اللواء باقي زكي
اللواء باقي زكي


حطم خط بارليف المنيع بمضخة مياه..

اللواء باقي زكي: سلاح المهندسين نفذ 300 تجربة لعبور أصعب مانع مائي في العالم

بهاء المهدي

الخميس، 05 أكتوبر 2017 - 05:10 م

 
أراد العدو الإسرائيلى أن يحصن وجوده فى سيناء ويمنع أى أمل ومحاولة لتحريرها فأقام خط بارليف أو الساتر الترابى خلف الضفة الشرقية لقناة السويس وهو الساتر الذى قيل عنه انه يحتاج إلى سلاح المهندسين السوفيتى والأمريكى لتدميره وأنه أقوى من خط ماجينو‏.‏

فى السطور التالية حاورت «بوابة أخبار اليوم» صاحب فكرة اختراق خط الساتر الترابى والقصة الكاملة حتى انهيار ذلك المانع فى ساعات وهو اللواء باقى زكى يوسف.. فى مايو 1969 صدرت التعليمات لاحدى الفرق بالاستعداد لعبور القناة واقتحام خط بارليف وكان تمام الاستعداد آخر أكتوبر من نفس العام، وكان على الفرقة أن تجد حلا للتغلب على الساتر الترابى وفتح الثغرات وقد تم إجراء العديد من المحاولات والدراسات لاستخدام الوسائل التقليدية المعروفة وهى ضربات المدفعية والصواريخ والقنابل إلا أنها جميعا لم تحقق النتائج المطلوبة وكان أقل زمن لفتح ثغرة مع هذه البدائل من 12 إلى 15 ساعة.

• كيف تم إنشاء الساتر الترابى خط بارليف؟

- استغل العدو الإسرائيلى الكثبان الرملية الطبيعية وأعمال الحفر بالقناة والتوسعات والتطهير التى حدثت فى شرق القناة، لأن الغرب به أراض زراعية وتم توصيلها ببعضها البعض وقام بتقريبها إلى الحافة الشرقية للقناة تماما بميول وصلت إلى 80 درجة وارتفاع للساتر فى حدود من 12 إلى 20 مترا.
وقام العدو بتجهيز تحصينات من خلال نقاط قوية وحقول ألغام ومصاطب دبابات علاوة على احتياطى من القوات على أعماق من 3 إلى 8 كيلو مترات للقيام بهجمات مضادة للدبابات بالتعاون مع المدفعية والطيران.

• كيف ولدت الفكرة؟

- فى اجتماع لقيادة الفرقة من أجل التجهيز حيث قام اللواء أ. ح سعد زغلول عبد الكريم بشرح المهمة المكلفة بها الفرقة من حيث قدرات العدو وطبيعة الارض والساتر الترابى بتفصيل شديد وكذلك التجهيزات القتالية والهندسية الموجودة به.

فرفعت يدى طالبا الكلمة فقال قائد الفرقة انت بتاع المركبات تتكلم فى الآخر لأنك هتشيل كل الكلام ده فأوضحت له أننى سوف أتحدث فى فتح الثغرات فابتسم وقال تفضل.

فبدأت قولى بأن الله سمح بهذا الساتر الموجود أمام الفرقة على الضفة الشرقية للقناة مباشرة وبميول حادة وصلت لـ80 درجة، ولكنه وضع الحل فى مياه القناة التى تنساب تحته فيمكن من خلال طلمبات عالية القدرة تثبت على زوارق خفيفة تقوم بسحب مياه القناة من خلال مدافع المياه لتنهمر على الساتر الترابى فى الأماكن المحددة منه لفتح ثغرات لتعود المياه بالرمال ذاتيا إلى القناة ومع استمرار تدفق المياه على الساتر بقوة الاندفاع الكبيرة يمكن فتح الثغرة بعمق الساتر الترابى وبالغرض المطلوب للثغرة.

• ماذا حدث بعد ذلك؟

- قلت هذا وساد المكان صمت وسكون فى قيادة الفرقة حتى ظننت أننى خرفت، ثم أكملت ان هذه الفكرة نفذتها مصر خلال بناء السد العالى فنحن نقلنا فى السد العالى بنظام التجريف 10 ملايين متر مكعب من الرمال. فطالبنى قائد الفرقة بإعادة الفكرة وماذا كنا نفعل بالسد العالي. فقلت: باختصار الفكرة هى تطبيق لقانون نيوتن الثانى وقلت لقائد الفرقة ان انهيار الساتر الترابى لا محالة قائم. ولو المسافة طويلة نعمل طلمبات تقوية للمحافظة على تدفق الخليطة داخل المواسير التى كان قطرها60 سم وكانت نسبة الرمل بالنسبة للمياه من5 إلي10% أما فى الساتر الترابى فالمطلوب سحب المياه من القناة وضخها مباشرة على الساتر الموجود على الحافة الشرقية فى حين أن نسبة الرمل فى هذه الحالة50% أى أنسب الظروف لتحقيق التجريف بالحجم الأدنى للمعدات والتوفير الكامل للقوة المستخدمة. 

بعد ذلك قام قائد الفرقة بفتح باب الحوار والنقاش حول الفكرة والتى تبين منها أنه لا مشكلة مبدئيا بالنسبة لتفعيل وتنفيذ هذه الفكرة ولكن المشكلة الأبرز كانت طبيعة تربة الصخرة بعد فتح الثغرات مباشرة أمام عبور القوات فكان رد القائد أن أسبقية العبور ستكون للمجنزرات المطلوبة فورا المصاحبة لعناصر المشاة المقتحمة مما يعطى الفرصة لأطقم التهذيب والتمهيد بمعالجة ما قد يظهر، أما المشكلة الثانية فكانت الطلمبات المستخدمة وكان الرد ان طلمبات السد العالى كبيرة الحجم وتعمل بالكهرباء لأنها مصممة على اعمال التجريف اما بالنسبة للساتر الترابى فالمطلوب طلمبات ميكانيكية أو توربينية صغيرة الحجم مما يسهل عملية نقلها والمناورة بها وتأمينها وتأمين سلامة القائمين على تشغيلها.

ويستطرد قائلا وأمام النتائج المحدودة للبدائل الأخرى شعر قائد الفرقة بأهمية دراسة الفكرة ففى الساعة 12 مساء قام بالاتصال بقائد الجيش وعرض عليه الفكرة.

• وماذا كان رده؟

- قال «تعالوا الصبح» ورافقت قائد الفرقة الى قيادة الجيش بحضور رئيس مهندسى الجيش وبعد مناقشة الفكرة من كل الجوانب قام بالاتصال بهيئة العمليات فرد عليه اللواء ممدوح تهامى نائب رئيس هيئة العمليات والذى كان قبل ذلك قائد الفرقة، وعرض عليه الفكرة فرد اللواء تهامى ما اسم الضابط صاحب الفكرة فقال مقدم باقى زكى يوسف فقال هذا ضابط مجتهد وجاد جدا.

فطلب ان اذهب اليه فى القاهرة وبعد ان ذهبت اليه وعرضت الفكرة قال وهو يضرب زجاج مكتبه يا بنى هى لا تأتى إلا هكذا هو إيه اللى احنا بنعمله ثم اتصل برئيس هيئة العمليات وشرح له الفكرة افضل منى فقال ارسله الى رئيس مدير المهندسين وكلمه اولا وتم الاتصال باللواء جمال محمد على مدير المهندسين العسكريين على ان اعود اليه ثانية وفى لقائى مع اللواء جمال محمد على وبعد ان استمع للفكرة سألنى من من ضباط ادارة المهندسين كان يعمل معك فى السد العالى وكان منهم العقيد شريف مختار والذى كان يعمل فى الإدارة فاستدعاه للمكتب وقال له اسمع يا شريف ماذا يقول باقى فسمع وتحمس للفكرة وقال لازم بنجرب يا فندم لا طوربيد بنجلور ولا غيره. ثم ذهبت الى اللواء ممدوح تهامى وعرضت عليه ما تم وعدت الى الفرقة وفى طريق عودتى ذهبت الى وزارة السد العالى فحصلت على بعض النشرات التى كانت تصدر اثناء مراحل بناء السد العالى خاصة عمليات التجريف. ثم عدت الى قيادة الفرقة مساء وأخبرت قائدها بما تم فطلب منى تقريرا مختصرا عن الفكرة وحساباتها المبدئية لعرضه على قيادة الجيش وهيئة العمليات وفى اليوم الثانى استدعانى وطلب التقرير لأن هناك موعدا مع الرئيس جمال عبد الناصر وسوف نعرض عليه الفكرة.

• وهل تم تجربة هذا الحل ؟

- قامت ادارة سلاح المهندسين بـ300 تجربة على الفكرة بدأت بطلمبة من طلمبات السد العالى فى شهر سبتمبر1969 فى منطقة حلوان فأعطت نتائج جيدة. ثم تم تجربة الطلمبات الميكانيكية ذات الحجم الاقل والقدرة الأكبر الى ان تم تدبير الطلمبات التوربينية ذات الحجم المحدود والقدرات الهائلة. فى يناير1972 تم عمل بيان فى جزيرة البلاح داخل القناة على الساتر الترابى الموجود فى الجزيرة والمشابه تماما للساتر الترابى فى شرق القناة وتم فتح الثغرة فى 3 ساعات وهو التوقيت المناسب للاقتحام والعبور وقتها تقرر أن يكون اسلوب التجريف هو الاسلوب المستخدم فى فتح الثغرات.

ثم صدرت التعليمات لجميع الاجهزة والادارات فى القوات المسلحة لتدبير المعدات والمهمات اللازمة وتدريب الافراد المقرر قيامهم بأعمال الفتح والذى تم تنفيذه فى أكتوبر1973 وكانت أول ثغرة فى الساعة السادسة مساء يوم6 أكتوبر ثم تم فتح75% من الثغرات حوالي60 ثغرة قبل العاشرة مساء يوم6 أكتوبر بعد أن انهار90 ألف متر مكعب من رمال الساتر الترابى شرق القناة إلى مياه القناة. ليعبر لواء مدرع بالكامل من معبر شمال القرش حيث الساتر الترابى يصل ارتفاعه إلي20 مترا فى الساعة الثامنة والنصف يوم6 أكتوبر

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة