الكاتب الصحفى عمرو الخياط رئيس تحرير أخبار اليوم
الكاتب الصحفى عمرو الخياط رئيس تحرير أخبار اليوم


عمرو الخياط يكتب .. قبلة الحياة الأمريكية للإخوان

عمرو الخياط

الجمعة، 08 ديسمبر 2017 - 09:00 م

لا تتعجب ولا تصدم عندما تعلم ان قرار نقل السفارة الأمريكية إلي مدينة القدس قد تمت صياغته علي طاولة مكتب التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، نعم القرار صدر من مقر التنظيم وحفظت نسخته الأصلية في مكتب ارشاد الجماعة، لاتندهش عندما تعلم ان مافعله الرئيس دونالد ترامب لم يكن الا توقيعا نهائيا علي القرار المحسوم إخوانيا.
عام ١٩٨٧ نشأت حركة حماس في خضم المقاومة التي كانت مشتعلة بقيادة الراحل ياسر عرفات كمشروع توحد للفلسطينيين جميعا، لكن منذ ان نشأت حركة حماس الإخوانية التي تنسب نفسها للإسلام امعانا في استخدامه سياسيا، فقد تحول المشروع إلي اداة للخلاف والصراع والفرقة بعد ان ظهر قادة الحركة وقد تلبستهم حالة الاستعلاء علي الجميع بمن فيهم من أطلقوا شرارة المقاومة الحقيقية قبل عقود من ظهور الحركة الإخوانية.
حماس نشأت عام ٨٧ ووصلت إلي السلطة عام ٩٦ ثم انقلبت علي الشرعية واستولت علي غزة عام ٢٠٠٧، لاتصدق ان كل ذلك قد جري في غفلة من اسرائيل، بل بمباركة ودعم مباشر، نعم اسرائيل تعلم خطورة المرض الإخواني الذي لا تصاب به أي أمة أو دولة إلا وتنتهي تماما اما بالتصفية أو التفكيك.
• • •
ثم تذكر عندما أقام الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر غرفة عمليات لمتابعة الانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٢ داخل مكتب الإرشاد وبجواره «أيقونة الإرهاب»‬ خيرت الشاطر، وقتها لم يكن كارتر يطمئن علي مرشحهم المتخابر محمد مرسي العياط بقدر ماكان يطمئن علي المشروع الاسرائيلي للدفع بسكان غزة نحو سيناء كموطن بديل وكخطوة نهائية لتصفية القضية الفلسطينية تماما بتخطيط أمريكي وتنفيذ إخواني لايعترف أساسا بالوطن.
بعد عام من وصول التنظيم الدولي إلي حكم مصر كانت صلابة الدولة المصرية قد نجحت في كشف هذا التنظيم تماما الذي تعرض لعملية انكشاف وتجريف سياسيا وتنظيميا بفعل قوة الدولة المصرية جيشا وشعبا، ليفقد التنظيم التاريخي رصيده تماما ويعود إلي المربع صفر في ذهنية ووجدان الشعب المصري، منذ ذلك الحين وتحديدا يوم ٣يوليو ٢٠١٣ فإن التنظيم توفي إكلينيكيا ولكن الأجهزة لم تنفصل عن جسده وظلت نهاياتها الطرفية موصولة من الدوحة وتل أبيب ولندن وواشنطن في انتظار »‬قبلة الحياة» لعلها تعيد التنظيم ليواصل دوره في تفكيك أي مشروع للوحدة العربية.
• • •
أصداء الثورة المصرية وأنوارها امتدت إلي ليبيا فانتفضت في مواجهة الإرهاب الإخواني، ثم استكملت إلي دمشق فصمدت أمام المخطط الإخواني، ثم وصلت إلي بغداد فتصدت للخطة الإخوانية بوجهها الداعشي لتقسيم العراق بداية بفصل اقليم كردستان، كل ذلك بفعل قوة ثورة الدولة المصرية.
لكن صناع المخطط لم ييأسوا والوقت لايسمح بإعداد وتجهيز منفذ جديد، فلم يكن هناك بد من احياء عميلهم القديم »‬تنظيم الإخوان» الذي لا يحتاج إلا إلي قبلة حياة علنية لعل الحياة تدب في أطرافه مرة أخري، القبلة الأمريكية الصهيونية انطلقت نحو قلب التنظيم الإخواني الذي فهم مقصدها وتلقاها بعدما صدر القرار بنقل السفارة الأمريكية إلي القدس كجرعة منشطة للتنظيم الذي سارع بمحاولة النهوض لركوب الحالة المتأسلمة مرة أخري.
• • •
منذ صدور القرار لاحظ وارصد حركة النشاط التي دبت في أطراف التنظيم الذي راح يسخر آلته الاعلامية والتنظيمية لإشعال حالة التعاطف الاسلامي التي يمكن للجماعة استخدامها وسيلة للتسلل للشارع مرة أخري لإحياء مشروعها التفكيكي من جديد ولإعادة النصب باسم الاسلام والاستخدام المهين لقضاياه من اجل بقاء التنظيم، أرصد حركة العودة لجمع التبرعات، أرصد حركة العودة لإنشاء جبهات الاغاثة كغطاءات لتحركات عناصر التنظيم، انظر عودة الوجوه الإخوانية لتحريك النقابات، ثم تابع كيف ستتحول المشاهد الإخوانية التمثيلية للهجوم علي القرار إلي حملات ضد الانظمة والعواصم العربية وفِي مقدمتها القاهرة بادعاء تخاذلها عن نصرة القضية التي أجهز عليها التنظيم أساسا وأفقدها أدوات المقاومة، بعدما تم استخدامة لسنوات في ادارة مخطط للفوضي الاقليمية انهك العواصم العربية ودمر اي مشروع للوحدة العربية لتحاط اسرائيل بكيانات دول منهكة ومنشغلة بذاتها بعدما ضربها المرض الإخواني.
استيقظ وإياك ان تنخدع فأنت علي موعد مع مرحلة جديدة لاستكمال ما بدأه التنظيم عام ٢٠١١ لكن هذه المرة سيبدأ ضرباته المركزة في قلب القاهرة ، سيبدا ضرباته في مركز الصمود، لن يفوت الفرصة للانتقام من الدولة المصرية .
لكن عودة التنظيم مرة اخري بفعل ترياق القبلة الأمريكية لن يتم الا في مساحات اللاوعي واللاادراك الاختياري الذي يفضله الكثيرون هربا من التصدي للمسئوليات الوطنية طالما ان هناك جيشاً عظيماً يتحملها وحده، لكن أعلم ان التاريخ كما يسجل البطولات والعبقريات بحروف من نور فإنه حتما يسجل تجارب المغفلين والمتخاذلين والمرجفين، الخيار أمامك الآن لتكتب تاريخك بيدك وباختيارك الكامل واضعا في الاعتبار ان المصري صاحب الحضارة الضاربة في عمق التاريخ لايصح ان يلدغ من الجحر الإخواني خمسين مرة .

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة