كان الله فى عون نقيب الصحفيين الأستاذ يحيى قلاش، هيلاقيها منين ولا منين، من الحكومة التى لا تجيبه إلى ما يرضى الصحفيين، أم من المزايدين على موقفه من غلاة الصحفيين، الرجل محصور فى الوسط، مشدود من كلتا يديه، مصلوب على حائط النقابة.

الزمن غير الزمن، يقينا لا يملك «قلاش» علاقات النقيب الأستاذ إبراهيم نافع بالحكومة حينها، يوم وقف وسط زملائه الغاضبين فى قلب النقابة، يلملم صيحات الغضب ويضفرها مجدولة ويبحث تفكيكها مع الحكومة، ونجح فى الخروج بالنقابة من أسر القانون 93 لسنة 1995، مستخدما علاقاته مع الحكم لصالح النقابة فى مشهد مسجل لسيادته تاريخياً، وبه يحكى ويتحاكى الصحفيون، لله دره.

وليس من صفات «قلاش» الاختراق الكبير الذى كان يمارسه النقيب الأستاذ مكرم محمد أحمد أطال الله فى عمره، كان يقتحم دوائر الحكم بجسارة وصولاً لقصر الرئاسة حفاظاً على استقلالية النقابة فى ظل أمواج عاتية، دخل وخرج منها محافظاً عليها، ولم تمس سلالمها بسوء، لله دره كان هصوراً فى الدفاع عن حقوق الصحفيين.

«قلاش» وهو قريب من القلب وفى منزلة الأخ والصديق، لا يملك علاقات «نافع» ولا نفاذية «مكرم»، ولكنه يملك ما هو أقوى، يملك ثقة جمعية عمومية هائلة، هادرة، تعوضه عن العلاقات والاتصالات على أهميتها، ليس كافياً أن يملك النقيب العلاقات والاتصالات فى هذا الزمن الصعب، ولكن مهم جداً أن يسمعه الطرف الآخر على الهاتف بعقل وقلب مفتوحين على الوطن.

أعرفه جيداً، ورغم ما يبدو عليه من طيبة حقيقية ظاهرة، لكنه قوى فى الحق، يملك عقلاً مفتوحاً، ورغبة صادقة فى تفكيك الأزمة التى دخلتها النقابة مضطرة، ولم يمار فى حق الصحفيين، ولم يتاجر بهم فى المزاد المنصوب، وإذا كانت لهجته هادئة فهذا لا يعيبه بل يعطيه ميزة نسبية مضافة إلى الجماعة الصحفية التى تقف فى ظهر نقيبها معبراً عنها وأرجو أن نلتزم الصف وراء النقيب لأنه أمين على الجماعة.

من لا يعرف «قلاش»، هو من يخرج عليه الآن ناعتاً شخصه الكريم بالكثير، استهداف «قلاش» بالغث من اللغو لا يستقيم مع احتياج الجماعة الصحفية إلى صف الصفوف وسد الفرج، من كان على خلاف مع «قلاش» فليؤجله هنيهة، ومن كان لديه مأخذ على مجلس النقابة فليوفره إلى قادم الأيام، ومن يجد فى نفسه غصة فليبتلعها، ليس لنا الآن سوى نقابتنا، وواجب علينا الالتفاف حول النقيب، «قلاش» ليس هو «قلاش» الشخص الذى نختلف عليه بل هو النقيب المتفق عليه.

طوال أيام هذه الأزمة التى نرجو أن تخرج منها نقابتنا على شعار نحفظه عن ظهر قلب «عاشت نقابة الصحفيين.. عاشت وحدة الصحفيين»، على مدار الساعة ونحن فى تواصل وجمع غفير ومعتبر من الزملاء المعتبرين لبحث مخرج كريم من الأزمة التى تظللنا كسحابة قاتمة.

وأشهد الله أن الأستاذ يحيى قلاش ما أضمر شراً، ولا تأبط شراً، ولا فرّط فى حق ولا تطرف فى حق، كان وسطياً بامتياز، وعندما فُرِض عليه فرضاً هذا العنت الحكومى، وقف فى المكان الذى يجب أن يقفه نقيب الصحفيين، كما وقف قبله شامخين نقباء أجلاء سابقون، منهم من قضى نحبه كالأستاذ والمعلم كامل زهيرى، ومنهم من يقف فى القلب منا حتى ساعته وتاريخه ولم يتخل عن واجبه، ولم ينس دوره، كالنقباء مكرم محمد أحمد وجلال عارف، وضياء رشوان، وشفى الله النقيب إبراهيم نافع من مرض ألم به.. النقيب يحيى قلاش لا تحزن ولا تجزع ولا تيأس، إن بعد العسر يسرا، عاشت نقابة الصحفيين.. عاشت وحدة الصحفيين.