صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


كتالونيا الإسبانية على خطى كردستان العراق في الاستفتاء والانفصال

أ ش أ

السبت، 30 سبتمبر 2017 - 02:08 م

تشهد اسبانيا حاليا أسوأ أزمة سياسية تمر بها منذ أربعين عاما، حيث تنظم حكومة إقليم كتالونيا، الواقع في شمال شرق البلاد استفتاء ،الأحد الأول من أكتوبر، في خطوة جديدة على طريق الانفصال عن إسبانيا رغم تأكيدات مدريد أن هذا الاستفتاء غير قانوني.
وقد خرج آلاف الكتالونيين أمس الأول في مسيرة بشوارع برشلونة تطالب بدعم الاستقلال عن إسبانيا، بعد أن تحركت مدريد لعرقلة الاستفتاء على الانفصال عن إسبانيا على أثر طعن قضائي تقدم به رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوى، أدى إلى تعليق الاستفتاء من المحكمة الدستورية في البلاد.
أسبوع زمني واحد رشح كلمتي "استفتاء وانفصال " لتكون القاسم المشترك ونقطة الالتقاء بين إقليمي كردستان العراق وكتالونيا الاسباني، وخطوط تماسهما إصرار قادة الإقليمين على المضي قدما في إجراءات الاستفتاء من طرف واحد ، رغم رفض الحكومة المركزية العراقية والاسبانية له والتحذير من إجرائه.
ولم تهدأ بعد عاصفة نتائج استفتاء إقليم كردستان العراق بالموافقة على الانفصال بنسبة ٩٢%، إلا وأعلن قادة إقليم كتالونيا عزمهم على المضي قدما في إجراءات الاستفتاء على الاستقلال عن إسبانيا ، بالرغم من تكثيف مدريد عمليات المداهمة والتهديد بفرض عقوبات على المنطقة.
وقال رئيس هذه المنطقة الواقعة في شمال شرق إسبانيا كارلس بوتشديمون قبل يومين من الاستفتاء خلال اجتماعه مع ممثلي المراكز التعليمية، التي ستقام فيها مكاتب الاقتراع ،:"سنذهب حتى النهاية"، مشددا على أنه يتحمل مع حكومته كامل المسئولية عن تنظيم التصويت.
ومنذ أسابيع تسعى سلطات كتالونيا إلى إخفاء صناديق الاقتراع وبطاقات التصويت، خوفا من مصادرتها من قبل السلطات المركزية. كما تعمل على فتح مواقع إلكترونية لتمكين الناخبين من معرفة أماكن مراكز الاقتراع للاستفتاء، وقد تظاهر ما لا يقل عن عشرة آلاف طالب قبل يومين ومع بدء العد التنازلي للاستفتاء في عاصمة الإقليم برشلونة دفاعا عن الاستفتاء، كما تجمع الطلاب المضربون عن الدراسة في المعاهد الثانوية والجامعات، أمام مبنى جامعة برشلونة التاريخي في وسط المدينة، وهم يهتفون “سنصوت استقلال”.
فيما أمهلت اسبانيا الإقليم 48 ساعة للتخلي عن الاستفتاء بالانفصال عن البلاد ، وقال وزير الخارجية خوسيه مانويل مارجايو "فرضية انفصال إقليم كتالونيا عن إسبانيا أمر غير شرعي ولن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي، وغير دستوري ، ويعتبر تفكيكا لوحدة الوطن الإسباني ، واعتبرت الحكومة الإسبانية أن هذا الاستفتاء غير قانوني، حيث إن إسبانيا دولة غير قابلة للتقسيم.
وكانت الحركة الموالية للاستقلال في ذروة اتقادها في عام 2012 أثناء الركود الاقتصادي الحاد في إسبانيا، وعندها خرج حوالي مليون شخص إلى الشوارع ملوحين بالعلم الكتالونى، ومرددين النشيد الوطني للإقليم، لكن استطلاعات الرأي أظهرت انحسار دعم الاستقلال منذ ذلك الوقت، ليصبح مؤيدو الدولة المنفصلة أقلية، ومع ذلك فإن أغلبية الكتالونيين يريدون إجراء الاستفتاء، وأجرى أهالي كتالونيا تصويتا رمزيا على الاستقلال عن إسبانيا في 2014 وصوت حوالي 2 مليون لصالح الانفصال.
وحصل إقليم كاتالونيا على الحكم الذاتي عام ١٩٣١ خلال الجمهورية الثانية الإسبانية، وتميزت هذه الفترة بالاضطرابات السياسية ثم علق العمل به بعد تسلم الجنرال فرانسيسكو فرانكو الحكم في عام 1936 وحتى وفاته في عام 1975، حيث قمع نظام فرانسيسكو أي نوع من الأنشطة العامة المرتبطة بالقومية الكاتالانية، الأناركية، الاشتراكية، الشيوعية أو الديمقراطية، بما في ذلك نشر الكتب عن هذه المواضيع أو مجرد مناقشتها في جلسات مفتوحة.
وكجزء من هذا القمع، تم حظر استخدام الكتالونية في المؤسسات التي تديرها الحكومة وخلال المناسبات العامة، وتعرض رئيس كتالونيا للتعذيب في ذلك الوقت، وأعدم لجريمة "التمرد العسكري" من قبل نظام فرانكو، ثم أعيد العمل بقانون الحكم الذاتي في الإقليم مرة أخرى في عام 1979، وبعد الانقلاب العسكري في 1981 أقرت الحكومة بوجود 17 إقليما مع خصوصية لإقليمي الباسك ونافارا في تحصيل ضرائبهما، واستثناء كتالونيا من هذا الحق.
ويعود العداء بين كتالونيا وأسبانيا لفترة طويلة حيث ان الكتالونيين استمروا في نضالهم ضد الجنرال فرانكو منذ عام ١٩٣٦ حتى عام 1975، ومنذ ذلك الحين، ازدهرت كتالونيا في كل شيء، وأصبحت المنطقة الاقتصادية الرائدة في اسبانيا التي توجه ما يقرب من ٢٠% من الناتج القومي الإجمالي لهذه المنطقة التي تشكل ٦% فقط من مساحة اليابسة في اسبانيا و١٥% من السكان.
وأدى سوء الحالة الاقتصادية في إسبانيا إلى تعميق الأزمة ، حيث شعر سكان كتالونيا بالإحباط، فهم يزعمون أن كتالونيا تقوم بتحويل ٢٠ مليار يورو إلى الحكومة المركزية، وأن هذه التحويلات أدت إلى إفلاس المنطقة مما أجبر حكومة كتالونيا على وضع خطة إنقاذ، وفرض سياسة تقشف وهذا ما أدى إلى تدني الرعاية الصحية، والتعليم، وغيرها من الخدمات.
ويعتقد الكتالونيون المطالبون بالاستقلال، أن كتالونيا هي أمة لديها تاريخ لغة وثقافة، وقد ساهم اضطهاد الجنرال فرانكو لشعب كتالونيا في بداية القرن العشرين بزيادة النزعة الانفصالية لشعب لهذا الإقليم، ويرون أن اقتصاد كاتالونيا تضرر كثيرا بسبب سياسات الحكومة الاسبانية التي فرضت ضريبة تقدر بـ ١٠% من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى ٢٠ مليار يورو، في المقابل ليس هناك استثمارات أو خدمات اجتماعية توازي هذه الضريبة الباهظة ، كما أن هناك عجزا في الاستثمار في البني التحتية لأن الحكومة الاسبانية لا تريد أن تكون برشلونة أفضل من مدريد.
وفي شهر سبتمبر من العام الماضي، خرجت في برشلونة عاصمة منطقة الحكم الذاتي في كتالونيا، أغنى منطقة في أسبانيا مظاهرة ضخمة تنادي بالاستقلال، بلغ عدد المشاركين فيها حوالي 1.5 مليون نسمة من أصل 7.5 نسمة ، وسارت المظاهرة تحت شعار "كتالونيا ـ الدولة القادمة في أوروبا"، وأيدها غالبية الأحزاب السياسية في المقاطعة ، وفي نهاية الشهر صوت إقليم كتالونيا لصالح إجراء استفتاء الاستقلال ، وطالب ارتور ماس، رئيس الحكومة المحلية الكتالونية، الذى يدعو إلى جعل إقليم كتالونيا “دولة ذات سيادة " بنظام ضرائبي مستقل عن إسبانيا إلا أن رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي رفض ذلك بحجة انه يتناقض مع الدستور.
وصوت البرلمان الإسباني على منع كتالونيا من إجراء استفتاء على الاستقلال ، فيما فجر جوردي ترياس عمدة مدينة برشلونة مفاجأة من العيار الثقيل، عندما أعلن إن فريق برشلونة قد ينتقل للمنافسة في الدوري الفرنسي في حالة انفصال إقليم كتالونيا عن إسبانيا.

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة