«ما هي أمنيتك المكبوتة؟ اكتب لي، ما هو حلمك، وسأحاول أن أحققه لك.. سأحاول أن أدلك على أقصر طريق لتحقيق أمانيك بشرط ألا تطلب مني تذكرة ذهاب وإياب إلى القمر».. كلمات كتبها عملاق الصحافة المصرية والعربية علي أمين في 15 فبراير 1954 لتضيف دورا جديدا ومميزاً للصحافة الإنسانية.. عندما بدأ فى كتابة مقال «فكرة» لتخفيف أوجاع البسطاء.

كلمات العملاق علي أمين فى جريدة «الأخبار» كانت بداية لمرحلة جديدة انفردت بها «الأخبار» مصريا وعربيا، ألا وهي الصحافة الإنسانية التى مدت يد العون للآلاف من البسطاء والمحتاجين، كانت السند فى أزماتهم، والداعم في كربهم.

وبالفعل بدأت فرق «الأخبار» منذ ذلك الوقت وحتى الآن تذهب إلى مرسلي الخطابات في كل مكان٬ واستطاعت أن تحقق أماني كبيرة وصغيرة في الإقليمين المصري والسوري وقت الوحدة بين البلدين وأن تلبي احتياجات آلاف المرضى، وتدخل السعادة والفرح على قلوب المحتاجين، مع باب «ليلة القدر»، والذي نجح على مدى قرابة نصف قرن في تقديم عطائه وخيره لكل ذي حاجة، بعد أن انفتح باب الخير على مصراعيه في أوائل الخمسينيات تفرعت منه أبواب عديدة يؤدي كل منها مهمة محددة مثل أبواب أسبوع الشفاء٬ ولست وحدك.

مسيرة مستمرة

تقول الكاتبة الصحفية صفاء نوار، مدير المشروعات بمؤسسة «مصطفى وعلي أمين»، إن فكرة الإهتمام بالمواطن والحالات الإنسانية التى تبنتها «ليلة القدر» كانت أول مشروع للصحافة الإنسانية ليس في مصر فقط بل في الشرق الأوسط، وبدأت منذ الخمسينيات عن طريق الكبيرين مصطفى وعلي أمين، مشيرة إلى أنهما كانا يفكران فى الجوانب الإنسانية بطريقة غير مسبوقة.

وتشير صفاء نوار إلى أن الكاتبين لم يكتفيا بمؤسسة «ليلة القدر»، حيث انبثق منها مشروع «لست وحدك»، وهو من المشروعات الإنسانية الرائعة، ويدعم الإنسان معنويا وماديا، وهناك مشروع أسبوع الشفاء، والذى يهدف إلى التخفيف من معاناة المرضى، وهناك مجموعة ممتازة من الأطباء المتطوعين الذين يقومون بعلاج الحالات.

وتوضح أن مسيرة العمل الخيري في أخبار اليوم مستمرة ولم تتوقف برحيل العملاقين مصطفى وعلي أمين، ففي خلال الشهور الماضية فقط تم تخصيص 8 ملايين جنيه للتخفيف عن البسطاء.

فكرة جديدة

تقول الكاتبة الصحفية أماني ضرغام، نائب رئيس تحرير الأخبار، إنه في عامي 96و97 بدأنا في أسبوع الشفاء بابتكار فكرة جديدة باصطحاب فنان كبير له ثقله في العالم الفني إلى المستشفيات لجمع تبرعات.

وتابعت: "كانت البداية مع الفنان الكبير حسين فهي وكانت الجولة فى مستشفى أطفال «أبوالريش» والتقينا بأحد الأطفال يرقد داخل المستشفى منذ 12 عاما بسبب حاجته الملحة لجهاز تنفس صناعي وإذا خرج دون الجهاز يكون مُعرضا للموت فى أي لحظة، وقمنا بحملة من أجل مساعدته وبعد نشر الموضوع في «الأخبار» انهالت التبرعات على مستشفى أبو الريش للأطفال".

وأضافت: "بعد أول يوم من النشر جاءنا تبرع بمبلغ 140 ألف جنيه، وهذا المبلغ في التسعينيات كانت له قيمة كبيرة، وتم تجهيز قسم كامل بالأجهزة الطبية في المستشفى ومنحنا الطفل جهاز تنفس صناعي ليذهب به إلى منزله وأصبح يعيش حياته بشكل طبيعي".

وتضيف الكاتبة أمانى ضرغام: "التجربة الناجحة جعلتنا نتوسع في تكرارها، وقمنا في «أسبوع الشفاء» باصطحاب الفنان محمود عبد العزيز وسميرة أحمد إلى معهد الأورام وجمعنا تبرعات لمرضى معهد القلب بصحبة الفنانة يسرا، كما اصطحبنا النجمة ميرفت أمين إلى مستشفى أبو الريش وجمعنا تبرعات وكانت مساعدة هذه الحالات تعد بمثابة ملحمة وطنية، ساهمت في بناء وتجهيز أقسام كاملة داخل تلك المستشفيات".

كما قالت مايسة عبد الجليل نائب رئيس تحرير الأخبار ورئيس قسم «إلى المحرر» إن مرارة الشكوى تتحول في غمضة عين إلى طعم أحلى من العسل عندما يقوم مسؤول بالاستجابة لشكوى نشرت في باب بريد القراء المعروف باسم «إلى المحرر» بجريدة «الأخبار».

وتضيف أن هذا الباب ساهم على مدار العقود في حل آلاف الشكاوى وتخفيف آلام ومسح أحزان أصحابها ورسم البهجة على شفاههم ونذكر استجابة الفريق صدقي صبحى وزير الدفاع للطفل «هريدي» حيث تم صرف 6 أكياس دم من فصيلة نادرة لإجراء عملية فى القلب، كما استجابت وزارة التضامن الحالية للعديد من الاستغاثات بصرف معاشات للمستحقين وتسليم الشقق، كما استجابت وزارة الصحة لعلاج بعض الحالات على نفقة الدولة وإجراء عمليات لهم وتوفير الدواء، ولم تتأخر ايضا وزارة الداخلية في الاستجابة لنداء واستغاثة المواطنين ولايمكن إغفال دور المحليات أيضا في الاستجابة للشكاوى وحلها.