«الدفع قبل الدفن» شعار «التُربية» فى مقابر مصر.. يرفضون استلام الجثة ودفنها قبل دفع مبلغ يتراوح ما بين 600 إلى 1500 جنيه كــ «إتاوة».. رغم ان الرسوم القانونية المقررة لا تتجاوز 300 جنيه.

بيزنس رخيص وتجارة لا إنسانية.. أصحابها «معلمين» يحققون أرباحا خيالية معظمهم موظفون ورغم ذلك لا «يستحون» من لقب «تربي» توارثوا المهنة عن ابائهم واجدادهم ولن يفرطوا فيها أبدا فهي بالنسبة لهم «دجاجة تبيض ذهبا» تدر عليهم اموالا طائلة بحسبة بسيطة لحصيلة «التربى المعلم» في عام واحد.

كما سردها لنا «صنايعية» يعملون مساعدين لهؤلاء «التربية» تدر تجارة الموتى عليهم دخلا يتجاوز 500 ألف جنيه فى العام للتربي إذا قام أصحاب «الترب» بزيارتها مرة واحدة فى العام.. بالإضافة إلى إتاوة الدفن التي تتكرر كلما حمل إلى المقابر «ميت»..

«ذهبت لدفن ابن عمي».. ففوجئنا بالتربى يرفض استلام الجثة وفتح «العين» الابعد دفع 600 جنيه رغم ان «العين» ملكنا.. وقلنا له «مفيش فلوس» فكان رده يبقى مفيش دفن « هذه الكلمات التى قالها فتحى عبد الحليم دفعتنا للنزول لرصد هذه الظاهرة على ارض الواقع.

ويكمل «فتحي»: ذهبت إلى مقابر المجاورين فى الدراسة من اجل دفن ابن عمى فى مقابر العائلة وبمجرد وصولي إلى المقابر وجدت حارس المقابر يهمس فى اذنى «ادفع مصاريف الدفن» فاندهشت وسط الحضور وقلت له مصاريف ايه ؟ قال بصوت أعلى ونبرة حدة واستنكار «مصاريف الدفن» وعندما اكتشفت اننى ليس معى أموال فى جيبى قال لى «مفيش دفن ومش هفتح العين غير لما تدفعوا 600 جنيه رسوما وحدثت مشادة بيننا فقام جميع من حضروا لمواساتنا فى فقيدنا بإخراج اموال من جيوبهم وجمعوا المبلغ.

وتم إعطاؤه له برغم أن المقبرة ملك لنا ونعطى لهذا الحارس فى كل عيد او مناسبة «شهرية» مؤكدا ان المبالغ التى يحصل عليها الحارس سنويا تصل إلى الف جنيه ويطالب الشرطة بشن حملات من اجل القضاء على هؤلاء الاباطرة.

ويضيف حنفى السيد - موظف - انه عاش قصة مريرة فى مقابر اكتوبر عندما ذهب لدفن احد اقاربه فوجد حارس المقابر يقول له «ادفع 800 جنيه والا مش هندفن المرحوم» مؤكدا انه فى ذلك الوقت لم يكن معه هذا المبلغ لأن ظروف الوفاة كانت مفاجئة فقام بجمع المبلغ من خلال بعض الحاضرين واعطائه الى الحارس.

سعينا لتقصى الحقيقية واكتشفنا ان المقابر يسيطر عليها «معلمين»..يتم تقسيمها حسب «النفوذ».. كل منطقة تحت قبضة «تُربي» يتحكم فيها كيفما شاء.. مهمته «حراسة» الاحواش والمقابر الفردية ، نظير مبلغ من المال متفق عليه مع اصحابها.

كما ان دوره ايضا يتضمن فتح «العين» عند قدوم نعش لمتوفى.. لكن الواقع يؤكد ان كل «معلم» له «صبيان» ومعه عدد من الصنايعية يعيشون وسط المقابر ولا يأتى «التربي» الا عندما يكون هناك «ميت» يأتى بسيارته الفارهة لكى يأخذ «المصلحة».
عرضنا كل ما جمعناه من معلومات على محمد طه مدير إدارة الجبانات بمحافظة القاهرة حيث أوضح لنا ان رسوم الدفن القانونية بموجب قرار محافظ القاهرة تصل 300 جنيه ونقوم بتحويل «التربي» المخالف إلى مجلس الحانوتى للتحقيق معه.