مقابر جماعية لشهداء مسجد قرية الروضة

بوابة أخبار اليوم

السبت، 25 نوفمبر 2017 - 03:26 م

مشهد يصعب وصفه بكلمات .. بمجرد رؤية الجثامين تواري الثرى ويهال عليها الرمال .. عشرات الشهداء يصطفون بعضهم جوار بعض .. وكأنهم يُزفّون أفواجاً إلى الجنة .. في مقابر جماعية لجميع شهداء الحادث الإرهابي الأثم الذي استهدف المصلون في بيت الله . 

الجميع يقف في خشوع ، يرتلون آيات من الذكر الحكيم ، الدموع تنهمر تحمل الآلام ، وتنقل شكوى الابن الذي فقد الاب ، والاب الذي فقد الابن ، والشقيق الذي لم يلحق أن يستمع لوصية شقيقه بعد ، الجميع في ذهول من هول الصدمة ، لم يستفيقوا بعد ، وكأنهم في صلاة الجمعة أول أمس التي لم تكتمل .. مازالوا فيها مصلون صامتون في انتظار صعود الإمام إلى المنبر . 

هيبة المشهد وحدها تجعلك ثابتاً في موقعك .. فهو مشهد لا يتكرر كثيراً ، سوى في حالات الكوارث الكبرى التي لم تعتد عليها مصر ولا شعبها الكريم ، فأن يقوم شخص بدفن 5 جثامين من عائلة واحدة ، وعائلة أخرى أتمت أعمال دفن العم وأبنائه الثلاثة ، فالكل يقف في سكون ، لا تدري من جاء ليقدم واجب العزاء في من . 

وترى أسرة تقف على حافة قبر مفتوح في انتظار وصول جثمان ذويها ، وترى الحسرة تدمي قلوبهم ، فلا شيء أكثر قسوة من أن تحفر قبر أخيك وتقف أمامه تنتظر بالساعات تنتظر وصول الجثمان من إحدى المستشفيات بالقاهرة ، وتهيل عليه التراب بعدها ، تجد الشقيق يقف ليقوم بتسوية القبر ، وزراعة الصبار وجريد النخل ، ليكون القبر في أبهى حلة ، ليرقد أخيه في سلام أبدي . 

وهناك أيضاً رأينا أحد الأشخاص يبدو عليه أنه قادم من سفر بعيد ... يتسائل فى لهفة .. عن إذا ما كانوا أتموا دفن والده أم أن القدر أمهله ليرى والده للمرة الأخيرة ، ويودعه لمثواه الأبدي . 

المقابر تبعد حوالي 1500 متر عن القرية ، تراها مصفوفة بجوار بعضها البعض على يمين طريق الذهاب إلي العريش .. ترى ألحاد المدافن القديمة ظاهرة للعيان ، والمقابر الجماعية الجديدة تراها رمال صفراء موضوع عليها قطعة من الاسمنت أو الطوب لتعرف أن هناك جثمان هنا .. مقابر جماعية أصغرها يتسع لـ 25 فرد من ضحايا الحادث الإرهابي ، وأكبرها يتسع لنحو 45 شهيداً . 

طفل صغير لا يتجاوز عمره الـ 5 سنوات ، يجلس متكئاً على قدميه ، يقرأ الفاتحة بصوت جهور يسمعه القاصي والداني ، وكأنما يريد توصيله إلي العالم الآخر ، دموع تتساقط دون أن يدري .. يحاول شقيقه الأكبر أن يجعله يتوقف عن قراءة الفاتحة بعد أن قرأها للمرة الخامسة منذ وقوفنا بجواره ، ولكن الطفل الصغير لا يستجيب ، يواصل القراءة ، ظناً منه أنه يمكنه أن يتحاور مع والده الذي فقده في الحادث الإرهابي ، في مشهد أدمى قلوب الحاضرين ، إلى أن يأتي شيخا كبيرا ويقيمه ، ويحتضنه ليجفف دموعه المنهمرة . 

كهل كبير يقف أمام المقابر ، ويشير ويقول : "هؤلاء أبنائي الأربعة ، رحلوا في طرفة عين" ، يقف عاجزاً عن فعل أى شيء بعد أن رحل أبناءه الأربعة وتركوا من وراءهم أبناءهم ليتعلقوا في مسئولية الجد الكهل ، لا يدري هل سيمد الله في عمره ليرعى أحفاده ، أم أن القدر لن يهمله .. مشهد مهيب ترى فيه هيبة الموت حقاً . 

وأكد ذوي الشهداء أنهم لن يتقبلوا العزاء في استشهاد ذويهم إلا بعد القصاص .. حيث أنه لن يتم إقامة أى مظاهر للعزاء بالقرية إلا بعد القصاص .. مؤكدين في الوقت نفسه أن المنوط به أخذ الثأر هو الجيش المصري والشرطة ، باتحاد قبائل سيناء مع قوات الأمن لتخليص وتطهير سيناء من دنس الإرهاب .. فلا عزاء قبل الثأر من قتلة أبنائنا .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة