تفاصيل اقتحام أهم النقاط التكتيكية لإسرائيل للسيطرة علي محور الإمداد خلال حرب أكتوبر

محمد محمود فايد

الخميس، 05 أكتوبر 2017 - 03:38 م

ما قامت به القوات المسلحة بعد هزيمة يونيو 67 بناء الفرد المقاتل وإعداده إعداداً سليماً لخوض معركة الكرامة واسترداد الأرض.

وقد أتى ذلك بثماره التي ظهرت خلال الملاحم البطولية لأبطال ومقاتلوا القوات المسلحة التي أظهرت الشجاعة والتضحية والمعدن المصري الأصيل الذي يستمده من صفاته الموروثة عبر تاريخه الممتد في أعقاب التاريخ .

كانت اللحظة الدفاعية للعدو الإسرائيلي في سيناء تعتمد على استخدام أسلوب الدفاع المتحرك الذي يتلائم مع طبيعة الأرض وإمكانات العدو البشرية بما يمكنه من الاحتفاظ بأكبر احتياطات على أعماق مختلفة والمواجهة بعدد أقل من القوات.

كما قام بإنشاء خط بارليف والذي هيأ له قدرات نيرانية وهندسية بحيث يصعب اقتحامه ويمكنه من تكبيد القوات المهاجمة خسائر فادحة وزادت قوته باستناده على المانع المائي (قناة السويس) مما جعل العديد من النظريات العسكرية تقر بأن اقتحامه يعد أسراً مستحيلاً ، وقد بلغت تكاليف إنشائه في تلك الفترة 238 مليون دولار بما يعادل نصف تكاليف إنشاء السد العالي في ستينيات القرن الماضي .

وشرع العدو في إنشاء عدد من النقاط الحصينة في الأماكن المتحكمة في محاور التقدم الرئيسية عبر سيناء بلغت 22 موقعاً حصيناً، اشتملت في مجموعها علي 31 نقطة قوية يصل عمق الواحدة منها إلي 300 متر وتم تجهيز المواقع بتجهيزات هندسية من دشم وملاجيء و مرابض نيران للأسلحة والدبابات ونقاط للشئون الإدارية ومخازن ونقاط إسعاف تحت الأرض، كما زودت بأبراج مراقبة ومزاغل للأسلحة وبعضها مجهز بخزانات تحوي مواد حارقة شديدة الاشتعال لضخها في مياه القناة في حالة التعرض لأي هجوم، فضلاً عن أن التجهيز الهندسي يوفر الحماية بداخله ضد أي تهديد كما يتوفر بها احتياطيات من الأسلحة والذخائر والشئون الإدارية التي تمكنها من الصمود لفترات طويلة .

ولم تقتصر صعوبة عملية العبور علي خط بارليف وإنما المانع المائي ( قناة السويس) الممتدة بطول المواجهة وبمسافة 175 كيلو متر وعرضاً يتراوح ما بين 180/220 متر وعمق يصل إلي 18 متر كما تنخفض المياه عن حافة الشاطئ بحوالي مترين بجانب ظاهرة المد والجذر التي تؤثر علي منسوب المياه و شدة التيار والتغير المستمر في اتجاهه، كما استغل العدو ناتج الحفر علي الضفة الشرقية بإقامة ساتر ترابي بارتفاع 20 متر و بزاوية انحدار كبيرة تتجاوز 45 درجة.

و تعد النقطة القوية 149 واحدة من أهم النقاط التكتيكية التي أقامها العدو للسيطرة علي محور الإمداد الرئيسي للعدو وسيطرته علي العديد من الطرق والمدقات  الحيوية وتم تجهيز النقطة بأسلوب الدفاع الدائري علي عمق يتراوح من 1-3 كيلو متر وتضم أبراج للمراقبة مجهزة بالرؤية الليلية و الدشم الخرسانية والملاجئ و خنادق المواصلات و مصاطب للدبابات و مرابض لمدفعيات الهاون و حفر الأسلحة و الصواريخ أرض أرض  .

و مع بدء الضربة الجوية و تحت ستر التمهيد النيراني لنيران المدفعية و تحديداً في الساعة 1420 يوم 6 أكتوبر تم دفع مجموعات اقتناص الدبابات مع الموجة الأولي للعبور لتصل إلي الشاطئ الشرقي للقناة  للتصدي لدبابات العدو التي حاولت التقدم لاحتلال مصاطب الدبابات و تدمير ثلاثة منها فيما انسحبت باقي دبابات العدو هرباً من المواجهة .
ثم تم فتح ثلاث ثغرات في موانع الأسلاك باستخدام أسلحة الرمي المباشر، ثم دفعت مجموعات تطهير الثغرات وتعليمها مستغلة في ذلك قصفة النيران المركزة علي الموقع وتم اقتحام القناة بواسطة المجموعات الساترة بمجرد صدور الإشارة بتمام وتطهير وتأمين الثغرات واحتلت إحداها وهي فصيلة المشاة المدعمة يمين النقطة .

ثم تقدمت مجموعات الاقتحام لتهاجم النقطة بالمواجهة وذلك بعد احتلال المجموعات الساترة لمواقعها وبمجرد وصولها إلي مسافة 300 متر فتح العدو الموجود النيران مما أدي إلى فقد قدراتها علي الاستمرار في التقدم و لكن استمرت المجموعات الساترة في منع أي قوات للعدو للوصول للنقطة القوية ،تسبب تبادل إطلاق النيران، إلي حدوث خسائر في مجموعات الاقتحام مما أدي إلي التوقف حتى حلول الظلام وباستغلال الظلام تم استعواض الذخائر والمعدات بالإضافة إلي عمل التجهيز الهندسي و تحسين أوضاع القوات . 

حاول العدو دفع احتياطياته القريبة من الدبابات لنجدة النقطة 149 و استمرت قواتنا في حصار النقطة القوية .

وفي أول ضوء يوم 7 أكتوبر عاودت مجموعات الاقتحام مهاجمة النقطة مرة ثانية بالمواجهة لكن شدة القصف الجوي المعادي حال دون الاستمرار في مهاجمة واقتحام النقطة فاستمرت السرية في حصارها كنتيجة لعدم إمكان اقتحام النقطة القوية بالمواجهة فقد صدرت الأوامر بتعديل القرار ليتم اقتحام النقطة من الخلف والأجناب وقبل بدء العملية تم دفع أول دورية في أول ضوء 8 أكتوبر لتفتيش نقطة البوليس الدولي المجاورة للنقطة القوية و تم القبض علي ضابط اتصال إسرائيلي يقوم بتوجيه طيران ومدفعية العدو لقصف قواتنا و المعابر .

في الساعة 8:00 يوم 8 أكتوبر قامت مجموعات الاقتحام بمهاجمة النقطة للمرة الثالثة من الخلف والأجناب و بعد معركة شرسة تمكنت مجموعات الاقتحام من اقتحام النقطة القوية حتى تم تطهيرها تماماً الساعة 15:00 يوم 8 أكتوبر وتم رفع العلم المصري خفاقاً فوق النقطة القوية عند علامة كم 149 .

تكبد العدو خلال هذه المعارك وحتى الاستيلاء علي الموقع خسائر تمثلت في  8 دبابات ،31 قتيلا ، عربة نصف جنزير ، 21 أسير و بلغت الكميات المستولى عليها 20 سيارة .

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة