عمليات رفع وتكرير الملح في محافظات مصر
عمليات رفع وتكرير الملح في محافظات مصر


«الملح» ثروة مصر القومية غير المستغلة

صالح العلاقمي- محمود عمر- نبيل التفاهني

الخميس، 04 يناير 2018 - 12:39 ص

تمتلك مصر بحيرات وشواطئ ممتدة آلاف الكيلومترات تسطع عليها الشمس طوال العام وتربة جيدة خالية من مصادر التلوث بجميع أنواعة أتاحت تلك المقومات عملية ترسيب أنواع متعددة من الأملاح وبالتالي ظهور الملاحات التى يصل إنتاجها لمليارات الأطنان وفائض يكفى عقود طويلة ومن الممكن ان تبنى عليها نهضة صناعية كبيرة لو أمكن استغلالها مع توفير مليارات الجنيهات التى تنفق للاستيراد من الخارج.

«أنقى الأنواع والأعلى سعراً»

‎ملاحة بورسعيد او بالأحرى ملاحة بورفؤاد تحتل مساحة ٦ ملايين متر على ساحل مدينة بورفؤاد وتعد واحدة من أهم الملاحات  فى مصر لأنها تنتج انقى أنواع الملح فى مصر وإنتاجها يحتل المركز الأول فى سعر التصدير بالدولار للملح المصرى إلى الخارج.

‎يقول ناصر السعيد الجمل مدير الملاحة بالفعل تعد واحدة من اهم الملاحات فى مصر لانها تتميز عن اقرانها انها تقع فى بيئة طبيعية نقية بعيدا عن اى عوامل تؤثر على نقاء الملح المنتج منها فهو يصل الى درجة نقاء ١٠٠٪‏ وهذه الميزة جعلتها مأوى للطيور المهاجرة القادمة من اوروبا فى فصل الشتاء رغم طبيعتها المالحة وتنتج الملاحة ٣٥٠ الف طن سنويا من أنواع الملح الغذائى والصناعى والطبى منها ١٨٠ الف طن للتصدير للخارج الى ١٠ دول أوروبية والولايات المتحدة وسوريا ولبنان باجمالى حوالى ٥٠ مليون دولار وساعدت ميزة نقاء انتاج ملاحة بورسعيد على زيادة سعره عن أقرانه من الملاحات الأخرى فى صفقات التصدير حيث تتهافت عليه الدول الأوروبية لاستخدام الملح المجروش من القطع الكبيرة فى منع الجليد من الذوبان ويغطى باقى الإنتاج احتياجات السوق المحلى للاستخدام الغذائى كما يدخل فى عدد من الصناعات  الاضافة الى بعض الاستخدامات الطبية.

ووضع اللواء علاء الشريف رئيس الشركة خطة لتطوير الانتاج والوصول به إلى نصف مليون طن  بالإضافة الى اقامة مصنع لإنتاج العبوات التى تستخدمها الشركة لتعبئة الملح المنتج سواء عبوات ورقية او كرتون او اجولة.

‎واضاف ناصر الجمل ان ملاحة بورسعيد  تمر بمرحلة فارقة حيث صدر قرار منذ ثلاث سنوات  بإعادة ارض الملاحة لمحافظة بورسعيد لاستخدامها فى مشروعات تنموية وقمنا بالفعل بتسليم مساحة مليون متر كمرحلة اولى ولكن صدر قرار القضاء الإدارى بوقف التسليم ولكن المحافظة مصممة على موقفها وقمنا باختيار موقع جديد فى شرق بورسعيد وتبين أنه ضمن  مشروع تنمية شرق بورسعيد وتم اقتراح موقع آخر على شاطئ غرب بورسعيد واصطدمنا بوقوع الأرض فى حوزة هيئة الثروة السمكية وشركات البترول  بالمنطقة وهناك منطقة اخرى بشرق بورسعيد يوجد بها ملاحات خاصة واخرى وضع يد ونرى انها الافضل كبديل للملاحة الحالية والأمر يحتاج إلى خمس سنوات لإنشاء ملاحة جديدة لتكون جاهزة للإنتاج. 

«15 مليون طن في ٣٥عاماً»

تعد محافظة الفيوم من المحافظات الرائدة فى إنشاء مصانع استخراج الأملاح ولعل آخرها افتتاح أول مصنع لإنتاج الفاكيوم عالى النقاوة والملح الطبى ضمن مجموعة مصانع الشركة الحكومية المصرية لاستخراج الأملاح من بحيرة قارون «أميسال» بهدف القضاء على عملية الاستيراد خاصة بعد الأزمة الأخيرة التى ظهرت فى الأفق من نقص المحاليل الطبية فى المستشفيات، ويعمل المصنع على إنتاج الملح عالى النقاوة والملح الطبى، ليس هذا فحسب بل تعتزم الشركة بالتعاون مع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة والمحافظة إنشاء مصنع جديد لاستخلاص الأملاح من بحيرة قارون على مساحة 4 آلاف فدان بالساحل الشمالى للبحيرة لإنتاج الأملاح التى يتم استيرادها من الخارج بملايين الجنيهات سنويًا، حتى نحقق الاكتفاء الذاتى بل ونقوم بالتصدير.

يقول د. عبد اللطيف الكردى، رئيس مجلس إدارة الشركة، إنها أنشئت عام 1984 لاستخلاص الأملاح من بحيرة قارون، مشيرًا إلى أن البحيرة تستقبل سنويًا 400 مليون متر مكعب من مياة الصرف الزراعى الناتج عن رى الأراضى الزراعية بالمحافظة، فى بحيرة قارون التى تبلغ مساحتها 55 ألف فدان وعانت فى السنوات الأخيرة من ارتفاع نسبة الملوحة نتيجة البخر، وكادت هذه الأملاح أن تقضى تمامًا على البحيرة وتجلعها مثل البحر الميت، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء الشركة الحكومية «أميسال» بعد أن اجتمعت كل الدراسات العالمية والمحلية على ضرورة استخلاص الأملاح من البحيرة والمحافظة على المعدل الطبيعى لنسبة الأملاح والبالغة 35 جراماً فى اللتر، وتمخضت كل هذه الدراسات عن إنشاء الشركة المصرية للأملاح والمعادن برأس مال يصل إلى 110 ملايين جنيه وهى أموال حكومية 100%، وتشارك محافظة الفيوم برأس مال 5%، وكانت بداية الشركة فى عام 1984 بإنشاء مصنع لاستخلاص كبريتات الصوديوم بطاقة إنتاجية 120 ألف طن سنويًا وتستخدم فى المنظفات الصناعية والأدوية والزجاج وصناعات عديدة، وبعدها تم إنشاء مصنع كلوريد الصوديوم فى عام 2002 وبدأ بطاقة إنتاجية 150 ألف طن سنويًا نصفها للاستخدام الصناعى والنصف الآخر للاستخدام الآدمى، تلاه إنشاء مصنع إنتاج كلوريد الصوديوم والفاكيوم العالى النقاوة وكبريتات الماغنسيوم بطاقة 20 ألف طن سنويا وكلوريد الصوديوم بطاقة 50 ألف طن سنويًا، والمصنع الآخر أنشئ لتوسعات الفاكيوم بطاقة 50 ألف طن سنويًا لإنتاح ملح للاستخدامات الطبية لأول مرة فى مصر والشرق الأوسط بطاقة أولية 15 ألف طن سنويًا ، لافتا إلى أن جميع إنتاج الشركة ينتج لأول مرة ما عدا كلوريد الصوديوم الطبيعى «ملح الطعام»، أما كبريتات الصوديوم والماغنسيوم والملح الطبى فهى تنتج لأول مرة منها جزء لتغطية السوق المحلى والآخر للتصدير، لافتا إلى أنه يتم التصدير للعديد من الدول منها السعودية والأردن ولبنان وألمانيا والبرتغال وروسيا.

وأشار إلى أن لدى مصر مليارات الأطنان من الأملاح وفائضاً يكفينا لعقود زمنية كبيرة وهو حق للأجيال القادمة باعتباره ثروة موجودة على أرض مصر لأنه ملح متجدد «كلوريد الصوديوم»، لافتا إلى أن الشركة تنتج ملح كبريتات الصوديوم والذى يتم استخدامه كمادة مكونة للمنظفات والزجاج، وكربونات الصوديوم وتدخل فى المنظفات وصناعة الزجاج، أما هيدروكسيد الصوديوم فيستخرج منه كلور تعقيم المياه والصودا الكاوية، بالإضافة إلى أن الشركة وفرت 3 آلاف فرصة عملة مباشرة وغير مباشرة معظمها لأبناء الفيوم.

«شمال سيناء».. 98٪ درجة النقاء

ثروات شمال سيناء تؤهلها لان تصبح قلعة الصناعة فى مصر وان يقام على ارضها العديد من المصانع لاستثمار ثرواتها التعدينية وتوفير فرص عمل للشباب واقامة تجمعات عمرانية جديدة ونقل الكثافة السكانية من الوادى الى سيناء. حيث تمتلك المحافظة تميزا بيئيا وطبيعيا اذ تتعرض شواطئها الممتدة على ساحل طوله حوالي200 كم من بور فؤاد غربا حتى رفح شرقا لسطوع شمسى على مدى العام فضلا عن التربة الجيدة الخالية من كافة مصادر التلوث بكل أنواعه.. وقد اتاحت هذه المقومات ان يكون هناك ترسيب للملح وبالتالى انشاء ملاحات تنتج افخر انواع الملح. 

يقول المحافظ اللواء السيد عبد الفتاح حرحور ان هناك «10» خطوط إنتاج للملح تخضع جميعها لإجراء كافة التحاليل بواسطة «معامل وزارة الصحة ومصلحة الكيمياء» حيث تصل نسبة كلوريد الصوديوم لنحو 98% قبل إجراء أى أعمال غسيل أو تكرير عليه. كما ان الملح الخام المنتج يصلح للعديد من الصناعات والاغراض ويبلغ متوسط إنتاج الملاحات بالمحافظة ما يزيد على مليون طن سنويا من اجود انواع الملح فى العالم ويتم تصدير جزء كبير منه عن طريق ميناء العريش البحرى وميناء دمياط، والباقى يتم توزيعه محلياً. كما يوجد بالمحافظة كوادر لها خبرات طويلة ومتميزة فى مجال إقامة الملاحات وتطويرها. خاصة ان هذا القطاع يعتبر كنزا طبيعا على امتداد الساحل والتغذية للملاحات طبيعية من البحر مباشرة بما يبشر بقلعة صناعية فى مجال الملح.

وقد قامت المحافظة بطرح ملاحاتها «سبيكة - العجرة- الصافية- الروضة-القطرات-طولان» للايجار بأسلوب التعاقد بشرط إجراء أعمال التطوير بها وإنشاء مصنع لإنتاج ملح الطعام طبقا للمواصفات القياسية المصرية والحصول على كافة الموافقات من الوزارات المختصة وذلك حفاظا على الصحة العامة للمواطن المصرى.

وقال اللواء محمد شوقى رشوان رئيس الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء إن هناك قيمة مضافة يتم إهدارها من خلال السماح بتصدير الملح الخام دون إجراء أية عمليات صناعية عليه حيث يصدر الملح الخام بما يتراوح بين 15 و20 دولارا للطن فى حين أن إجراء عمليات صناعية بسيطة عليه مثل الغسل وإزالة الشوائب والطحن يضاعف القيمة إلى أكثر من 100 دولار للطن، وإذا تمت إقامة صناعات أخرى عليه مثل الصودا «آش» اللازمة لصناعات الزجاج فإن القيمة المضافة تتضاعف بصورة كبيرة للغاية، وبجانب ذلك فإن استغلال الملح صناعيًا سيوفر الآف فرص العمل التى يحتاجها المجتمع.

ويقول الدكتور حبش النادى رئيس جامعة العريش ان الجامعة أعدت رؤية اقتصادية لاعادة استثمار السبخات القريبة من شاطئ البحر المتوسط فى نطاق شمال سيناء لتعظيم العائد من هذه المساحات الخاصة بالتنسيق مع المحافظة وذلك لإعادة استثمارها وذلك بتوفير مصدر مياه متجدد من البحيرة لتطويرها وتحويلها الى ملاحة وذلك برفع كثافة المحلول الملحى من 8 بومية الى 24 بومية.. علاوة على اقتراح لاقامة مشروعات لإنتاج الارتيميا لاستخدامها فى الوقود الحيوى والطحالب التى تعد الأعلى فى البروتين اللازم لغذاء اسماك المفرخات السمكية والذى يتم استيراده من عدة دول بعملات صعبة . فالارتيميا من الممكن أن تنتج من مزارع سمكية فى أعلى درجات الملوحة وبالتالى فهى من الأحياء المائية الهامة لتنمية صناعة الاستزراع السمكى وتوفير مكون مهم من مكونات هذه الصناعة.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة