الكاتب الصحفى عمرو الخياط رئيس تحرير أخبار اليوم
الكاتب الصحفى عمرو الخياط رئيس تحرير أخبار اليوم


نقطة فوق حرف ساخن

عمرو الخياط يكتب ..صديقي الشهيد

عمرو الخياط

الجمعة، 27 أكتوبر 2017 - 08:33 م

كل  الناس تموت لكن ليس كل الناس تعيش، هناك من يعيش طويلاً يمر علي من حوله دون تأثير⊇⊇كأنه لم يأتِ إلي دنيانا، بينما هناك من يبدأ حياة ابدية لحظة مماته، تكتب سيرته في أرشيف وطنه بحروف النور التي تروي أسطورته تتوارثها الأجيال، تضيف زخماً وقيماً لوطن بحجم مصر، في مقدمة صفوف الشرف ارتقي إلي جوار ربه الشهيد البطل محمد وحيد حبشي في معركة الواحات يوم الجمعة الموافق ٢٠ أكتوبر⊇⊇وفي شهر الإنتصار أضاف الشهيد نصراً جديداً لرصيد وطنه.

محمد وحيد لمن لايعرفه لم يقابل قدره علي أرض الواحات بالمصادفة أو مضطراً بل ذهب إلي شهادته راضياً مرضياً مختاراً أن يقدم روحه فداءً لهذا الوطن الذي عاش ومات من أجله.

صديقي  الشهيد محمد وحيد لم تفارقه حالة السلام الداخلي لحظة، لم يفارقه التصالح مع نفسه أبداً ⊇⊇ عاش مقتنعاً برسالته ومات معتقداً ⊇⊇في وطنه، لو أن المصريين قد علموا ماقدمه الشهيد دفاعاً أو ثأراً لهذا الوطن لخرجت الجموع عن بكرة أبيها تحمل نعشه وتشيع جنازته لعلها تظفر بقبس من نورة بطولته، لو أنهم يعرفونه كما عرفته لظلوا يبكونه ماتبقي من عمرهم، محمد وحيد لمن لا يعرفه هو أحد الجنود المجهولين في كتيبة الأبطال التي ثارت للشهيد الراحل هشام بركات، واليوم يلتقي الشهيدان أحياء عند ربهم يرزقون بعدما التحقوا بركب النجوم الزاهرة ممن جادوا بأرواحهم لكي تحفظ أرواحنا.

في محافظة المنيا كان لأرضها حظ في احتضان الجسد الطاهر الذي فاضت روحه دفاعاً عن الوطن، فهنيئا لأرضها التي زادها الجسد الطاهر تشريفاً، وعلي أرض الواحات سالت دماؤه الزكية، لكن روحه الطاهرة مازالت محلقة في وجدان وقلوب أحبائه، محمد وحيد كانت بساطته هي سر الإنجذاب إليه، هي سر تمكنه من التسلل إلي قلوب محبيه بانسيابية مدهشة، تواضعه هو رصيده الإنساني الحقيقي الذي يتراكم في وجدانك منذ اللحظة الأولي التي تعرفه فيها، فتدرك حينها أنك أمام شخصية ستحجز لنفسها مكاناً رفيعاً في قلبك وفي قلب الوطن.

الجندي المجهول والشهيد المعلوم اختار طائعاً راضياً أن يرتقي مع كتيبة الشهداء إلي جوار ربهم الأعلي صحبة النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقاً، بنفس مطمئنة لبي نداء ربه بعدما مَّن عليه بأداء فريضة الحج وعاد إلي وطنه ليلبي نداء ربه الأخير، وبينما كانت الملائكة تزفه إلي ربه الذي اصطفاه شهيداً خالداً في دنيانا ومخلداً في جنات عرضها السموات والأرض كانت سيرته قد حفرت لنفسها مكاناً سامياً في سجلات الشرف الوطني، وفي قلوب الرجال الذين يعرفون أقدار الرجال.

من قلب القاهرة وعلي أرض سيناء وفي الصعيد ومن الدلتا تجود مصر بأرواح الشهداء الذين سالت دماؤهم تروي تراب الوطن وتخضب ربوعه بقصص وأساطير البطولة⊇⊇التي حولها الشهداء إلي واقع ويقين بينما المرجفون من المترددين والخائفين والمرتعشون لا تقوي نفوسهم الضعيفة إلا علي تحويل الواقع إلي أسطورة غير قابلة للتنفيذ.⊇

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة