مثلث ماسبيرو
مثلث ماسبيرو


مثلث ماسبيرو يودع الماضي.. والأهالي: نتركه من أجل مستقبل أفضل

شريف الزهيري

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017 - 07:37 ص

يلقي سكان ماسبيرو نظرة أخيرة علي منازلهم القديمة المتهالكة قبل أن يتسلموا مساكنهم الجديدة في «الأسمرات»‬.. ذكريات يسترجعها الأهالي تداعبهم الأحلام بمستقبل أفضل في مدينتهم الجديدة.

بعض الأهالي فضل أن يظل في مثلث ماسبيرو ويدخل في مشروع التطوير على أمل الحصول على شقة، بينما فضل آخرون الحصول على التعويض المادي.. هذا هو المشهد الآن داخل مثلث ماسبيرو، الذي تستعد العديد من الأسر به إلى إغلاق صفحة من الماضي بكل ما تحمله من ذكريات امتدت لعقود في أحضان هذا المكان. 

«‬الأخبار»‬ قررت أن تعيش معهم يوما كاملا لرصد اللحظات الأخيرة قبل انطلاق صافرة الانتقال إلى «الأسمرات». 

كعادتهم يجلسون أمام منازلهم يتسامرون ويسترجعون الذكريات والمواقف التي مرت عليهم في ماسبيرو والبعض الآخر يجلس على القهوة يلعبون الطاولة لتتعالى الصيحات وترتفع الضحكات، هذه المشاهد تتكرر كل يوم قبل أن يتركوا أماكن ولدوا بها وعاشوا بين أروقتها ولهم مواقف وذكريات جميلة في كل شبر من أرضها.

كل البدائل

أيام قليلة ويتم إخلاء مثلث ماسبيرو من الاهالي ليبدأوا حياتهم الجديدة في البدائل التي وفرتها لهم الحكومة وتتمثل في النقل إلي حي الاسمرات او التعويض المادي أو البقاء في المكان ويدخل ضمن التطوير.. وعلي الرغم من ان الحكومة تقوم بازالة البيوت التي أخلاها أصحابها، الا ان هناك عددا كبيرا من الأهالي لم يرحل في انتظار الشقق الجديدة او التعويض المادي.

وسط هذه الحالة يمارس الجميع حياتهم بكل بساطة ويسر، وفي أحد الأزقة ووسط البيوت المتلاصقة في حواري أنهكها الزمن التقينا بشاب في الثلاثين من العمر يستعد لبدء العمل أمام ورشته الصغيرة وعندما حدثناه علي يومه في مثلت ماسبيرو.

وقال: أنا أحمد سعيد «‬صاحب ورشة» أبدأ يومي من الساعة التاسعة صباحا واقوم باصلاح السيارات، تربيت في هذا المكان  وتزوجت فيه ولدي 3 أولاد في المدارس.

وأضاف أن مثلث ماسبيرو هو موطنه الذي تربي فيه وعاش فيه احلي الايام ويذكره دائما بكفاحه المستمر في الحياة، وقال انه حتي الآن مستمر في العمل في ورشته وحتي الان يفكر في عروض الحكومة بين الرحيل او التعويض او الاستمرار في المكان. وتابع القول ان الدولة خيرتنا ولم تجبرنا علي شيء وطرحت لنا الحلول وتركتنا نختار وهذا الامر لم يحدث في أي مكان قبل ذلك.

قعدة الصبح

تركنا سعيد وترجلنا داخل الأزقة والحارات لنجد «سيدة السيد» امرأة في الخمسين من عمرها، كانت تجلس على «الدكة» أمام منزلها وبجوارها عدد من الأطفال يلهون ويلعبون أمام المنزل.

قالت إن الحياة في هذا المكان تمثل لها الكثير فقد تزوجت في هذا البيت وعاشت احلي الايام بالرغم بأن مساحة الشقة صغيرة وأشارت إلى أنها يوميا تجلس أمام منزلها وتسترجع الذكريات والأيام الحلوة.

وأضافت أنها اختارت أن تعيش في هذا المكان وهو الخيار الثالث الذي اعطته الحكومة للاهالي وقالت أنا «هاعيش هنا وهاموت هنا»‬ صمتت قليلا، وقالت: «إحنا حياتنا كلها هنا واهلنا وصحابنا وجيراننا في أي وقت عاوز اي حاجة تلاقي الكل عاوز يخدمك».

وعلى بعد أمتار من منزل سيدة يوجد أحد المقاهي الذي يجلس عليه عدد كبير من الاهالي يتسامرون ويتذكرون أيامهم الحلوة وعلي اصوات قطع »‬ الدومينو» والطاولة تتعالي الضحكات وترتسم الابتسامات علي وجوه الكثير.. يقول ماهرمحمد  والذي يبلغ من العمر 60عاما  انه يعرف تاريخ هذه المنطقة لانه تربي فيها «أبًا عن جد».. عاش أحلى اللحظات بداية من فيلم الحريف الذي تم تصويره اسفل كوبري بولاق وحتي الآن.

وأضاف ان الرسومات المتواجدة داخل المقهي كان يرسمها احد الفنانين بالزيوت الطبيعية وكان يتفنن في اختيار هذه الرسومات التي تحكي تاريخ مصر وتاريخ المنطقة وقال انه اختار التعويض المادي ليبحث عن سكن هو وأسرته في احدي المناطق وقال انه لن ينسي اصدقاءه وسيتواصلون وسيلتقون في أي وقت وأي مكان.

الوفاء بالوعود

ويقول سعد محمد - من أهالي المنطقة - إن الحكومة أوفت بوعدها مع السكان، فقد تعهدت بنقلهم ونفذت وعدها، ووجه الشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي "‬اللي حاسس بأوجاع الغلابة"، وأضاف: "أول مرة في حياتي هسكن في شقة بعدما قعدت في عشة على مدار سنين..حاسس اني بحلم والله".

وأضاف بدر محمود من الأهالي - أنه ذهب إلي الاسمرات لكي يشاهد الشقق هناك فقرر ان ينتقل ويعيش هناك، موضحًا: "الشقق زي الفل واحسن من الغرف الصغيرة التي كنا نعيش فيها".

وأوضح أن الغرفة التي كنا نعيش فيها صغيرة جدا وليس بها وسيلة تهوية أما الشقة التي سأحصل عليها في الأسمرات فيها كل وسائل الراحة والرفاهية ومفروشه ومجهزة.

كما قالت رضا صابر- من أهالي مثلث ماسبيرو - إنها اختارت الانتقال إلى حي الأسمرات بعدما شاهدت الشقق على الطبيعة، وأوضحت أنها بمجرد أن تضع قدميك تجد وحدة سكنية مزودة بأثاث عبارة عن غرفة نوم وغرفة أطفال وانتريه وسفرة وبعض الأجهزة الكهربائية مثل السخان الكهربي ناهيك عن التشطيب الجيد من سيراميك للأرضيات ودهانات للحوائط، وتضيف أنها شعرت بأن حياتها القادمة ستكون أفضل.

نهاية العام

من جانبه أكد د. أحمد عادل درويش نائب وزير الإسكان لتطوير العشوائيات أنه سيتم إخلاء مثلث ماسبيرو بالكامل قبل نهاية العام الحالي تمهيدا لتطويره.

وأضاف أن الوزارة قامت بإزالة 30 منزلاً عقب إخلائها من سكانها وتعويض 1200 أسرة ماليا من أصل 2900 أسرة ترغب في التعويض وتسليم 360 أسرة وحدات سكنية بالأسمرات من إجمالي 1500 أسرة سيتم تسكينها بالأسمرات وأشار إلي أنه سيتم توفيق أوضاع أصحاب المحلات التجارية الراغبين في البقاء بالمنطقة، وأكد أن هناك 830 أسرة ترغب في البقاء بماسبيرو بعد التطوير.

وأكد اللواء إبراهيم عبد الهادي رئيس حي بولاق أبو العلا أنه يتم هدم المساكن التي يتم نقل الأهالي منها تدريجيا من خلال إزالة الأبواب والنوافذ وتخريب السقف حتى لا يسكنها الأهالي مرة أخرى.

وأشار عبد الهادي إلى أنه من المقرر البدء في الهدم بشكل كلي منتصف الشهر المقبل على أن يتم هدم الغرف المجاورة لبعضها وخاصة الملتصقة لكونها قائمة علي حوائط مشتركة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة