ننشر نص الجزء الأول من حوار السيسي مع رؤساء تحرير الصحف القومية

ياسر رزق

الثلاثاء، 16 مايو 2017 - 09:23 م

لا أدير علاقة مع محكومين وإنما مع أهلنا الذين وثقوا في شخصي
كل يوم نتحسن عن اليوم السابق.. والمسئول الجديد يبني علي ما تسلمه ممن سبقه
المهندس شريف إسماعيل من أفضل الشخصيات التي عرفتها

يعرف طريقه إلي المستقبل، كأنما سلكه مراراً في الماضي.
كان يدرك حقائق الوضع في البلاد، يعي دقائقه وتفاصيله من قبل أن يتولي المسئولية بسنوات.. كاتب السطور أحد الشهود الذين استمعوا إلي تقديرات الرجل منذ الأسابيع الأولي لفجر ثورة يناير ٢٠١١ وما بعدها.

لم يفاجأ الرئيس عبد الفتاح السيسي بالواقع ولم تصدمه قتامة المشهد. كان يعلم مسبقاً أن علي سطح الأرض قشرة رفيعة معتمة، تخفي تحتها بحيرة راكدة، مياهها آسنة، إذا خطوت عليها، ستنكسر القشرة وتتهشم، لتجرفك المياه إلي حيث شاءت التيارات!
حينما استمسك السيسي بالصمت، إزاء نداء الجماهير الهادر له بالترشح، كان يتحسب لعظم المسئولية، وتتنازعه قناعة إنسان بأنه بلغ قمة الطموح وذروة المجد، وإيمان مقاتل بأنه لاراد لقدر الله واختيار الشعب.
أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة في جلسة تاريخية في شهر يناير عام ٢٠١٤، وقف أيقونة الجيش المصري يعرض أمره علي رفاق السلاح، وهو يتهيب أن يترجل عن قيادة خير أجناد الأرض، وترك الرجال لقائدهم حرية اتخاذ القرار وفق ما يمليه عليه ضميره الوطني، وهم يعلمون حتما قرار صاحب الضمير.
ولبي الرجال نداء قائدهم لهم بأن يتحملوا عبء الذود مع الإنقاذ والبناء مع الحماية.
كي يخطو الرجل إلي الأمام، كان لابد من تحويل القشرة إلي كتلة، والهشاشة إلي صلابة، لتكون الأرض ثابتة تحت أقدام السائرين.
كان لابد من عمل دءوب متواصل في شتي المناحي، لتنشيط ما هو راكد، وتنقية ما هو آسن، كان لابد من حركة لا تكل تقيم الأساس وترفع البناء.
• • •
علي مدار 3 سنوات، انطلق السيسي، متدثراً بحلم عريض، ومسلحاً بإرادة لا تلين، ومحاطاً بمحبة تفيض، وثقة لا تنخدش.
يحلم السيسي لمصر ولا يكف عن الحلم فليس في قاموسه كلمة »مستحيل«.
الصغار يقنعون، والكبار يحلمون.
والأمم العظيمة تعيش في حاضرها، ما كان حلماً في ماضيها.
منجزات السيسي، كجبال الجليد العائمة، تري الأعين قممها وذراها، بينما ما هو غاطس أعرض وأعمق، تحتاج كي تدرك حجمه إلي الغوص بقلب نقي وعقل متفتح.
• • •
أحب أن أجلس إلي رجل الأقدار، من قبل أن يصبح رئيساً. أحب أن أسمعه حانياً في وداعة، غاضباً في حق، ثائراً علي باطل، ضاحكاً في صفاء، حاسماً في قرار، قاطعاً في مبدأ، متأنياً في مصير، مقدماً حين يحجم الآخرون.
لا ينوي السيسي علي شيء إلا إذا قدَّم المشيئة، يقاتل العجز بقوة الإيمان، والضعف بصلابة الإرادة، والقعود باستنهاض الهمم. يري قبل الإشراق ضوءاً يلوح، فقط يدعو إلي الصبر قليلاً فسطوع الشمس علي أرض مصر أمر محتوم.
أحسب الرجل عبد الفتاح سعيد حسين خليل السيسي طرازاً من الرجال تظن أنك تعرفه، ويفاجئك كل يوم بما يشرفك أنك يوماً عرفته.
وأحسب الرئيس السيسي صنفاً فريداً من الزعماء، تظن اليوم أنك تقدره حق قدره، فتجد غداً أنك كنت غبنته قدره.
إذا أحصيت ما ينطق به السيسي من كلمات، ستجد أكثرها تردداً علي لسانه: الشرف، الإخلاص، الأمانة، الكبرياء، التجرد، الإرادة، الحمد، الإيمان.
كلها سمات نبل الرجال، وإباء الشعوب وعظمة الأوطان. وما أسعدنا برجل نبيل يقود شعباً أبياً في وطن عظيم.
• • •
٣٣٠ دقيقة أمضيتها وزميلاي محمد عبد الهادي علام وفهمي عنبة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في حوار صحفي شامل، بحضور اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس وأقرب معاونيه.
علي مدار خمس ساعات ونصف الساعة تواصلت الأسئلة والاستفسارات والإجابات والإيضاحات بصراحة لا يحدها سقف، وشفافية لا تعتريها اعتبارات.
لا يعتبر الرئيس السيسي نفسه رئيساً يحادث مواطنين، ولا مسئولاً أول يحاوره صحفيون، إنما مواطن شريك في وطن تحدث مع أهله المواطنين شركائه في المسئولية عن وطن.. هذا هو حاله مع الجميع.
لم ينقطع الحوار إلي حين تردد أصداء أذان الظهر من جهاز تليفزيون موقوف علي محطة تلاوة قرآنية، في غرفة مجاورة لقاعة الاجتماع، التي رصصنا علي طاولتها أوراقنا وأقلامنا، وبجانبها أكواب شاي نحتسيها علي سخونتها لنرطب بها حرارة أسئلة وإجابات لا تقل درجتها عن حرارة تلقائية ومودة واستقبال.
شواغل الرأي العام في الداخل المصري وعلي امتداد الإقليم تأبطناها في ثنايا أسئلتنا.
دخلنا اللقاء في العاشرة إلا الربع صباحاً محملين بشجون وهموم، وخرجنا معانقين حقائق وبشائر ومفعمين بآمال وأحلام، آن لها أن تتحقق. وإلي الجزء الأول من الحوار.

جميع الوزارات والأجهزة السيادية تنتقل للعاصمة الجديدة نهاية ٢٠١٨
بقي أمامنا شاغل واحد هو ضبط   الأسعار
قريباً.. سيتساءل المواطن: كيف تراجع الغلاء وتحسنت      الخـدمـات؟
العلمين الجديدة.. مدينة مليونية سياحية بها مقر حكم صغير
القوات المسلحة تدرس إقامة احتفالية عالمية في الذكري ٧٥ لمعركة العلمين
أداء الوزراء «هايل».. والحكم يكون بحجم الإنجاز وليس بالأسعار
يجب أن نسمع بعضنا ونري ونعمل معاً
أولوياتي الانتهاء من المشروعات التي وعدت بها المصريين
منشآت المركز التجاري بالعاصمة الجديدة ارتفاعها ١٠٠ طابق
٣ محاور جديدة علي النيل لربط مدن الصعيد الجديدة بالزراعات

سيادة الرئيس.. اسمح لنا أن نبدأ حوارنا من آخر مشهد
يوم الأحد الماضي وجدنا مواطناً هو الحاج حمام ابن (المراشدة) يشكو إليك مظلمة عمرها 30 عاما لأهل قريته الذين لم يحصلوا إلا علي النزر اليسير من أرض الاستصلاح بزمام بلدتهم، وشاهدناك تستمع إليه وتدعوه إلي الصعود لمنصة الاحتفال وتطلب منه أن يشرح شكواه علي الخرائط كما طلب.
وسمعناك تكلف القوات المسلحة بوصفك قائدها الأعلى بشراء ألف فدان من مشروع (المراشدة) وإهدائها إلي أبناء القرية من غير ملاك الأراضي.
لا تعي ذاكرتنا مشهداً كهذا بين مواطن مصري وحاكم.. كيف تنظر إلي علاقتك بالمواطنين؟
الرئيس: أنا لا أدير علاقة بين حاكم ومحكومين إنما مع أهلنا، مع الناس الذين وضعوا ثقتهم في شخصي فعندما أقول علاقة بين رئيس ومواطن فإنني بذلك أفصل بيني وبين أهلي.
وعندما تتاح الفرصة للقاء كلقاء قنا يوم الأحد الماضي فإنني، اعتبره فرصة للاستماع للناس.
فالبعض فيما مضي لم يكن يسمع أو يتيح الفرصة لسماع الناس، لكي يعطي انطباعا بأن (كل شيء تمام).
يصمت الرئيس ثم يقول: (لا.. مش كل شيء تمام).. لابد أن نعترف بأن لدينا أوجه قصور كثيرة في مرافق الدولة وخدماتها.. لو لم نعترف بهذا لا نخدع الناس فقط وإنما أخدع نفسي أيضا.. الحد الأد‍ني أن أري نواحي القصور، وأن أكون مستعداً لأن أسمع، أو نكون مستعدين لنسمع بعضنا البعض، ونري معا أكثر، ونعمل معا أكثر وأكثر.
القضية فيما طرحه (الحاج حمام) هي غياب العدالة، وغياب الدولة، وربما غياب القانون.. والمسألة ليس عمرها ثلاثين عاما فقط، فهناك ثقافة تشكلت عقب حرب 1967 بأن الدولة قد غابت، لأنها انشغلت بقضية أكبر هي استعادة الأرض لذا أهملت ما عداها من قضايا، فطرأت ظروف تشكلت معها ثقافة وضع اليد والاعتداء علي أراضي الدولة التي لم تستطع إيجاد التوازن.
أما فيما يخص المواطن أو المواطنة، فلا أشعر بأي شكل من أشكال الحرج حينما أستمع إليه، ولو انتقد أحدهم شيئاً يجب أن أسمعه، وهذه ثاني مرة بعد مؤتمر الشباب في أسوان يناير الماضي أدعو مواطنا من الحضور ليتكلم ويبوح بما يريد، لنتخذ بعد ذلك الإجراء المناسب.
والإجراء المتخذ يوم الأحد الماضي ليس مجرد تعويض الناس من أبناء المراشدة، وإنما استعادة أرض مصر من المتعدين.
بعد أسبوعين، سوف أعقد مؤتمراً علنياً وموسعاً يجمع وزيري الدفاع والداخلية والمحافظين وقادة الجيوش والمناطق العسكرية ومديري الأمن وسيكون المؤتمر علي مرأي ومسمع من أبناء الشعب لكي يعلن كل منهم ماذا فعل لكي يعيد أراضي الدولة وحق الدولة.. كل محافظ وكل مدير أمن يعلم أماكن التعديات في محافظته، وكل قائد في نطاق الجيش أو المنطقة مسئول عن الدفاع عن نطاقه وحماية الشعب في أمنه القومي.
والاستيلاء علي أرض الشعب وحقوق فقرائه هو تهديد لأمن مصر.. ومسئولية الدولة أن تنظم كيفية الحصول علي الأراضي وهي أراضي كل المصريين، عن طريق أحكام الدستور ومواد القانون.
إن التعديات لم تسلم منها أراضي الزراعة أو السياحة وأملاك الدولة، الجهة الوحيدة التي لم يتم التعدي علي الأراضي الموجودة في نطاق سلطتها هي القوات المسلحة.
أراضي العاصمة الجديدة علي سبيل المثال مساحتها 175 ألف فدان، أي أن قيمتها - لو افترضنا أن ثمن المتر ألف جنيه في المتوسط - تصل إلي نحو 750 مليار جنيه.. إذن لو كانت التعديات بحجم مساحة العاصمة الجديدة، فإن قيمتها هائلة.. نجد أن سعر فدان الأرض في المراشدة علي سبيل المثال قيمته تفوق 100 ألف جنيه.. كيف نسمح بهذه التعديات في دولة تعاني وعلي حساب شعب يئن؟!
إنني أدعو الإعلام للاشتراك في هذه الحرب لاستعادة حقوق الدولة والشعب، كما أدعو الي مشاركة نماذج من شباب المحافظات في اللجان ليروا بأنفسهم أولا حجم التعدي، ثم حجم التصدي للمشكلة. إنكم تطالبونني بأن أجابه وأن أتصدي وأحافظ علي هيبة الدولة.. لذا لابد أن تقف الدولة كلها علي أظافرها لاستعادة حق شعبها.
كيف نترك 10 آلاف أو 20 ألف متعد أو حتى 50 ألفا ليقفوا أمام الدولة ويأخذوا مقدرات 90 مليون مصري؟!!
ماذا سيقول أبناؤنا وأحفادنا بعد 20 سنة ليكتشفوا حجم الإساءة التي لحقت بهم لو تهاونا في حق الشعب وحقهم في أراضي الدولة؟!.. سيقولون: لم يكن هناك أحد عنده مروءة يتصدي لمن يمنح نفسه وأولاده ظلما أرض الدولة ويتركنا دون حقوق.
إن المصريين أمانة في رقبة الجميع ومستقبل الأطفال أمانة في رقبتي.
وأقول بكل وضوح إن قانون الطوارئ سيطبق بكل حسم وبدون تردد إذا لزم الأمر في مجابهة التعديات علي أرض الدولة لأنها قضية أمن قومي وأي أحد سيرفع السلاح في وجه الشرطة أو الجيش سيواجه بالقوة وليتحمل نتيجة أفعاله.
سيادة الرئيس.. لعل من حسنات لقاء قنا أن كثيرين أدركوا أن لقاءاتك غير مرتبة وأن الأسئلة والمواقف عفوية.
الرئيس: أمر غريب ألا يدرك البعض حتي الآن حقيقة تعاملنا، وصدقنا مع أنفسنا ومع الشعب.
هل لأن هناك بعض مسئولين يقولون للناس كل شيء تمام؟
الرئيس: لا أحد يصدر أن كل شيء تمام.. علي الأقل لا يصدر لي.. أسلوب إدارتي لا يسمح لأحد بأن يعطي انطباعاً غير حقيقي.
سيادة الرئيس.. هل تري الحملة لاستعادة أراضي الدولة المعركة الكبري في الحرب علي الفساد؟
الرئيس: شوفوا.. منذ البداية تعاملنا مع التحديات في مصر بخطة منظمة بعيداً عن العشوائية.
وكانت إستراتيجيتنا - ولا تزال - هي تثبيت الدولة وربما يقول البعض أن هذه الحملة ضد التعديات كان يجب أن تتم منذ اليوم الأول لرئاستي لكني وفقاً لهذه الإستراتيجية كان لابد أولا أن تستقر الأمور وأن يهدأ البعض وأن تطمئن الناس وأن تثق.
حتي التحدي الاقتصادي كان يمكن أن تبدأ إجراءات مواجهته من أول يوم لأن تأخيرها له تأثير سلبي.. غير أن فكرة أن تقف الدولة بثبات كان أهم هدف، وبعد ذلك يتم مواجهة كل تحد بعد الآخر.
المسألة ليست فقط قوة قرار، وانما ثقة في إرادة وصلابة الشعب ورغبته في تغيير واقعه إلي الأفضل.. وربما يكون هناك متابعون يتلقون وأجهزة تتحسب عند مواجهة التحديات لكن لدي ثقة كبيرة جداً في شهامة ومروءة المصريين، وأن المصري لا يتخلي عن بلده ولن يقبل أن تكون بلده دولة متواضعة أو هشة، وغالبية المصريين مستعدون أن يعانوا شريطة أن يكون ذلك من أجل مستقبل أفضل لأبنائهم.
سيادة الرئيس.. بعد 3 أسابيع.. ندخل العام الرابع والأخير من مدة الرئاسة الأولي.
هل شعرت بعد مضي 3 أعوام أن العبء أكبر مما كنت تتصور؟.. هل تحس أن المواطن يحملك في أقل من 36 شهراً مسئولية إصلاح ما جري في 36 عاما، بل يحملك مسئولية تعويض ما فات علي مدار 50 عاما مضت، خلال فترة رئاسية واحدة؟
الرئيس: الحقيقة أن‍ني كنت أري حجم المسئولية وأدرك قدر العبء، بكل الصعوبة التي وجدتها منذ البداية، ومنكم من جلس معي منذ عام 2011 وسمعني أتحدث مثلما أتحدث الآن.. كنت أدرك القضية وأفهمها بكل عمقها.
أما عن الشعب فهو لا يطلب سوي أن نشعر بظروفه وأن نجعله يطمئن ويأمن لمأكله ومشربه والمعادلة الصعبة أن الشعب لا يريد أن يحملني تبعات الماضي، هو يدرك أن التحدي كبير وأن الرئيس ليس سببا فيه بل يحاول أن يغيره ونحن نحاول أن نساعد.. علي كل حال الشعب يقدر وأظنه يري الأمور تتحسن.
التحدي ضخم.. فعندما يكون القصور في قطاع ما أو مرفق واحد، فإنك تكثف جهودك لإزالته. لكن عندما يكون في كل القطاعات معا، لا تستطيع أن تعمل في اصلاح قطاع وتترك الباقي، وتقديري منذ البداية أن أعمل في كل القطاعات معا.. فلم يكن ممكنا أن أركز في البنية الأساسية وأترك الكهرباء، أو أن أركز في التعليم وأترك الصحة، أو أن أترك الطاقة وأكثف جهدي في شيء آخر فهناك ترابط بين كل القطاعات، ولابد من استعادتها كلها حتي لا يحدث خلل يؤدي إلي انهيار المنظومة فعلي سبيل المثال لو ركزت في سبعة قطاعات مثلا وتركت ثلاثة، يمكن أن يؤدي إهمال القطاعات الثلاثة إلي انهيار القطاعات السبعة، لذا كان لابد أن نعمل في كل المجالات معا بالتوازي. وعلي كل حال نجحنا في انجاز العمل في عدة قطاعات بهذا الأسلوب.
الطاقة علي سبيل المثال لم نعد نتكلم عن انقطاع تيار أو نقص غاز أو كهرباء للمصانع.. ففي مجال البنية الأساسية أنفقنا 100 مليار جنيه خلال 3 سنوات لانشاء 7 آلاف كيلو متر من الطرق القومية التي تربط عواصم المحافظات والمدن الرئيسية بمدن أخري وبمطارات وهذا عمل ضخم تشارك فيه وزارات الدفاع والاسكان والنقل ولن ينتهي العمل بانشاء هذه الطرق، إنما هي أساس يمكن البناء عليه، فقد قمنا خلال 3 سنوات بسد الفجوة بين الواقع وما يجب أن يكون لتأخذ الأمور بعد ذلك مسارها الطبيعي، نفس الشيء قمنا به في مناطق البنية الأساسية الأخري.
ومدة 4 سنوات للانتهاء من هذه المشروعات الكبري ليست مدة طويلة لأن التحدي كبير جداً.
وأقول بكل صدق وصراحة.. لولا أن القوات المسلحة كان طرفاً أصيلاً في مجابهة هذا التحدي الكبير، ربما كنا لا نستطيع مجابهته وتحقيق ما أنجزناه.
سيادة الرئيس.. غلاء الأسعار هو حديث كل بيت، هناك جهود تبذلها الحكومة، لكن المواطن يراها غير كافية ويتطلع إليك أنت للتخفيف عنه.
كيف تري سبل التغلب علي هذا التحدي الكبير؟
الرئيس: نحن نتحرك بكل قوة لمجابهة الغلاء وأنا لا أحب العجز أو الضعف في المجابهة.. بل أحولهما إلي ارادة واصرار شديد علي التغلب والنجاح، وكلما كان التحدي كبيرا أشعر بأنه لابد من التغلب عليه.. وكل ما نتحدث عنه بسيط أمام إرادة التحدي لبناء دولة حقيقية والسؤال: أين نحن من مسألة غلاء الأسعار؟
وأقول: هناك جهد تبذله الحكومة لمجابهة ارتفاع الأسعار، منها إجراءات حمائية لطبقات المجتمع باختلاف درجاتها.
وخلال الأسابيع المقبلة سنعلن عن إجراءات حمائية جديدة مباشرة وواسعة، نقدية وعينية تستفيد منها الطبقة المتوسطة ومحدودو الدخل، سوف يلمسها المواطن، لتمكينه من مواجهة خطوات الإصلاح الاقتصادي المخططة وفقا للبرنامج المحدد سلفا، والتخفيف عنه من آثارها مثل تغيير شرائح الضرائب بزيادة حد الإعفاء الضريبي ومضاعفة المقررات التموينية.
يضيف الرئيس قائلا: لا أريد أن أكرر ما قلته لكم في حوارنا السابق، لكن جزءا من مشكلة الغلاء هو زيادة حجم الطلب عن المعروض من السلع فهناك ما بين 2 إلي 3 ملايين يعملون في المشروعات الجديدة، ولولا عملهم بهذه المشروعات التي تحتاجها الدولة، ما عادوا إلي منازلهم بأموال للإنفاق علي أسرهم، وإذا كانت المشروعات تتكلف سنوياً 200 مليار جنيه، فإن ثلث هذا المبلغ يذهب كأجور ويوميات للعاملين والعمال، مما يزيد من الطلب في الأسواق، لذا كان لابد من زيادة المعروض من السلع لكي نتجنب المغالاة في أسعارها.. لذلك فكرنا في مشروع المليون ونصف المليون فدان ومشروع الـ100 ألف فدان صوب ومشروع المليون رأس ماشية بجانب إجراءات أخري متنوعة لزيادة المعروض من الخضر والفواكه والمنتجات الزراعية واللحوم.
سوف نسلم الشريحة الأولي من المرحلة الأولي لمشروع المليون ونصف المليون فدان، وقوام هذه المرحلة نصف مليون فدان، في نهاية شهر يوليو، وهذه المساحة سوف تضخ فرص عمل ومنتجات وزيادة العرض وتراجع الأسعار.
وكنت أتمني أن يتم تسليم النصف مليون فدان كلها في هذا التاريخ، ولعلكم لاحظتم عدم رضائي أثناء الافتتاحات بقنا علي عدم التسليم، ولابد من اجراء شجاع وجريء، مادام هو بعيدا عن الفساد والاهمال للاسراع بإنهاء المرحلة الأولي لنتمكن بعدها من تسليم المليون فدان لضخ فرص عمل جديدة ومنتجات زراعية تزيد العرض وتريح السوق.
أما عن الصوب فقد تم انشاء 600 صوبة مساحة كل منها ثلث فدان، ونعمل علي بناء صوب جديدة مساحتها ما بين فدان و2.5 فدان، وانتهينا من بعضها وجزء منها انتاج محلي فِي حدود ألفي صوبة، وسنسلم قريبا عددا منها والمائة ألف صوبة ستنتهي قبل منتصف العام المقبل علي مساحة مائة ألف فدان، ويعادل انتاج الصوبة علي الفدان انتاجية 10 أفدنة عادية أي أن انتاجها سيعادل مليون فدان ومنتجاتها كلها طبيعية (أورجانيك) تروي بمياه لها نقاء مياه الشرب، والبعض كان يتصور أن المنتجات ستكون غالية السعر، وأدعو المواطنين للسؤال عن المنتجات من باكورة إنتاج هذه الصوب ليعرفوا أن أسعارها أقل من السوق.
البعض أيضا يتساءل عن التكلفة العالية للصوب، وأقول أنني اتعامل مع الموضوع من منظور حماية أمة والحفاظ علي دولة.. فنحن مثلا نشتري الطائرة المقاتلة بنحو 100 مليون دولار لنحمي مقدراتنا، فما المانع أن نحصل علي معدات انتاجية وزراعية وفق دراسات جدوي اقتصادية من أجل أن أحمي شعبي؟
أما بالنسبة لمشروع المليون رأس ماشية للتسمين والتكاثر، فقد أنجزنا أول مرحلة في المزارع الحيوانية وهي تجهيز الحظائر وتكلفت المنشآت 5 مليارات جنيه، وهذا المشروع في مجمله يتكلف 100 مليار جنيه.
وقد وصلت أولي الشحنات وقوامها 24 ألف رأس من أمريكا اللاتينية من أورجواي والبرازيل وسيكتمل المشروع في غضون سنتين لأن السوق العالمية لا تستطيع تلبية طلباتنا وفق المعايير الصحية العالمية في مدة زمنية قليلة، وهناك لجنة تشتري المجازر.
سيادة الرئيس.. مؤشرات الاقتصاد المصري آخذة في الصعود طبقا لبيانات المؤسسات الدولية، بعد الخطوات التي تمت علي صعيد الإصلاح الاقتصادي، وقد أشرتم إلي أن هذه الخطوات مستمرة وفق البرنامج الموضوع، لكن هناك من يقول أن تحرير سعر الصرف كان يمكن إرجاؤه لحين نضج التشريعات الخاصة بالاستثمار وعودة السياحة وزيادة معدلات التصدير.. هل تتفق مع هذه الرؤية؟
الرئيس: قرار تحرير سعر الصرف قرار سليم في توقيته، ولم يكن أحد آخر يستطيع أن يتخذه في هذه الظروف. ولم أجد بداً من أن أتخذه لصالح البلد ومستقبل الشعب، وأجهز الأمور لمن سيأتي بعدي.
أقول إنه قرار سليم، ولننظر إلي حجم التصدير وإلي أين سيصل، وحجم الاستيراد وكيف سينخفض.. وعندما راجعت أسباب أزمة الأسماك مؤخرا، وجدت أنها ترجع إلي زيادة حجم تصديرنا من الأسماك، فقد كنا نصدر 40 ألف طن سنويا، بينما في الشهور الثلاث الماضية وحدها صدرنا 120 ألف طن، نتيجة العائد بعد تحرير سعر الصرف، أقول إن الناس تعاني، لكن دورنا أن نزيد إنتاجنا لنزيد المعروض.
ومنذ يومين تكلمت عن موضوع بحيرة المنزلة، عندما تحدث أحد الحاضرين عن البحيرات وضرورة (تكريكها) لتنمية إنتاجها من الأسماك.. هل تعلمون أن تكريك البحيرة يتكلف ما بين 20 إلي 50 مليار جنيه، بسبب ما جري فيها طوال أكثر من 50 عاما من صرف صحي وصناعي وزراعي من 5 مصارف بخلاف التعديات عليها بالتجفيف.. ولدينا في مصر نحو 9 بحيرات تحتاج إلي نحو 100 مليار جنيه لتطهيرها، نحن الآن نعمل لمنع تدهور حالة البحيرات، ونعمل لنصلح منها بالتدريج.
سيادة الرئيس.. هل تشعر بأن غلاء الأسعار أدي إلي انخفاض شعبيتك، أم أن وسائل التعبير الجماهيرية عنها قد خفتت بالقياس لما كان عند نزول الناس إلي الشارع للمطالبة بترشحك لانتخابات الرئاسة؟
الرئيس: إذا خشينا من الإصلاح وضريبته علي شعبية رئيس أو فرصة رئاسة أخري نكون قد أخطأنا في حق وطن ومستقبل أبنائه.. ثم من يعرف من سيأتي غدا، إن هذا أمر بيد الله.
حسابات السلطة عند البعض تقول: هل هناك أحد يتخذ إجراءات اقتصادية في هذا التوقيت؟.. أليس من الأفضل تأجيلها؟.. لكن المسألة ليست سلطة إنما اختيار.. فالشعب يختار ببصيرته والحاكم هو الذي يحدد مصير الدولة بقراراته، وعلينا أن نسترجع مسار الدولة المصرية في مائة عام سابقة، الآن الشعب يستطيع أن يختار ما يشاء، ولن أكون أحرص من الشعب علي مصلحته وأنا واحد من أفراده.
وبدون شك محبة الناس أمر يتمناه كل إنسان فمن يكره محبة الناس، أو لا يسعي إليها؟.. لكن يا تري ما الأهم: الشعبية، أم مصر ومستقبلها؟.. الشعبية المؤقتة، أم ما سيقوله الناس بعد سنوات طويلة، والأهم السؤال أمام الله وهل حافظت علي الأمانة؟
الناس تفهم وتشعر ممكن أن يكون المواطن متضايقاً من الغلاء وسوء الخدمات، لكنه يعلم أن التركة ثقيلة وصعبة وأنها تتطلب وقتاً وجهداً وتضحية، والمواطن نفسه في قلب التضحية ثم بعد حين حينما يخرج من أزمة الأسعار، سيتساءل كيف خرجنا من ارتفاع الأسعار وسوء الخدمات.
هل معقول أن يحدث هذا؟.. نعم بالأسلوب الذي نسير عليه، فهناك ضريبة مستحقة للانتقال إلي الأفضل.. وما أقوله ليس كلام خداع أو تخدير إنما هو مسار النجاح.
سيادة الرئيس.. لك عبارة شهيرة قلتها في خطاب مؤخراً.. إننا علي جسر العبور من التحديات إلي الانجازات.. هل انتهينا من مرحلة إنقاذ الدولة ثم تثبيتها إلي الانجاز؟
الرئيس: مازلنا في مرحلة تثبيت الدولة ومدتها 4 سنوات، أي خلال فترة الرئاسة الحالية، وبداخلها خطوات استعادة هيبة الدولة.. دولة المؤسسات والقانون.
ومع عملنا في هذا المسار، هناك ملفات عديدة انتهينا منها، وسوف أقدم في يناير أو فبراير المقبل كشف حساب للشعب، أقول هذه مصر عندما تسلمت الأمانة، وهذه مصر التي أقدمها لمن تختارونه للرئاسة.
سيكون كشف حساب تفصيلياً يشمل قطاعاً قطاعاً ومرفقاً مرفقاً، وأقول إن ما أنجز كاف بفضل الله.
سيادة الرئيس.. ما أولوياتك في العام الرابع لرئاستك.. هل تتوقع تحسنا في الحالة الاقتصادية والأوضاع المعيشية للأسر المصرية؟
الرئيس: الأولويات هي الانتهاء من المشروعات التي وعدت بها المصريين، وهذا لا يمنعني من البدء في مشروعات أخري نحن نسعى لتحسن الاقتصاد والأوضاع المعيشية لقد انتهينا من 10 شواغل تهم الناس، وبقي شاغل واحد نعمل علي إنهائه هو ضبط الأسعار.
سيادة الرئيس.. تبدو في أحيان ناقماً علي تأخر تنفيذ بعض المشروعات، برغم إن إطلالة واحدة علي خريطة مصر، تكشف عن تغير هائل في شبكة الطرق والمواني والمطارات وإنشاء المدن الجديدة وتصنيع سيناء وإنشاء محطات الكهرباء العملاقة، بجانب قناة السويس.. هل السبب هو أداء الوزارات وحدوث تداخل بينها؟.. وكيف يسير العمل في المشروعات الكبرى، بالأخص العاصمة الجديدة والمدن الحديثة؟
الرئيس: نحن نتحسن كل يوم عما سبق، وكلما جاء مسئول جديد، يبني ويكمل علي ما تسلمه ممن سبقه.
أما عن العاصمة الجديدة، ففي نهاية 2018 سينتقل كل الحكم إليها من وزارات وأجهزة سيادية، وقد تم الانتهاء فعلاً من أول حي سكني، أما المركز التجاري فسيكتمل خلال 5 سنوات، ومنشآته ترتفع ما بين 50 إلي 100 طابق.. هناك أيضاً المدن الجديدة في صعيد مصر غرب النيل، في بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج، وهي مدن كبري كالعاصمة الجديدة ستقام لها محاور عبر النيل كما أوضح وزير النقل أثناء الافتتاحات الأخيرة في قنا.. فمثلا مدينة ناصر في هضبة أسيوط سوف يربطها المحور بالمطار وبالمناطق الزراعية شرق النيل.
أما مدينة العلمين الجديدة، فهي مدينة مليونية سياحية، وسيكون بها مقر حكم مختصر صيفي مثلما الحال في الإسكندرية في الماضي.
بمناسبة العلمين الجديدة.. هذا العام يمر 75 عاماً علي معركة العلمين، هل هناك تفكير في احتفالية عالمية بهذه المناسبة، تسهم في ترويج المدينة الجديدة عالميا؟
الرئيس: هناك دراسة تقوم بها القوات المسلحة مع الجهات المعنية، مع الوضع في الاعتبار أن دول الحلفاء تتناوب علي تنظيم احتفالية سنوية، ونحن ندرس اقامة احتفالية تبرز الحدث وتلقي الضوء علي الآثار السلبية للحروب ومخلفاتها من ألغام كما هو الحال في منطقة العلمين، والترويج للمدينة الجديدة.
لقد انتهي العمل من إنشاء 3حارات للسيارات في كل اتجاه بالطريق الساحلي، ويجري العمل في المرحلة الثانية التي تتضمن إنشاء حارتين إضافيتين في كل اتجاه لسيارات النقل الثقيل.. أي أن الطريق يشمل 5 حارات في كل اتجاه.. وفي منتصف العام المقبل ستكون العلمين الجديدة شيئاً مختلفاً.
سيادة الرئيس.. هناك اكتشافات مبشرة سمعنا بها مؤخراً في حقول الغاز بالبحر المتوسط.. متي يبدأ حقل (ظهر) في الإنتاج وماذا يوفر لمصر؟
الرئيس: حقل ظهر سيبدأ في الإنتاج آخر العام، وسنتخلص بدخوله مرحلة الإنتاج من فاتورة كبيرة كنا نسددها، ولقد التقيت منذ أيام رئيس شركة (بريتش بتروليم) ورئيس شركة (إيدا) الألمانية بعد افتتاح حقول شمال الإسكندرية وكانوا يتكلمون عن بدء إنتاجها عام 2020 وطلبت منهم تبكير الإنتاج ليبدأ عام 2018.. ولو وضعنا هذه الحقول مع حقل (ظهر) ومرحلته الثانية، سنجد ما يكفينا ونصدره أو نحوله إلي قيمة مضافة كمنتجات بتروكيماوية، وهناك دراسات وتعاقدات تتم لإنشاء مجمع جديد للبتروكيماويات، وأتصور أننا سنوفر من فاتورة استيراد الغاز 300 مليون دولار شهرياً أي نحو 3.6 مليار دولار سنويا من فاتورة الاستيراد التي تبلغ 30 مليار دولار سنويا.
سيادة الرئيس.. كيف تري أداء الحكومة الجديدة بعد التغيير الوزاري الأخير؟
الرئيس: الأداء هايل، الوزراء يقومون بدورهم علي نحو جيد في ظل التحديات.. وهناك متابعة يومية.. وأنا لست من أنصار مبدأ التغيير لمجرد التغيير الذي يؤدي إلي عدم استقرار.. والحكم علي الأداء ليس بمستوي الأسعار وإنما بالمنجزات وعلي كل حال، فإنني أتابع الوزراء والأداء متابعة يومية.
وماذا عن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء؟
الرئيس: في حوارنا السابق سألتم نفس السؤال.. لماذا تكراره؟
لأن الرأي العام لاحظ أن سيادتك استخدمت في مؤتمر الشباب بالإسماعيلية كلمة (رئيس الوزراء القادم).
الرئيس: لم أقصد ما فهمتموه.. كنت أتحدث عن أننا نسعى لبناء كوادر شبابية يتم تأهيلها في المستقبل لتولي مناصب قيادية ويكون منها محافظون ووزراء ورئيس مجلس وزراء.. وكنت أقصد الحديث عن المستقبل.
أما عن المهندس شريف إسماعيل فهو في رأيي من أفضل الشخصيات التي عرفتها، وهو قادر علي إدارة الحكومة بكفاءة في ظل التحديات وصعوبة العمل التنفيذي.

أنا لا أدير علاقة بين حاكم ومحكومين إنما مع أهلنا، مع الناس الذين وضعوا ثقتهم في شخصي فعندما أقول علاقة بين رئيس ومواطن فإنني بذلك أفصل بيني وبين أهلي.

لابد أن نعترف بأن لدينا أوجه قصور كثيرة في مرافق الدولة وخدماتها.. لو لم نعترف بهذا لا نخدع الناس فقط وإنما أخدع نفسي أيضا.. الحد الأد‍ني أن أري نواحي القصور، وأن أكون مستعداً لأن أسمع، أو نكون مستعدين لنسمع بعضنا البعض.

إذا خشينا من الإصلاح وضريبته علي شعبية رئيس أو فرصة رئاسة أخري نكون قد أخطأنا في حق وطن.

الوزراء يقومون بدورهم علي نحو جيد في ظل التحديات.. وهناك متابعة يومية.

غداً الجزء الثاني من حوار الرئيس

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة