صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


قتلوا ياسين؟!

أحمد عبدالفتاح- علاء عبدالعظيم

الخميس، 03 أغسطس 2017 - 06:56 م


ودعت الأم طفلها الرضيع في كفنه الأبيض، تنذرف قطرات الدمع الملتهبة فوق وجنتيها تحمل أكبر المشاعر وأقصى الآلام، بعدما تعرض لإهمال طبي على يد أناس تجردوا من كل مشاعر الإنسانية والرحمة.
خلعوا ملابسهم البيضاء، ونسوا القسم، ولبسوا عباءة اللامبالاة، وبدلًا من أن يتحلوا بالصبر والحكمة والحنان والشفقة، حفاظاً على هذه المهنة الشريفة والشعور بالواجب وروح التضحية تسببوا في قتل رضيع كان حلم أسرته.
حيث كان عدم اكتراث الأطباء والتمريض لحياة طفل كان حلم والدته في الدنيا، وجهلهم بتشخيص الحالات وطبيعة الأدوية التي تستخدم في العلاج.
 السطور التالية تروي مأساة أم مكلومة حيث قالت وبصوت يشوبه ألم وغصة، لقد رزقت بابني ياسين والذي كان بمثابة أول فرحة للعائلة، لكنه أصيب بالتهاب شديد في "السُرة" نتيجة حرارة الجو المرتفعة، ونصحني الطبيب بالذهاب إلى أحد المستشفيات الخاصة وإيداعه بحضانة الأطفال، وبإجراء التحاليل تبين أنه مصاب بفيروس في الدم بنسبة عالية جدا، وأصبح ابني حقل تجارب تناوب عليه أطباء الامتياز الذين طلب كل منهم نوعًا جديدًا من التحاليل المختلفة، سارعت بإجرائها، وعند وصولي اكتشفت أن الممرضات يضعن ببرونة فارغة في فمه، وعندما سألت عن السبب أوضحن بأنهن حاولن إسكاته نظرًا لصراخه وبكائه المستمر، غير أنهن يقومون بنزع التيار الكهربائي عن الحضانات لشحن هواتفهم المحمولة.
تنفست الأم الصعداء واغرورقت عيناها بالدموع قائلة: حتى النظافة لم تقترب أيا من الممرضات لتغيير البامبرز الخاص به بسبب أنهن "بيقرفوا" تحملت كل ذلك أملًا في الاطمئنان علي طفلي، حتى وقعت المفاجأة على رأسي كالصاعقة عندما توجهت إلى معمل التحاليل حيث أخبروني بأنه العينة التي أتيت بها لطفل توفي منذ ساعتين، دارت بي الدنيا وكدت أن يغشي علي، هرولت مسرعة إلى الطبيبة المختصة حيث فوجئت بها تنهرني وتحاول إقناعي بأنه يغط في نوم عميق وان ما ذكره المعمل ليس له أي أساس من الصحة.
واصلت الأم حديثها في أسى بالغ، وانهمرت في البكاء بهستيرية شديدة فالمشهد أكبر من تحملها عندما رأت فلذة كبدها أثناء تجيهزه وغسله للدفن حيث كست الزرقة جسده الصغير وغارقا في بركة من الدماء، ورأسه بدون شعر، وأنهت حديثها بأنها لم تتنازل عن حق طفلها الذي اكتشفت أيضًا أنه كان مرفوع فوق جهاز تنفس لا يعمل، وتقدمت بتحرير المحضر رقم 5033 قسم ثان أكتوبر ضد المستشفى والمسئولين به تتهمهم بالإهمال الطبي في معالجة رضيعها والاحتيال عليها.
ويبقى السؤال أي نفس بشرية تقوى على فعل ذلك، وما ذنب هذا الرضيع الذي راح ضحية الإهمال الطبي.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة