حكاية "ماسبيرو" صاحب فكرة إنشاء متحف في معبدي إدفو وأبيدوس

شيرين الكردي

الأحد، 13 أغسطس 2017 - 02:57 ص

 
حكاية "جاستون ماسبيرو" هو أول مدير لأقدم متحف مصري، وهو المتحف الذي يصنف أيضا بأنه من أقدم متاحف العالم وأعرقها تاريخا، تم تعيينه بموجب فرمان أصدره الخديوي عباس حلمي الثاني بتعيينه مديرا لعموم المتاحف المصرية ومدير عموم الآثار التاريخية.


وفي هذا السياق، فإنه يعرف عن المجلس الأعلى للآثار احتفاله سنويا بيوم الآثاريين المصريين، وهو اليوم الذي يوافق يوم 14 يناير،عندما تم تمصير مصلحة الآثار المصرية، بعدما ظلت خاضعة لرئاسة الفرنسيين حتى عام 1953، وكان أول رئيس مصري لها الدكتور مصطفى عامر.


على الرغم من هذا التمصير لم يتنكر المصريون للجميل الذي أسداه لهم "ماسبيرو" بحق الآثار المصرية، وحرصه على التنقيب عنها، ودفع العمل بها، وسعيه إلى تهيئة أول متحف للآثار المصرية، الذي تتقل في عدة مواقع، إلى أن انتهى في موقعه القائم حاليا بميدان التحرير في قلب القاهرة.


لم يقف ماسبيرو على المتحف المصري فقط، بل تجاوزه وترجم حبه للآثار بإنشاء صروح تعليمية للتوعية بالآثار المصرية، عندما أنشأ المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، وكان مديره الأول، كما استطاع اكتشاف أكثر من 4 آلاف نص باللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية).


وحرص على استكمال حفائر الفرنسي ماريت، صاحب فكرة إنشاء المتحف في معبدي إدفو وأبيدوس، في الوقت الذي كان المصريون قد أسبغوا فيه على ماريت لقب »الباشاوية« تقديرا لعطائه أيضا للآثار المصرية، حتى إنه أوصى بأن يدفن في حديقة المتحف المصري بالتحرير جراء حبه لمصر وآثارها، وللمتحف الذي يرجع إليه الفضل في إنشائه.


ولد ماسبيرو لأبوين إيطاليين هاجرا إلى فرنسا، واهتم بالتاريخ المصري القديم فتعلم الهيروغليفية، كان منذ صغره مهتما بدراسة التاريخ، وبخاصة التاريخ المصري القديم، فتعلم الهيروغليفية، وفاز في سن الثالثة عشرة بالمسابقة العامة للأدب، والتحق بمدرسة الأساتذة العليا وفيها قابل عام 1867 عالم المصريات الشهير أوجست ماريت الذي أعطاه نصين هيروغليفيين تميزا بصعوبة القراءة واستطاع قراءتهما في 8 أيام.


ثم أصبح عام 1869 مدرسا للغة المصرية القديمة، وفي عام 1874 عين أستاذ كرسي شامبليون في كوليدج دي فرانس، ولاحت له فرصة في شهر نوفمبر عام 1880 الحضور إلى مصر التي عشقها وعشق تاريخها وآثارها، حيث ترأس البعثة الأثرية الفرنسية، وذلك بعد مرض ماريت، مدير مصلحة الآثار المصرية، فجاءها في يناير عام 1881، وتولى بعدها منصب مدير مصلحة الآثار وأمانة المتحف المصري ببولاق (دار الآثار القديمة – الأنيتكخانة) بعد وفاة ماريت، وكان عمره 34 عاما، وأنه كان يتقاضى عن عمله راتبا سنويا قدره ألف جنيه. 


وكشف الملف أن "ماسبيرو" كان قد صدر فرمان عن الخديوي عباس حلمي الثاني بتعيينه، مديرا لعموم المتاحف المصرية ومدير عموم الآثار التاريخية، كما كان له دور بارز في اكتشاف خبيئة أثرية بمعابد الكرنك في الأقصر، كانت تحتوي على مجموعة هائلة لمومياوات الفراعنة في عام 1881، وتم العثور فيها على مومياوات كل من الفراعنة سقنن رع، وأحمس الأول، وتحتمس الثالث، وسيتي الأول، ورمسيس الثاني.


ماسبيرو حرص في كل مراحل حياته الوظيفية بالآثار المصرية أن يستحدث وسائل للكشف عن هذا التراث، فقد عمل على إزالة الرمال من حول تمثال أبو الهول في منطقة أهرامات الجيزة عام 1886، وقام بإعادة ترتيب المتحف المصري ببولاق في الجيزة، قبل انتقاله إلى موقعه الحالي في القاهرة.


فقد أعاد ماسبيرو بمساعدة عالم المصريات أحمد بك كمال الكثير من الآثار المسروقة إلى مخازن المتحف المصري، وقام في عام 1912 بسن قانون «القسمة»، الذي كان ينظم عملية التنقيب عن الآثار بموافقة السلطات المختصة ، بما يسمح للأجانب باقتسام الآثار التي يكتشفونها مع جهات الدولة المصرية، إلى أن ألغى قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 هذا النظام، الذي صدرت له تعديلات في فبراير العام الماضي بقانون جديد.


ماسبيرو كثيرا ما تعرض لمضايقات سلطات الاحتلال البريطاني بصفته فرنسيا، فقدم استقالته عام 1892، غير أنه عاد مرة أخرى عام 1899، ثم رحل إلى باريس عام 1914 بعد أن ترأس مصلحة الآثار المصرية لأكثر من عقدين، حيث عين في منصب المستشار الدائم لأكاديمية الفنون والآداب، فخلفه في رئاسة مصلحة الآثار المصرية الفرنسي«بيار لاكاو»، إلى أن توفي في 30 يونيو عام 1916، ودفن في فرنسا.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة