صورة لمجندين حزب العمال الكردستاني بينهم فتيات
صورة لمجندين حزب العمال الكردستاني بينهم فتيات


الأتراك والأكراد .. 40 عامًا في صراعٍ لهجته الدماء

أحمد نزيه

الإثنين، 08 يناير 2018 - 12:09 ص

1984، ليس المقصود الرواية الشهيرة للروائي والصحفي البريطاني جورج أورويل التي ذاع صيتها، لكنه ذاك العام الذي بدأ فيه حزب العمال الكردستاني تمرده العسكري جنوب شرق تركيا، والذي خلف ما يربو على أربعين ألف قتيلٍ خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.

ولكن قبل هذا في عام 1978 برز اسم طالبٍ كرديٍ يُدعى عبد الله أوجلان، أسس رفقة أقرانٍ له حزب العمال الكردستاني بشكلٍ سريٍ بهدف السعي نحو تأسيس دولة كردية مستقلة في المناطق ذات الأغلبية الكردية في كل من تركيا والعراق وسوريا وإيران.

وكما فعل مصطفى بارزاني (والد مسعود بارزاني الذي كان زعيمًا لإقليم كردستان وقت استفتاء الانفصال عن العراق) من اتخاذ نهج الكفاح المسلح من أجل جمهورية كردية لأكراد العراق خلال منتصف القرن الماضي، سار أوجلان ومن معه على نفس النهج الذي لا يزال قائمًا جنوب شرق تركيا إلى يومنا هذا.

الجيش التركي يقتل مسلحين أكراد

ودون أن نبحر كثيرًا في سرد تفاصيل الماضي، فإن ما شهدته الساحة الدولية في الأونة الأخيرة على صعيد بلاد الأناضول يظهر أن الصراع القائم منذ 1984 لا يزال هو المتحكم في توجهات الدولة التركية ورئيسها رجب طيب أردوغان.

الجيش التركي أعلن يوم الأحد 7 يناير قتله لستة من مسلحي حزب العمال الكردستاني خلال غاراتٍ له شمال العراق قرب الحدود مع تركيا، متحدثًا عن أن تلك الغارات الجوية جاءت بعد رصد استعداد عددٍ من المسلحين لاستهداف قواعد ومخافر عسكرية قرب الحدود التركية.

مسلسلٌ من إراقة الدماء في كلا الجانبين سواء عناصر حزب العمال الكردستاني والجيش التركي لا يزال متواصلًا خلال معركةٍ أشبه بمعركة وجودٍ بين أكراد تركيا الساعين للاستقلال أو على أقل تقدير فرض حكمٍ ذاتيٍ لهم جنوب شرق تركيا، وبين الدولة التركية التي ترفض كغيرها من الدول المجاورة لها (العراق وإيران وسوريا) تمكين الأكراد من حلم الاستقلال.

مصالحة فاشلة

مصالحةٌ فاشلةٌ أجرتها حكومة أردوغان مع حزب العمال الكردستاني عام 2013، مقابل تحسين حقوق الأكراد في تركيا، على أن يسحب حزب الأكراد عناصره من تركيا إلى شمال العراق، خلال اتفاقٍ أيده عبد الله أوجلان نفسه من منفاه بجزيرةٍ صغيرةٍ بحر مرمرة.

إلا أن نقض حزب العمال الكردستاني للاتفاق كما تقول أنقره، وتنفيذه عملياتٍ عسكريةٍ متلاحقةٍ ضد القوات التركية، أعاد الوضع إلى سابق عهده من مواجهاتٍ متفرقةٍ بين الجانبين.

توتر العلاقات مع واشنطن بسبب الأكراد

الأكراد في أي مكانٍ بالشرق الأوسط باتوا يمثلون هاجسًا للحكومة التركية، بل ووصل الأمر إلى توتر العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة جراء تسليح واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.

ففي شهر يونيو الماضي قرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسليح القوات الكردية التي تقاتل عناصر تنظيم ما يُعرف بالدولة الإسلامية "داعش" على الأراضي السورية إلى جانب قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

أنقره اعتبرت حينها القوات الكردية في سوريا امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه الدولة التركية على إنه تنظيمٌ إرهابيٌ.

وإلى جانب تركيا تُصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيران وسوريا وأستراليا الحزب على أنه تنظيمٌ إرهابيٌ، وهو ما أكده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائه نظيره التركي أردوغان يوم السبت 6 يناير، في حين ترفض الأمم المتحدة إدراج الحزب ضمن المنظمات الإرهابية إلى جانب روسيا والصين ومصر والهند.

ورغم محاولة إدارة ترامب إقناع أنقره بقيام واشنطن باسترجاع الأسلحة المسلمة للقوات الكردية فور انتهاء عمليات القتال ضد تنظيم داعش، إلا أن هذا لم يكن كافيًا بالنسبة لأردوغان، الذي صب غضبه على واشنطن بعد تلميحاتٍ لوزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس بإمكانية استمرار تسليح الأكراد لفترةٍ أطول، ليقول حينها الرئيس التركي أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه تهديد حدودها جراء تسليح واشنطن للأكراد في سوريا.

إذا أردت أن تبحث عن المواجهات بين مسلحي حزب العمال والكردستاني والجيش التركي خلال عامٍ واحدٍ فستعثر على أخبارٍ وأحداثٍ تتناول سقوط قتلى هنا تارةً، وقتلى هناك في تارةٍ أخرى، دون أن يؤذن بعد لوضعٍ حد لذلك الأمر، ليبقى الصراع قائمًا لفترةٍ قد تتجاوز الأربع عقود فيما هو قادمٌ.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة