محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: المصريون..وصدمة «جوجل» !!

السبت، 16 ديسمبر 2017 - 09:20 م

 
قبل أيام.. أصدر "جوجل " محرك البحث الأشهر في العالم على الإنترنت تقريره السنوي عن عام 2017 الذي أوشك على الانتهاء.. ورغم أن ما كشفه التقرير عن اهتمامات المصريين من معلومات كانت متوقعة.. إلا أنها تسبب أيضا صدمة.. تحتاج إلى وقفة عاجلة لدراسة نتائج التقرير فيما يخص المصريين واهتماماتهم.. ومعرفة أسباب سلبيات تلك الاهتمامات.. والبدء فورا في علاجها وحلها.

فقد كشف التقرير الذي تم جمع بياناته من تريليونات عمليات البحث (أو الأسئلة) على محرك جوجل هذا العام أن الامتحانات المدرسية في صدارة البحث.. وكان عام 2017 أيضاً عاماً مهما لكرة القدم المصرية، حيث تصدرت الاستفسارات المتعلقة بالرياضة قائمة الأحداث وقائمة البحث العام. كما اشتملت القائمة على أربع شخصيات رياضية جاءوا ضمن أعلى عشرة اتجاهات بحث عن الأشخاص، وكان على رأسهم الرئيس الجديد للنادي الأهلي محمود الخطيب ومعه الحارس العملاق عصام الحضري وأسطورة كرة القدم المصرية والعربية بل والعالمية محمد صلاح.

وهيمنت الأحداث المحلية، مثل هجوم الواحات، على قائمة الأحداث، وكان إعصار إرما هو الحدث الدولي الوحيد الذي تضمنته القائمة. أما قائمة الأغاني فقد تصدرها البحث عن أغنية الكيف لكايروكى وطارق الشيخ، تلاها أغنية ديسباسيتو. ومعهما أغنية " العب يلا " !!.. في حين تزيل ألبوم عمرو دياب الجديد قائمة العشرة الأولى في قائمة البحث عن أغاني.

أما البرامج التلفزيونية فقدت توارت برامج التوك شو والبرامج الجادة لتحل محلها المنوعات الخفيفة والهزلية ومنها بالطبع برامج رامز جلال.. وتصدرت مسلسلات العنف والدم مثل سلسال الدم وكفر دلهاب قائمة البحث الدرامي.

لا اعتراض لنا بالطبع على تصدر الفن والرياضة الاهتمامات.. لكن الصدمة التي أشرت إليها في بداية المقال غياب الاهتمامات السياسية تماما عن المصريين رغم ما تمر به مصر من أحداث وتحولات داخلية بل وتحديات سياسية خارجية تتربص بمصر وهى فى طريقها لبناء دولتها الحديثة.. بل ونحن على أعتاب انتخابات رئاسية جديدة.. هذا الغياب الغريب والعجيب للسياسة عن المصريين المعروفين بولعهم السياسي.. بل أصبح الحديث في السياسة كما كنا نعتقد جزءا من الشخصية المصرية.. لكن يبدو أن هذا الاهتمام لم يتعد عربات المترو ومقاعد الأتوبيسات وجلسات المقاهي التي يتبارى فيها الجميع في إظهار إلمامه بالعلوم السياسية وتحليلات عبقرية تحليلية.. كل هذا يختفي ويندثر عندما يخلو كل منا بجهازه المحمول أو الموبايل لتحل محله الاهتمامات الحقيقية ومعظمها سطحية التي كشفها جوجل.

وعلى نفس القدر من الغرابة والتعجب.. يأتي الغياب التام على محرك البحث الأشهر للمشروعات القومية الكبرى بمصر.. وبدون جدال فما يتم على أرض مصر الآن من مشروعات عملاقة غير مسبوق ومن شأنه أن يغير وجه الحياة على أرض مصر ويبدل واقع المصريين.. فكيف تغيب تلك المشروعات تماما عن اهتمامات المصريين لتحل محلها أغنية إلعب يلا أو رامز تحت الأرض ؟!! ناهيك عما تكشفه اهتماماتهم الفنية والدرامية من ميل للعنف والسطحية والهيافة.. وهذا يفسر التراجع الكبير في الذوق العام للمصريين وميل الشباب وهم الفئة الأكثر بحثا على جوجل للعنف والتدمير.. وأيضا يكشف لمدى بعيد تغير مزاج وأخلاق المصريين.

ومن هذه النقاط يجب أن يرتب الجميع أوراقه.. على الدولة أولا مسئولية قيادة حملة قومية لتوعية الشباب بشيئين مهمين.. أولهما أهمية المشاركة السياسية للشباب..والوصول إليهم في تلك الخطة في كل مكان من المدرسة والمنزل والجامع والكنيسة للساحات الشعبية والأندية والمولات.. لابد من دفعهم دفعا لتعاطي السياسة وممارستها لأن هذا هو الضامن الأقوى لمصر قوية متماسكة قادرة على مواجهة التحديات.. وثانيا أن تراجع الدولة سياستها في الإعلان عن مشروعاتها القومية والتعريف بها.. هذه المشروعات قادرة على زيادة الانتماء لدى الشباب وزيادة مناعته ضد أية محاولات لاستقطابه من قبل الجماعات التخريبية والمتطرفة.. وأن يدرك هؤلاء الشباب حجم ما يتم على أرضهم وإنهم هم المستفيدون فقط منه حاضرا ومستقبلا.

ولا ننسى الدور المهم والمحوري للإعلام في تشكيل وعى اهتمامات الشباب وأيضا المنظمات المدنية وقبلهم جميعا المؤسسات الدينية.. لابد من مراجعة عمل كل هذه المؤسسات لإعادة الشباب لرشده وإبعاده عن السطحية والهيافة والعنف الذي يتم تغذيته من كل جهة.

تقرير جوجل مهم وجاء في وقته إذا أردنا حقا إدراك الأمر قبل أن نندم في وقت لا يجدي فيه الندم.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة