التجاوزات التي تتم دون رقيب

أذهلني ذلك الرقم الذي أعلنه الدكتور أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية حول حالات التعدي والاستيلاء علي أملاك الدولة والاراضي الزراعية.. ثلاثة ملايين و٢٥٠ ألف حالة، هذا ما تمكنت الاجهزة المختصة في حصره ولا أعلم هل هناك غيرها ـ وهذا ما اعتقده ـ أم أن الحصر شمل كل شبر في مصر؟
أين وكيف تمت كل تلك المخالفات تحت سمع وبصر المحليات الفاسدة التي لو كان لديها ضمير ما تجرأ شخص واحد علي ارتكابها ولو أنها طبقت القانون علي الجميع دون استثناء ما شهدنا كل تلك الكوارث الصارخة، حقوق الدولة ومصالح الناس الغلابة مستباحة جهارا نهارا وإذا لجأت للقانون للحصول علي حقك يخرج عليك جهابذة اللعب به ليدوخوك في المحاكم وعليك أما ان تستسلم للواقع وتستعوض ربك أو ان تخوض المعركة للنهاية وقطعا سوف تصل لما تريد فما ضاع حق وراءه مطالب بشرط أن تكون قوي الشخصية لاتهاب أحدا.
الحقيقة أنا أشفق علي الدكتور أحمد رغم علمي الشديد أنه قوي الشخصية، حاسم القرار والرأي وأنه قادر علي التصرف بجرأة في الحفاظ علي حقوق الدولة واستعادة كل ما تم الاستيلاء عليه ولكن المجهود عليه كبير مضن فلو أمضي نصف اليوم في حل المشاكل الخاصة بحالات التعدي والاستيلاء علي أملاك الدولة والجور علي الاراضي الزراعية لن يكفيه وهو ما يجعلني أطالب بوضع المحافظين أمام مسئولياتهم الكاملة فهاهي المخالفات تم تحديدها بشكل واضح.. والقانون يعطي السلطة الكاملة لجهة الادارة ممثلة في المحافظين في فرضه ولكن في تجارب شخصية لا يتحرك أحد منهم إما خوفا أو كسلا أو تواطؤا مع المخالفين فحتي عندما تذهب اجهزة المحليات لتنفيذ أمر بإزالة أو باعادة الامور لطبيعتها تذهب إما بأمر علوي أو تذهب بيد مرتعشة لا تملك فرض الارادة الكاملة التي تعيد الحقوق سواء للدولة او للاشخاص ممن تجرأوا عليها.
أتمني ان يعلنها الدكتور بدر صراحة وان يقول لنا ما هو دور كل محافظ في رفع التعديات وسلطاته في ذلك وهل ينتظر أي منهم تدخل الوزير الشخصي؟ وادعوه أن يعلن بالاحصاءات كم مخالفة بالرقم في كل محافظة؟ وكم منها تم رفعه؟ وما هي الاجراءات التي تم اتخاذها من قبل المحافظ ومحلياته لرفعها وإذا كان هناك تقاعس فليكن المحافظ أول من يقدم للمحاكمة بتهمة الإهمال.. الرقم الذي أعلنه الدكتور احمد زكي بدر يؤكد اننا دولة منهوبة من البلطجية وتجار الحرام ومن يستبيحون الحقوق باسم القانون عمدا وليس استعباطا.
القانون صريح لا غموض فيه لا تصالح مع من يخالف أو يستولي كل أراضي الدولة أو يقوم بتبوير الاراضي الزراعية والتحايل الذي تقوم به المحليات بايصال الكهرباء والمرافق للمخالفات حتي يتم تكييف الحال بأنه واقع ولا يمكن إزالته ليبقي الحال علي ما هو عليه، لو عاقبنا رئيس حي أو مسئول إسكان أو في جمعية زراعية علي إهماله وتقاعسه في رفع التعديات ما وصلت مصر الي ذلك الرقم المرعب الذي أعلنه الوزير الذي اعتقد أنه أذهله كما أذهلني.
واعجبني تصريح الوزير من انه رغم المخالفات وقيام المحليات بتوصيل المرافق إلا أن المخالفة تظل قائمة والازالات ستستمر وسوف تحصل الدولة علي حقوقها كاملة في ذلك دون انتظار وانه لا تواني في إبعاد الفاسدين وكشف فسادهم.
عزيزي الدكتور احمد زكي بدر لست معك فيما قلته للزميلة الاهرام من ان اداء المحافظين «فل» فهناك منهم من يتخذ القرار بيد مرتعشة ومنهم من يشتري دماغه وهذا دورك في أن تضعهم جميعا أمام مسئولياتهم التي يحددها القانون. أما الخدمة الكاملة بما يرضي الله والوطن ومصالح الناس وإما الحساب والإقصاء بلا رحمة.