ياسر رزق
ياسر رزق


ياسر رزق يكتب.. أوان العقــاب

ياسر رزق

السبت، 27 مايو 2017 - 10:10 م


إذا عجزت عن الاستيلاء علي حكم مصر، فاضرب الدولة. وإذا فشلت في تقويض دعائمها، فاتجه إلي الشعب. إذا لم تفلح مساعيك في الوقيعة بينه وبين نظامه، وإذا لم تستطع أبواقك أن تبث اليأس في صدور أبنائه، وإذا لم تقدر بالإرهاب أن تهزم عزائمهم، فوجه أسلحتك إلي الصف الوطني، عساك تحدث ثغرة في لُحمة الشعب. فجر كنائس، استهدف أديرة، اقتل نساء وأطفالا مسيحيين، لتشعل فتائل الفتنة، وحبذا لو ضربت جوامع وفجرت مساجد وقتلت مصلين في رمضان، لعل الفتنة تتحول إلي حريق يأكل كل ما استعصي عليك!

هذه هي مراميهم، جماعة الإخوان الخارجة علي الملة الوطنية، وحلفاؤها أصحاب العقائد الفاسدة، من جماعات التطرف والتكفير والإرهاب، الذين تشربوا أفكارها المفسدة، وتربوا في كنف قادتها داخل مصر وخارجها، وجاء بهم محمد بديع وخيرت الشاطر ومحمد مرسي من السجون ومن أفغانستان وغيرها، وزرعوهم في سيناء وداخل الوادي، ليكونوا ظهيراً إرهابياً لنظام المرشد الحاكم، في مواجهة الشعب إذا خرج، والجيش إذا استجاب ونزل، وليصبحوا أداة تهديد يلوح بها خيرت الشاطر للفريق أول عبدالفتاح السيسي في مكتبه بوزارة الدفاع قبيل ستة أيام من ثورة الشعب، لينال من السيسي علي تجرؤه تقريعاً ووعيداً، سوف يحين يوماً الكشف عن عباراته وفحواها!

«إما نحكمكم أو نقتلكم»‬.. كان هذا توصيف السيسي بالغ الدقة لنهج الإخوان وحلفائهم. لكنهم لن يحكمونا من جديد، بل نحن الذين سنحكم عليهم، ولن يقتلونا مهما سفكوا من دماء، بل القتل جزاء ما اقترفت أيديهم.
***
ليست أيادي جماعة الإخوان وحلفائها هي وحدها الملطخة بدماء الشهداء من المصريين وأشقائهم في سوريا وليبيا.

يدا أردوغان معهم، المريض بجنون العظمة الذي أفاقه الشعب المصري من وهم إقامة خلافة إخوانية عثمانية، ظل يراوده بعدما جاء الإخوان إلي حكم مصر، واستبد به حينما التقاه محمد مرسي في القاهرة وكأنه وال علي ولاية مصر يقف في شرف استقبال مولانا السلطان!

ذابت أوهام أردوغان كتل رمل لطمته موجة علي شاطئ، واكتشف بعد انفجار ثورة ٣٠ يونيو أنه كان يطارد سراباً، فجن جنونه ووجه كل بذاءاته ونقائصه وشروره إلي مصر وشعبها، ووفر الملاذ للإرهابيين الإخوان وحلفائهم وأغدق عليهم من أموال الشعب التركي، يدبرون مكائدهم من أرض تركيا وفتح لهم محطات التحريض الفضائية.

أما المتهم الأول بجرائم إراقة الدماء المصرية، فهو نظام آل ثاني في قطر، الذي تلازمه عقدة الدونية تجاه مصر، وتقتاده أحقاده إلي البحث عن كل سبيل للإضرار بها والنيل منها منذ عهد مبارك وإلي الآن باستثناء فترة حكم المرشد الذي سار علي نفس الدرب الذي رسمه من يمسكون بخيوط الدمي القطرية ويحركونها تتراقص علي إيقاعهم.

أساء النظام القطري فهم خلق الكبار الذي تحلت به القيادة المصرية بعد ثورة ٣٠ يونيو، وصبرها علي الجانح عساه يعود إلي رشد مفقود، واستمساكها بشعرة أخوة تحرص علي ألا تنقطع مهما كانت واهنة واهية، فتمادي في غيه وتحريضه العلني ضد الدولة المصرية، وتقديم المال والدعم لجماعات الإرهاب في سيناء والوادي وليبيا لزعزعة استقرار الداخل المصري.
***
ذهنية ضباع البوادي سيطرت علي عقول أوغاد النظام القطري الذي يستولي فيه الابن علي الحكم تآمراً وانقلابه علي أبيه. فظنوا أن سكوت الأسد عن الزئير يجعلهم في مأمن عن أنيابه!

لم يستوعب حكام قطر ما قاله الفريق أول عبدالفتاح السيسي في أول احتفال بذكري حرب أكتوبر بعد ثورة يونيو، حينما أعلن أن مصر لن تنسي من وقف معها ولن تنسي من وقف ضدها.

لم يدركوا أن طلب الرئيس أكثر من مرة - بل مناشدته- الإعلام المصري ألا يرد الإساءة بمثلها أو ينزلقوا إلي خوض في أعراض، هو موقف قوة من رجل ذي مبادئ، وحسبوه استسلاماً في معركة إعلامية. لم يفهموا تلميحاته أكثر من مرة -بل تحذيراته- من ضربة ساعد »‬شبل» ثورة يونيو حينما يشتد!

لعلهم أيضا لم ينصتوا جيداً إلي ما قاله الرئيس السيسي مؤخراً أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية عن الدول الداعمة للإرهاب، وعن أن الإرهابي ليس فقط هو من يحمل السلاح، بل هو أيضا من يقدم الملاذ والمال والدعم والتسليح للإرهاب.

ربما خروج أعوانهم الداعمين للإخوان من البيت الأبيض مع خروج إدارة أوباما، حرمهم من معرفة موقف الرئيس الأمريكي ترامب من الدول الداعمة للإرهاب أثناء مباحثات القمة التي جمعت بينه وبين الرئيس السيسي في واشنطن الشهر الماضي.

لعلهم لم يعلموا أن ترامب أصر بعدما سمع الأدلة علي أن يذكر البيان الختامي للمباحثات الدول الداعمة للإرهاب بالاسم، وعلي رأسها قطر، لولا أن معاونيه فضلوا عدم الاشارة إلي الأسماء، انتظاراً لاجراءات فعالة وأسلوب تعامل أكثر نجاعة.. أظن حان أوانه!

لكني أحسب رسالة السيسي المزدوجة أمس الأول عبر سلاح الجو المصري، وعبر شاشات التليفزيون، قد وصلت لمن يعنيه الأمر. أحسب أنهم علموا علم اليقين كم هي طائلة وباطشة ذراع مصر إذا عيل صبرها، وأثق أن عبارات السيسي القاطعة قد خرقت مسامع الجميع وهو يؤكد أن مصر لن تتردد في ضرب معسكرات الإرهاب في أي مكان، وأنه لا مجال لمجاملة أو مصالحة، بل المجال هو العقاب للدول التي تدعم الإرهاب وتموله وتزوده بالمقاتلين وتوفر لهم الملاذ والتدريب.
***
نعلم أن الحرب علي الإرهاب هي مواجهة ذات جبهات متعددة، عسكرية، أمنية، إعلامية، سياسية، دعوية وتوعوية، اجتماعية، وأيضا اقتصادية. نعلم أن مسرح العمليات متسع حيثما يوجد الترويع والأذي.

لكن -في رأيي المتواضع- لابد أن يكون اتجاه الهجوم الرئيسي صوب الدول الداعمة والراعية للإرهاب، فإذا أردت أن تختصر الحرب علي الإرهابيين لابد من قطع الحبال السُرية التي تزودهم بكل أشكال المدد. مثلما إذا أردت أن تطهر مستنقعاً فعليك أولاً أن تقطع المصارف التي تصب فيه.

ليس مقبولاً -وهذا رأيي- أن نبقي علي علاقات دبلوماسية مع قطر وتركيا، والرأي العام يعلم يقينا أنهما وراء قتل أبنائه ومحاولات ضرب استقراره. الأخوة العربية والإسلامية قطع وشائجها أولئك الذين جعلوا عند قطاع لا يستهان به من الرأي العام المصري المقارنة بينهم وبين إسرائيل ترجح -بكل أسف- كفة الصهاينة!

ليس مقبولاً أن نستورد ياميشاً تركياً وأثاثاً وملابس وأغراضاً، تستخدم عوائدها في قتلنا، أو نسافر سائحين لدي من يتمني لنا الخراب!

ليس مقبولاً أن نترك قيادات وإعلاميين يكيدون لبلادهم من قطر وتركيا يحتفظون بجنسياتهم المصرية ويجددون جوازات سفرهم من السفارات، وكأن شيئاً لم يكن.

أيضا.. ليس مفهوماً أن تطول محاكمات قيادات الإخوان ٤ سنوات، دون أحكام نهائية وباتة، تسجن وتبرئ وتعدم، حسبما تقتضي العدالة، فترتدع القواعد وتنكسر إرادتهم.

ليس مفهوماً أن نشكو من تغلغل عناصر إخوانية ومتطرفة في جهات بالدولة، تعرقل المسيرة، وتغيب الوعي، وتشكل وجدان الأطفال، وتفسد عقائد المصريين، دون أن نجد جهداً دءوباً جاداً في إبعادهم ولا أقول اجتثاثهم.

لم يعد معقولاً ترك الذين يحرضون علي الجيش والشرطة ويسخرون من تضحيات المصريين، يعربدون علي مواقع التواصل الاجتماعي بتغريداتهم وكتاباتهم، دون رادع أو زاجر ودون حساب، برغم ترسانة القوانين والتشريعات التي تصون مقدرات الدولة، ولم يعد مقبولاً أن يرتدي العمائم من يكفرون شركاء الوطن.

القائمة طويلة والإجراءات عديدة، ولابد أن يألم ويتوجع ويئن كل من أصابنا بأذي.
***
لن يطول الزمن، سوف تدور الدوائر، ونجد في خضم الحرب علي الإرهاب، جثث داعميه طافية علي مياه نهر أو بحر أو خليج!

أشفق علي شعب قطر المغلوب علي أمره، ما لم يسارع بالتطهر من أدرانه، أن يجد نفسه يحصد علقم ما زرعه حكامه.. ويومئذ لا ينفع إخوان ولا إيران

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة