في حارة صغيرة متفرعة من خان الخليلي، يقع المحل الصغير لا تتجاوز مساحته مترا ونصف، نظرة سريعة تكشف ما فيه من أقمشة وإكسسوارات وأدوات تدخل في صناعة الأزياء الفرعونية، على بابه يقف أحمد الأسمر (٥٦ عاما) في انتظار أي سائح عابر، يمنح ليومه معني.

يرحل بذاكرته لسنوات مضت كان يعمل فيها من الحادية عشرة صباحا حتى منتصف الليل دون أن يجد وقتا للراحة، لكنه لم يشعر يوما بالتعب، على العكس كان يشعر بالسعادة والسياح يتوافدون عليه طلبا للأزياء الفرعونية والإسلامية التي برع في تصميمها.

في محاولة لكسر الملل وقف أمام خشبة وضع عليها أحد الأزياء، أمسك ب مسدس الشمع والتقط شريطا ذهبيا ليثبته عليه، استعان بالمقص ليكمل مهمته،ثم بدأ تثبيت قطع من الأحجار الكريمة، عندما أتم عمله بدت على وجهه ملامح السعادة، يبدو محله الصغير أشبه بمعرض تتنوع مقتنياته.

حيث يضم أقمشة ذهبية وبيضاء، تيجاناً فرعونية، قبعات ملوك وملكات، صولجانات، و«باروكات» شعر تستخدم كلها في صناعة الملابس التراثية، يؤكد أنه يعشق حرفته التي بدأها منذ نعومة أظافره.

ويضيف: «رفضت كثيرا من العروض للعمل بالخارج، ذات مرة عرض على سائح ألماني أن أسافر إلى برلين لأعمل في محل ينوى إنشاءه لبيع الملابس الفرعونية والإسلامية، لكنني لم أقبل».

وأشار إلى أن معظم زبائنه من السائحين، بالإضافة إلى طلاب المدارس الأجنبية، لأنهم يرتدون هذه الأزياء في الحفلات والعروض الفنية، يبتسم وهو يتذكر: «في إحدى أغانيها ظهرت شاكيرا وهى ترتدي حزاما شرقيا مرصعا بالخرز والترتر الملون، فقمت بصناعته، اقبل عليه السياح بشكل غير مسبوق، حتى أنني صنعت أعدادا هائلة منه.

في تلك الأيام لم أكن أجد وقتا للراحة أو النوم، فقد كان الزحام على المحل هائلا». يصمت قليلا قبل أن يواصل: «شاكيرا كانت فاتحة خير على أنا وأولادي»، خلال ٤٠ عاما عمل فيها بهذه الحرفة رزق عم أحمد بابن وابنة، أصبح الولد مهندسا، والبنت طبيبة، يؤكد أن حب ابنه للدراسة منعه من العمل بنفس المجال، ويقول: «الحمد لله، لو عمل معي لعانى ما أعانيه الآن، فقد تراجعت اعداد السياح بعد الثورة، وأصبحنا نعانى من الجفاف»