د. جان جبور خلال حواره مع «الأخبار» - تصوير: خالد جمال
د. جان جبور خلال حواره مع «الأخبار» - تصوير: خالد جمال


حوار| جان جبور: قانون التأمين الصحي عصري وتطبيقه يعتمد على ميزانية هائلة

أحمد سعد

الأربعاء، 03 يناير 2018 - 02:49 ص

- دور وزارة الصحة هو تحسين نوعية الخدمة الصحية المقدمة
- تعويم الجنيه أثبت أن مصر قوية.. وحمت القطاع الصحي والمواطنين

 

فى بداية عام ٢٠١٨ تحدث د. جان جبور ممثل منظمة الصحة العالمية فى مصر، فى حواره لـ «الأخبار» عن تقييمه لوضع القطاع الصحى فى مصر وأهم التحديات التى تواجه القطاع الصحى ودور المنظمة فى دعم مصر، وهل حققت دورها خلال العام الماضى أم لا، وخطتها للعام الجارى .. وقال مسئول الصحة العالمية فى مصر إن المنظمة دعمت مصر خلال ٢٠١٧ فى خطتها القومية لعلاج فيروس سى ووضع قانون تأمين صحى شامل عصرى يحدث نقلة نوعية فى الخدمات الصحية فى مصر.. وأوضح أن القطاع الطبى الوقائى فى مصر  قوى ويقوم بعمله فى رصد الأمراض وأن مصر لديها الموارد المالية والبشرية لكن ينقصها التنسيق بين الوزارات والقطاعات المختلفة. وأوضح أن تعويم  الجنيه اثبت ان فى مصر دولة قوية استطاعت حماية المواطن والقطاع الصحي، فهناك بعض الدول خفضت قيمة عملتها فأصبح المريض غير قادر على شراء الدواء، وان نقص بعض الأدوية يرجع الى احتكار بعض الشركات بهدف رفع أسعار الأدوية.. وإلى نص الحوار.


فى بداية عام ٢٠١٨ ماذا قدمت المنظمة لمصر؟
منظمة الصحة العالمية قدمت خلال عام 2017 الدعم للدولة المصرية ممثلة فى وزارة الصحة لتعزيز كل أنشطة الصحة فى مصر وبرامجها المختلفة، من خلال وضع خطط ثنائية فى المجال الصحى تناقش مع الدولة المعنية بناء على أولوياتها واحتياجاتها لتعزيز مبادئ الصحة العامة.. والمنظمة عملت على 5 محاور رئيسية فى مصر خلال 2017، فقدمت الدعم الفنى والمادى لمصر فى مجال علاج الأمراض السارية (المعدية) والأمراض غير السارية (المزمنة) مثل أمراض القلب والضغط والسكر، وتم إجراء مسح شامل لعوامل الخطورة لتلك الأمراض، والاهتمام بالأنشطة التى تتعلق بصحة الأم والطفل، وتقوية النظم الصحية فى مصر وذلك متمثل فى دعمنا لقانون التأمين الصحى الشامل، والاستعداد والجاهزية تتمثل فى خطة الطوارئ لتنفيذ اللوائح الدولية الصحية وتقوية أنظمة الترصد فوجود نظام ترصد قوى يجعل مصر خالية تمامًا من الأمراض.

فيروس سى
من خلال رصد المنظمة.. ما أكثر الأمراض خطورة وتأثيرًا على الصحة العامة فى مصر؟

أهم وأكبر مشكلة صحية فى مصر هى فيروس سى والتى عملت عليها وزارة الصحة منذ عامين بخطة وضعها الوزير الحالى د. أحمد عمادالدين راضي، تعتمد على دمج الوقاية مع العلاج وجعل أهمية الشق الوقائى بنفس أهمية الشق العلاجي، لقطع مصادر انتشار المرض، لتخفيف العبء على المواطن والدولة.. وكذلك الأمراض المزمنة وعوامل الخطورة، وهناك عوامل تسبب هذه الأمراض ويمكن السيطرة عليه مثل خفض كمية السكر والملح والمواد الدهنية التى يتناولها الانسان، واعتماد نظام صحى سليم، والاقلاع عن التدخين وكل هذا يقلل من الامراض المزمنة مثل السكر والضغط والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والامراض الرئوية المزمنة الناتجة عن التدخين، وعلى الرغم من زيادة الضرائب على السجائر ومشتقات التبغ الا أننا فى المجتمعات العربية لا نتعلم مع الوقت، فلا بد من تنمية الثقافة الصحية وتغيير السلوكيات للحماية من الامراض وتخفيف العبء على الدولة.. ومصر تقدمت خطوات كبيرة فى القضاء على أمراض الملاريا والسل، فهى موجودة على حدود دول تنتشر بها الأمراض المعدية، التى يمكن أن تأتى من البلدان المجاورة، وقطاع الطب الوقائى ببرامجه والتدخل السريع لديه يجعلها جاهزة لمنع أى مرض من خارج الحدود.

ما معدل انتشار فيروس سى طبقا لاحصائيات للمنظمة؟
4.4% من إجمالى عدد السكان فى الفئة من عمر عام إلى 59 عاماً، أى حوالى 5 ملايين تم علاج 1.5 مليون شخص منهم، والمسح الشامل للمواطنين الذى تطبقه الحكومة المصرية حالياً سينتج عنه علاج أعداد كبيرة ومنع انتشار المرض من خلال برامج الوقاية.

تتبنى مصر برنامجاً قوميا لعلاج فيروس سى فى الوقت الذى ينتشر فيروس بى دون اهتمام كاف؟
بالعكس، فمصر من الدول الأولى التى ادخلت اللقاح المضاد لفيروس بى الخاص بتطعيم حديثى الولادة، ومن خلال الدراسات تبين أن معدل انتشار فيروس بى انخفض إلى اقل من 1%، وهو انجاز كبير مقارنة بالأرقام السابقة.

ما تقييم المنظمة لإجراءات الطب الوقائى المتبعة فى مصر؟
من أكبر القطاعات التى تحصل على دعم المنظمة فى أى دولة بغرض تعزيز وتقوية برامج الصحة العامة، حيث إن وجود برامج قوية للوقاية تحمى كثيراً من المواطنين من الإصابة بالأمراض، والمنظمة تقدم الدعم لمصر فى البرامج الخاصة بالتطعيم، التى تعد أهم سبل منع حدوث الأمراض.

الاهمال الطبى
هل تلك الإجراءات الوقائية كافية لمنع انتشار الأمراض؟

فى القطاع الوقائى لا يوجد شىء كامل بنسبة 100%، لكن المهم هو مكافحة العدوى، ومصر عملها يتطور بشكل دائم فى ذلك، لكن هل يشعر المواطن بفوائد برنامج التطعيمات خلال السنوات الماضية من عدمه؟ بالطبع نعم والشاهد على ذلك برنامج مكافحة فيروس سى على مستوى المواطن والوحدات الصحية، الذى أدى إلى خفض عدد الإصابات بالمرض، واثناء انتشار انفلونزا الطيور فى مصر تعاملت مصر بنجاح مع الفيروس، وكل هذا يدل على انخفاض نسبة انتشار الأمراض الانتقالية.

تعانى المستشفيات الحكومية من الإهمال.. ما تقييم المنظمة لوضع هذه المستشفيات؟
حسب آخر تقرير تم اعداده فإن اجراءات مكافحة العدوى فى المستشفيات والوحدات الصحية ارتفعت إلى 63%، وهذه النسبة تعد قفزة كبيرة فى اجراءات مكافحة العدوى مقارنة بالخمس سنوات الماضية، فالاجراءات الوقائية لا يمكن أن تكون بنسبة 100% الا اذا طبقتها على بؤرة جغرافية صغيرة، لكن الاستمرار فى البرامح الوقائية تجعل الدولة تصل للهدف المنشود، وتطبيق البرامج الوقائية فى المستشفيات والوحدات الصحية المصرية فى تزايد مستمر.

ما أسباب انتشار العدوى والامراض فى المجتمع المصرى؟
اولها انخفاض مستوى الثقافة الصحية لدى المواطنين، فهذه الثقافة فى الوطن العربى ككل تحتاج الى عمل جاد وهى ليست مسئولية الدولة فقط بل مسئولية متبادلة بين المواطن والدولة، فعلى الدولة القيام بواجباتها فى توصيل المعلومات التى تنمى الثقافة الصحية، لكن على المواطن أن يستجيب.

فالمنظمة تبنت برنامجاً للثقافة المرورية لتغيير سلوكيات السائقين لكن نعرف أن ذلك يحتاج الى أجيال لتغيير الثقافة السائدة، لكن التساؤل هل تقوم الدولة بواجباتها لتغيير الثقافة الصحية السائدة حاليًا لدى المواطن والتى تتسبب فى الإصابة بالأمراض المزمنة، فمثلا تناول السكر والملح بكميات كبيرة وقلة الحركة تجعلنا نصاب بأمراض الضغط والسكر ونتحول إلى مجتمع كسول وخامل، ونأمل فى أن يستجيب المواطن ويغير ثقافته الصحية، وهذا التغيير لن يتم فى يوم أو اثنين بل يستمر لأجيال، لكن مقومات تغيير الثقافة الصحية موجودة فى مصر.

المعدلات العالمية
هل معدل الاصابة بالأمراض المعدية «السارية» فى مصر تتماشى مع المعدلات العالمية؟

لدينا فى مصر الكثير من الأمراض المعدية لكنها فى انخفاض دائم من خلال تطبيق البرامج الوقائية، وفى حال انتقال مرض عبر الحدود تتدخل فرق الاستجابة والتدخل السريع التابعة لوزارة الصحة سريعًا، فمثلًا عند حدوث انتشار لفيروس غامض بشبرا الخيمة كان اول من كشف ذلك مسئول الترصد بقطاع الطب الوقائى بالمحافظة.. كما أن مصر من أوائل الدول التى تضع بروتوكولات ولوائح ارشادية للامراض المعدية لتتعامل معها بشكل سريع وكل ذلك يعطى مؤشراً أن انتشار الأمراض السارية فى انخفاض دائم وهناك أمراض معدية اختفت تمامًا.

مرض الإيدز
احتلت مصر المرتبة الرابعة على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا فى معدل الإصابة بمرض الإيدز..ما نسبة الزيادة فى عدد الإصابات؟

نسبة الزيادة فى عدد المصابين بالإيدز فى مصر هذا العام تتراوح بين 30:40% ، وهذا يعنى أن الوضع كارثي، وذلك نتيجة عدة احتمالات أولها وجود نظام ترصد أقوى ساعد على اكتشاف حالات أكثر، والثانى وجود تقصير فى عدم حصر الأعداد الدقيقة، لكن التساؤل كيف وصلت مصر لمثل هذا العدد؟

ما دور المنظمة فى علاج ذلك؟
المنظمة بالتنسيق مع الأمم المتحدة تدعم البرنامج الوطنى لمكافحة الإيدز ونظام الترصد الموجود لمكافحة انتشار المرض.

التحويل الذاتى
هل هناك صعوبات تواجه هذا البرنامج؟

لا البرنامج لديه التمويل الذاتى من قبل الحكومة المصرية وكل الشركاء المحليين العاملين فى هذا المجال ومنظمات الأمم المتحدة، لكن لا بد من تغيير الثقافة والسلوكيات الخاطئة لحماية المجتمع المصري. وتعمل المنظمة على رصد وعلاج الحالات المصابة، ووزارة الصحة تؤمن التمويل اللازم لعلاج المصابين مجانًا على نفقة الدولة.

لكن هل الزيادة فى أعداد المصابين تعنى عدم كفاءة برامج الطب الوقائى المتبعة؟
يجب ألا نلقى اللوم على البرنامج الوقائى فقط، فهناك عدة عوامل ساعدت على الانتشار أهمها وجود مجموعات اكثر عرضة للاصابة بالمرض وتدنى مستوى الثقافة الصحية والوعى لدى المواطنين.

المنظمة أعلنت أن نصف سكان العالم لا يحصلون على خدمة صحية شاملة ما وضع مصر من ذلك؟
عدد المستشفيات الحكومية فى مصر يزيد على 500 مستشفى والخدمة الطبية متوافرة على جميع الاراضي، لكن دور وزارة الصحة هو تحسين نوعية الخدمة الصحية المقدمة للمريض، وهذه أهم بنود قانون التأمين الصحى الشامل.

كيف ترى منظمة الصحة العالمية قانون التأمين الصحى الشامل الذى أقره البرلمان المصرى؟
هو قانون عصرى سيحدث نقلة نوعية فى الخدمات الصحية فى مصر المقدمة للمرضى، وتطبيقه يعتمد على ميزانية هائلة من الدولة المصرية ولذلك سيتم تطبيقه تدريجيا، والرقابة على المشروع ككل وتأمين الخدمة والعلاج للمريض بموجب اشتراكات اهم ما يميز القانون.

اعطاء توصيات
لكن ما دوركم تحديدا فى القانون؟

شاركنا فى القانون باعطاء توصيات بناء على بعض النظم الصحية الموجودة فى دول العالم، وقدمنا الدعم الفنى وبناء القدرات مع هيئة التأمين الصحى ووزارة الصحة وقدمنا دراسات مثل الدراسة المالية وأجرينا لقاءات مع وزير الصحة من خلال خبير المنظمة لعرض الدراسات التى اعدتها المنظمة بشأن ذلك من أجل دعم الوزارة لاتخاذ القرارات فى القانون طبقُا للمعايير الدولية.

ما أهم الملاحظات التى تقدمت بها المنظمة لوزارة الصحة بشأن القانون؟
ملاحظات حول حجم القانون والتكلفة المالية وأطر تقديم الرعاية الصحية، وتأمين الخدمة للمواطن مقابل اشتراكات، وإلزامية وجود رقابة على الخدمات المقدمة.

هناك تخوف من صعوبة حصول الطبقات الفقيرة على الخدمات الصحية طبقا للقانون الجديد؟
القانون الجديد شمل كل المستويات واعفى غير القادرين من دفع الاشتراكات، وتطبيقه سيتم تدريجيًا لتفادى أخطاء المراحل السابقة، حتى تصل الدولة لتطبيقه كاملا، ووزارة الصحة تعمل على اكثر من 30 مستشفى لتطويرها لتقديم خدمات ذات جودة عالية تليق بالنظام الجديد.

دولة قومية
هل دور الدولة كافٍ لدعم القطاع الصحى ؟

مصر تولى اهتماما اكبر بالقطاع الصحى حيث زاد الدستور المصرى 2014 النسبة المئوية لتكلفة الصحة والتعليم الى 3% من اجمالى دخل الدولة، وهذا يعد مؤشرا جيدا، فعند زيادة ميزانية الصحة تزيد الموارد وينعكس ذلك ايجابيا على وضع الصحة.

فأثناء الفترة التى تم فيها تعويم الجنيه المصرى والإجراءات التى اتخذتها الدولة بشأن ذلك اثبت على مستوى كل القطاعات أن دولة قوية موجودة فى مصر، ونحن نعرف من تجارب فى بلدان اخرى تأثر فيها القطاع الدوائى والصحى والغذائى بالسلب وصلت الى حد عدم مقدرة المواطن على شراء الدواء.

لكن الوضع الصحى فى مصر قوى، وهناك من يقول إن بعض الادوية حدث بها نقص وبعدها توافرت فهذا طبيعي، فبعض الشركات تحتكر وجود الدواء لزيادة الاسعار، لكن وجود دولة قوية فى مصر حمت المواطن، خاصة فى القطاع العلاجى والصحى.

ما أهم المشكلات التى تواجه القطاع الصحى فى مصر طبقًا للمنظمة؟
مصر لديها القدرات والموارد البشرية والمادية لكن ما ينقص القطاع الصحى وبرامجه سواء الوقائية او الصحية هو غياب التنسيق بين القطاعات المختلفة مثل الوزارات وغيرها، فلابد من لم الشمل، وعلى الوزراء والقيادات القيام بالتنسيق بين القطاعات الحكومية، ومن خلال البرامج الصحية الصغيرة او البرامج الوطنية الكبيرة التى تنفذ فمصر لا ينقصها ثروات او موارد بشرية لكن ما نريده ربط الامور مع بعضها واذا حدث ذلك ستؤدى الى نتيجة ايجابية فعالة على كل المستويات.

ما خطة المنظمة للقطاع الصحى المصرى العام المقبل؟
نحن نعمل على ثنائيات مع وزارة الصحة وهناك دعم مالى وميزانية لمصر حسب ميزانية المنظمة العالمية، ونضع خطة العمل على مدار عامين ، تدعم فيها المنظمة الاولويات التى تحددها مصر فى مجال الصحة، وفى يناير 2018 سنطلق الثنائية والخطة الجديدة بعد الانتهاء من خطة 2016/2017 والتى سيعلن تقرير بشأنها قريبًا.

وسائل الإعلام
وهل تحققت أهداف الخطة السابقة؟

تحققت بشكل كامل، وتم انفاق الميزانية كلها، وكانت تعتمد الخطة على ثلاث أولويات هى القضاء على فيروس سى ومشروع قانون التأمين الصحى الشامل والسلامة المرورية وهذه الأولويات حددتها مصر.. ودعمت المنظمة مصر فى هذه الاولويات كان آخرها إعداد حملة فى وسائل الاعلام فى الشهرين الماضيين للسلامة المرورية، بالتنسيق مع وزارات الصحة والداخلية والنقل والتربية والتعليم، ولأول مرة ارى هذا التنسيق الجيد بين هذه الوزارات.

ما أولويات خطة المنظمة لعامى 2018/2019؟
منظمة الصحة رصدت ميزانية للخطة الجديدة أكبر من الميزانية السابقة وتقوم الخطة الجديدة على 5 أولويات بعد مناقشات مع وزارة الصحة المصرية هى تقوية النظم الصحية فى مصر ومن اهمها دعم تطبيق نظام التأمين الصحى الجديد، ومكافحة الأمراض السارية (المعدية) وغير السارية (المزمنة)، وكذلك الصحة من أجل الحياة الخاصة بالأمومة والطفولة، وسلامة الغذاء، والاستعداد والجاهزية بالنسبة لمصر فى القطاع الصحى خاصة فى ظل وجود اللاجئين السوريين وغيرهم لمقاومة الأمراض مثل شلل الأطفال.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة