محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


بين الإهمـال والعصر الحجـرى وخـدمة المقاهـى و«وقــف» زعزوع

محمد البهنساوي يكتب: السيـاحة النيليـة.. من ينقذها من الغرق ؟!

محمد سعد

الثلاثاء، 09 يناير 2018 - 08:31 ص

فى كل دولة سياحية.. يبحث القطاع السياحى الحكومى والخاص عما تتفرد به من مزايا وأنماط سياحية عن باقى الدول.. لتقوم بتنميتها وتطويرها.. وتحولها إلى نقطة مضيئة فى منتجها السياحى.. وتتبارى الدول وتتنافس فى تحويل ميزة ولوبسيطة اوتافهة إلى منتج سياحى عالمى.. لمجرد انها تتفرد بتلك الميزة.. اما فى مصر.. فالوضع مقلوب تماما.. فقد حبانا الله بمزايا وانماط لا مثيل لها فى العالم.. لكننا نتفنن فى إهالة تراب الإهمال واللامسئولية على الكنوز الربانية التى نتمتع بها.
واليوم نسوق مثالا صارخا ومنذ سنوات على هذه العادة المصرية الأصيلة.. الا وهى السياحة النيلية.. التى لا مثيل له فى العالم.. أولا من حيث جمال وروعة النيل نفسه.. وثانيا الكنوز العديدة على ضفتيه.. سواء من مزارات أثرية وتاريخية.. او خضرة ومزارع.. وللعلم فإن السياحة النيلية بمصر لها عشاق ومريدون من كل دول العالم.. ومع هذا ماذا فعلنا بهذا المنتج.. استمرت يد الإهمال تغتاله نهارا جهارا حتى اصبح فى ذيل أنماطنا السياحية.. واصبح من بين اكثر من 280 فندقا عائما.. يعمل فقط ومنذ سنوات 60 فندقا فقط.. وتراجعت اسعار الرحلات النيلية من حوالى 400 دولار لليلة الواحدة.. إلى 20 بل و15 دولار حاليا !!
الأسبوع الماضى تعرضت عدة فنادق عائمة للشحوط بالنيل.. والسبب السدة الشتوية.. المصيبة أن هذه السدة معلوم معادها سنويا.. لكن تحدث مشاكلها وكأننا نفاجأ بها.. فمعروف للجميع ان مجرى النيل لم يتم « تكريكه « منذ 2011.. ويتم فقط تجريف المجرى بعدما تحدث كارثة الشحوط سنويا.. فمجرى النيل بالنسبة للمراكب كالطريق المظلم للسيارات.. لابد من علامات إرشادية تحدد المسار الصحيح.. وتكشف المطبات والمنحنيات ومناطق السير الآمن.. فتعطل مركب او فندق عائم يعطل باقى المراكب خلفه.. وفى مجرى النيل كانت هناك نشرة دورية تصدر سنوية بمنسوب المياه.. ليس هذا فحسب.. إنما كانت هناك « الشمندورات « والتى تحدد لقائدى المراكب والفنادق العائمة المناطق الامنة للسير.. وهذه ايضا اختفت مع اختفاء التكريك.. لتزداد الطينة بلة.. بجانب منح تراخيص سير الفنادق دون متابعة من الملاحة النهرية لطول الغاطس وتناسبه مع السدة الشتوية.. ورغم تحذير أصحاب الفنادق العائمة وإخطارهم لوزارتى السياحة والرى مبكرا من مشاكل الشحوط فى السدة الشتوية لم يحرك هذا ساكنا فى الوزارتين.. وتكررت المشكلة.
الادهى ان الامر كان سيمر مرور الكرام على المسئولين بالوزارتين مع بعض المسكنات من عمليات تجريف بسيطة لولا تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى.. ومسارعته بعقد اجتماع عاجل بحضور الوزراء والمسئولين لمناقشة المشكلة.. وهذه هى الإيجابية الكبرى التى أسفرت عنها المشكلة.. لأن الرئيس طالبهم وبوضوح بوضع حد لمشكلة الشحوط وضمان عدم تكرارها.. ومن المؤكد انه سيكون هناك تحرك للحل.. سنتابعه من جانبنا.
الشحوط ليست مشكلته فى تعطل حركة المراكب إنما فى الإساءة الكبرى لسمعة مصر السياحية.. فلنا ان نتخيل ما يتم بعد الشحوط من نقل بدائى للسائحين وإجلائهم للإتوبيسات.. واستكمال برنامجهم السياحى برا.. وهو ما لم يتفقوا عليه.. فيشعر السائح انه تعرض لعملية نصب.
ليس الشحوط فقط ما يسئ لهذا المنتج السياحى العظيم والفريد.. لكن الكارثة الأخطر الحالة المزرية والرديئة لكافة المراسى على مجرى النيل خاصة التى ترسو عليها الفنادق العائمة.. إنها مراسى غير ادمية على الإطلاق.. وتسئ لسمعة مصر بل وتظهرها انها بلد بدائى غير متحضر.. ومن يريد التأكد من ذلك عليه زيارة مرسى سياحى حتى فى الأقصر درة تاج السياحة الثقافية بمصر والعالم.. فما بالنا بباقى المراسى قى كو أمبو وإدفو واسنا وغيرهم.. ولن نتحدث عن مراسى المنيا وأسيوط وبنى سويف.. سلالم محطمة تعد فخا لمن يسير عليها.. ولو أن هناك مريضا او مسنا يقوم السائحون بحمله حتى يعبر المرسى.. وأرضية غير نظيفة.. ودورات مياه غير آدمية.. وسقالات اكل عليها الزمن وشرب وتعيدنا إلى العصر الحجرى.. ناهيك عن محاولات مضايقة السائح والنصب عليه.. الكارثة ان وزير السياحة السابق هشام زعزوع كان قد وضع خطة لتطوير كافة المراسى على النيل.. واعتمد لها ميزانية 28 مليون جنيه.. وبعد تركه منصبه.. مات المشروع وتوقف التمويل رغم أنه متوافر.. وكأن هذه المراسى تخص زعزوع او وقف له وليس مصر !!
وداخل الفندق العائم يقضى السائح رحلته كلها بالمركب.. وهذا يتطلب عمالة من نوع خاص.. على اعلى مستوى من التدريب والجودة.. الان اختفت هذه العمالة تماما.. وبدأت الخدمة على الفنادق وكأنها خدمة فى مقهى بلدى !!.. والأدهى وفى إطار تدمير هذا المنتج.. اغلقت وزارة السياحة مراكز تدريب العمالة والطهاة بالأقصر وأسوان.. والحجة جاهزة.. « فساد فى منظومة التدريب «.. ولم نسمع عن إحالة مسئول واحد للنيابة بسبب هذا الفساد.. ولم نعيد تشغيل تلك المراكز !!
هذا بعض من فيض من المشاكل التى تواجه السياحة النيلية التى تشكو إلى الله والمخلصين من قادتنا غياب المسئولية والتنسيق.. ولننتظر الحلول !!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة