زيارة الرئيس السيسي لمقر وزارة الجيوش الفرنسية
زيارة الرئيس السيسي لمقر وزارة الجيوش الفرنسية


السيسي لـ"لوفيجارو": علاقتنا مع فرنسا ازدادت قوة خلال السنوات الثلاث الماضية

د.ميرفت ميلاد

الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017 - 08:13 ص

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن العلاقات بين مصر وفرنسا قديمة وعميقة وازدادت قوة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية.. ووصف فرنسا بـ"الشريك الأساسي والمميز لمصر".

وقال الرئيس السيسي - في حوار أجراه مع صحيفة (لوفيجارو) الفرنسية خلال زيارته الحالية لباريس - "إن خبرة الشركات الفرنسية محل تقدير من الجانب المصري، منوها بأنه تم جعل القواعد المنظمة لنشاطها في مصر أكثر مرونة.. وتوقع أن تشهد السنوات القادمة مزيدا من آفاق التعاون والتشاور غير المسبوق بين البلدين".

وحول دعوته لتجديد الخطاب الديني لمكافحة التطرف، شدد الرئيس السيسي على ضرورة تضافر الجهود لتصحيح التفسيرات الخاطئة للتعاليم الدينية، والتي تستخدم كحجج إيديولوجية لتبرير العنف والإرهاب.. كما شدد على الحاجة الملحة لمراجعة وتجديد الخطاب الديني لنشر القيم الأساسية للدين الإسلامي، والتي تدعو للسلام والتسامح والتعاطف، منوها، في هذا الصدد، بالدور الرئيسي الذي تضطلع به مؤسسة الأزهر الشريف في نشر رسالة الإسلام الحقيقية ونبذ التعصب.

وردا على سؤال حول ما تبقى من الربيع العربي في مصر، تساءل الرئيس السيسي عما إذا كان ذلك فعلا "ربيع"، وعما إذا كانت اليمن وسوريا والعراق تراه كذلك، مشيرا إلي أن المصريين خلال عامين قاموا بثورتين وأطاحوا برئيسين.. مؤكدا أنه لا يجب أبدا الاستهانة بقوة إرادة الشعوب وبخصوصية كل بلد، لافتا إلي استعداد الشعب المصري لتقديم كل التضحيات لحماية وطنه والحفاظ على هويته الممتدة إلى ألاف السنين.

وأشار الرئيس إلى أن 30 مليون مصري خرجوا إلى الشوارع في صيف 2013 للمطالبة باستقالة الرئيس الأسبق محمد مرسي، مؤكدا أن الدولة لديها مؤسسات قديمة وقوية قادرة على عبور الثورات التي تعد تعبيرا عن إرادة الشعب ذات السيادة، وأن الجيش الوطني لديه هدف واحد هو حماية الشعب والبلاد بعيدا عن أي إعتبارات حزبية.

وحذر الرئيس السيسي من أيديولوجية جماعة (الإخوان) الإرهابية ومن استخدامها للسياسة للاستيلاء على السلطة، موضحا أن الجماعات الإرهابية كلها باختلاف مسمياتها، مثل (حسم، القاعدة، داعش، بوكو حرام) وغيرها، تنتهج نفس الفكر القاتل وتسعى لتدمير ليس فقط العالم العربي بل العالم بأسره.

وعن إذا ما كانت مصر تستعد لحرب طويلة مع الإرهاب، قال الرئيس السيسي "إن كل المتطرفين الذين سيفرون من سوريا والعراق سيحاولون دخول ليبيا لاتخاذها وكرا لهم.. ومن هناك سيخططون لهجمات مفاجئة ضد مصر وكل الدول الأفريقية والأوروبية.. ولذا فعلى كل دول العالم تعزيز التعاون لمكافحة الإرهاب، مذكرا بمقتل 21 قبطيا مصريا في ليبيا علي يد عناصر إرهابية في فبراير 2015".

كما أكد الرئيس السيسي أنه من الأفضل فصل الدين عن السياسة، مدللا علي ذلك بالفشل الذي نتج عن ربطهما في أفغانستان والصومال. 

وحول دور مصر في المصالحة الفلسطينية وسبل التسوية النهائية للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، أكد الرئيس السيسي أن القضية الفلسطينية مازالت على رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية، منوها بالجهود المكثفة التي تبذلها مصر للتوصل لحل نهائي بإقامة دولتين بما يسمح بالحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة.

وأوضح أن الجهود، التي بذلتها مصر خلال الأشهر الأربعة الماضية، سمحت بإبرام اتفاق بين حركتي فتح وحماس يتعهد بموجبه الطرفان بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة قطاع غزة اعتبارا من أول ديسمبر القادم.. مشيرا إلي أن الجهود المصرية ترمي أيضا إلى تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، وهو بعد تولي له مصر أهمية كبرى، مبينا أن الاتفاق سيمكن حكومة الوفاق الوطني من فرض سيطرتها على كل المعابر الحدودية بقطاع غزة. 

وبشأن الأزمة السورية، وإذا ما كان على أوروبا وحدها تحمل عبء اللاجئين، قال الرئيس السيسي "إن الطريق الوحيد لحل الأزمة في سوريا هو التسوية السياسية التي تحفظ وحدة الدولة وتنهي معاناة الشعب السوري، مؤكدا أنه من هذا المنطلق، فإن مصر تدعم المبادرة الفرنسية لتشكيل مجموعة اتصال تشرك الأطراف الأساسية في حل الأزمة".

وأضاف أن مصر مثل فرنسا، انطلاقا من مقاربة واقعية وبراجماتية، لا تجعل من رحيل الرئيس السوري بشار الأسد شرطا مسبقا لبدء عملية سياسية حرة وعادلة تفضي لتسوية الأزمة.. لافتا إلي أن الأمر الأكثر إلحاحا يتمثل في الوضع الذي يعيشه الشعب السوري وضرورة ألا يترك أسيرا للمجموعات الإرهابية.

وأشار الرئيس السيسي، إلى الأولوية القصوى التي توليها مصر لتحسين الوضع الإنساني على الأرض، وبتحركها على الصعيد الدول كعضو في مجلس الأمن الدولي لإعداد قرارات تحمي السكان المدنيين.

وبخصوص اللاجئين السوريين، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي - في حواره مع صحيفة (لوفيجارو) الفرنسية خلال زيارته الحالية لباريس - "إن مصر بالرغم من الضغوط الاقتصادية والتحديات الأمنية استقبلت خلال السنوات الستة الأخيرة أكثر من 500 ألف لاجىء سوري.. لا يتم نقلهم لمخيمات أو مراكز استقبال بل يتمتعون بنفس حقوق المواطنين المصريين بمجالي التعليم والصحة".
وأشار إلى أن عددا كبيرا من الرعايا السوريين اندمجوا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية المصرية، معربا عن أسفه من أن وسائل الإعلام الغربية لا تتحدث عن هذا الأمر.
وحول الملف الليبي، قال الرئيس السيسي "إن المسألة الليبية تعد قضية مركزية بالنسبة لمصر، حيث أن هناك علاقات تاريخية واجتماعية وسياسية بين الشعبين الشقيقين، مما يجعل من الممكن تواجد أفراد من نفس الأسرة على جانبي هذه الحدود المشتركة الممتدة لـ1200 كم". 
وأضاف "أن الاتفاق السياسي بين الأطراف الليبية يمثل الأساس المقبول لتسوية شاملة في البلاد، وذلك بجانب التراجع الملحوظ لأنشطة المنظمات الإرهابية والتقدم الذي حققه الجيش الوطني الليبي، مما يطرح فرصة جيدة لاستعادة الاستقرار ويجعل الوضع مناسبا لطي هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ الشعب الليبي وبدء مرحلة إعادة الإعمار".
وأشار الرئيس السيسي، إلى دعم مصر للمجتمع الدولي والأمم المتحدة للتوصل لتسوية سياسية شاملة قبل انقضاء الفترة الانتقالية في 17 ديسمبر القادم، مؤكدا أن التنسيق مع فرنسا في هذا الملف يتم على مستوي عال، وأنه على يقين من أن الجهود المشتركة برعاية الأمم المتحدة ستسمح بوضع إطار سياسي شامل يضع حدا لإراقة الدماء ويقدم للشعب الليبي إمكانية استعادة السيطرة على مقدراته وإعادة بناء دولة قوية ومتينة.


وحول الإصلاحات الاقتصادية ومردودها الفعلي على المواطن المصري، أكد الرئيس السيسي، أن الحكومة المصرية تسعى للانتقال إلى اقتصاد حديث قائم على الاستثمارات الإنتاجية، فضلا عن تطوير البنية التحتية من طرق وكباري وكهرباء ومدارس.. منوها بأنه تم أيضا تبسيط الضرائب على الشركات الصغيرة للحد من الاقتصاد غير الرسمي والأنشطة غير المعلنة، موضحا أن الضريبة على القيمة المضافة المطبقة في 2016 ساهمت في تحسين عملية تحصيل العوائد، كما ستسمح، بحسب الخبراء، بخفض التضخم خلال الأشهر القادمة.
ولفت إلى أن التعداد السكاني لمصر بلغ 100 مليون نسمة، فضلا عن أن الشباب في سن العمل يشكلون الأغلبية.. مؤكدا أن المشروعات القومية الكبرى التي تنفذها الدولة، مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، توفر فرصا وتخلق وظائف. 
وأضاف الرئيس السيسي "أن الشركات الفرنسية تشارك بشكل نشط في هذه الدينامية للتنمية على غرار ما حدث من زيادة خطوط مترو الأنفاق بالقاهرة.. وهو سوق فازت به مجموعات فرنسية، معربا عن أمله في أن تستثمر وتزدهر العديد من الشركات الفرنسية في مصر".
وبشأن الانتقادات لحقوق الإنسان في مصر، أكد الرئيس السيسي عالمية حقوق الإنسان، مشيرا إلي أن احترامها ضروري حيث يسمح بمكافحة الإرهاب على نحو أفضل.. مشددا على أولوية تحسين حياة المصريين وعلى أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تعد الأساس لحياة كريمة.
وأشار إلى أن الهدف الأول الذي وضعه يتمثل في توفير مسكن لائق للمواطن، فضلا عن الرعاية الطبية وضمان حصوله على تعليم جيد، منوها بالتقدم المحرز في تلك المجالات بالرغم من التحديات الأمنية والاقتصادية.
وشدد الرئيس السيسي علي أن مصر تسعى لتحقيق التوازن الضروري بين الحقوق والواجبات للمواطنين من ناحية، والتحديات الأمنية لمكافحة الإرهاب من ناحية أخرى، لافتا إلى أن هذه المعادلة تكون أحيانا صعبة حينما تتمثل المسؤولية في تأمين 100 مليون مواطن.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة