تصوير: محمد يوسف العناني
تصوير: محمد يوسف العناني


حوار| السفير الفرنسي الجديد بالقاهرة: متحمسون لزيادة الاستثمارات في مصر

محمد عبدالفتاح

الثلاثاء، 08 أغسطس 2017 - 03:47 م

- لم نتحرك في ليبيا إلا بعد التنسيق مع القاهرة

- خطر الإرهاب يهدد الجميع ولا مجال للفشل

- السيسي ضيفاً على الأليزيه في الخريف.. وماكرون فى الاتحادية قريبا


موظف بوزارة الدفاع لمدة سبع سنوات، وسفير في أستراليا، ومستشار دبلوماسي لرئيس الوزراء.. يتمتع بروح دعابة وخفة ظل ممزوجة بدبلوماسية وقورة تجعل منه تركيبة كاريزمية تخطف الأبصار .. الحديث عن ستيفان روماتييه السفير الفرنسي الجديد بالقاهرة، والذي صرح لـ"بوابة أخبار اليوم" بالحوار التالي:

كيف كان شعورك حينما أُبلغت بتعيينك سفيراً لفرنسا بمصر؟
ــ شعرت بفخر كبير وبمسئولية كبيرة أيضاً ألقيت على عاتقي، حيث علي أن أحافظ وأن أطور علاقات استثنائية بين مصر وفرنسا.. علاقات لا مثيل لها بين أي بلدين وخصوصاً على مستوى التعاون الأمني.. ونبحث دوماً على الذهاب بعيداً.

ما الذي يجعل من العلاقات المصرية الفرنسية استثنائية بشكل لا مثيل له؟
ــ هي بالفعل كذلك عبر كل العصور.. دعني أخبرك أن الرئيس إيمانويل ماكرون وبمجرد توليه مهام منصبه في منتصف يونيو الماضي كان الرئيس السيسي على قائمة الاتصالات الهامة التي أجراها مع رؤساء دول العالم.. ومنذ ذلك الحين هما على اتصال بشكل منتظم وكل منهما دعا الآخر لزيارة، وأغلب الظن أن الرئيس السيسي سيكون ضيف قصر الأليزيه بحلول الخريف المقبل.

هل القرارت الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة المصرية مؤخراً مشجعة للمستثمرين وللشركات الفرنسية على الاستثمار بصورة أكبر في مصر؟

ــ بالفعل هي كذلك، لقد استقبلنا قانون الاستثمار الأخير بترحاب كبير في فرنسا، ونتباحث الآن في كيفية تطبيقه، وكذلك قرار تحرير سعر الصرف "التعويم" الذي تم اتخاذه في نوفمبر الماضي، حتى وإن كانت له تبعات سلبية على التصدير في بادئ الأمر، لكن كل الهيئات والمؤسسات الدولية أجمعت على أنه لم يكن هناك مفر من ذلك القرار للسماح بتحرير وانطلاق ونمو الاقتصاد المصري.

فجأة وبدون مقدمات.. منذ قرابة الأسبوعين شاهدنا اللاعبين الأساسين على المسرح الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس الوزراء فايز السراج في باريس بصحبة الرئيس إيمانويل ماكرون؟

ــ النظر بعين الدقة إلى ما يحدث في ليبيا يكشف عن أزمة معقدة ومتشابكة وفي غاية الخطورة، وتلك وجهة نظر مشتركة بين القاهرة وباريس.. إنها بمثابة خطر أمني يهدد أوروبا بأكملها وكل البلدان المحيطة بليبيا، وعلى المستوى الإنساني: هناك صدمة يومية للضمير البشري، حيث عشرات المئات الذين يحاولون يومياً عبور البحر انطلاقاً من السواحل الليبية من خلال مهربين يستغلونهم بشكل لا أخلاقي ولا قانوني ويدفعون بهم في قوارب متهالكة، مما ينجم عنه موت كثيرين غرقاً، ومن ناحية أخرى فإن البلدان الأوروبية لم تعد قادرة على استقبال المزيد من اللاجئين.
 من ناحية أخرى لا يمكن البقاء في وضعية الانتظار تجاه ذلك الفراغ السياسي في ليبيا، لذا نرى ضرورة وجود حكومة في طرابلس تشمل كل مكونات الشعب الليبي من الشرق للغرب، وبشكل يضمن مكانا للمشير حفتر في تلك العملية السياسية، ونفس وجهة النظر تلك تتقاسمها معنا مصر، علماً بأن دعوتنا لحفتر وسراج لم تتم إلا بعد اتصال من الرئيس ماكرون للرئيس السيسي ليخطره بما سنفعله. وإجمالا تمخض لقاء حفتر والسراج عن قرارين هامين للغاية: 1- وقف إطلاق النار مع الاستمرار في العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية. 2- استئناف العملية السياسية بما يؤدي إلى إجراء انتخابات في العام المقبل. وأستطيع القول إن اجتماع باريس غير الكثير من المعطيات.

قرأت عدة انتقادات للمبادرة الفرنسية تجاه ليبيا: منها أنها حالمة بعض الشيء وتفتقر للواقعية وأنها تجاهلت أوروبا وخاصة إيطاليا القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا والمتواجدة في مواجهة موجات المهاجرين، وكذلك أنكم أغفلتهم لاعبين إقليميين يمدون الجماعات الإرهابية بالسلاح والحديث هنا عن قطر وتركيا؟

ــ أرى أنك تقدم وجهة نظر شخصية.

- لا على الإطلاق هذا ما قرأته حتى في صحف فرنسية.

- حسناً سأجيبك على أي حال.. كان من الممكن أن نتحدث مع كل الأطراف لأسابيع ولأشهر وفي النهاية كان من الممكن ألا نحصل على شيء، لذا أردنا التحرك بشكل عاجل لمواجهة الوضع في ليبيا، فاتفاق الصخيرات الذي تم توقيعه في المغرب ويرسم خارطة طريق للخروج من الأزمة الليبية لم يُنفذ منه شيء حتى الآن سوى تشكيل المجلس الرئاسي الليبي برئاسة فايز سراج ولكن هذا الأمر لم يوقف العنف، لذا كان علينا لزاماً التحرك نحو طريق يؤدي إلى وقف العنف، لا سيما أن هناك الكثير من المتغيرات الميدانية التي يجب أخذها في الاعتبار. فرنسا استضافت اللاعبين المؤثرين في المشهد، حيث إن فايز السراج معترف به دولياً والمشير حفتر حقق نجاحات ميدانية ويملك شرعية برلمانية ويقود الجيش الوطني الليبي وعلى يديه تم تحرير بنغازي بالكامل من الجماعات الإرهابية.

أما عن قولك إن مبادرتنا حالمة وليست واقعية فلا تنس أن الاتفاق بين حفتر والسراج لقي دعماً وترحيبا من الأمم المتحدة. وكذلك مصر التي تتولى حالياً الرئاسة الدورية للدول غير دائمة العضوية بمجلس الأمن.


 ألا تضعون في حسبانكم احتمالية فشل المبادرة الفرنسية في ليبيا؟

ــ نحن لا نعمل على فرضية تحتمل الفشل من الأساس، ولهذا اخترنا الشراكة مع مصر، وسنعمل كل ما في وسعنا لكي تنجح مبادرتنا.

فرنسا كانت تدعم مشيرة خطاب لشغل منصب أمين عام منظمة اليونيسكو، ثم تغير هذا الموقف وأصبحت لكم مرشحة خاصة بكم؟
ــ هذا لأنه أصبح لدينا مرشحة ممتازة أيضاً هي السيدة أودري أزولاي، التي لا تقل في كفاءتها ومميزاتها عن السيدة مشيرة خطاب، والتي أعرفها بشكل شخصي وتشرفت بلقائها أكثر من مرة.. ما أود التأكيد عليه هو أن انتخابات اليونيسكو القادمة، والتي ستنعقد في العاصمة الفرنسية باريس في أكتوبر المقبل لن تكون صراعًا بين من مصر وفرنسا، بل ستكون تنافساً انتخابياً شريفاً أتمنى أن يفوز به المرشح أو المرشحة الأفضل.

السيدة مشيرة خطاب تتمتع بمميزات كبرى تؤهلها للوصول إلى المنصب، وكذلك المرشحة الفرنسية، أودري أزولاي، تتمتع بنفس المميزات. ومن الخطأ أن يظن البعض أن فرنسا دفعت بمرشحتها لتدخل في صراع مع مصر، وإذا وصلت خطاب للمنصب ستكون فرنسا أول المهنئين، علماً بأن فرنسا دعّمت خطاب من قبل كما أوضحت أنت في سؤالك.

 كيف تتابعون الأزمة بين الدول الداعمة لمكافحة الإرهاب وقطر؟
ــ هي أزمة كان الوطن العربي ــ الممزق والمثقل أصلا بالأزمات ــ في غنى عنها.. أزمة أطرافها قطر و4 دول بالمنطقة وجميعهم دول سُنية.. يمكننا أن نقدم مقترحات لتسوية الأزمة ولكننا نرى أن الأمر يقع في المقام الأول على عاتق أطراف الأزمة.


هناك أمر هام في هذه الأزمة وهو أمر تتقاسمه فرنسا ومصر، وهو أن مكافحة الإرهاب تستلزم أن يقوم الجميع بما عليه سواء بخصوص مواجهة خطابات الكراهية الذي يؤدي للإرهاب وكذلك تجفيف منابع الإرهاب ذلك الخطر الذي يهدد المنطقة العربية وأوروبا. ونحن على اتصال وثيق مع القاهرة للاطلاع على مستجدات الأزمة، ونحن مستعدون لمساعدة أطراف الأزمة للتوصل إلى حل.

 هل للاستثمارات القطرية في فرنسا تأثير على موقف باريس من تلك الأزمة؟
ــ ليس من الصائب القول بأن السياسات المتعلقة بالسياسة الخارجية تتأثر بالاستثمارات الأجنبية في دولة ما، فنحن على علاقة قوية في عدة مجالات مع الجانب القطري، ولكن لنا علاقات قوية أيضاً بمصر والإمارات والسعودية والبحرين.. والشيء الأكيد والواضح هو أننا لم نختر أن نكون في هذا المعسكر أو ذاك. وما يعنينا هو التعرف على القرارت التي ستتخذها هذه الدول لتنتهي تلك الأزمة. وكما سبق وأن ذكرت يتعين على كل دول المنطقة مواجهة الإرهاب بنفس الدرجة من الحزم والعزم.

مسألة الإعاقة تحدي مشترك تواجهه مصر وفرنسا.. هل هناك تعاون بين القاهرة وباريس في هذا الإطار؟
ــ التقيت الأسبوع الماضي مع الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، وأخبرتني أن العام 2018 سيكون خلاله مسألة الإعاقة قضية قومية، وفي الوقت نفسه قرر الرئيس ماكرون أيضاً أن يجعل من الإعاقة قضية قومية في فرنسا، وفي هذا السياق كانت محادثاتي مع السيدة غادة والي مثمرة للغاية من أجل إعطاء أولوية قصوى لذلك الأمر وتقديم وجهات نظر متبادلة، ومن الضروري أن أوضح اهتمام عدد كبير من منظمات المجتمع المدني الفرنسية التي تريد أن تعمل في مصر ومنها منظمة "هاندي كاب انترناسيونال" المتواجدة بالفعل في القاهرة وتقدم خدماتها في هذا المجال.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة