صديقة الصمت.. والرجال الأربعة

علاء عبدالعظيم

الأحد، 21 مايو 2017 - 06:21 م

وجهها الأبيض الشاحب المختفي في سحابة شعرها الأسود يعطيان تقديراً أكبر لسنها، الإرهاق راقد تحت جفنيها، وعيناها ذابلتان يلمع فيهما بريق عجيب، وجسدها النحيل يوشك أن يذوب ويتلاشى من شدة التعب.
بدأت حديثها بكلمات تفيض أسى، وتقطر حرارة حيث قالت: حكايتي اعترف بها لكم من أجل أن تكون جرس إنذار لكل امرأة وفتاة تبيع نفسها من خلال الزواج العرفي، فهي ستكون بمثابة زوجة للإيجار فقط، وبعد النيل منها ستجد نفسها جليسة على دكة المطلقات.
بعد طلاقها من زوجها الأول، عاشت وحيدة حبيسة أحزانها، فالجميع يعتبرها فريسة سهلة، قررت أن تواجه الحياة، ونزلت إلى سوق العمل، فأصبحت خبيرة في عالم الرجال تعرف معنى وتفسير كل نظرة، تقدم إليها أحد الأشخاص يطلب يدها فوافقت على الفور معتقدة بأن الدنيا قد فتحت لها ذراعاها، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن حيث فاجئها بأن عائلته ترفض زواجه منها خاصة أنها مطلقة وسبق لها الزواج، ولحبه الشديد لها اتفقا على أن يكون زواجهما عرفياً، ومرت الأيام بدأ القلق يتسلل بداخلها فهو لا يأتي إليها إلا في أوقات فراغه فقط وكلما اشتاق إليها، كتمت في نفسها وتحملت على أمل أن يعلن زواجهما رسمياً، لكن فوجئت به يهرب من حياتها، وتزوج من امرأة ثرية.
ضاقت بها سبل الحياة، وتملكتها حالة من اليأس، وسيطرت عليها الأفكار والتساؤلات، إلى أن عرضت عليها إحدى صديقاتها بأن هناك عربيا ثريا يريد الزواج منها ولكن عرفياً أيضاً، وبعد صراع نفسي، وإيماناً بالمثل الشعبي "ضل راجل ولا ضل حيطة"، وفي أول مقابلة علت الدهشة وجهها حيث اخترقت كلماته أذنيها تحمل شرطاً أساسياً وهو أن تكون "صديقة الصمت" ليس مطلوبا منها إلا أن يقضي معها أوقات تواجده، وسوف يغدق عليها بالأموال والهدايا، وبمرور الأيام انتابها إحساس بأنها ليس زوجة فما هي إلا فتاة ليل مرهون جسدها بالهدايا والعطايا من رجل نال كل شىء وبورقة زواج عرفي، طلبت منه أن يحدد لها يوماً يقضيانه سوياً، أو أن يختار بينها وبين ظروفه بدلًا من يقضي معها ساعة من الوقت، وكأنه يتردد على وكر للمتعة فقط.
وبالفعل قررت الانفصال عنه مفتعلة المشاكل، غير عابئة بأمواله وهداياه، وبسؤالها عن الزوجين الآخرين، أكدت بأنه كان زواج متعة بالنسبة لهما أيضاً، ولا أحد منهم الـ4 كان يريد أن يتحمل المسؤلية أو يفكر في الإنجاب.
وبصوت يشوبه حزن ودموع تتساقط ببطء شديد قالت: لقد أصبحت في نظر نفسي امرأة للمتعة، وبائعة هوى، واستطردت: أتمنى أن تكون حكايتي بمثابة جرس إنذار لكل فتاة وامرأة، وألا تبيع نفسها للزواج العرفي.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة