د. رباب عبد الرحمن هاشم
د. رباب عبد الرحمن هاشم


دليل مهني وميثاق أخلاقي لتوظيف أحداث العنف بالقنوات التليفزيونية

مروة فهمي

الإثنين، 06 نوفمبر 2017 - 11:25 م

أجرت د. رباب عبد الرحمن هاشم، أستاذ الإذاعة والتليفزيون المساعد بجامعة حلوان، دراسة حول المعايير المهنية في توظيف الصورة التليفزيونية بالقنوات الحكومية والخاصة، لتقديم أحداث العنف بالمجتمع المصري.

خلال الدراسة تم تحليل وتقييم أبعاد المسئولية المهنية لبرامج الحوار التليفزيونية المقدمة بالقنوات المصرية الحكومية والخاصة في توظيف صور أحداث العنف بالمجتمع المصري، والوقوف على الاختلافات بين القنوات المصرية (حكومية وخاصة) في مدى التزامها بالمعايير المهنية في توظيف صور هذه الأحداث.

وتوصلت الدراسة إلى اعتماد القنوات الحكومية على الصور محددة المصدر في تقديم صور أحداث العنف بالمجتمع المصري، والتي يتم توظيفها لتقديم المعلومات، والإدانة وإلقاء المسئولية، وطرح الحلول ، في مقابل اعتماد القنوات الخاصة على الصور الغير محددة المصدر بشكل كبير، ويبرر ذلك في إطار استهدافها أحيانا تأجيج المشاعر والإثارة، وتمثلت معظم أشكال العنف المقدمة في الصورة التي تعرضها القنوات الحكومية في العنف اللفظي والحرائق والعبوات الناسفة، في مقابل القنوات الخاصة الذي ركزت على العنف الجسدي في عدد كبير من صورها . 

وظهر التزام القنوات الحكومية بأبعاد المسئولية المهنية ومهنية الأساليب الإخراجية في عرض صور أحداث العنف بالمجتمع المصري بدرجة كبيرة، ويمكن تفسير ذلك في إطار نمط الملكية ، والتزام القنوات الحكومية في كثير من الأحيان بالأهداف المعرفية، وتصحيح الأوضاع وطرح الحلول في تقديم صور أحداث العنف، وفي ضوء تمتع الإعلاميين بحس عال في مراعاة المصلحة العامة للوطن، وعدم انتهاج سياسة تأجيج المشاعر والإثارة.

في مقابل القنوات الخاصة التي ظهر عدم التزامها بأبعاد المسئولية المهنية ومهنية الأساليب الإخراجية في عرض صور أحداث العنف بالمجتمع المصري بشكل كبير ، بل والوصول في بعض الأحيان إلى الانتهاك والاختراق الواضح للقواعد المهنية، ويبدو ذلك منطقياً في ضوء نمط الملكية ، وما يترتب على ذلك من تأثير عامل الإعلانات على مدى مهنية البرنامج، وتبنيها لأهداف تأجيج المشاعر وإلقاء المسئولية والإثارة، للاستحواذ على نسب مشاهدة عالية، ولا يمكن إغفال انتماء بعض مقدمي البرامج والمعدين لمهنة الصحافة التي تختلف فنونها وآلياتها وأهدافها وأخلاقياتها عنها في التليفزيون، الذي يخاطب ملايين المشاهدين المختلفين في مستوياتهم التعليمية والثقافية والاجتماعية.

وخلصت الدراسة إلى بلورة دليل مهني وميثاق أخلاقي يرشد توظيف صور أحداث العنف بالقنوات التليفزيونية الحكومية والخاصة، وكذلك الأساليب الإخراجية في عرض هذه الصور، بما يضمن تقديمها بشكل مهنى وأخلاقى يحقق الجانب المعرفي للمشاهدين، وفي نفس الوقت يحافظ على الأعراف الإنسانية والأخلاقية والمهنية في تقديم صور أحداث العنف.

ويشتمل هذا الدليل على العديد من المعايير والأبعاد التي تتمثل في عدم الإعلان عن أسماء وصور الضحايا أو أسرهم وخاصةً الأطفال، حيث يعد التصريح بأسمائهم وصورهم انتهاكاً صارخاً لحقوق هؤلاء الضحايا، وإحراجاً واضحاً لأسرهم وذويهم، خاصةً فيما يتعلق بحوادث الاغتصاب. وأيضا عدم التضخيم أو التقليل من حدث العنف، وما يرتبط بذلك من عدم توظيف التقارير لإثبات

وجهة نظر بعينها، أو إعطاء مساحات زمنية أطول للصور المؤيدة لوجهة نظر معينة، واستغلال بعض الأساليب الإخراجية في ذلك، كتكرار بعض الصور أكثر من مرة واستخدام أساليب الإبراز.

ويبدو أيضا أهمية عدم الترويج أو التشويه لأى فئة من خلال صور أحداث العنف المقدمة، حيث أن تكرار هذا التشويه يقدم صوراً سلبية عن هذه الفئة، ويكون رأياً عاماً سلبياً تجاهها. ومراجعة صور أحداث العنف قبل تقديمها للتأكد من مصداقيتها، وذلك في إطار وجود بعض الأساليب الفنية الحديثة التى يتم توظيفها لتقديم صور مضللة كصور الفوتوشوب.

ويرتبط بذلك الإشارة إلى صور أحداث العنف التي لم يتم التحقق منها، وذلك في ظل استغلال بعض القنوات الصور الحصرية أياً كان مصدرها أو درجة مصداقيتها لتحقيق نسب مشاهدة عالية، وخاصة في ظل التنافس الشديد بين البرامج ولاسيما برامج التوك شوز، ويثير ذلك إشكالية الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي أو الموبايل كمصدر للصور، ومدى مصداقية هذه الصور وتقديمها للحدث كاملاً دون انتقاص منه.

ولا يمكن إغفال ضرورة إسناد صور أحداث العنف إلى مصدرها، وعدم تقديم صور مجهلة المصدر، حيث تثير هذه الصور إشكالية مدى الثقة والمصداقية التي تتمتع بها. وأيضا الالتزام بعدم نشر صور الدماء وجثث القتلى، لأنها تعد انتهاكاً لحرمة الموت، كما تصنف بأنها صور بشعة تؤذى مشاعر المشاهدين، وفي حالة ضرورة تقديم بعض الأصوات أو الصور البشعة يتم وضع تحذير قبلها، بما يضمن احترام حقوق المشاهدين والحفاظ على مشاعرهم، أو استخدام الجرافيك والأساليب الفنية الأخرى بدلاً من الصور الحقيقية.

وتبدو أيضا ضرورة عدم إذاعة ألفاظ نابية أو إشارات خادشة للحياء في صور أحداث العنف، وتوظيف الأساليب الإخراجية لتحقيق ذلك، من خلال وضع مؤثرات على بعض الصور، أو على أجزاء من الصورة، أو صفارة على جزء من الصوت للحفاظ على قيم وأخلاقيات المجتمع. والإشارة إلى تاريخ صور العنف الأرشيفية، حيث أن تقديمها في إطار أحداث عنف حالية دون الإشارة إلى ذلك، يخلق حالة من التشويش والتضليل. وكذلك الابتعاد عن صور أحداث العنف التي تحمل تفسيرات متعددة، وضرورة تقديم صور دقيقة وواضحة، وعدم استغلال بعض الأساليب الإخراجية التي تحول دون ذلك كمنع الصوت المصاحب للصورة، أو حذف بعض الصور، حتى لا تخضع الصورة لتفسير مضلل أو غير محايد من مقدم البرنامج.

ويرتبط بذلك عدم تقديم صور أحداث العنف التي تؤدى إلى إثارة الأحقاد الفئوية والمشاعر الوطنية أو الدينية، التي يمكن أن تخلق حالة من عدم الاستقرار في المجتمع والاستقطاب والاتهامات المتبادلة، واحترام المشاعر الإنسانية وعدم إثارتها، بالتركيز المتعمد على الجانب العاطفي في عرض صور أحداث العنف، وعدم استغلال الأساليب الإخراجية لإثارة المشاعر كعرض الصور أكثر من مرة، أو انتقاء بعضها وإعادتها، أو استخدام عناصر الإبراز في التصوير والإخراج ومنها لقطات قريبة جداً، صور أبيض وأسود، موسيقى حزينة مصاحبة، صدى صوت، عرض الصورة بشكل بطيء، رفع درجة الصوت في لقطات بعينها. وأيضا عدم عرض أسماء وصور المتهمين أو أسرهم في صور أحداث العنف، لأنه يعد تشهيراً بهم وإساءة لسمعتهم، خاصة إذا كانوا في مرحلة التحقيق ولم تثبت عليهم الجريمة.

ولا يمكن إغفال ضرورة وجود آلية لمتابعة أداء القنوات التليفزيونية الحكومية والخاصة ولاسيما برامج التوك شوز، لضمان ترشيد أدائها وتفعيل التزامها بهذا الدليل المهني في توظيف صور أحداث العنف، وذلك من خلال تفعيل آليات المتابعة المنوطة بالهيئة الوطنية للإذاعة والتليفزيون ونقابة الإعلاميين، وعلى رأسهما المجلس الأعلى للإعلام.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة