محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: ناصر والسيسي.. بين التشابه والبحث عن الرمز

محمد سعد

السبت، 13 يناير 2018 - 09:13 م

تحل هذه الأيام الذكري المئوية لميلاد الزعيم جمال عبد الناصر.. وناصر بما له وعليه.. وبعيدا عن تمجيد أنصاره.. أو انتقادات معارضيه.. سيظل علامة فارقة ومحطة مهمة في التاريخ المصري بل والعربي والدولي.. ورغم من يختلفون مع ناصر ويسردون سلبياته.. فلا خلاف حول أن ناصر كان زعيما بكل ما تحمله الكلمة.. ووطنيا من الطراز الأول.. ورئيسا وضع بلده في مكانة الريادة التي تستحقها.. وأصبحت مصر في عهده قوي فاعلة دوليا يعمل لها الجميع ألف حساب.. بجانب أنه أيقظ الوعي القومي العربي من سباته.. وأسس لوحدة عربية كان من شأنها لو استمرت أن تغير خريطة منطقتنا بأكملها
اليوم لست في مجال الحديث عن مزايا أو عيوب الزعيم الراحل.. فهناك من هم أهل لكل هذا وباقتدار.. لكن ما أود الحديث عنه محاولات البعض ومنذ ثورة يونيو التي استعادت مصر من براثن الإخوان.. تشبيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر.. والحديث عن السيسي وكأنه إعادة إنتاج لناصر مع فارق الزمن واختلاف الظروف محليا وإقليميا.. ومن ينظر للرجلين يجد أن هناك ظروفا حتمية جعلت هناك تشابها كبيرا بينهما.. فكلاهما قام بعملية أشبه بالعمليات الفدائية " سياسيا ".. غيرا بها وجهة مصر تماما.. وأنقذاها من مصير مجهول كل الشواهد كانت تؤكد أنه مظلم.. ولم يعبأ أي منهما بتبعات هذه العملية عليه شخصيا والتي كان ثمنها حياته لو فشلت أو تم إجهاضها.
وبما أن كلا من العمليتين الفدائيتين قد كتب الله لهما النجاح. والتفت الجماهير حولهما إنقاذا لمصر من حاضر مضطرب.. واستشرافا لمستقبل يليق بوطن كبير.. فقد وضع المصريون كلا من ناصر والسيسي في مصاف الزعماء التاريخيين.. وهذا وجه آخر للتشابه بينهما.. وامتدادا لهذا التشابه الإجباري.. نجد نشأة كل منهما في أسرة عادية وبيئة وطنية شعبية صحية مثل معظم المصريين.. وترعرع كل منهما في القوات المسلحة المدرسة العليا للوطنية ومصنع الرجال بمختلف العصور.. فتشربا منها عشق تراب الوطن.. والتقرب للبسطاء من أبنائه.. والبحث بكل السبل عن وضع مصر في مكانتها المستحقة
نصل لنقطة التقاطع بينهما.. وهي نقطة واحدة يجدها البعض مركزا للالتقاء.. وأجدها نقطة التقاطع والاختلاف بين الرجلين.. ألا وهي الزعامة.. وفي رأيي المتواضع أن الزعامة هي التي تجعل السيسي ليس بناصر.. لا أتحدث عن الزعامة كحقيقة واقعة.. إنما كهدف ومسعي وغرض.. ففي اعتقادي أن الرئيس السيسي لا يشغله مطلقا أن يكون زعيما.. لكنه فقط يريد الإصلاح ما استطاع.. حتى ولو كانت قراراته الإصلاحية تنال وتقتطع من الزعامة بما يؤكد أنها ليست هدفا له.. السيسي يتعامل مع البسطاء مثل الطبيب الذي يعرف علاج المريض.. وينفذه بحذافيره مهما كانت آلام الدواء لكنه في النهاية سيؤدي للشفاء.
ناصر تسلم اقتصادا قويا عفيا.. لكنه لم يكن كذلك عندما تسلمه بعده السادات.. فخيرات مصر وثروتها ربما تم استنزاف جزء منها لترسيخ الزعامة الإقليمية والدولية.. العكس تماما مع السيسي.. تسلم اقتصادا مهلهلا.. علي حافة الانهيار.. لكن الآن نجد أن هناك ، ليس محاولات ،إنما قرارات ومشروعات تسعي لإعادة اكتشاف ثروات مصر من جديد.. لصالح مصر والمصريين فقط
علي المستوي الإقليمي والدولي.. أدرك الاثنان حجم وقيمة ومكانة مصر.. لكن نجد أن السيسي يرسخ تلك المكانة بكسب الأشقاء والأنصار والأصدقاء بأسلوب هادئ بعيدا عن التعالي.. ويدرك السيسي حجم المخاطر والمؤامرات التي تحاك ضد مصر.. وبالمناسبة هي نفسها تقريبا المؤامرات وقت حكم ناصر.. وبخبرة السنين والتجارب التي استوعبها السيسي جيدا ينأي بمصر عن أية قرارات تلقي بها فيما تم وضعه من مطبات وحفر مضاءة بأحلام الزعامة والقيادة
أخيرا وليس آخرا.. ورغم كل ما سبق نجد أن البعض مازال يقارن السيسي بناصر محاولا استنساخ نفس النموذج.. وهذا في رأيي لسبب بسيط ألا هو البحث عن رمزية الزعامة.. أما ثمنها فمن المؤكد بأسلوب الرئيس أننا لن ندفعه مرة ثانية !!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة