الأمين العام لهيئات ودور الإفتاء العالمية
الأمين العام لهيئات ودور الإفتاء العالمية


الأمين العام لهيئات ودور الإفتاء العالمية: عملية «الروضة» دليل على تخبـط «داعش»

ضياء أبوالصفا

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017 - 02:37 ص

خططنا كبيرة لعلاج أسباب التطرف والرد علي الفتاوي المتشددة

طالب البعض بتكفير التنظيمات الإرهابية فلماذا تتمسك المؤسسة الدينية بعدم الاستجابة رغم ما ترتكبه من جرائم لاعلاقة للاديان بها؟

مسألة التكفير مسألة دقيقة جدًا, ولا يصح أن تطلق أحكام التكفير لأن هذا لن يحل المشكلة, كما أنه لا أحد من علماء الأمة يستطيع أن يحكم علي شخص بالتكفير مهما ارتكب من جرائم أو فظائع, ولكن يبينون فساد أفعاله وجرمها وفجورها مع بيان حكمها في الشريعة الإسلامة والإقرار بالعقاب لمرتكبها.

أما التكفير فلا يكون إلا بجحود الإسلام والشهادة بوحدانيه الله سبحانه وتعالي وبنبوة سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم. أما الذنوب والجرائم رغم فجورها ومخافتها للشرع والإنسانية فلا يمكن أن تكون مبررًا لتكفير شخص.

والإيمان قيمة مطلقة إما أن توجد أو لا, بل هو يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية, فالبشر لا يتساوون في الإيمان بل تتفاوت درجاتهم بحسب أعمالهم. فمرتكب المعاصي يظل حكمه حكم المؤمن لكن درجة إيمانه تزيد وتنقص وفقاً لطبيعة عمله, وهو لا يخرج من الإيمان إلي الكفر كما قال الخوارخ, ولا من الإيمان إلي الفسق كما قالت المعتزلة عملاً بمبدأ »المنزلة بين المنزلتين«‬ الشهير, أي إن الفسق حالة تقع بين مسمي الكفر ومسمي الإيمان.

والأولي بدلًا من تبادل التكفير أن نبين فساد منهج الجماعات المتطرفة والرد عليهم وتفكيك أفكارهم المنحرفة حتي يحذرهم الناس, وكذلك بيان أساليبهم التي يجذبون بها الشباب من أجل تحصينهم من الوقوع في براثن التطرف.

هل التكفير سيشكل فارقا في المواجهة؟

بالطبع لا.. فكما قلت فإن بيان عوار هذا المنهج وتفنيد ما يستندون عليه من أدلة ونصوص يلوون عنقها من أجل تحقيق أغراضهم وتبرير جرائمهم هو الذي سيحقق الفرق الكبير, وكذلك رصد وتتبع كل ما تقوم هذه التنظيمات الإرهابية بنشره وبثه والرد عليه بشكل سريع وعلمي وبيان ما به من تدليس وأباطيل وشبهات فاسدة.. ولذلك نجد أن داعش وغيرها من الجماعات المنحرفة تسعي دائمًا إلي الاعتداء علي العلماء المعتدلين وإخراس أصواتهم لأن العلماء هم من لديهم المنهجية والعلم الحقيقي الذي ينير للناس طريقهم, ويقف ضد علمهم الذي ينشر الظلام, وبالتالي فالعلماء حجر عثرة لا بد من قتلهم لتخلو لهم الساحة؛ لأن العلماء يفضحون أكاذيبهم ويردون علي شبهاتهم ويفسرون الدين بفهم صحيح ضد تفسير الإرهابيين الخطأ والمنحرف والمعوج؛ فهؤلاء الإرهابيون ضد الإنسانية وضد الإسلام, هم يريدون أن يهدموا تاريخ العلماء.


ما تفسيركم لأهداف داعش من الهجوم الإرهابي الاخير وكيف يمكن الحد من هذه الحوادث؟


لا شك أن الضربات الموجعة التي وجهها الجيش والشرطة لتنظيم داعش في سيناء وغيرها, وخاصة بعد حادث الواحات الإرهابي وضبط خلية التجسس التركية أدي إلي اضطراب في صفوف التنظيم المتطرف, لذا فهو يسعي إلي أن يظهر أنه لا يزال موجودًا ويتحلي بالقوة, علي الرغم من أن ما يقوم به من عمليات إرهابية وإجرامية هي عمليات خسيسة وجبانة تظهر مدي ضعفهم وتخبطهم.


موسم الهجوم علي الازهر يبدأ عقب كل حادث إرهابي ما هو تفسيركم لذلك؟ وهل تري أن المؤسسة الدينية تبذل جهدًا في العلاج والمواجهة؟


الهجوم علي الأزهر ليس جديدًا فالمؤسسة الأزهرية علي مدار تاريخها لا تخلو من مهاجم ولكن أهم ما يميز هذه المؤسسة أنها تعمل ولا تعبأ بهؤلاء المثبطين لأنها تحمل رسالة وأمانة في حفظ هذا الدين وبينت صحيحه والمنهج النبوي الصحيح الذي كان عليه الصحابة والتابعون والسلف والعلماء..كما أن الأزهر بمؤسساته التعليمية والدعوية يعلم جيدًا حجم المسؤولية الملقاة علي عاتقه وقيمة الأمانة التي وكلت إليه فهو ينفق جهوده ووقته في أداء هذه الرسالة وهو يعلم جيدًا أن دائمًا سفينة الحياة دائمًا تهددها الرياح العاتية ليس ذلك فحسب بل بدأت الدار مشروعًا قوميًا يهدف إلي تصحيح صورة الإسلام بالخارج عبر عدة وسائل كان من أهمها إرسال قوافل من علماء دار الإفتاء المصرية للقيام بجولات خارجية جابت الكثير من دول العالم من القارات الخمس لنشر الفكر الصحيح, وتوضيح العديد من المفاهيم التي يستغلها المتطرفون وأعداء الإسلام في تشويه صورة الإسلام والمسلمين لدي الغرب, فضلًا عن الجولات الخارجية والمحاضرات في كبري الجامعات العالمية.
وقضية »‬تجديد الخطاب الديني» تحتاج إلي تضافر جهود جميع المؤسسات في مصر لتصويبه بشكل متكامل, فهو ليس مقصورًا علي المؤسسات الدينية فقط, وهذا اعتقاد خاطئ منتشر بين الغالبية العظمي في مصر, بل هناك مؤسسات أخري عليها مسئولية كبيرة يجب أن تقوم بها.


كيف يمكن نشر الوسطية في المجتمعات الإسلامية؟


- يحدث ذلك عندما يستمع الجميع إلي المنهج الوسطي والمعتدل الذي يتصف به الإسلام؛ لأن الغلو والتطرف والتشدد ليسوا من طباع المسلم الحقيقي المتسامح المنشرح الصدر, ولا من خواص أمة الإسلام بحال من الأحوال, ومنهج الدعوة إلي الله يقوم علي الرفق واللين, ويرفض الغلظة والعنف في التوجيه والتعبير والتوازن والاعتدال والتوسط والتيسير، ومن خطورة التطرف والتشدد أنه تسبب في تدمير بني شامخة في حضارات كبري, وهو بكل أشكاله غريب عن الإسلام الذي يقوم علي الاعتدال والتسامح, ولا يمكن لإنسان أنار الله قلبه أن يكون مغاليًا متطرفًا ولا متشددًا, ولكي نبتعد عن الخلافات والانشقاق لا بد من بحث وتدارس القضايا التي تنهض بالأمة؛ حتي نستطيع توحيد الكلمة وتحقيق صالح البلاد والعباد, والوصول إلي مشترك فكري يمكن في إطاره إدارة الحوار البناء الذي ينهض بالبلاد والعباد حتي نتجاوز ما هو مختلف فيه, وضمان وجود السلام الاجتماعي الذي في ظله ينعم الجميع بحياة آمنة.



الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة