عمرهم الآن ٤٤سنة.. أين هؤلاء المصريون؟

محمد نعيم

السبت، 06 مايو 2017 - 10:13 م

إسرائيل خطفت 3 رضع من العريش قبل شهر من حرب٧٣ وأودعتهم لدى أسرة »فى الخارج« بداعى التبنى!
فرضت علامات استفهام نفسها حول الرضَّع المصريين الثلاثة، الذين كشفت وثائق عبرية نشرتها هاآرتس عثور سلطات الاحتلال عليهم فى مدينة العريش فى شهر سبتمبر 73، أو بعبارة أخرى قبل اندلاع حرب أكتوبر «الغفران» بشهر تقريباً، وأضافت الوثائق المثيرة أن سلطات الاحتلال أودعت الأطفال الثلاثة إحدى الأسر «فى الخارج» بداعى التبني!
الوثائق العبرية عزفت عن تحديد الدولة التى نقلت إليها إسرائيل الرضع الثلاثة، ولم تشر كذلك من قريب أو بعيد إلى هوية الأسرة التى يدور الحديث عنها، وتجاهلت الإشارة إلى أطراف الخيوط التى يمكن من خلالها تعقب مصير الأطفال، ما يشى برغبة الناشر الإسرائيلى فى التعتيم على القضية برمتها، لاسيما بعد مرور 44 عاماً تقريباً على الواقعة.
ووسط التعتيم الإسرائيلى المتعمد، جزمت الوثائق بأن الرضَّع الثلاثة، الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم فى حينه 30 يوماً، يدينون بالإسلام، لكنها لم تشر إلى كيفية تعرف إسرائيل على هوية الرضَّع الدينية، ولم تتحدث عن وثائق أو أوراق عثرت عليها إلى جانب الأطفال، تثبت تبعيتهم الدينية إلى ذويهم، كما لم تتحدث عن نوعهم وما إذا كانوا إناثاً أم ذكوراً أم مختلطين.
وتتضمن الوثائق مكاتبات داخلية بين المكاتب التابعة لمراقب عام الدولة العبرية منذ سبتمبر 1973، وتكشف عن القصة التى وصفتها هاآرتس بـ«الغريبة»، وتدور تفاصيلها حول ثلاثة رضَّع مصريين عثر عليهم جنود جيش الاحتلال فى مكان مهجور بمدينة العريش، فقامت إسرائيل بتسليمهم إلى عائلة فى الخارج بغرض التبنى، وجاء فى المكاتبات التى نقلتها الصحيفة العبرية عن مركز الأبحاث الإسرائيلى «عقيفوت» (آثار)، أن مسئولى مكتب مراقب عام الدولة العبرية وجهوا فى حينه انتقادات لاذعة للإدارة العسكرية الإسرائيلية فى سيناء على خلفية قرار اتخذته بتسليم 3 رضَّع سيناويين إلى أسرة خارج البلاد بغرض التبنى، وأكد المسئولون فى حينه أن القرار ليس قانونياً، ويخالف بنود معاهدة جنيف.
ويشير المستند الأول فى الوثائق إلى مكاتبة مرسلة من مكتب «ش. هولاندر»، ويعود الاسم على ما يبدو إلى شموئيل هولاندر، الذى كان حينئذ رئيساً للإدارة القانونية فى مكتب المراقب العام، ورغم أن الأخير وفى مواجهة مع هاآرتس زعم أنه لا يتذكر تلك المراسلة أو الواقعة بشكل عام، إلا أن الوثائق أكدت أنه أوصى بضرورة إيداع الرضع الثلاثة إحدى دور وزارة الرفاه الاجتماعى الإسرائيلية، لاسيما أن الوزارة كان لها مكتب فى سيناء، لكنها تعللت بأنه لا تمتلك داراً مناسبة لاستيعاب الرضَّع، فضلاً عن عدم تمكنها من العثور على أسرة مسلمة فى سيناء أو فى إسرائيل تتحمل مسئولية تربية الثلاثة، فتقرر إيداع الأطفال لدى إحدى الأسر المسيحية فى الخارج!
وفى وثيقة أخرى يبدو موقف هولاندر واضحاً، إذ يؤكد أن القانون الإسرائيلى يحظر تبنى أبناء ذوى الديانات غير اليهودية، وفى المقابل لا يجوز تسليم الرضَّع الثلاثة إلى أسرة مسيحية فى الخارج بغرض التبنى، بالإضافة إلى أن نقل الرضَّع إلى الخارج بغرض تغيير هويتهم الشخصية يتعارض ومبادئ القانون الدولى، واتفاقية جنيف التى وقعت عليها إسرائيل.
وأضاف هولاندر فى مكاتبته قائلاً: «إن ذلك لا يخالف القوانين الدولية فقط، وإنما يتعارض مع القيم الأخلاقية والإنسانية أيضاً، فلا يجوز انتظار صدور مرسوم قضائى من محكمة مدنية للفصل فى مسألة تبنى أسرة مسيحية لأطفال مسلمين، إذ إن الأمر من اختصاص وزارة الرفاه الاجتماعى فقط، إدراكا للعواقب القانونية المترتبة على ذلك، فشخصية وأخلاق المشرع تلزمه بأن يضع فى اعتباره ديانة المتبنى والطفل الذى يتم تبنيه. أما القضية التى نحن بصددها لم تراع فيها تلك التوازنات، ويتضح أن الدوائر الضالعة فى القضية لم تكن مهتمة إلا بالتخلص من مسئولية الرضَّع الثلاثة من دون الاكتراث بنتائج تصرفهم وانعكاساته».
وقبل اندلاع حرب يوم الغفران 73، أوضح هولاندر بحسب الوثائق أن تحويل ديانة الأطفال، سيقود حتماً إلى أزمة سياسية تنعكس سلباً على إسرائيل، والأخيرة ليست فى حاجة إلى أزمات من هذا النوع، فمن الأحرى حل المشكلة عبر تسليم الرضَّع الثلاثة إلى منظمات دولية فى الضفة الغربية مثل «الصليب الأحمر»، حتى إذا اضطرت إسرائيل إلى الاعتماد فى ذلك على شخصيات عربية لها ثقل اجتماعى.



الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة