المثقفون عن مذكرات «سلماوي»: صادقة في نقلها وتجمع بين السرد والتحليل

نادية البنا

الثلاثاء، 05 ديسمبر 2017 - 08:18 م

روى الكاتب الكبير محمد سلماوي، ذكرياته في السجن، قائلا: "حينما احتجزت وسجنت في قسم المعادي، ووجدت المجرمين يلتفون حولي ويسألون عن سبب مجيئي، كنت أخبرهم أنني لم أرتكب ذنبا حتى وجدتهم اقتنعوا وقالوا إنه يبدو أنه مسجون سياسي، حيث إن السياسيين فقط في ذلك الوقت هم من يسجنون دون سبب". 


وأضاف "سلماوي"، على هامش حفل توقيع سيرته الذاتية "يوما أو بعض يوم": "في ذات الليلة التي تم احتجازي فيها، قام أحد المحتجزين بأخذ أموالي بحجة المحافظة عليها من السرقة، وشعرت في هذه اللحظة أنه سرقهم مني حتى تم ترحيلي، فوجدت الرجل ينادى على الضابط في محاولة لإعادة الأموال إلي، وهنا شعرت بقيمة الشعب المصري العظيم والطبقات الكادحة، خاصة في وقت الأزمات".


من جانبه قال المفكر الكبير جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، إن أهم ما يميز مذكرات سلماوي، هي أنها صادقة في نقلها عن نفسها وعن الآخرين لأقصى مدى. 


وأضاف "عصفور" على هامش ندوة مناقشة السيرة الذاتية للكاتب محمد سلماوي، أن هناك بعض اللحظات السردية المتوترة في السيرة الذاتية بعكس ما يحدث في السير الذاتية الأوروبية، ولكن يظل على أعلى درجة من المصداقية وفقا لما هو متاح في أوطاننا العربية. 


وأشار إلى أن أغرب ما في هذه المذكرات أو السيرة الذاتية هي تحدث سلماوي ابن الباشوات عن عبد الناصر باعتباره بطلا قوميا.


ولفت إلى أن أهم ما يميز السيرة الذاتية الإخراج الفني حيث أنه يمزج بين الكتابة والصورة حيث خرج النص بصورة جمالية تجمع بين الكتابة والصورة والصوت، كما أن السيرة تميزت بالتشويق السردي وتحقيق متعة كبيرة للقارئ حتى أنني لم استطع تركها على مدار ٣ أيام حتى انتهيت من قراءتها.


كما تتميز السيرة بقدر عال من السخرية وخاصة سخريته من رؤساء تحرير الأهرام خاصة في ظل تملقهم للسلطة خلال هذا التوقيت بحثا عن النفوذ، كما أن السيرة بها العديد من المفارقات وعلى رأسها تحول ابن الباشوات لانتقاد الباشوات وتعاطفه مع أبناء الفقراء. 


وفي ذات السياق قال د. مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، إن محمد سلماوي شخصية استثنائية، يتميز بالتعددية، باعتباره روائيا وكاتبا صحفيا ومؤرخا، وسياسيا، قادرًا على المبادرة وأخذ زمامها، حتى وإن لم تكن موجودة، ويستطيع أن يحرض على التفكير ويفتح أبوابًا كثيرة لإبداء الرأي، ولا يبدو جزءًا من قطيع، وهي قيمة نادرة، مشيرًا إلى اختلاطه بنجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل، وجميع الشخصيات الأدبية والفكرية في عالمنا.


وأضاف أن رئاسته للاتحاد الكتاب العربي، كانت بمثابة نهضة على المستويين المصري والعربي، إذ أن وجوده أضفى عليه قوة دفع حقيقية.


وأشار إلى أن الكتاب شيق يجمع بين السرد والتحليل، ويسرد الأحداث بتحليل وافً، ويعلق عليها ويمضي معها إلى النهاية، كما أنه يشد القارئ من أول لآخر سطر، ويعبّر برقي وشياكة في التعبير وتناول الآخرين، حتى وإن اختلف معهم في الرأي أو في الأسلوب.


وقد شهد الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة، اليوم، الثلاثاء، حفل توقيع مذكرات الكاتب محمد سلماوي، التي تحمل عنوان "يوما أو بعض يوم"، بمجمع الفنون (قصر عائشة فهمي) بالزمالك، بحضور عدد من كبار الكتاب ونجوم المجتمع .


"يومًا أو بعض يوم"، هو عنوان مذكرات الكاتب محمد سلماوي، الذي قرر أن يكتب سيرته الشخصية بخلفية سياسية في جزأين، والاسم مشتق من الآية القرآنية الكريمة؛ "قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ" من سورة المؤمنين، وكأن حياة الإنسان تبدو في الدنيا يومًا أو بعض يوم.


الجزء الصادر هو الجزء الأول يبدأ من انتهاء الحرب العالمية الثانية، وحتى اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والجزء الثاني يبدأ من فترة مبارك ثم فترة الثورة، وينتهي بكتابة الدستور، وتحوى المذكرات على أكثر من 150 صورة من أرشيفه الشخصي والعائلي، والتي تجسد لوحة حية لمصر من بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى مقتل السادات، تُنشر لأول مرة، وكأنها سيرة فوتوغرافية موازية لسرد الأحداث.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة