محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: القدس مائة عام من الخداع

السبت، 09 ديسمبر 2017 - 08:59 م

مائة عام من الوعود و الخداع والتآمر والظلم.. تقابلها مائة عام من الغفلة والتفكك والخيانة والضعف. 

هذا ملخص القضية الفلسطينية.. ومنذ وعد بلفور وحتى وعد ترامب.. والمخطط الدولي يتم تنفيذه بإحكام شديد.. وكأننا أمام مسرحية متقنة السيناريو والإخراج.. بطلها الحقيقي المستفيد من كل أحداثها هو الكيان الصهيوني الذي وزع الأدوار وسخر الجميع لخدمته كبطل.. أما العرب والمسلمون فلم يكتفوا فقط بمقاعد المتفرجين.. إنما تم استخدامهم كومبارس وخدمات مساعدة رغم إنهم من يتحملون تكاليف الإنتاج قاطبة.. وكله في خدمة البطل!! وعندما يجرؤ هذا المنتج أن يوقف أو يهدد بوقف التمويل لن يحصل علي البطولة.. لكنه قد يفوز بدور حتى ولو ثانوي. 

الآن.. وبعد مرور عدة أيام علي قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.. كل المؤشرات تؤكد أن المسلمين والعرب يسيرون في نفس السيناريو.. نهلل للاستنكار الدولي للقرار.. وننخدع بشعارات بعض الدول التي لم تقدم واقعيا للقضية الفلسطينية إلا طعنات تزيد عمق جراحنا..ولنسأل عمن يقف وراء قيام إسرائيل وتسليح جيشها وقوتها النووية والاقتصادية !!.. إنها كما قلت أدوار يتم توزيعها.. وحتى الآن لم نجد خريطة واضحة لتحرك عربي إسلامي حقيقي يغير أرض الواقع.. لن أطالب بتحرك عسكري أو حتى التهديد به أو قطع علاقات مع العم سام.. فهذه شعارات ومراهقة سياسية.. لكن هل هددت دولة واحدة بوقف مشروعاتها التريليونية مع إدارة ترامب.. أو هل ألمحت أخرى بسحب بعض إيداعاتها الدشليونية ببنوك واشنطن أو النظر في عمل الشركات الأمريكية بأوطاننا ؟.. أو طلبت دولة عربية أو إسلامية مجرد إعادة بحث موقف القواعد الأمريكية على أراضيها وأجوائها وأراضيها ومياهها المفتوحة للقوات الأمريكية تنطلق منها لتعربد في المنطقة.. وهل تفاوضنا مع الدول الكبرى المستنكرة للقرار جهارا والداعمة وبقوة للكيان الصهيوني سرا أن تحول استنكارها لتحرك عملي بنفس أدوات الضغط السابقة.. هنا من الممكن أن يتغير القرار.. لكن بعادة المائة عام الماضية تطمئن أمريكا وأعوانها لنغمة الإدانة والاستنكار مهما علت ودوت.. لأنها ستخبوا مع الوقت دون أي تغيير للمواقف والقرارات الكارثية على الفلسطينيين.

هنا وبنظرة تحليلية وحسبة من يملك أوراق الضغط العربية والإسلامية.. اعتقد أن مصر ربما بدأت تتحرك رغم قلة أدواتها.

.. ولنسأل أنفسنا لماذا تم تحديد موعد زيارة بوتين للقاهرة بهذه السرعة !! ومصر تستوعب جيدا ألاعيب ومراوغات العم سام مهما حاول تغيير جلده.. ولنراجع أجندة تسليح جيشنا السنوات الماضية وهذا التقارب المصري مع دول عديدة علي الطرف الآخر من المحيط الهادئ..

ولأن قرار ترامب معروف ومخطط مسبقا ومحدد توقيت تنفيذه منذ سنوات.. ومعروف أيضا من سيسعي فعليا وليس بالشعارات لمنعه.. كانت المؤامرات الأكبر ضد مصر.. والتي شارك فيها وبكل أسف الكومبارس من الدول العربية والإسلامية.. مولت مخطط إرهاق مصر وتشتيتها من إرهاب وحصار اقتصادي وحرب إعلامية بل وتمويل سد النهضة الذي تسارعت خطواته مؤخرا.. توازي مع ذلك مؤامرات زيادة التفكك العربي وتحطيم جيوش قوية ونشر الفتن والاقتتال بدولنا.. لنظل مستغرقين في دوامات من المشاكل والصراعات والخلافات التي تلهينا عن قضيتنا الأساسية.. انطلاقا من أن أمة مهزومة من الداخل لا تستطيع مهما تعددت أدوات قوتها أن تهزم عدوا مهما صغر حجمه وقل شأنه.

الآن ورغم التاريخ الممتد من التفكك والضعف العربي والإسلامي.. ورغم كارثية القرار الأمريكي الفج.. أجد أننا أمام لحظة تاريخية لإعادة بث الروح في الجسد الذي اعتقده الجميع جثة هامدة.. لكن هذا البعث له شروط.. أهمها أن يختفي الخونة والمتآمرون وتجار الشعارات من أبناء جلدتنا وعقيدتنا بعدها تبدأ كل دولة التلويح مجرد التلويح بأوراق الضغط لديها والتلميح بتهديد المصالح الأمريكية في منطقتنا.. مستغلين تغييرا بدأ يلوح في ميزان القوي الدولية واستمالة القوي الصاعدة لصالحنا وهي جاهزة بالفعل.

بقي أن أقول شيئا واضحا للجميع.. فجيشنا الوحيد الباقي متماسكا ويزداد قوة رغم كل الظروف.. ورغم محاولات جره لصراعات بمنطقتنا ميزان القوى الدولية الخفية فيه لا يميل مطلقا لصالحنا.. فلماذا يستغل البعض أزمة قومية للتقليل من شأن جيشنا الذي يعد الحصن الباقي لكل العرب.. وإظهار مصر في موقف المتخاذل.. الأمر جلل وفرصة البعث الجديد ذهبية أتمني إلا تضيع هباء بسبب المتآمرين تجار الأوطان.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة