مدير مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

د.جمال سند السويدي: ثورة 30 يونيو أنقذت العرب من مصير مجهول

أحمد أبوهارون

الجمعة، 01 ديسمبر 2017 - 02:13 ص

‎د. جمال سند السويدى مفكر وكاتب وخبير استراتيجى إماراتي، يشغل منصب مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية منذ عام 1994 حتى الآن.. حصل على درجتى الماجستير والدكتوراه فى العلوم السياسية من جامعة وسكونسن فى عامى 1985 و1990 على التوالى، له عدد كبير من الكتب والمؤلفات كان آخرها كتاب لا تستسلم عن تجربته مع مرض السرطان الذى استطاع أن يقهره..
‎أكد فى حوار مع الأخبار على هامش توقيع برتوكول تعاون بين منتدى أخبار اليوم ومركز الإمارات أن جماعات الإسلام السياسى فشلت فشلا ذريعا وأنه يجب ألا تقوم لهم قائمة بعد اليوم.. وأضاف أنه لولم تحدث ثورة 30يونيو كانت كل الدول العربية ستعانى وستدفع الثمن لسنوات كثيرة، وأن ماحدث فى البلاد العربية ليس ربيعا عربيا لكنه أجنبى.. وإلى نص الحوار:
• ‎تحدثت كثيراً عن تجربة الإسلام السياسى فى المنطقة العربية.. ماهو تقييمك لهذه التجربة؟
- ‎كان من المفترض أن تقدم جماعات الإسلام السياسى فى المنطقة العربية  شيئا ما، فالناس تطالب مثلا بالشغل والزواج والسكن، والتعليم بالإضافة لمتطلبات أخرى لكن جماعات الاسلام السياسى اهتمت فقط بأن تقول للناس كيف يذهبون للمسجد.. الناس تعرف جيداِ كيف يذهبون للمسجد بدون رأى جماعات الإسلام السياسى.
و‎أعتقد أن جماعات الإسلام السياسى فى الدول العربية كلها فشلت فشلا ذريعا ويجب ألا تقوم لهم قائمة بعد اليوم لأن المواطنين فى الدول العربية يحتاجون إلى تنمية و ليس فى حاجة إلى كلام نظرى وايديلوجيات.
< ‎كيف ترى تأثير ثورة 30 يونيو على هذه الجماعات؟
- ثورة 30يونيو غيرت وجود جماعة الإخوان المسلمين كجماعة سياسية وأنهتها، بالتالى أنا اعتقد أنها عملت خير فى كل الدول العربية.
‎لونجحت جماعة الاخوان المسلمين فى مصر ولو لم تقم ثورة 30يونيو أعتقد أن كل الدول العربية كانت ستعانى وستدفع الثمن لسنوات كثيرة.
< ‎بعد مرور سبع سنوات على ماسمى بـ «الربيع العربى» كيف تراه الآن؟
- ‎منذ سنوات قليلة مضت، اندلعت أحداث ما يسمونه بأحداث «الربيع العربى»، ولا يخفى عليكم ما شهدته المنطقة، ولا تزال تعانى من تغيرات وآثار سلبية ودمار وتشريد ونزوح بسبب تلك الأحداث.
‎ وأسوأ ما أسفرت عنه تلك الأحداث هو بروز وانتشار ظاهرة التطرف الدينى والفكرى الذى ارتبطت به الجماعات الإرهابية، عندما استغلت الجماعات الدينية السياسية تلك الأحداث للوصول إلى السلطة، وادعاء الشرعية وفرض مفاهيمها، متسترة بغطاء الدين، ما أدى إلى تنامى نزعات التطرف الدينى وتعاظم خطر الإرهاب وانتشاره فى منطقتنا، ونعلم جميعاً الممارسات البشعة التى قامت وتقوم بها تلك الجماعات، باسم الدين، من قتل وتدمير وتخريب وتشريد للأبرياء باسم الإسلام وهو منهم براء.
‎هذا الربيع ليس عربيا بل ربيع أجنبى لأن الدول الخارجية وضعت حلا للدول العربية وقالت أن الحل هو جماعة الاخوان المسلمين، بينما هذه الجماعة لم توفر أى حل للدول العربية، فالأوربيون والأمريكان اعتقدوا أن جماعات الإسلام السياسى  توفر الحل، وأنا أعتقد أنها لاتوفر ذلك لا من قريب ولا من بعيد.
< ‎لكن مازالت هناك محاولات ومخططات لتقسيم الدول العربية وكانت آخر المحاولات فى كردستان العراق كيف نواجه ذلك؟
- ‎الدول العربية مثل جسم الإنسان يتعرض لأمراض، فإذا لم يستطع مقاومة هذه الأمراض ستتمكن منه، والدول العربية إذا كانت تعتقد أن هناك قوة إقليمية أو دولية  تتآمر عليها وهى تسكت فستدفع الثمن، أما إذا قامت بعمل مضاد فستنجح، وبالتالى سنعود لقضية 1990 عندما قررصدام حسين غزو الكويت. كثير من الناس كانت تقول أنه ضحية لمؤامرة إقليمية ودولية لكن من نفذها؟ للأسف نفذها رئيس عربى.
‎فبالتالى اذا كان هناك نظام عربى يستطيع أن يمنع هذه المغامرات ويستطيع إيقافها واجهاضها فى مهدها لكن للأسف لا يوجد..لكن اعتقد أن البدء يتم من خلال كل الدول العربية التى تريد أن تتعاون ويكون التعاون اقتصاديا وعسكريا فى البداية وبعدها سياسيا وتعليميا وثقافيا وغيرها.
‎< مصر تخوض حربا شرسة ضد الإرهاب كيف ترى الحل للقضاء على الجماعات الإرهابية؟
- ‎الحل الأمثل للتعامل مع الإرهاب والتطرف والغلو هو التعاون الإستراتيجى بين الدول العربية كافة، لأن هذا التحدى ليس تحديا لدولة عربية بمفردها بل هو تحد لهم جميعا، للمغرب، وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وبالتالى تحد للجميع، لذلك يجب على الدول العربية أن تجلس مع بعضهم  وتضع حلا وخطة للتعامل، ويجب أن يتعاونوا فى التعليم وأن يكون عندهم بيانات لكل الجماعات الإرهابية فى العالم العربى، ليتم تبادلها بين كل الأجهزة الأمنية العربية، حتى نجنب الأبرياء غلو هذه الحركات المتطرفة، ويجب ألا يعطوهم فرصة كماحدث من قبل منذ عام 1928حتى عام 2012، فيجب التعامل معهم وصدهم لأنهم لهم دروايش ومساكين، وبالفعل حاولوا اختطاف العقل العربى لفترة طويلة، وهذا دفع ثمنه  الدول العربية كلها.
< لكن هذه الجماعات أصبح لها وسائل إعلام تدعمها وتنشر فكرها.. كيف يتم مواجهة ذلك؟
- ‎يجب على الدول العربية أن تجتمع وتتحدث بصوت عال وإذا كان هناك أجهزة أومنظمات أو دول معينة تساند الإرهاب عسكريا أو ماليا، يجب أن تتم مقاطعة هذه الدول ويجب أن تدفع هذه الدول الثمن نتيجة دعمها للإرهاب، فالإرهاب فى نهاية الأمر هو قتل البرىء، فالجماعة أو المنظمة أو الدولة التى تقوم بقتل البرىء يجب أن تحاسب.
< ‎كيف ترى الأزمة مع قطر؟
- ‎الأزمة فى موضوع رئيسى واحد هو دعمها للحركات الإرهابية، يجب أن تعلن قطر أو غيرها وتقول نحن أوقفنا الدعم للجماعات المتطرفة والإرهابية.. ‎وعلى سبيل المثال عندما تثبت أن قطر أو غيرها تدعم جماعات متطرفة وإرهابا سواء فى مصر أو غيرها علينا أن نقول لها توقفى وإلا فهناك نتائج سلبية لهذا السلوك وألا نقع ضحية للدول الغربية فدعم الإرهاب يجب أن يتوقف سواء من دولة عربية أو غيرها.
< ‎ما الإجراءات التى يجب أن تتخذ لإجبارها على التوقف عن دعم الإرهاب؟
- ‎أعتقد أنه يجب أن يكون فى القاهرة أو الرياض اجتماع لجميع الدول العربية لمناقشة موضوع دعم الإرهاب، ووضع استراتيجية أو خطة شاملة للتعامل مع الدول التى تدعم الإرهاب سواء قطر أول دول عربية أو منظمات أو منظمات ومؤسسات أهلية أو غيرها.
فكثيرا من الدول الأوروبية كانت تشترى النفط من «داعش» وتدفع له الثمن، بالتالى هى تمول الإرهاب الذى يستخدم ضد رعاياها..هذا موضوع شائك ومسألة خطيرة، ويجب محاكمة هذه الدول والجماعات والمنظمات لأن هذا يؤدى فى النهاية لقتل الابرياء.
< ‎هناك كثير من الأزمات تضرب الأمة العربية مثل سوريا واليمن وليبيا والعراق..كيف نحل هذه المشاكل ليتعافى الجسد العربى؟
- ‎لحل الأزمات فى هذه الدول يجب أن يكون هناك عمل عربى مشترك للتعامل مع هذه الظواهر جميعها، وعدم وجود عمل عربى مشترك يؤدى إلى تفكك كثير من الدول فى المستقبل.
< ‎ماذا عن التدخلات الإيرانية فى المنطقة كيف نواجهها؟
- ‎التدخلات الإيرانية أو التركية أو الإسرائيلية طالما الجسم العربى مريض، فهذه الدول ستتدخل، لأن مصلحتها فى التدخل، وهنا أسأل سؤال لماذا القوات الإيرانية موجودة فى العراق؟ لو كان الجسد العراقى قويا ما كانت القوات الإيرانية تتدخل فى ارضها.
‎فالقوات الإيرانية فى العراق والإسرائيلية فى غزة، فصدقنى لو الدول العربية تستطيع التفاوض والحديث المشترك مع أى قوة إقليمية فستنجح، أما إذا كانت الدول العربية ضعيفة ومفككة وليس عندها إتفاقا على الحد الأدنى فلا يمكن أن تنجح.
< ‎الرئيس السيسى طلب من قبل تشكيل قوة عربية مشتركة تتدخل وتحفظ السلام فى الدول العربية..ألم تر أننا فى أمس الحاجة لها الآن؟
- ‎تحقيق هذا الهدف يتم من خلال دعوة من يريد المشاركة وليس كل الدول العربية، وأعتقد أن البدء بهذه الخطة فى العمل العربى المشترك خاصة العسكرى يتم من خلال  موافقة البعض وليس الكل، فاتفاقية الدفاع العربى المشترك موجودة منذالقرن الماضى ولم يتحقق منها شىء.
< ‎كيف ترى العلاقات المصرية الإماراتية؟
- ‎أعتقد أن العلاقات بين البلدين هى أحسن نموذج للعمل العربى المشترك، وهذا ليس بجديد، ومن يعتقد أن العلاقات المصرية الإماراتية حدثت منذ2012 خاطئ لأن عمق العلاقات وجد منذ سنوات طويلة ‎والعمل العربى المشترك يبدأ بهذا النموذج، وهناك نماذج عربية أخرى للتعاون علينا الاستفادة منها وتطويرها.
< ‎هل أنت راض عن مستوى العمل العربى المشترك الآن؟
- ‎جامعة الدول العربية يجب أن تغلق لأنها مضيعة كبيرة للوقت والجهد، وبالتالى على الدول العربية  التى ترغب فى التعاون أن تتكاتل مع بعضها، ولا ننتظر تكتل 22 دولة.
‎إذا مصر ومعها أربع أو خمس دول تريد أن تتكاتل وتتعاون إقتصاديا وتعليميا فلتتعاون، والدولة العربية التى تريد الانضمام ليس هناك مشكلة، فالعمل العربى المشترك بالصورة التقليدية القديمة للجامعة العربية أو غيرها يجب أن ينتهى.
‎الجامعة العربية تم اعطاؤها فرصة كبيرة منذ عام 1945 ونحن الآن فى 2017، لو تحسب  ماذا فعلت جامعة الدول العربية حتى الآن والعالم العربى يتعرض لمشاكل سياسية وعسكرية وتعليمية وإقتصادية؟!!.
< ‎حدثنا عن زيارتك لمصر؟
- ‎أود أن أعبر عن سعادتى بوجودى فى جمهورية مصر العربية الشقيقة، مهد الحضارة والأديان، هذا البلد العظيم الذى أحرص دائماً على زيارته للالتقاء بأصدقاء وزملاء من المفكرين والمثقفين نتحاور ونتبادل الأفكار بشأن مختلف القضايا التى تشغل أمتنا العربية، ونناقش معاً كل ما من شأنه أن يعزز التعاون بيننا لنرتقى بمجتمعاتنا وأوطاننا، ونواجه التحديات التى تقف عائقاً أمام تطورنا دائماً نحو الأفضل.
< ‎ماذا عن بروتوكول التعاون المشترك بين مركز الإمارات للدراسات وبين دارأخبار اليوم؟
- ‎مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، تأسس المركز فى الرابع عشر من شهر مارس عام 1994، بموجب قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله.
‎ وقد استطاع المركز فى ظل الدعم والمتابعة والرعاية غير المحدودة التى تلقاها من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، أن يكون داعماً مهماً لصانع القرار فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن يلعب دوراً حيوياً فى خدمة قضايا المجتمع الإماراتى والخليجى والعربى من خلال العمل على نشر الوعى والفكر المستنير، وتسليط الضوء على مختلف القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والثقافية المهمة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
‎أما بروتوكول التعاون فجاء انطلاقاً من رؤية تقوم على أهمية تبادل الأفكار والمقترحات والتصورات حول القضايا المتسارعة والحيوية التى تهم مجتمعنا وأمتنا العربية، فقد دأبنا منذ تأسيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، هو التواصل مع غيرنا من مراكز الفكر والبحث وصنع القرار، سواء فى وطننا العربى أو خارجه حول العالم، نناقش الأفكار ونتبادل المقترحات ونتطلع نحو الجديد.
‎ورغبة منا فى المزيد من تعزيز وتقوية أواصر التعاون الفكرى والثقافى بين بلدنا دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية الشقيقة، فإنه يسعدنا أن نخرج برؤية استراتيجية لمواجهة العناصر المتطرفة فى المجتمعات العربية والإسلامية، تستهدف تبادل الأفكار بشأن اقتلاع الفكر المتطرف والإرهابى المتشح برداء الإسلام، وبما يسمح بحماية بلدينا مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة من أخطار الجماعات المتطرفة والإرهابية بكل أشكالها. 
< ‎هناك من يلصق التطرف بالأديان؟
‎- الأديان جميعها لا تعرف التطرف بأى شكل من أشكاله، وإنما ترفضه بالمطلق وتحض بدلاً منه على التراحم وقبول الرأى المختلف، وهو ما نعمل على نشره بكل قوة.
كما إن غرس قيم الحوار والتسامح والوسطية، فى التفكير والفعل، ونشر تعاليم الدين الإسلامى الحنيف، هما البداية الصحيحة لنشأة أجيال جديدة ترفض التطرف وتنبذ الإرهاب والعنف فى السلوك والتفكير.


 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة