الأديب أحمد الخميسي
الأديب أحمد الخميسي


أدباء صرخوا من هول الصدمة: هذه أفكارنا بأقلام غيرنا!

محمد السرساوي

الإثنين، 10 يوليه 2017 - 04:12 م

 
عزة: ليس هناك تشكيل عصابي لسرقة الأفكار!

سهير: تمنيت أن أكون كاتبة "العطر"!

نورا: الماضي أكثر إثارة من المستقبل!


كم من فكرة لعمل أدبي راودت مبدعا فتمنى أن تسمح له الظروف والوقت والطاقة بكتابتها والتوفر على إنجازها، ومعظم المبدعين لا يسارعون إلى الإمساك بالأقلام فور ورود الخاطر ولكنهم يتركون الفكرة حتى تختمر فتجئ سطورها ناضجة، وأغلبهم لا يبوحوا لأحد بفكرته، ولكن البعض للأسف يكتشف أحيانا مفاجأة تمثل له صدمة حيث يجد فكرته وقد تناولها قلم غيره، وأن مبدعا آخر سبقه وأنجز هذا العمل، فماذا سيكون موقف هذا المبدع بعد هذه الصدمة.


هل يتخلى عن فكرة هذا المشروع؟ ويتجه إلى اكتشاف أفكار أخرى، أم يواجه الأمر ويستمر في تطوير هذا العمل؟، أم يبتسم لأنه وجد آخر قد نفذ فكرته بطريقة أفضل منه، أم يترك الفكرة فترة زمنية أكثر حتى يكتشف مناطق جديدة لم يصل إليها الكاتب الذي سبق وتناول تلك الفكرة، وبعد ذلك يكتبها، في المساحة التالية، نرصد إجابات مجموعة من المبدعين حول سؤال هل حدث معه ذلك الموقف من قبل؟.


في البداية يقول الأديب أحمد الخميسي: من الطبيعي أن تنتقل الأفكار من وسط إلى آخر، بل يكاد يكون لكل عصر قاسم فكري مشترك فلسفي بل وأدبي يتم تداوله، وأبعد فكرة لدي موباسان في فرنسا تركت أثرا بالغا في محمود تيمور في القاهرة. 


لكن المدهش والنادر أن تجد البناء الفني والتوليفة التي كنت تفكر فيها وقد سبقك إليها كاتب آخر. لم يحدث لي هذا أبدا، إلا مرة واحدة حين جثمت على صدري وعقلي طويلا فكرة أن أكتب عن امرأة ممتلئة بالحيوية والشعور العارم بالحب، مما يؤدي إلي إفساد علاقتها بابنتها وزوجها. 


ودهشت حين قرأت رواية " السعادة الثالثة" للكاتب هنري ترويات، وقد كتبها من زمن بعيد، ذلك أنني وجدت عنده الفكرة ذاتها، والفكرة ليست مشكلة، لكني وجدت عنده البناء الفني تقريبا كما تخيلته أنا: بسيطا ولا يشتمل على أكثر من ثلاث شخصيات ولا يخرج عنها إلي أحداث أو قضايا أخرى. 


كان هنرى ترويات جريئا وروائيا فكتب، أما أنا فظللت أسأل نفسي:وما الجديد في فكرتك وفي ذلك البناء الفني الساذج؟. هكذا تأكل الشكوك والتساؤلات بعض الخطط في أحيان كثيرة. وأظن أن على الكاتب أن يكتب ما يطرأ له من دون خوف أو تفكير طويل في قضية الشكل. هناك شيء تحتاج إليه الكتابة اسمه الجرأة، وليس فقط الخبرة والموهبة والثقافة.


ويقول الأديب أحمد زغلول الشيطى: لا يصح القول "أفكاري بأقلام غيري" إلا في أضيق نطاق، فما أحلم أو أفكر بعمله يظل في منطقة هي ملك للجميع، الذي يسبق الى تناول الفكرة يخرجها بتناوله لها من منطقة المشاع إلى منطقة الملكية الخاصة، بينما أرد على هذا السؤال قرأت موضوعًا طريفًا في النيويورك تايمز الصادرة يوم 24 أكتوبر 2016 بخصوص قيام جامعة أكسفورد بإصدار طبعة جديدة من أعمال شكسبير، لقد أعتمد الناشر الجامعي اسم "كريستوفر مارلو" كمؤلف مشارك لشكسبير في واحدة من أشهر مسرحياته هي هنري السادس الأجزاء الأول والثاني والثالث.


غير أن المتحدث باسم أكسفورد للنشر"جارى تايلور" يعتبر أن حقيقة التعاون في كتابة هذه المسرحية في القرن 18 لا يمكن أن تكون مؤكدة، لكنه يخمن أن التعاون تم مثلما يحدث هذه الأيام" مؤلف يريد أن يتقاضى أجره مقدمًا عن كتابة الخطوط العريضة للحبكة ثم يقوم المسرح باستئجار مؤلفين آخرين لكتابة مشاهد المسرحية على حسب قوتهم" ويعتقد "أن بعض المؤلفين المسرحيين تم التعاون فيما بينهم عن طريق الثرثرة في الحانات "، هنا أفكار الغير بقلم شكسبير تصنع وضعا إشكاليا حول من هو المؤلف، مما دعا دار نشر أكسفورد لأول مرة في التاريخ إلى أن تضع اسم مؤلف مشارك مع شكسبير في مسرحية من مسرحياته، غير أن المتحدث باسم دار أكسفورد للنشر يعود ويصرح أن هذا جزء من الجدل الذي لا ينقطع حول شكسبير،وينتهي إلى انه يوم ينقطع هذا الجدل سيكون شكسبير قد مات، أميل إلى الاعتقاد أن السبق إلى الفكرة قد يكون أكثر "دراماتيكية" في مجال الترجمة، على سبيل المثال، فكرت كثيرًا في ترجمة رواية "ستونر" للكاتب الأمريكي جون ويليامز، فوجئت بمترجمة تشكو أنها بينما تترجم رواية "ستونر"صدمت بزميل لها يقوم بترجمة ذات الرواية، الأمر الذي دعاها إلى التوقف غاضبة عن الترجمة. غنى عن البيان أن هذا عين ما حدث لي. لم أبدأ حتى في ترجمة "ستونر". 


                                                                                                                                 
حريم الجزار!
وتقول الأديبة عزة رشاد: العمل الأدبي، وفق تصوري، ليس هو الفكرة، ليس مجرد فكرة، فالأفكار تتكرر، أو على الأقل تتشابه وتتقارب، منذ الأزل، لكن التناول هو الذي يختلف من أديب لآخر. التناول هو رؤية الكاتب، صوته المميز، معجمه، وبَصمَتَه الخاصة، والآن دعني آخذك إلى قلب مشهدي قبل ما يقرب من 20 عام أي قبل أن أقرر أن يكون الأدب الاهتمام الأول بحياتي، وهاأنا ذا في قاعة السينما أشاهد الفيلم الرائع "المريض الانجليزي" مأخوذة بجماله ومتأثرة إلى حد البكاء، ولكن بعد انتهاء حمى الانفعالات أجد نفسي أصيح في أعماقي: كيف لروائي بقامة "مايكل أونداتجي" أن يسرق فكرة الرواية التي كنت أعتزم كتابتها بعد 10 سنوات مثلا، ومن الصياح إلى الانفجار بالضحك "من نفسي". 


لكن بالفعل كنت أتوق إلى كتابة رواية عن حب الوطن وهل هو "شيك على بياض؟" وعن الخيانة بين "الوطن" والحبيب الشخص، ولأيهما الأسبقية، وضعنا "أونداتجي" ببراعة داخل أجواء حرب تفترس الملايين يشعلها أشخاص لا يزيدون عن عدد أصابع اليد "زعماء سياسيين" وكشف باقتدار عن هشاشة الحياة، وإذا كان "المريض الإنجليزي" أغلق أمامي بابًا فقد حفزني وهذا هو الأهم على النبش لاكتشاف أبواب أخرى، هذا نفس ما حدث معي بعد قراءة "رب الأشياء الصغيرة" للهندية "أرونداتي روي"، فما من تشكيل عصابي لسرقة الأفكار من العقول "على سبيل المزاح"، لكننا بالنهاية بشر متشابهون نعيش في عالم واحد، وجعلتني سعادتي بروعة واكتمال الرواية أتغلب على إحباط تخطيطي لكتابة رواية عن التمييز الذي تعانيه الأقليات وعن المحرمات ونبذ المختلفين وصولا للكراهية والقتل، من خلال أسرة تبدو هادئة من فوق السطح بينما تمور داخليًا بالمواجع، أتصور أن التحدي الحقيقي هنا هو إبراز خصوصية المكان والزمان والثقافة التي لم تكشف رغم كل تباينها سوى عن النزعة الأنانية الشرسة لإنسان عصرنا،  وكان في وقت قريب لديّ تخطيط لكتابة عمل عن شخصيات نسائية مائزة، فعلها قبلي المبدع "حمدي الجزار" في "الحريم" ثم بعده المبدع "محمد رفيع" في "عسل النون" برؤى ومعالجات وأساليب يختلف فيها أحدهما عن الآخر تماما، وسيفعلها آخرون، لأن العيون الماكرة التي تبحث عن الخفي والذي لم يُكتشف بعد، ستأخذنا نحو عوالم جديدة تماما.




ذاكرة الروائح!
وتقول الأديبة سهير المصادفة: بعد أن صدرت روايتي الأولى "لهو الأبالسة" عام 2003، ظللت لمدة عامين أجهز لروايتي الثانية، كانت كل أفكاري تدور حول الرائحة، حول ذاكرة الرائحة، وقدرتها على احتلال الأماكن والذكريات، كنت أتتبع إرثي من الروائح التي صنعتني، وأجمعها وأنا أتساءل لماذا تأبى بعض العطور مغادرتي؛ بل تعيد لي جغرافيا اللحظات الزمانية والمكانية، بدأت علاقتي بالعطور متأخرة، ربما تعمدت أن يتأخر تعاملي مع القنينات الصغيرة الملونة بألوان فاتنة حتى انتهائي من مرحلة الثانوية العامة، يبدو أنني دون قصدٍ كنت أعدُّ نفسي لأكون كاتبة، فاستغرقت بعمقٍ في استنشاق كلّ مفردات ما يحيط بي واستطعت وأنا مغمضة العينين ودون النظر في الساعة ــ بالطبع ــ تحديد الوقت من رائحة الشروق أو الغروب، وأي الأماكن أجتازها الآن بصحبة أبي، ودفتر مَن هذا مِن رفيقاتي، وطباشير مَن هذا من المدرسين، ورائحة الأرصفة التي تصلني ببيتي، وكم أبتعد عن قضبان السكك الحديدية، رائحة غضب أمي التي أشمها فور دخولها إلى غرفتي وقبل أن تتفوه حتى بكلمة واحدة، تخمين أي الأكلات سيكون ما أشم الآن رائحة مرحلة إعدادها الأولى، رائحة البيوت التي زرتها وتكهني بسن وشكل مَن يسكن فيها قبل أن ألتقي به... هل هي امرأة شابة وحيدة؟ أرمل ماتت زوجته منذ بضعة أشهر؟ عروسان جديدان في العشرينيات من عمرهما لديهما طفل عمره أيام؟ البيوت المهجورة من أهلها ورائحة تشقق جدرانها، رائحة أوراق لبلاب جافة في بلكونة متروكة للشمس منذ أشهر، رائحة عيد الفطر وعيد الأضحى، ورائحة العشب في الحدائق المكتظة بالناس صباحًا، رائحة الانتظار في صالات مطارات بعيدة، ورائحة حلمٍ رائع بعد ليلة سهدٍ طويلة، كنت متورطة في حاسة الشم والروائح تمامًا حتى وقعت بين يدي أثناء دورة من دورات معرض القاهرة الدولي للكتاب رواية "العطر" للكاتب الألماني "باتريك زوسيكند"، وعرفت أنه كتب ما أريد كتابته تحديدًا منذ سنوات، وظلت "العطر" هي الرواية التي تمنيت كتابتها حين قرأتها، بعد العمل على خلق أجواء تشبه أجوائها الفلسفية بالفعل، وتختلف بالتأكيد عن متن بنائها وتفاصيلها، ولكنني مزقت كل ما كتبت وقررت أن أستمتع حتى هذه اللحظة برواية "العطر" العبقرية.


ويقول الأديب محمود عبد الغنى: لأننا بعثنا من قري العالم الثالث المجهولة و المنسية، حيث الدجاجات تمرح نيئة، و حيث الأسطورة تمتزج بالحلم و السخرية، بينما نجلس تحت شمس الاستواء نتعاطى المأساة، فكرت أن أكتب رواية عن قرية تجمع بداخلها كل أساطير العالم الثالث، و بدأت في رحلة بحث عما يكون اسما لهذة القرية المنسية، اسم أسطوري و مختلف و مخلق و غير حقيقي بالمرة، فكرت أن أسميها درينا أو باهيا أو حتى ماكوندو. و أردت لهذه القرية أن يعيش فيها أناس طيبيون برغبات بسيطة، كل همهم أن يظلوا على قيد الحياة رغم ما يكيله لهم العالم من صعوبات، حيث جنون الاستهلاك الذي يجتاح العالم يدفعهم للجنون دون سابق إنذار. 


قرية يعيش أهلها ألف عام طموحة من أجل وضع قريتهم المجهولة على خارطة العالم الحقيقي، حتى أنهم سعوا لبناء جسر على نهر قد يصلهم بالعالم المعلوم، أو يجعل من قريتهم ميناء على محيط يصلهم بالقارات، من أجل القضاء على مائة عام من العزلة. و لأنني مبتدئ حكايات رحت أحكي فكرتي و أنا أجوب القارات السبعة، لأجد في النهاية فكرتي و قد تحولت إلى العديد من الروايات الخالدة و لكن ياللخسارة كانت بأقلام غيري . لم أيأس و رحت أشرع في كتابة رواية تحمل داخلها نقيض فكرتي الأولى، سأكتب عن قرية أخرى أكثر أسطورية و تحمل داخلها آفة النسيان، كل ما يهم قاطنوها أن يختفوا خارج التاريخ و ينعزلوا عن العالم بداخل متحف منسي، و أن يكون أسمها أكثر سحرية من كل الأسماء، دعوتها كوم أبو شيل .


ثلج القاهرة!
وتقول الأديبة لنا عبد الرحمن: مسألة وجود فكرة تتبادر إلى ذهن أكثر من مبدع واردة طبعا في كل زمن، لكن السؤال القائم فعلا هو إلى أي مدى من الممكن أن تتشابه الفكرة بحيث لا يمكن معالجتها من أكثر من مبدع؟ وهل فكرة معينة يجب أن تظل محصورة في أسبقية تناولها فقط ؟ منذ مدة كنت أناقش فكرة رواية مع صديقة لي ثم بعد مرور وقت قليل أخبرتني أن فكرة مشابهة تمت كتابتها في رواية مترجمة، فيما بعد حين قرأت الرواية وجدت تشابها في الشكل واختلافا في المضمون ولا أدري إن كنت سأفكر في كتابة فكرتي من جديد، لكن حدث معي أمر كان غريبا بالنسبة إلي مع روايتي ثلج القاهرة. .بعد صدورها بأكثر من عام كنت أطالع صحيفة الجارديان وجدت تقريرا عن رواية بعنوان "How to be both" للكاتبة إلي سميث الرواية فكرتها على تماس كبير مع فكرة روايتي حيث تدور بين زمنين وبطلتين وأيضا طرح فكرة التقمص بين الشخصيتين. .طبعا ما حدث عبارة عن صدفة محضة لكن لو كانت رواية سميث صدرت قبل روايتي كنت ساتردد حتما في كتابة ثلج القاهرة.


مجرد توراد خواطر!
تقول الروائية نورا ناجى: تشغلني فكرة الزمن وسريانه وطرق التلاعب به..أشعر أنه سبب كل المشاكل..وأنه أيضا الخلاص الوحيد، أفكر دائما بنظرية ماذا لو، لما ألأنها تعارض مشيئة الزمن؟ الزمن المعبر فعليا عن وجود الله وقوته وحكمته؟، تسحرني الأفلام والروايات التي تتحدت عن آلات الزمن..هذه القوة المدهشة في العودة إلى الماضي وتصحيح أخطائك..أو الذهاب إلى المستقبل ومعرفة المجهول..المستقبل لا يبدو لي مثيرا بقدر الماضي..أنا عاشقة لفيلم The Butterfly Effect"" أصاب بالذهول من مدى قوة تأثير الفراشة الضئيل على التاريخ بأكمله،راودتني فكرة كتابة رواية عن فتاة تنجح في إيجاد وسيلة تعيدها إلى الماضي لبضع دقائق في كل مرة، حدث معين تتمكن من تغييره لتعود وتجد حياتها قد انقلبت..قرار بتفاهة اختيار الحب الأول المراهق..أو قسم علمي أو أدبي في الثانوية العامة..قرار بوضع صح أم خطأ أمام سؤال بعينه..اختيار الكلية..الأصدقاء..الاستمرار في قرار ما أو علاقة ما، أو إنهائهما فورا..وفي كل مرة تفشل الفتاة في مسعاها..فتأثير الفراشة لا يمكن توقعه..ومقولة الحاضر هو أفضل شيء يمكن أن يحدث لك حقيقية تماما..لكن وعلى كل حال..لم تعد الفكرة قابلة للكتابة، بعدما صادفني مسلسل أمريكي وكأنني أنا التي كتبته اسمه Being Erica""، وبما أني لا أتذكر دخول أي شخص إلى أفكاري مؤخراً، فهمت أن الأمر كله مجرد توارد خواطر يحدث كثيرا، ربما في المرة القادمة، سأتمنى لو يعود الزمن إلى ما قبل إنتاج هذا المسلسل، لأكتبه أنا أولا.


المدينة الملعونة!
ويقول الروائي أحمد سمير سعد: فكرة هذا التحقيق في غاية الطرافة، لكن أجمل ما فيه أنه ليس طريفا فقط بل مثير للتفكير كذلك، هل بالفعل من الممكن أن تتشابه فكرتان إلى الحد الذي قد يصيبك بالصدمة عندما تجد أنه في الوقت الذي انشغلت فيه بتعظيم حبكة عملك هناك من قفز به إلى المطبعة وفاز بميلاده بين يديه؟، أم أن الأفكار على قارعة الطريق كما قال الجاحظ وهو ما قد يعني أن الإبداع لا ينحصر أبدا في فكرة جيدة بل هو تناول كامل وحوار متفرد بين المبدع وعمله، أظن أن العمل الإبداعي هو كل لا يتجزأ حتى وإن تشابهت الأفكار فالمذاق مختلف واللغة مختلفة والتناول مختلف وهي الأشياء التي في مجملها تحدد جمال العمل إلا أن موقف الفكرة التي فوجئت بها في عرض علني بينما لا زالت تختمر في عقلي تكررت مرتين، المرة الأولى مع روايتي (شواش)، كانت رواية ديستوبيا تدور أحداثها في مصر خاصة في ظل المتغيرات التي نحياها،  ثم عرفت أن الروائي محمد ربيع قد كتب رواية ديستوبيا ، فأسقط في يدي غير أني تعمدت ألا أقرأها إلا بعد صدور روايتي، وعندها أدركت أن الفارق بين الروايتين ضخم جدا، وربما لا يجمعهما إلا تصنيف الديستوبيا أى المدينة الملعونة أو الفاسدة عكس "اليوتوبيا" ، المرة الثانية كانت مع القاص والروائي فكري عمر حينما نشر قصة قصيرة عن شيخ لكنه بلا معجزة، وقد كانت نفس الفكرة تجول برأسي وكتبتها بالفعل رغم ذلك لأنني أعلم أنه حتى مع تشابه الفكرة ستختلف القصتان ونشرت فيما بعد تحت عنوان (الشفيف) ضمن مجموعة (طرح الخيال).


يقول الروائي  أمير عاطف: بعد نشر روايتي الثانية في معرض الكتاب 2016، شعرت بأن الوقت قد حان لتنفيذ حلم، كثيرا ما كان يراودني. وهو كتابة رواية تاريخية تتناول إحدى الحِقب الهامة في تاريخ مصر. ولم أجد أهم من حقبة الملك أخناتون، بسبب كثرة الأحداث والصراعات الدينية والسياسية التي حدثت في تلك الفترة، وبالفعل، دأبت على تجميع معلومات كثيرة في هذا الشأن، قصدت عدة مكتبات للإطلاع،قرأت كتبًا شتى،وكنت حينها قد انتهيت من رسم الشخوص وإعداد حبكة لأوظفها في الأحداث. وكتبت حوالي ثمانية فصول فيها، لكني فوجئت بالصدفة أن الأديب العالمي نجيب محفوظ قد كتب عنه من قبل، في رواية "العائش في الحقيقة"، وقد كانت تلك الرواية هي من أصل أربع روايات لم أقرأها لنجيب محفوظ، لم تكن في مكتبتي فبحثت عنها حتى حصلت عليها في النهاية، فقرأتها وكلي أمل في أن تكون الرواية جامعة لكل ملوك مصر، وقد تطرق لأخناتون من بعيد، لكنني فوجئت أن الرواية بالكامل عنه وعن صراعاته الدينية التي خاضها مع كهنة الملك آمون كي يطبق ديانة التوحيد الجديدة، عرفت بعد ذلك أن أديبا آخر كتب عن تلك الفترة وهو الأستاذ عادل كامل في روايته ملك من شعاع، لا شك أنني انتابتني حالة من الحزن حينها، لكن سرعان ما اختفى وزال بعدما استمتعت بطريقة الأديب نجيب محفوظ الرائعة في السرد مستخدمًا طريقته المفضلة في رواية الأحداث، واستمتعت أيضًا بطريقة الأستاذ عادل كامل في تناوله تلك الفترة، ومن المؤكد أنني استفدت كثيرًا خلال تجربتي تلك،دأبت بعدها على كتابة فكرة أخرى كانت أيضًا تراودني، وقد أوشكت الآن على الانتهاء من كتابتها.


امرأة مشعة!
وفى الختام تقول الروائية عزة دياب: كتبت نعمات البحيري رواية عن تجربتها مع المرض تقريبا عنوانها "امرأة مشعة" عن علاجها بعد التدخل الجراحي بجلسات الإشعاعي وكنت أنتوي كتابة رواية عن تجربة والدتي مع نفس المرض، ونفس خطوات العلاج حتى كانت هناك جملة كثيرا ما كنت أرددها عن السيدات في أثناء تلقيهن للعلاج وكأنهن دمي بثدي واحد تركت الفكرة تختمر ووجدت رواية نعمات البحيري رحمها الله، والحق أقول الرواية رائعة، ومن يومها لم أكتب هذه الرواية، لكنها ظهرت في روايتي "لقاء" حين  تذكرت البطلة والدتها ومرافقتها لها في رحلة العلاج .

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة