مفيد شهاب: الإعلام أصبح وسيلة للتنظيمات الإرهابية لتجنيد العملاء

سيد عبدالقادر

الأحد، 21 مايو 2017 - 04:58 م

حذر الدكتور مفيد شهاب أستاذ القانون الدولي ووزير الشؤون القانونية الأسبق، من أن الإرهابيين يسعون إلى الاستئثار باهتمام وسائل الإعلام ومتابعة الرأي العام والسياسيين، حتى أنه أصبح مبررا لوجود الإرهاب بل العامل الأساسي لتعزيزه إلى الدرجة التي لم يعد هناك قيمة للإرهاب في غياب التغطية الإعلامية.


ولفت إلى أن هناك دراسات وبحوث أشارت إلى أن التغطية الإعلامية لظاهرة الإرهاب تخدم بطريقة موازية هدف الإرهابيين في تحقيق الإشهار الإعلامي لعملياتهم وأن الحركات الإرهابية تعتبر مدى نجاح تغطية وسائل الإعلام لجرائمها مقياسا هاما لفعلها الإرهابي.


جاء ذلك خلال مشاركته في الملتقى الإعلامي الأول "الإعلام وتحديات الخليج العربي" الذي نظمته الجامعة الخليجية بمملكة البحرين، تحت رعاية وزير شؤون الإعلام البحريني علي بن محمد الرميحي.


وأشار د. شهاب إلى أن الإرهاب يعد حاليا أكبر وأخطر القضايا المطروحة بل من أخطر التهديدات التي تواجه المجتمعات شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، موضحا أن الذي ساهم في إعطاء الأهمية القصوى للإرهاب في زمننا الحاضر، هو التقدم الهائل لوسائل الإعلام، أو ما يسمى بثورة وسائل الاتصالات، وظهور الإعلام الفضائي، ثم ظهور الإعلام الرقمي المتمثل في شبكة الإنترنت.


وأكد أن الإرهاب المعاصر دخل مرحلة جديدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، حيث برز ما أصبح يطلق عليه "الشكل العولمي للإرهاب" وبدء عصر التنظيمات الإرهابية ذات الصفة العالمية وغالبا ذات الطابع الديني، والتي تمتلك منظمات في أكثر من بلد، وتسعى لتحقيق أهداف وتنفيذ عمليات في أكثر من بلد.


وشدد مفيد شهاب على أن العمليات الإرهابية لا تستهدف أساسا قتل رجال الأمن أو العسكريين أو المدنيين بل إيجاد حالة من القلق والذعر والاضطراب وإعطاء الانطباع بقوة الإرهابيين وضعف السلطة والمؤسسة الأمنية، مضيفا أن هذه العمليات تستهدف الوصول إلى عقل وقلب الجماهير، وهذا ما يفسر أهمية الإعلام بالنسبة للإرهابيين، موضحا أنهم يتعمدون الإثارة والجاذبية والتشويق لاجتذاب وسائل الإعلام إلى جرائمهم.

وذكر أن هناك بعض قنوات ووسائل الإعلام بطريقة مباشرة وغير مباشرة في تشر الأفكار الإرهابية عبر تكرار الصور المرعبة، محذرا من أن الخطير في الأمر أن مقاطع الفيديو والصور الدموية أصبحت وسائل لتجنيد الشباب الذين يسهل التغرير بهم، والمهيئين لغسل أدمغتهم، ولعل أخطر ما في إدمان مقاطع العنف، أن الشخص قد يصل إلى مرحلة عدم الاكتفاء بالمشاهدة، بل ويبحث عن التطبيق وممارسة العنف والوحشية.

وأكد د.مفيد شهاب أن الإعلام يعتبر من أهم وسائل التنظيمات الإرهابية حاليا لتجنيد العملاء واكتساب الأنصار عبر غسل الأدمغة، وترويج أفكار ضالة بصناعة مواد إعلامية مزيفة، وفبركة صور وفيديوهات ومواد أخرى، منوها بأن البعض يرى أن المعالجات الإعلامية للأحداث الإرهابية هي شريان الحياة للإرهاب، وأن مقاومة الإرهاب تتطلب حرمان الإرهابيين من الوصول لوسائل الإعلام باعتبارها الرئة التي يتنفس بها الإرهاب.

وتطرق وزير الشؤون القانونية الأسبق إلى أن الأحداث الإرهابية الأخير كشفت عن أن الإنترنت قد أصبحت طعم تنظيم داعش لاصطياد الشباب، وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي من بين أهم الوسائل التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية لتحريض الشباب على الإرهاب، لافتا إلى أن عدد حسابات داعش على مواقع التواصل الاجتماعي تبلغ 46 ألفا، وعدد التغريدات المبعوثة منها تصل إلى 200 ألف تغريدة أسبوعيا.


وأوضح أن التناول الإعلامي لظاهرة الإرهاب شابته بعض الاختلالات خاصة وأن إفشاء المعلومات من شأنه أن يهدد الأمن القومي ويتسبب في فشل بعض العمليات الأمنية.


وطالب وزير الشؤون القانونية الأسبق وسائل الإعلام بتبني منهجية علمية عند تغطيتها للظاهرة الإرهابية بهدف بناء تيار مستمر من الوعي والإحاطة والفهم وتحصين الجماهير ضد التأثر بالفكر الإرهابي وحث الجماهير على التعاون مع الأجهزة المعنية بمكافحة الظاهرة الإرهابية، وذلك من خلال مرحلتين الأولى وقائية، ومرحلة الضبط والمواجهة الميدانية، مشددا على أن المواجهة للإرهاب تتطلب شراكة مجتمعية في الداخل وشراكات والتزامات في الخارج، حيث لا يجب أن يقف المواطنين كمتفرجين ويتركون السلطة تواجه الإرهاب وحدها.


واختتم د. شهاب محاضرته مؤكدا أن مواجهة الإرهاب لا يمكن أن تكون أمنية فقط، مشير إلى التنظيمات الإرهابية يستخدمون الدين لاصطياد الشباب، ويستغلون الإعلام لإظهار عملياتهم على أنها عمليات بطولية، مشددا على أن الإعلام عليه مسؤولية مشتركة مع مختلف أجهزة التوعية والتربية.


من جانبه أكد عبدالرحمن محمد بحر وكيل وزارة شؤون الإعلام البحرينية أهمية تعزيز الشراكة بين المؤسسات الإعلامية والتعليمية والثقافية الخليجية في ترسيخ الهوية العربية والإسلامية، وتكريس قيم المواطنة والتسامح، وتعزيز مسيرة التعاون والانتقال نحو الاتحاد الخليجي كنواةٍ فاعلةٍ للوحدة العربية المنشودة، وخيارٍ استراتيجي لتعزيز القدرات الخليجية والعربية على مواجهة التحديات كافة.


وأشار إلى أهمية هذا المنتدى الإعلامي في ظل ما تتعرض له أمتنا العربية من استهداف لهويتها الثقافية والحضارية، وتهديدات لأمنها القومي من أعمال عنف وإرهاب، وتنامي خطابات الكراهية، وتدخلات خارجية في شؤونها الداخلية تسعى إلى زعزعة استقرارها، وتشويه صورتها، وجرها إلى حروب طائفية أو طمس ملامح الدولة المدنية الحديثة، وتأثيراتها على المسيرة التنموية.وشدد على أن هذه التحديات تفرض على جميع وسائل الإعلام تحمل مسؤولياتها القومية والأخلاقية، من خلال احترامها لآداب المهنة، والتزامها بالتشريعات والمواثيق الإعلامية في تحري الدقة والموضوعية والأمانة، وحفاظها على الهوية الثقافية، ودعم التنمية المستدامة، ونشر قيم التسامح والوسطية، وتعميق روح المواطنة، ونبذ الدعوات المثيـرة للكراهية الدينية أو الطائفية أو العنصرية أو المحرضة على التطرف والإرهاب؛ فضلاً عن توضيح الحقائق في مواجهة حملات التضليل والتشويه الإعلامي.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة