التوأم لا يعنى دائما شراكة المولد، ولكن هناك أيضا توأمة الروح والفكر والنجاح، وهذه عرفتها «الأخبار» مع أشهر توأم في الكتابة الساخرة وربما فى تاريخ الصحافة المصرية.

تمكن توأم «الريشة والقلم» أحمد رجب ومصطفى حسين من إسعاد الملايين وانتزاع ضحكاتهم، والأهم التعبير عن المفارقات في المجتمع المصري بشخصيات ساخرة ابتكرها العبقري أحمد رجب من وحى خياله، وجسدها المبدع مصطفى حسين بريشته المميزة، فكانت شخصيات فلاح كفر الهنادوة ،عزيز بك الأليت، الكحيت، كمبورة ،عبده مشتاق، وغيرها من شخصيات «الأخبار» كانت البداية فى عام 1974.

حيث اقترح مصطفى وعلى أمين عليهما أن ينتجا عملا فنيا يعتمد على الكتابة الساخرة ورسم الكاريكاتير، فكانت شخصية «عبد الروتين»، أول شاهد على رحلة استمرت لعقود بين الراحلين الكبيرين، لتبعهما العديد من الشخصيات مثل «مطرب الأخبار».

وعبده مشتاق.. وكمبورة التي ظهرت مع انفتاح الحياة الحزبية التعددية في مصر في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى شخصية الكحيت، و«عباس العرسة»، بالإضافة «فلاح كفر الهنادوة».. الذي يحاسب رئيس الوزراء يوميا على صفحات الجريدة.

وقد تحولت هذه الشخصيات من مجرد رسوم على صفحات «الأخبار» إلى نماذج يتداولها الناس في حياتهم اليومية، فأصبح شائعا بين المصريين استخدام أسماء تلك الشخصيات للتعبير بذكاء ودون توضيح عن النماذج الحقيقية التي تمتلئ بها حياتنا اليومية، وهو ما يؤكد عبقرية الثنائي أحمد رجب وحسين في التقاط نماذج موحية لها وجودها بين الناس، وتجسيدها بشكل فني رائع، واستغلالا لنجاح هذه الشخصيات تم تقديمها في مسلسل «ناس وناس»، الذي حاول مخرجه رائد لبيب تقديم رؤية درامية لتفاعل تلك الشخصيات معا.

ولم تخل حياة توأم القلم والريشة من أزمات، فلأسباب غير معروفة توقف تعاون الثنائي لمدة ٦ سنوات، في الفترة من ٢٠٠٥ وحتى عودتهم للعمل معاً عام ٢٠١١، وكانت عودتهما فرحة كبيرة لعشاق إبداعهما.

وكما كان الراحلان الكبيران شريكين في النجاح والتميز، جمع بينهما القدر في أوان الرحيل، ففي أقل من شهر رحل العملاقان، ففي ١٦ أغسطس ٢٠١٤ وضع مصطفى حسين لمسته الأخيرة على صفحة الدنيا، فودعه أحمد رجب في عموده الأشهر ١/٢ كلمة بكلمات تقطر دمعا، ولم يكن يدرى أنه بعد أقل من شهر سيلحق بصديق عمره، ففي ١٢ سبتمبر جف مداد إبداع واحد من أعلام الكتابة الصحفية في مصر، لكن نجاحات الراحلين الكبيرين ستظل خير ميراث لأجيال من عشاقهما الذين يدركون كل يوم تلك القيمة الكبيرة التي كانا يمثلانها في حياتنا.