عمرو الخياط
عمرو الخياط


عمرو الخياط يكتب: مصر في طوق النار 

عمرو الخياط

الجمعة، 05 يناير 2018 - 09:44 م

وسط طوق النار الملتهبة تقف مصر صامدة في إقليمها المتأججة صراعاته، تقف رافضة للخضوع والخنوع، تقف رافضة للانحناء إلا لله رافضة للانكسار إلا بين يديه، تقف مصر رافضة أن تكون أداة لقوى إقليمية ودولية تتوهم أنه يمكنها تبادل استعراض القوة على حساب مصر.
حرارة لهيب النار التي أحاطت سرادقها بمصر يبدو أنها لم تصل بعد إلى بعض العقول والقلوب لكن ذلك لا يمنع أنها مستعرة، لا يحول دون وصولها إلى وجه الوطن إلا رجال صدقوا ما عاهدوا الله والوطن عليه.
هناك على الحدود الغربية وعلى امتداد خط المواجهة تفتح جبهة بطول ١٢٠٠ كيلو متر، لتفرض تحديا وجوديا جديداً على الدولة المصرية، مسرح عمليات بالكامل يتم نقله إلى الأراضي الليبية كخزان جديد للعناصر الإرهابية متعددة الجنسية التي تتأهب لاستهداف الوطن المصري الذي كشف وجهها القبيح في ثورته العظيمة في ٣٠ يونيو.
بينما في الجنوب يحاول السلطان التركي مد جسر إخواني من اسطنبول إلى السودان ليتركز بقاعدة جديدة على ظهر مشروع إخواني لا يعترف أساسا بفكرة الوطن، مقيما أول قاعدة أجنبية إرهابية لفلول التنظيم الإخوانى فوق جزيرة «سواكن»، ومكرراً نفس سيناريو الغباء الإخوانى الذي مازال غير قادر على استيعاب قيمة وحجم الوطن والغضب المصري.
وفى الشرق لا تتوقف قوى الاستعمار الجديد عن سكب الزيت على النار ظناً أنه يمكن تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأرض المصرية.
وسط هذا الحريق الإقليمي لا تتوقف مصر عن الإنجاز، الأدخنة المتصاعدة لا تقوى على تغييب الوعي المصري عن إدراك هدفه الاستراتيجي، مشروعات عملاقة يتم إنجازها لا تمثل رصيدا قوميا للأجيال المقبلة فحسب، وإنما تمثل تحدياً جديداً لحرفية ومهنية العمالة المصرية التي طالما اشتكت من معاناة البطالة.
أنفاق يتم شقها كطرق ممهدة وقنوات للحركة الإستراتيجية حيث لن يترك شيء للصدفة بعد الآن، أنفاق تربط عقل الوطن بقلبه معلنة عن عزيمة جديدة للتمسك بالأرض وتعميرها وتوطين الحياة على أرض سيناء.
استكمل جولتك حول محيط وطنك الملتهب وتوجه نحو مضيق باب المندب لتجد ألسنة النار المستعرة قد ازداد لهيبها بفعل اللاعب الإقليمي الذي مازالت تراوده أحلام الإمبراطورية، لا يستفيق من أوهام غزوه إلا وقد وجد أمامه امتدادات أسطول البحرية المصرية رابضة فوق المياه وقد أحالت أحلامه وأوهامه إلى كابوس.
لا تتوقف عن الدوران حول وطنك ثم اتجه إلى البحر الأحمر واستمتع بشواطئه، وَلَكِن وأنت في غمرة استمتاعك لا تنس أن تستشعر الخطر الوافد من أعالي البحار لا يردعه إلا «الميسترال» المحمول على ظهرها آليات أمن وأمان الوطن.
بعد هذه الجولة الذهنية الجغرافية عد إلى ثكناتك واسترح قليلا، ثم استأنف التجوال من حول ذاتك لتجد إرهابا لم يعد يفرق بين مسجد أو كنيسة، لم يعد يفرق بين مدنيين وعسكريين ثم عد هذه المرة إلى ذاتك وأسأل نفسك أين تقع من المحيط الدائر حول وطنك وما واجبك نحوه؟، أين حدود مسئولياتك الوطنية نحو بلدك، أين حدود مسئولياتك الإنسانية تجاه أبنائك وأحفادك؟، هل تمكنت من إيجاد المبرر الأخلاقي لكي تقنع نفسك بأنك غير معنى بتلك المعركة؟، فإذا وصلت إلى نتيجة وطنية بأنك طرف أصيل في تلك المعركة فلتبادر فورا بأداء دورك، أما إذا وصلت إلى نتيجة عكسية بأنك غير معنى بالأمر فلتقل خيرا أو لتصمت وتترك المسئولية لأهلها دون أن تطل علينا بين حين وآخر منصبا نفسك خبيراً استراتيجياً لتقييم الآخرين فى أوقات فراغك.
والآن حاول أن تتخيل الأثمان الباهظة التي تحاول أطراف دولية تحميل فواتيرها لوطنك الذي وقف صلباً في الأمم المتحدة أمام مشروع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والذي مازال يتصدى لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأرض المصرية.
حاول أن تتخيل فداحة الثمن الذي يفرض على وطنك الذي وقف وحيداً في مواجهة تيارات وجماعات وتنظيمات ظلت عقوداً طويلة تمارس أدوارا مدفوعة الأجر لتشويه الإسلام وتكريس الطائفية وتفتيت وحدة الفكرة الإسلامية، وإيجاد مبرر لإقامة دولة دينية يهودية، حاول أن تتخيل حجم الضغوطات التي تفرض على وطنك الذي عقد العزم على الاستثمار والتنمية على أرض سيناء ودمجها في قلب الوطن.
بعد كل هذا حاول أن تفهم ما الذي يحققه وطنك، حاول أن تشعر بمحاور إستراتيجية توازن الردع التي يبنيها وطنك، إياك أن تغفل عينيك عن سد النهضة وتخيل انك تفتح صنبور الماء في منزلك فلا تسعفك قطرات الماء وأطفالك من حولك، تأكد أن كل قطرة ماء لن يتم الحفاظ عليها إلا مقابل قطرات من الدماء المبذولة، فإذا كنت لا ترغب في أن تقدم صدقة من دمائك لوجه أطفالك ولوجه الوطن فلتلتزم بأضعف الإيمان وتساند وطنك بقلبك.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة