صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


النزاع في شبه الجزيرة الكورية.. قصة الأعداء الذين تحولوا لحلفاء

أحمد نزيه

الثلاثاء، 09 يناير 2018 - 09:50 م

بدأت اليوم الثلاثاء 9 يناير محادثاتٌ دبلوماسيةٌ بين الكوريتين الجنوبية والشمالية، في محاولةٍ لفتح قنوات الاتصال مرة أخرى بين البلدين، والتي انقطعت منذ أكثر من عامين، في ظل تدهور العلاقات الثنائية بين بلدين كان كثيرٌ من مواطنيهما يرغبون في يومٍ من الأيام أن يكونوا تحت مظلة "بلدٍ واحدٍ".

وتسعى كوريا الجنوبية لتبديد خطر البرنامج النووي لجارتها الشمالية عليها، في حين تصر بيونج يانج على المضي قدمًا في إنجاز مشروعها النووي الذي يمثل «صداعًا» في رأس الولايات المتحدة ،حليفة كوريا الجنوبية.

وفي الوقت الراهن، تتحالف كلٌ من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية معًا ضد ما يعتبرونه خطرًا يواجههم قادمًا من كوريا الشمالية، لكن هل كان هذا التحالف الثلاثي وثيقًا منذ البداية؟

احتلال اليابان لكوريا الجنوبية

القصة تبدأ من احتلال الإمبراطورية اليابانية لشبه الجزيرة الكورية في أغسطس من عام 1910، ذلك الاحتلال الذي استمر حتى عام 1945، حيث هوى الاحتلال الياباني لجارته كوريا مع سقوط اليابان في هزيمةٍ مدويةٍ خلال الحرب العالمية الثانية.

ومع نهاية الحرب العالمية تقدم الجيش الأحمر السوفيتي إلى الأراضي الكورية لتحريرها من قبضة اليابان ،المُنهزمة في الحرب، وفي الوقت ذاته، تقدمت القوات الأمريكية عبر المحيط الهادي من جنوب كوريا، لتلتقي وجهًا لوجه مع القوات السوفيتية عند دائرة عرض 38 ، وهو المكان الذي اتُخذ فيما بعد خطًا فاصلًا بين الكوريتين.

رغبات الشيوعيون الكوريون الذين كانوا يسكنون شمال شبه الجزيرة الكورية، في إجراء انتخاباتٍ موحدةٍ لجمهورية كوريا، يختار من خلالها شعب كوريا الموحد نظام الحكم الذي يرغب فيه، اصطدمت بأطماعٍ أمريكيةٍ في البقاء في الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية حال دون ذلك.

أمريكا بدت حينها أنها احتلت كوريا الجنوبية، ورفضت أن يتم توحيد شبه الجزيرة الكورية، لتتقسم إلى دولتين قائمتين حتى الآن هما كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

تحالف أمريكي ياباني كوري جنوبي

كانت تلك قصة البدايات في شبه الجزيرة الكورية، وبالعودة إلى أرض الواقع حاليًا، سنجد أن كوريا الجنوبية تتخذ من اليابان حليفةً وثيقةً، وهي الدولة التي فرضت احتلال على شبه الجزيرة الكورية استمر لخمسة وثلاثين عامًا، كما تتحالف الولايات المتحدة التي احتلت كوريا الجنوبية لفترةٍ بعد انتهاء الحرب العالمية مع سيول.

وبمراجعة دفاتر الحرب العالمية الثانية، سنجد أن اليابان كانت خلال تلك الحرب ضد الولايات المتحدة، حيث كانت الأولى ضمن دول المحور إلى جانب ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، في حين كانت واشنطن تتزعم دول الحلفاء إلى جانب الاتحاد السوفيتي وبريطانيا وفرنسا، فما الذي جعل الأعداء يومًا ما يتحولون إلى حلفاءٍ، يشكلون تحالفًا ثلاثيًا في وجه كوريا الشمالية؟

حرب الأربع سنوات بهدف الحرب على الشيوعية

لم يكن هذا التحالف بين فرقاء الحرب والاحتلال وليد اللحظة، بل بدأ بعد انقضاء سنوات الحرب العالمية الثانية وتبعاتها، فاندلاع الحرب بين الكوريتين بدأ في يونيو من عام 1950 برعايةٍ أمريكيةٍ، فقد بدأت أحداث تلك الحرب بتمكن الجيش الشعبي الكوري في الشمال من تحرير سيول عاصمة الجنوب من القوات الأمريكية المسيطرة عليها، وإلحاق الهزيمة بالولايات المتحدة.

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فسرعان ما دخلت الولايات المتحدة من جديد الأراضي الكورية ضمن تحالفٍ دوليٍ رعته الأمم المتحدة، بعد تصويت مجلس الأمن الدولي لصالح ذلك في غياب المندوب السوفيتي الذي لم يحضر عملية اتخاذ القرار في مجلس الأمن، فغاب حينها حق النقض السوفيتي الذي كان كفيلًا حينها بإبطال مشروع الحرب الأمريكي.

وتمكنت القوات الأمريكية التي قاتلت تحت لواء الأمم المتحدة من استعادة السيطرة على كوريا الجنوبية، قبل أن تتدخل الصين لتدعم كوريا الشمالية، لتفضي الحرب في النهاية على اتفاق هدنةٍ جرى في يوليو عام 1953، لا يزال الوضع قائمًا عليه إلى وقتنا هذا.

وكانت الولايات المتحدة تسعى من خلال السيطرة على شبه الجزيرة الكورية أن تجعلها منصةً تواجه بها خطر جمهورية الصين الشيوعية، والتي تتبع نظام الحكم المماثل لجمهورية كوريا الشمالية.

هكذا هي السياسية والعلاقات الدولية فلا تحالفٌ يستمر على طول الطريق، ولا عداءٌ بين دولتين يظل سرمديًا، والتحالف الأمريكي مع كوريا الجنوبية واليابان خير مثالٍ لذلك.

 

 

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة