أسرى إسرائيليين خلال حرب أكتوبر
أسرى إسرائيليين خلال حرب أكتوبر


قصة سقوط أهم المواقع الإسرائيلية الحصينة على خط «بارليف» خلال حرب أكتوبر

محمد محمود فايد

الخميس، 05 أكتوبر 2017 - 11:10 ص

«سوف يجيء يوم نجلس فيه لنقص ونروي ماذا فعل كل منا في موقعه، وكيف حمل كل منا الأمانة وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة في فترة حالكة ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء» .


بهذه الكلمات الخالدة افتتح الرئيس محمد أنور السادات، الدورة الاستثنائية لمجلس الشعب في ١٦أكتوبر ١٩٧٣، والذي اشتهر بـ"خطاب النصر" الذي عرض فيه تفاصيل الحرب مع إسرائيل واجتياز قواتنا المسلحة خط بارليف المنيع في 6 ساعات .


في مثل هذه الأيام من كل عام، يحتفل الشعب المصري بانتصارات أكتوبر المجيدة، ورغم مرور 44 عاما على حرب أكتوبر 1973 ، إلا أنها كانت وستظل دروساً لا تنتهي تعبر عن إصرار وعزيمة المصريين، بما تحويه من أحداث مثيرة يحكيها لنا الآباء والأجداد ممن خاضوا هذه الحرب أو عاشوا وقتها، وذخرت حرب أكتوبر بالقصص والعبرات والبطولات التي يحيكها لنا التاريخ عن شعب أصر على النجاح وحققه .


ومن بين القصص والبطولات التي سجلها التاريخ عن حرب أكتوبر، قصة سقوط أهم المواقع الحصينة للعدو على خط بارليف، وهو موقع "لطوف" والذي كان يعد أحد 16 موقعا حصينا تشكل خط بارليف، وكان أهم هذه المواقع فهو يقع جنوب القناة عند الكيلو 13 بالقرب من نقطة التقاء البحيرة المرة الصغرى بقناة السويس وهو يمتد لنحو كيلو متر وينقسم لموقعين "لطوف " أ " و "ب " . 


فوجئ "لطوف" مثل غيره من المواقع بعبور المصريين لقناة السويس، وهجوم مصري ساحق سقط على إثره عدد كبير من الإسرائيليين قتلى بعد أن قصفت المدفعية المصرية التي استيقظ النيام على صوتها خطوط الاتصال بين المواقع الأمامية والصفوف الخلفية، المثير أيضا هو أن الموقعين الحصينين "لطوف " أ " و "ب " لم يصمدا أكثر من 24 ساعة وقعا بعدها تحت سيطرة القوات المصرية ووفقا للأرقام الإسرائيلية كان يدير الموقعين 27 ضابطا وجنديا اعتمادا على قدرة المخابرات الإسرائيلية على التنبؤ بالحرب وسرعة حشد قوات الاحتياطي.


لقي 10 منهم مصرعهم في القصف المصري على الموقعين ولقي أربعة مصرعهم بشكل غامض لم يعرف حتى الآن بينما استسلم ثلاثة عشر للأسر المصري.


وعن تفاصيل المعركة قال مجند من اليهود المتطرفين "شلومو شاحوري": "كنت أنتمي للكتيبة 68 في اللواء الأورشليمي والذي كان جنوده يشغلون أغلب مواقع خط بارليف الحصين عند اندلاع الحرب وصلت موقع لطوف يوم الثلاثاء السابق للحرب أرسلني قائد الموقع للموقع «ب» الذي كان مخصصا بشكل أساسي لأعمال المراقبة نهارا والتي يعود الجنود الإسرائيليون عند انتهائها للموقع الرئيسي، وبالفعل رأيت بالنظارة المعظمة قائد كتيبة مصرية يشبه أنور السادات بدرجة مذهلة وهو يوجه جنوده ويرشدهم بحزم لطريقة الهجوم، أبلغت قادتي بأنهم يستعدون لاحتلال موقع لطوف، لكني من داخلي كنت لا أصدق أن الحرب ستندلع بالفعل".


ويلتقط خيط الحديث "بني فينشتين"، وقال: " لم يحذرنا أحد فوجئنا تماما على الرغم من إننا لاحظنا قبل اندلاع الحرب بعشرة أيام تحركات، لكن عندما أبلغنا بها المخابرات العسكرية سخروا منا، وقالوا : هل أنتم واثقون أنها دبابات وليست مدافع، كيف عرفتم أنها دبابات؟".


وعن المشاعر المتباينة عند بدء الحرب، قال "اساف جوتسفيلد"، «كنت نائما ظهر يوم السادس من أكتوبر واستيقظت على القصف المصري وأدركت على الفور أنه سيقطع خطوط اتصالنا مع الصفوف الخلفية، وكنت أعتقد عند بدء الهجوم أننا سنستطيع بمعاونة بقية الخطوط من خلفنا صد المهاجمين ودحرهم على الفور ولكن ما حدث كان كارثة بكل المقاييس».


وفي موقع "لطوف ب"، كان يوجد رجال المخابرات العسكرية وكانوا مستقلين بمعنى أنهم لا يتبعون قائد الموقع ومن بينهم جيورا ماركس وموتي بن أسحق يراقبون منذ الصباح، وفجأة انطلقوا يغنون ويرقصون واستدعوا قائد الموقع لأنهم استطاعوا تصوير صواريخ سام 3 بعد أن نزع عنها المصريون شباك التمويه دون أن يدرك رجال الاستخبارات الإسرائيلية أن الحرب ستندلع الآن وأنهم بعد دقائق سيقومون بجمع أشلاء زملاءهم وجثثهم.


وقال "شحوري" قائد الموقع: "لم نعلن حالة الاستعداد لتلقى هجمات إلا في الواحدة والنصف ظهرا ولم يلتزم بذلك عدد من الجنود وظلوا يسخرون مني ويرفضون الدخول للتحصينات حتى بدأ قصف المدفعية وعندها أدركت معنى الجحيم، ولم أرى أحدا ممن كانوا يجادلوني بعد ذلك". 


بالفعل وصل المصريون ووفقا لاعتراف الإسرائيليين، فقد قتل كل من كان يتحصن أمام فتحات لإطلاق النيران تجاه الغرب أو الجنوب حيث مواقع المصريين على الجبهة، على الرغم من أنه وفقا للأوامر فقد بدأ جنود المدفعية داخل الموقع يطلقون الدانات في كل اتجاه وهي التعليمات التي أعطيت لهم لتطبيقها عند حدوث غزو للموقع، كل من كان يطلق النيران لقي مصرعه خلال نصف ساعة فقط.


أما الذين كانوا في لطوف "ب" فقد طلبوا النجدة من الموقع الرئيسي لكنهم أخبروهم بأنهم هم أيضا تكبدوا خسائر وأن عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم، وظلوا ينتظرون قدوم المصريين لكنهم فوجئوا بهم في النهاية من الخلف يشرعون في الدخول عبر فتحة صغيرة ولم يتراجعوا حتى بعد أن أطلقنا النيران الثقيلة عليهم ولقي عدد منهم مصرعه، ومع هذا وفي تمام الساعة الثانية والنصف قرر من في الموقع الحصين "لطوف ب" الهروب منه نحو الموقع "لطوف أ" بدعوى استدعاء مدد. 


تم استسلام جميع من في الموقعين وهي الرحلة التي وصفها الأسرى بأنها مرعبة بعد وضع أشرطة على أعينهم وتقييد أيديهم بعد ذلك تم تصوير الأسرى صورا فوتوغرافية وعندما عرض المصريون أن يتطوع أحد الأسرى للحديث للتلفزيون تطوع الكثيرون حتى يراه أفراد أسرته وبالفعل سجل أحد الأسرى حديثا مع التلفزيون الأردني شاهده أفراد عائلته في إسرائيل وبالنسبة للضغط النفسي على الأسرى، فلم يتجاوز الإدعاء بأن اليوم سيتم فيه تنفيذ حكم بالإعدام فيهم ثم يتم التراجع عن التهديد في اللحظة الأخيرة. 


لم يدع أحد من الأسرى أنه رأى اعتداءات خطيرة أو حالات قتل لأسرى كانوا معه لكنهم أشاروا إلى أنهم لا يزالون يعانون من الخوف حتى بعد مرور عشرات السنين على إعادتهم لإسرائيل طبقا لنتائج مباحثات الكيلو 101 حيث يرتعدون من كل من يربت على أكتافهم و لا يستطيعون أن يتمالكوا مشاعر الخوف داخلهم لو سمعوا صوت طرق مفاجئ على الباب.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة