"الطيب": المهر تعبير أو رمز للمحبة وليس أجرة لأي شيء

إسراء كارم

السبت، 10 يونيو 2017 - 05:43 م

قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، إن شرائع الإسلام كلَّها مؤسَّسَةٌ علي اليسر ورفع الحرج، مستشهدا بقوله تعالي: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ، وقوله سبحانه: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ).

وأوضح أنه من أجل ذلك حرص الإسلام علي تيسير الزواج، وأول مظاهر اليسر في الزواج يسر تكاليفه؛ وهي المهر الذي يُدفع صداقًا للمرأة، والمهر في حقيقته رمز للرغبة والمودة والمحبة التي يريد الزوج أن يعبّر  عنها لزوجته.

واستطرد قائلا: "هنا يجب أن ندرك أن فلسفة الإسلام في المهر أنه رمز، و ليس ثمنًا ولا مقابلًا ماديًّا لأي معني من معاني مشروع الزواج الذي عبر عنه القرآن بأنه ميثاق غليظ، وإنما هو مشروع إنساني يقوم علي معانٍ وأحاسيسس و مشاعر لا يمكن أن تُقدَّر  بثمن أو بمقابل مادي، والتعبير عن هذه الأحاسيس والمشاعر يختلف من زمان إلي زمان ومن بيئة الي بيئة ومن شخص إلي شخص فقد يعبر شخص عن رغبته في هذه الفتاة بأن يهديها قصرا مثلا،  وقد يعبر آخر عن هذه الرغبة بوردة، وهذه الوردة وإن كانت لا تساوي شيئا يذكر في عالم القيم المادية ولكنها تعني الكثير جدا حين تكون لغة بين القلوب والأرواح، وبالتالي فإن فلسفة الإسلام في المهر أنه تعبير أو رمز وليس أجرة لأي شيء.

وأوضح - في حديثه اليومي الذي يذاع قبل المغرب علي الفضائية المصرية طوال شهر رمضان المعظم - أن الإسلام لم يضع للمهر مقدارًا محددًا، وإن كان بعض الأئمة يختلفون في أقل الصداق هل هو دينار من ذهب أو ربع دينار، لكن الصحيح في هذا الأمر هو أنه لا حدَّ لأقله؛ نظرًا لأن النبي –صلي الله عليه وسلم- زوج علي خاتم من حديد أو كف من طعام، وكذلك لا حد لأكثره؛ لقوله تعالي : (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا)، غير أن روح الشريعة يُفهم منها ضرورة الاقتصاد الشديد وعدم المغالاة في المهور للنهي الصريح عن التبذير والإسراف قال تعالي:  (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)  حتي إن الشريعة أوجبت الحجر علي السفيه الذي لا يقدر قيمة المال".

وأشار "الطيب" إلي أن الأحاديث النبوية الواردة في تيسير المهور كثيرة، منها: قوله صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ –الزواج- بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مُؤْنَةً" يعني أقله تكلفة، فالزواج المبارك هو ما تكون تكاليفه أقل، وقوله صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ الصَّدَاقِ أَيْسَرَهُ"، وقوله صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَيْرُهُنَّ أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا "، وقوله صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَو أنَّ رجلاً أَعطَي امرأةً صَدَاقًا مِلءَ يَدَيْهِ طَعَامًا، كانت له حَلالاً"، وقوله صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "  زَوَّجْتُكَهَا بما معكَ مِن الْقُرْآنِ"،  وحينما جاء شاب فقير إلي النبي - صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول له: تزوجت علي مائة وستين درهما، استكثرها النبي - صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  وقال له: كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ ، مَا عَنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ وَلَكِنْ عَسَي أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ "فهذه الأحاديث يتبين منها كراهة المغالاة في المهور.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة