الكاتب الصحفى كرم جبر
الكاتب الصحفى كرم جبر


كــرم جبـــر يكتب.. وكانت مصر علي شفا الانهيار حتي حسم الرئيس قرار الإصلاح

كرم جبر

الجمعة، 10 نوفمبر 2017 - 09:27 م

٨٨ مليــــــــــــــــار  دولار  دخــــــــــــــــلـت الــبـــــــــــــــــلاد في ١١ شــــــــــــــــهـرًا
مصــــــر كــادت أن تفــــــلس في الســــــنة الســــــوداء .. وربنــــــا ســــــــتر
٦ مليارات دولار سنويا فاتورة استيراد الفول والذرة وزيت الطعام فقط
تجـــــار العمــــــلة كانــــــــــوا يحـقـقـــــون ٣٫٥ مليـــــــــــــار دولار أرباحـــــاً  في الســــنة
أحــــــد التجــــار كــــان يمتــــــــلك ٧٠٠ فيــــــزا ويوظفـــها في الســـــــوق الســـــوداء
المصـريــــــــون تنـــــازلــــــــوا طــــــواعـية عـن ٥ مليــــــــارات دولار
 لصـــــــــــالح البنـــــــــــوك الشـــعب الـــذي يزيـــــد ٢٫٥ مليــــون نســــــــــمة ســــــــــــنويا
لا يقبـــــــل «الهــزار»‬
الاحتياطي النقدي ٣٧ مليار دولار ويكفي ٨ شهور وفي الدول الكبري ثلاثة شهور فقط
أزمات كارثية »‬واللي بيشتغل جد في مصر بيتقطع»

الدولار تحت حماية الجنيه المصري الآن وعدم خفض سعره حفاظ علي مصالحنا
شبابنا يعاني البطالة والمستوردون يمولون مشروعات تشغيل الأجانب
الاشتراكية تحولت لشعارات .. والرأسمالية لاستغلال علي أيدي رجال كل العصور

الصدمة الأولي في حياته، جاءت وعمره ١٢ عاماً، عندما وقف ناظر المدرسة في الفصل ونادي »‬طارق عامر، انت مدفعتش المصاريف، لو مدفعتهاش متجيش بكره المدرسة». شيء محرج جداً لتلميذ، عمه المشير عبدالحكيم عامر، الذي غدرت به الثورة بعد ٥ يونيو، وضحي به صديق عمره جمال عبدالناصر، صديق العائلة وصاحب المشير.. لكنه كرسي الحكم الكهربائي الذي يصعق من يجلس عليه، ويلحق الضرر بعائلته وأصحابه.


تعلم من الصدمات حصانة ضد الصدمات، وهو يجلس الآن علي كرسي رئيس البنك المركزي، فاتخذ قرارات جريئة لا بديل لها، في وقت كانت فيه البلاد علي شفا الإفلاس، وكان يعلم جيداً أن »‬اللي بيشتغل جد في بلدنا بيتقطع»، المهم إنقاذ مصر من سوء المصير، فليس في خزانتها سوي ١٣ مليار دولار احتياطي النقد الأجنبي، بينما تستورد بـ ٢ مليار دولار ذرة صفراء في السنة، ومثلها للقمح ومثلها لزيت الطعام، يعني ٦ مليارات دولار.

الدواء المر
٢٧ نوفمبر ٢٠١٥ محافظ البنك المركزي الجديد، يتسلح بالصدمات لمواجهة أوضاع كارثية، من أهمها سطوة الدولار، ومن ظاهرها »‬الفيزا كارت» الذي تحول إلي أسلحة فاسدة في ظهر الاقتصاد المصري، فكل تاجر عملة يلعب بها مثل القمار، ويسحب أموالا بالعملة الصعبة ويعيد بيعها في السوق السوداء، ويحققون أرباحاً لا تقل عن ٣٫٥ مليار دولار سنوياً.. دون عرق أو تعب أو مجهود، وعلي حساب مستقبل بلد فيه ١٠٠ مليون مواطن، ويحتاج معجزة من السماء، ليعبر السنة السوداء، وتاجر واحد كان لديه ٧٠٠ فيزا.

امتدت الأزمة إلي الغذاء، فأصبحنا نستورد كل شيء، في بلد النيل والسد العالي والفاتورة يتحملها البنك المركزي، الذي عليه أن يوفر من الإبرة حتي اللحوم والدواجن، بسعر صرف يصب في جيوب المستوردين والتجار، ويستنزف قدرة الدولة علي الاستمرار في تنفيذ مسئوليتها السياسية والاجتماعية.

في مصر، تعودنا أن نأخذ من الأنظمة الاقتصادية أسوأ ما فيها، تحولت الاشتراكية إلي شعارات وهتافات واحتجاجات، وانقلبت الرأسمالية إلي دجاجة تبيض ذهباً لرجال الأعمال، وضاعت الأهداف الحقيقية للنظامين، علي أيدي رجال نافقوا كل العصور، وركبوا كل الموجات.. ولكن كان علي محافظ البنك المركزي أن يتسلح بالجرأة والمواجهة وإلا غرقت السفينة، بعيداً عن شعارات الاشتراكية وجشع وجبروت الرأسمالية.

الخروج من دائرة الخطر

يبدو أن مصر فيها شيء لله، ووقفت »‬العناية الإلهية» بجوار شعبها، وتحمل المصريون فاتورة الإصلاح بجلد وصبر، وتدفقت الاستثمارات علي البلاد، وأصبح الموقف مطمئنا إلي حد كبير، وتدفقت في شرايين الاقتصاد المصري ٨٨ مليار دولار في ١١ شهراً، علي النحو التالي: ٧ مليارات دولار سندات دولية لمدد تصل إلي ٣٠ سنة من صناديق عالمية، ٢٠ مليار دولار قروضا دولية من الصين وصندوق النقد الدولي وبنوك عالمية، ١٨ مليار دولار استثمارات في البورصة وأوراق مالية مصرية، ٨ مليارات دولار استثمارات أجنبية في مشروعات منها قطاع البترول، ٣٧ مليار دولار من السوق المحلي في المجتمع المصري، بالرغم من سداد ديون وأقساط وحسابات عملاء قطاع خاص مكشوفة ولصناديق سعودية، بلغت في مجملها ١٠ مليارات دولار.

وارتفعت حصيلة النقد الأجنبي في البنك المركزي إلي ٣٧ مليار دولار، بعد أن كانت أقل من ١٣ ملياراً قبل عام.. والحصيلة تغطي احتياجات البلاد لمدة ثمانية أشهر، إذا لم يضف إليها موارد أخري، وبالمناسبة لا تتجاوز الحصيلة ٣ شهور في الدول الأخري مثل الدول الأوروبية الكبري، وحدث ذلك رغم شحنات البترول السعودي وضرب السياحة وحصار إدارة أوباما لمصر.

ارتفع السيف الذي كان مصلتا علي رقبة البلاد، وزالت المخاوف إلي حد كبير ولم تعد مصر مهددة بالإفلاس، كما أراد لها المتربصون وأهل الشر، فكان من الضروري تكسير عظام طارق عامر، وهي عادة مصرية راسخة، فمن يعمل في بلدنا لابد من توسيعه نقداً وهجوماً وتجريحاً، وضرباً فوق الحزام وتحت الحزام، لم يعبأ واستمر في برنامج الإصلاح الاقتصادي، لأنه تعلم من ناظر مدرسته الذي هدده بالطرد وعمره ١٢ سنة أن الصدمة تمنح صاحبها حصانة ضد الصدمات.

لغز رجال الأعمال!

 عبرنا السنة السوداء، وكان الله رحيما بمصر وشعبها، في الوقت الذي وقف فيه رجال الأعمال يتفرجون، ويبحثون عن مزيد من المزايا في زمن الأزمة، لا يعنيهم ما يحدث، ويرفعون أصواتهم بالشكوي من كل شيء، بينما تعمل في مصر ٣٠٠ شركة أجنبية تحقق أرباحاً كبيرة ولم يشكُ أصحابها من أي شيء.. وهذا بالطبع ليس مسئولية محافظ البنك المركزي.

بعد تعويم سعر الصرف دخل البنوك حتي الآن ٣٧ مليار دولار، تنازلات ببيع النقد الأجنبي للبنوك بالجنيه المصري، وكانت الأرباح الضخمة تصب في جيوب تجار العملة، ولعبوا مع البلاد أخطر الألعاب، وتحكموا في الأسواق، وهددوا غطاء النقد الأجنبي، وفشلت معهم كل الحلول الودية، فكان لابد من العودة إلي الأصل وتعويم الجنيه، لتنتهي أسطورة السوق السوداء. المفاجأة أن الدولار الآن تحت حماية الجنيه المصري منعا من انهياره، وما يترتب علي ذلك من ارتباكات مفاجئة في الأسواق، تؤثر في كل المشروعات الإنتاجية والتعاقدات المبرمة لفترات قادمة، وليس في مصلحة الاقتصاد المصري الانهيار المفاجئ في سعر الدولار، ولنتذكر تجربة الصين، التي مارست الولايات المتحدة ضدها ضغوطاً شديدة لدعم سعر العملة، ولكنها رفضت حماية لاقتصادها.

انسحب معظم رجال من تحمل مسئوليتهم في السنة السوداء، ظنا منهم أن الدولة فاقدة القدرة علي إدارة الأزمة، وفي أمريكا التي يضربون بها المثل، القطاع الخاص الأمريكي هو المسئول عن الأمن القومي الأمريكي، وكان طبيعيا أن تتدخل الدولة لتملأ الفراغ التآمري، فتعرضت أيضا للهجوم، وإذا امتنعت تعرضت للهجوم، ولكن من أراد أن يعمل عليه أن يتسلح بالصبر، أو يفعل مثل محافظ البنك المركزي »‬العين بالعين».

العواطف والمواقف

الدول لا تدار بالعواطف ولكن بالمواقف، ومصر كبيرة ولديها إمكانيات ضخمة، ولكنها تعرضت لتجريف هائل بعد ٢٥ يناير، لا أحد يعطي والجميع يريد أن يأخذ، والبلاد مفتوحة علي مصراعيها للاستيراد، كل شيء إنتاج الخارج، يعني نخلق فرص عمل للأجانب ونضخ أموالنا في استثماراتهم، بينما يعاني شبابنا من البطالة، وأوشكت معظم المشروعات علي الإغلاق، وحصيلة الجمارك ٥٪ علي إجمالي الواردات، يعني عرقنا يصب في جيوب الآخرين، حتي السلع الاستفزازية لا يمكن وقف هجومها، نتيجة اتفاقات دولية، والبديل هو تقوية السوق المحلي ليقف علي قدميه، والإصلاح المالي هو البديل الوحيد.

تعويم الجنيه تراجع بالواردات إلي ٥٨ مليار دولار بعد أن كانت ٧٦ ملياراً، بانخفاض ١٨ ملياراً وهو رقم لا بأس به، والصادرات ارتفعت إلي ٢٠ مليارا، بمعني أن الفجوة مازالت ٣٨ مليار دولار سنويا.. والطريق إلي الإصلاح يمضي بأسلوب »‬ما حك جلدك غير ظفرك»، ومطلوب من رجال الأعمال أن يساعدوا الدولة بفتح أسواق جديدة، ولا يكونوا عبئاً عليها وعلي أنفسهم. المنتجات المصرية تستطيع المنافسة عالمياً، والبنك المركزي ليس مهمته أن يضخ العملة في الأسواق، ولا أن ينتج بنفسه السلع والخدمات التي تسد الفجوة، وينحصر دوره في فتح القنوات لتتدفق العملات الأجنبية دون عوائق، والقرار الجمهوري الصادر بإنشائه سنة ١٩٦١ ينص علي صياغة السياسة النقدية وتحديد أدواتها وإجراءات تنفيذها، وكذلك إدارة احتياطي الدولة من الذهب والعملات الحرة والرقابة علي البنوك، وإدارة ديون الحكومة.

الطريق مازال طويلا!

محافظ البنك المركزي الذي هدده مدير مدرسته بالطرد، وكان عمره ١٢ عاما، بسبب »‬الصداقة القاتلة» بين عمه المشير عبدالحكيم عامر، والرئيس جمال عبدالناصر، يكره الشعارات والإدارة بالهتافات، ويقول »‬احنا بنفذ سياسات عبدالناصر أكثر من الناصريين» ويقصد الاعتماد علي الداخل، وإحياء الاقتصاد القومي، والقدرة علي إنتاج الطعام، فلا أمان ولا استقرار طالما ظلت لقمة الطعام في أيدي الأجانب، وفي حالة مصر »‬الأكل كله من بره».

طارق حسان عامر ابن شقيق المشير عامر، وابن حسن عامر أحد العظماء الذين تولوا رئاسة نادي الزمالك، وأسرته دفعت ثمناً فادحاً لصراع السلطة بعد هزيمة ٦٧، بسبب نظرية »‬مين يشيل» الهزيمة، الرئيس أم المشير، ومالت الكفة في صالح الرئيس، فقرر أن يتخلص من صديق عمره، الذي وقف يحميه من الرصاص في حوادث كثيرة، أشهرها حادث الإسماعيلية، واتجهت دفة الرصاص إلي قلب صديق العمر.

فتش في جذور الماضي ودقق في الحاضر، تستطيع أن تفسر قرارات الصدمة، التي أقدم عليها طارق عامر، الذي قالوا عنه انه سيجلب علي البلاد نكسة جديدة، مثل النكسة القديمة التي جاء بها عمه، ومازالت البلاد تدفع ثمنها حتي الآن.. وإذا كانت السياسة والاقتصاد اخوين في الرضاعة، فمن الخطأ الشديد أن يدار الاقتصاد بأهواء سياسية، أو أن تخرب السياسة الإصلاحات الاقتصادية. وطارق عامر حين تتحدث إليه، تشعر أنه لا يجيد »‬تزويق» الكلام، ولا اللف والدوران وراء العبارات، ويتحدث لغة صادمة مثل قراراته، ونتيجة الغزل غير العفيف بين السياسة والاقتصاد، ارتفع الدين الحكومي للبنك المركزي والبنوك من ٢٠٠ مليار إلي تريليون بسبب عدم اتخاذ إجراءات جراحية في سنوات سابقة، فظل المرض يتضخم حتي وصل إلي وضع كارثي.. وكان ضروريا أن تتم الإصلاحات بدواء مر، منعا للانهيار التام، فكيف نتخلص من الكابوس الرهيب.

الإرهاب قاتل الأوطان!

مصير مصر ولقمة العيش وازدهارها الاقتصادي، كله مرهون بتطهير البلاد من الإرهاب، وعندما يشعر الناس بالأمان تزداد ثقتهم في بلادهم، فمازال في جيوب المصريين حتي الآن ما بين ١٤ و٢٠ مليار دولار، مؤهلة للعودة إلي البنوك، ويتنازل الناس عن ٥ مليارات دولار، كانت في جيوبهم طواعية للبنوك.. بما يعني أن المستقبل أفضل، شريطة أن ترتاح البلاد من شبح الإرهاب.

السياحة حققت منذ بداية العام حتي أغسطس الماضي فقط ٩٤٠ مليون دولار، وكان في الفترة المماثلة من العام الذي سبقه ٢٢٠ مليوناً فقط، رغم الحظر الروسي، والدعاية المضادة ضد السياحة المصرية.. لأن السياسات الاقتصادية السليمة تخطت الهواجس السياسية، وعبرنا السنة السوداء، ولكن المشوار لايزال طويلاً.

لعنة السياسة!

حسن عامر الذي هدده ناظر مدرسته بالطرد لعدم دفع المصاريف، طلب منه أن ينتظر شوية لحد ما يطلع محصول الفول، لأن والده كان مزارعا، يكسب لقمة عيشه من الزراعة، ومن محصول الفول، ومن غرائب الأمور أن مصر تستورد الآن كل حبة فول من الصين، وضربنا محصولنا التاريخي، الذي كنا نتباهي به، ويعايرنا به البعض »‬الفوالة»، ولن تنهض إلا إذا أنتجت غذاءها، ولا سبيل لعودة مصر لقوتها، إلا إذا اتجهت لزراعة الحاصلات الاستراتيجية. الفول والقمح والعدس والذرة والزيت ومعظم السلع، تأكل احتياطي الدولة من النقد الأجنبي، ويخف العبء عن احتياطي العملة الأجنبية، إذا نجحنا في إعادة تلك الحاصلات إلي عرشها القديم، والمسألة أشبه بنظرية الأواني المستطرقة، فما يزيد إنتاجه في محصول ما، تنعكس آثاره الايجابية علي بقية المحاصيل، فليست هناك أغذية مهمة وأخري أقل أهمية، وعلي سبيل المثال أصبح الفول سلعة استراتيجية مثل القمح، وطعاماً محبباً لمختلف شعوب العالم وليس المصريين فقط، كما يحلو لبعض الخلايجة أن يعايرونا به.

محافظ البنك المركزي يؤكد أن الزراعة هي البديل الوحيد، وكلما زاد الإنتاج تخففت البلاد من الأعباء، ومن شبح الدولار الجاثم علي الصدور، ولن تؤتي الإجراءات الاقتصادية ثمارها المرجوة، إلا إذا تم تقليل الفجوة بين الصادرات والواردات، وهذا دور القطاع الخاص، الذي تأخر كثيراً في مواكبة الخطط الإصلاحية..مشكلة مصر أن السياسة تحولت إلي »‬كرباج» قد يغل يد المسئول عن اتخاذ إجراءات لا بديل عنها، وطارق عامر الذي وصفته بعض وسائل الإعلام، بأنه صانع النكسة الجديدة للاقتصاد المصري، اختاره البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، كأفضل محافظ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ووصفوه بأنه مهندس برنامج الإصلاح الاقتصادي، والقوة الفاعلة وراء إصلاح سعر الصرف، وإعادة الثقة للمستثمرين العالميين.

راحت جميع وسائل الإعلام تنبش في تاريخه المهني والأسري، وحاول بعضها الدخول به إلي منطقة مفتعلة حول الثورة والنكسة والقرارات والصدمات، ولكن كان في سابقة أعماله تجربة ناجحة جداً في البنك الأهلي المصري، فنجح في سد فجوة المخصصات المجنبة لمواجهة الديون المتعثرة التي كانت تتجاوز ١٠ مليارات جنيه، واستطاع فوق ذلك تحقيق أرباح صافية ضربت أرقاماً قياسية لم تحدث في تاريخ البنك خلال توليه رئاسته.

عامرأقوي من تولي رئاسة البنك الأهلي، وتولي رئاسته لمدة خمس سنوات »‬٢٠٠٨ ـ٢٠١٣»  في الظروف السيئة التي أعقبت ٢٥ يناير، واستطاع في ظل الظروف السيئة أن يمنح تسهيلات ائتمانية لعملائه تتجاوز ١٠٠ مليار جنيه في عام ٢٠١٢، وعندما استقال من رئاسة البنك عام ٢٠١٣ تجاوزت ودائع البنك ٢٨٥ مليار جنيه، ورغم ذلك لم يسلم من الاتهامات السياسية التي ظلت تلاحقه، بسبب تاريخ عائلته ومواقفه قبل ٢٥ يناير.

الملوخية و»‬الطاقية»!

سأل الرئيس السادات أحد وزراء الاقتصاد المشهورين، ماذا كنت تفعل في الستيات لسد العجز في النفقات، فقال له »‬كنت بلبس طاقية ده لده» والمعني مفهوم، في اقتصاد يعاني من أمراض مزمنة، ويعالجها بالتحايل والمناورة، وفي أيام الرئيس السادات ـ أيضا ـ قول مشهور لرئيس وزرائه عبدالرزاق عبدالمجيد، بأن الدولار مثل الملوخية، سعره في الزمالك يختلف عنه في إمبابة وروض الفرج، واستمرت إدارة الاقتصاد المصري مثل ثورة ٥٢ حتي يناير وحكم الإخوان، بطريقة »‬الطاقية والملوخية»، فتدهورت الأمور، ووصلت إلي الدرك الأسفل. الزمن لم يعد يسمح بذلك، والشعب الذي يزيد ٢٫٥ مليون مواطن في السنة، يحتاج إصلاحات ضرورية وعاجلة وجذرية، ويتطلب رجالا شجعانا، لا يكسرهم نقد، ولا ترتعش أيديهم من حملات هجوم مستمرة.. ولو تأخرت قرارات الإصلاح الأخيرة، لظلت مصر في السنة السوداء، ولن تجد ما تستورد به الطعام والمنتجات البترولية، وما استطاعت أن تلاحق فاتورة الدعم ولا استيراد الأدوية والسلع الاستراتيجية الرئيسية. كان مستحيلا أن يستمر انتشار الخلايا السرطانية في الجسد، دون علاج ضروري يقاوم الانهيار، ويفتح آفاق البلاد لمرحلة جديدة، في مواجهة تحديات وظروف صعبة. بدأت رحلة الألف ميل، والمهم استمرار العزيمة والإصرار، فما بعد المطر والغيم إلا صفاء الجو.. كانت مصر علي شفا الانهيار والجميع ينتظرون سقوطها حتي حسم الرئيس قرار الإصلاح، بمبادرة جريئة وشجاعة، أعادت مصر إلي الطريق الصحيح.

محافظ البنك المركزي
وسائل الإعلام استقبلته بالنبش في تاريخه المهني وماضي أسرته
عائلته دفعت ثمناً فادحاً للصداقة القاتلة بين ناصر وعامر
أقوي من تولي رئاسة البنك الأهلي وترك ودائع ٢٨٥ مليار جنيه
يكره الشعارات والإدارة بالهتافات ويكره نظرية »‬الطاقية» و»‬الملوخية»

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة