أردوغان ويلدريم
أردوغان ويلدريم


هل كانت زلة لسان؟ | رئيس الوزراء التركي يعترف بوقوف «أردوغان» وراء مسرحية «الانقلاب الفاشل»

نادر عيسى

الخميس، 20 يوليه 2017 - 12:22 م


ذكرت صحيفة «زمان» التركية رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، قد اعترف في تصريحات أدلى بها لصحيفة “حريت” التركية، بوجود مخططٍ لتلفيق محاولة انقلاب 15 يوليو 2016 لحركة الخدمة.
وقالت الصجيفة أن يلدريم أكد أنهم بعد اللقاء مع الرئيس رجب طيب أردوغان ليلة الانقلاب اتخذوا قرارًا بإعلان حركة الخدمة مسؤولة عن محاولة الانقلاب دون الاستناد إلى أي معلوماتٍ من جهاز الاستخبارات الوطنية أو أي أجهزة أمنية أخرى، ثم أضاف قائلاً: “في تلك اللحظة كان من الممكن أن يكون هذا التشخيص صحيحًا أو خاطئًا!”.


جاءت هذه التصريحات الصادمة التي صدرت من شخص يشغل ثاني أعلى منصب في تركيا، رئيس الوزراء بن علي يلدريم، في حوار أجراه معه فكرت بيلا؛ رئيس تحرير صحيفة حريت المعروفة بتوجهاتها العلمانية والتي خضعت للسلطة الحاكمة تمامًا خاصة عقب الانقلاب، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمحاولة الانقلاب.
وأكد يلدريم أنه من شكّل بنفسه قناعته الخاصة بمحاولة الانقلاب، (دون الاستناد إلى تقرير للمخابرات أو الأمن)، ثم تابع بقوله: “لقد استشرت السيد رئيس الجمهورية، وتحدثنا معًا؛ وتوصلنا لقناعة أن هذه المحاولة من عمل وتنفيذ أعضاء منظمة فتح الله جولن… في صفوف الجيش. وهذا التشخيص كان قابلاً للخطأ والصواب في تلك اللحظة!”، وفق قوله.
وواصل بن علي يلدريم في حواره مع الصحفي المخضرم فكرت بيلا شكواه عن عدم تزويد رئيس المخابرات هاكان فيدان، إياه في ليلة الانقلاب بأي معلومات عن التحركات المريبة في صفوف الجيش حتى بعد ظهورها على القاصي والداني، عقب شكواه من ذلك في عديد من تصريحاته السابقة في هذا الصدد، الأمر الذي يفسر مضمون ودلالة قوله: “شكّلت قناعتي الخاصة بمحاولة الانقلاب بنفسي”.
يذكر أنه في الوقت الذي كانت أحداث الانقلاب الفاشل ساخنة، ولم يَجْرِ أي تحقيق بعدُ، ظهر الرئيس أردوغان على شاشة قناة سي أن أن (CNN) التركية معلنًا فتح الله غولن “العقل المدبر” لهذا الانقلاب، ليطلق في صبيحة تلك الليلة حركة تطهير وتصفية غير مسبوقة في أجهزة الدولة كافة، بل شملت القطاعات الخاصة أيضًا، أسفرت عن فصل 134 ألفًا و194 موظفًا، واحتجاز 95 ألفًا 458 شخصًا، وحبس 50 ألفًا و510 شخصًا، بينهم 17 ألف امرأة و560 رضيعًا مع أمهاتهم، وإغلاق ألفين و99 مؤسسة تعليمية، ما بين جامعة ومدرسة وسكن طلابي، وطرد 7 آلاف و317 أكاديميًّا، وإقالة 4 آلاف و317 من أعضاء القضاء، ما بين مدع عام وقاض، وإغلاق 149 مؤسسة إعلامية، بينها 16 قناة تلفزيونية، و24 إذاعة، و63 صحيفة، و20 مجلة، واعتقال 231 صحفيًّا من شتى الاتجاهات، إضافة إلى الاستيلاء على 965 شركة خاصة في 43 مدينة، بينها مؤسسات خيرية وإغاثية، علمًا أن هذه الأرقام تتغيّر يوميًّا نظرًا لاستمرار الهزات الارتدادية للانقلاب.
المخابرات البريطانية تؤكد زلة اللسان 
وتتوافق التصريحات الصادمة لرئيس وزراء تركيا تمامًا مع النتائج التي توصلت إليها المخابرات البريطانية حول الانقلاب. إذ كانت مجلة “فوكس” الألمانية المرموقة نشرت مقالا صادما للجميع بعد أسبوع واحد من الانقلاب تحت عنوان “السلطة.. الهذيان.. أردوغان”، أفردت فيه مساحة كبيرة لتقرير أعدته المخابرات البريطانية، وتشير إلى أنها حصلت على مكالمات هاتفية وبريدية مشفرة لمسؤولي الحكومة التركية أثناء حدوث الانقلاب الفاشل، تكشف أنهم خططوا لإلصاق الجريمة بحركة الخدمة حتى يختلقوا ذريعة لإطلاق حملة تصفية موسعة في أجهزة الدولة بعد إحداث جريمة “الانتماء إلى حركة الخدمة”. واللافت أن المجلة حصلت على جائزة من إحدى المؤسسات الدولية بسبب هذا المقال التحليلي.


وعلى الرغم من أن الرئيس أردوغان يتظاهر وكأنه فوجئ بالانقلاب، إلا أنه تظهر كل يوم حقائق جديدة تثبت أنه كان على علم مسبق به، جاء آخرها على لسان أحد الضباط. فبحسب الأقوال التي أدلى بها الضابط حسين جولر في إدارة مكافحة الإرهاب، والتي أدرجتها المحكمة ضمن ملفات تحقيقات الانقلاب، كان أردوغان على علم بكل تفاصيل التجهيز للانقلاب قبل 34 يومًا على أقل تقدير. حيث يقول الضابط في هذا المحضر: “لقد سلمنا رئيسنا كل المعلومات والوثائق الخاصة بالاستعداد للانقلاب في 11 حزيران 2016!”.
وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن الرئيس أردوغان مَنْ أدار الانقلاب الفاشل بـالـ”ريموت كنترول”، واستخدم الجنود السذج الذين لم يكونوا يعلمون أنهم في مهمة الانقلاب من جانب؛ والمواطنين المدنيين الذين شحنهم بالكراهية والعداء من جانب آخر، ونظم بين الطرفين مواجهة دموية لتضخيم رد الفعل أسفرت عن استشهاد 250 شخصًا، من أجل الحصول على الذريعة المطلوبة لتنفيذ خطته في إعادة تصميم كل أجهزة الدولة وفق أهدافه.
وعلى الرغم من أن أردوغان يسكب دموع التماسيح إزاء استشهاد نحو 250 مواطنًا خلال أحداث الانقلاب، ويتهم حركة الخدمة بالوقوف وراء ذلك، إلا أن هذه الحقائق التي تتكشف يومًا بيوم تثبت أنه من يتاجر بدماء المواطنين الشهداء وهو من “يقتل القتيل ويمشي في جنازته”.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة