كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

كرم جبر يكتب: الديمقراطية والخلطة الأمريكية!

كرم جبر

السبت، 13 يناير 2018 - 11:42 م

أعتقد أن ترامب لا يختلف كثيراً عن أوباما وبوش الأبن، في تعامله مع ملف العلاقات المصرية الأمريكية، وأعتقد أن واشنطون غير «مرتاحة»‬ لسياسة الاستقلال الوطني التي يتبعها الرئيس السيسي، سواء في تنويع مصادر السلاح، أو عدم السماح بالتدخل في شئونها الداخلية، أو سياستها المستقلة في قضايا المنطقة، بما يخدم المصالح الوطنية العليا.. أمريكا لم تستوعب الأحداث التي مرت بها مصر بعد 25 يناير، وتتطلب من واشنطون نظرة أكثر دقة وموضوعية.
لم تسقط مصر كما كان مخططا لها في ثورات الربيع العربي، وكانت هي الجائزة الكبرى التي تضمن نجاح المخطط، فهي القلب الذي يضخ دماء الحيوية للمنطقة وطالما ظل القلب ينبض فلن يكتب علي العرب الوفاة، ومدت القاهرة يدها لتستنهض همم الدول التي وقعت في مستنقع الإرهاب، الذي هو صناعة غربية.
فتش الغرب في كل دولة عربية مستهدفة بالجحيم، عن شيطان داخلي ينفذ «‬الفوضى الخلاقة» ويشعل الحروب والصراعات، ويدير ماكينة القتل الذاتي، وابتدعوا نظرية «‬الصحوات الإسلامية»، بإيقاظ جماعة دينية متطرفة في كل دولة تعلن الحرب علي الآخرين، فأيقظوا الإخوان والحوثيين، وصنعوا داعش والجيش الشعبي، وأعادوا الحياة للجماعات الإرهابية التي دخلت جحورها بعد حروب الثمانينيات.
لم يكن مريحا لأمريكا والغرب- خصوصا بريطانيا- أن تحدث في مصر صحوة معاكسة، متمثلة في صلابة الجيش وصرخة الشعب، والتحام الطرفين في منظومة رائعة، أعادت بناء الدولة التي حاولوا هدمها في زمن قياسي.. وبدلاً من أن تنهار مصر، تنفذ برنامجاً غير مسبوق للتنمية، ينقلها لآفاق واسعة، ويفتح أبوابها أمام فرص استثمار هائلة.. وكيف يحدث ذلك، وكان المخطط هو ضرب الاقتصاد المصري حتى لا تقف البلاد علي قدميها؟.
أصبح البديل أمام العواصم العربية لتسترد أنفاسها من رياح الجحيم العربي، هو »‬النموذج» المصري وليس »‬الربيع» الأمريكي، وتأجلت مخططات «‬سايكس بيكو» الدينية، التي غلفتها واشنطون بشعار كاذب هو الشرق الأوسط الكبير، بتفكيك دول المنطقة وهدمها، ثم إعادة تركيبها وبنائها.. لعبة تحضير العفريت ثم صرفه.
ليس صحيحا بالمرة أن من يحضّر العفريت يعرف يصرفه، وانتهت الأحداث بتحول العفاريت إلي شياطين، والعفريت عندما يتسلح بالقنابل والمتفجرات ويدمر أرضه ويقتل شعبه، يصبح شيطانا لا يفرق بين عدوه وشقيقه، ولم تستوعب واشنطون درس 11سبتمبر عندما حضرت العفاريت في أدغال أفغانستان، فظهر الشياطين في ساحة برجي التجارة.
لم تفهم واشنطون أن الديمقراطية التي تبكي علي ملفها، ليست ساندوتش هامبرجر ولا زجاجة بيبسي، عودت شعوب العالم علي قبول مذاقها، ولكنها ثقافة وحضارة وتاريخ واديان وموروثات، وتقاطعات متداخلة ومتشابكة ومعقدة.. ربما لا تصلح معها «‬الخلطة» الأمريكية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة