جانب من الحوار
جانب من الحوار


عبدالحكيم: أين ذهبت 3 ملايين جنيه بأسعار عام 70 خصصت لعمل تمثال لعبد الناصر بميدان التحرير؟

هالة العيسوي

الإثنين، 15 يناير 2018 - 06:01 م

الحوار مع المهندس عبد الحكيم عبد الناصر، له مذاق خاص متنوع الإيقاعات.. يبدأ هادئا ثم يتصاعد مع حديث السياسة ويصل لمرحلة الكريشندو أو الذروة حين يعرج الحديث نحو المحاولات التي لا تتوقف لتشويه تاريخ وسيرة الزعيم، لتعود إليه رنة البهجة حين نقف في شرفة الذكريات طل على بيت اعتاد أن يكون دافئا بسيطا وسعيدا ثم خيمت عليه سحب نكسة 67 فسلبت منه الدفء والمرح وحلت محلها أبخرة الهم والمسؤولية.. في مناسبة مرور مائة عام على ميلاد الزعيم خالد الذكر نحاور الإبن الأصغر لعبد الناصر:

< نبدأ الجولة من ترتيبات الاحتفال بالمئوية

- الاحتفال بالمئوية سيتواصل طول السنة بدءا من 15 يناير، وحسب معلوماتى ستكثف الاحتفالات بالتوازى مع مناسبات معينة كذكرى الميلاد ،عيد الثورة، خروج الملك، تأميم قناة السويس، حرب السويس، عيد الوحدة، وذكرى الوفاة

وهناك مبادرات خارجية من كل الدول العربية وروسيا والهند وبعض دول الاتحاد السوفييتى السابق ودول أمريكا اللاتينية، كوبا، فنزويلا الآرجنتين. وهذه الدول ستحيى المناسبة فى بلادها سواء بإقامة التماثيل فى أهم ميادين العواصم والمدن الكبرى أو بعقد الندوات والمؤتمرات.

< ما مصير التمثال الذى كان مقررا وضعه فى ميدان التحرير؟

- حين توفى الوالد صدر قرار بعمل تمثال لجمال عبد الناصر يقام على القاعدة الخالية التى كانت موجودة فى ميدان التحرير ووقتها تم عمل اكتتاب وفتح حساب لصالح إقامة التمثال، سمعت انهم جمعوا وقتها 3 ملايين جنيه، فى ذلك الوقت كان الجنيه الذهب يساوى أربعة جنيهات مصرية،يعنى مايقرب من مليون جنيه دهب لا أعرف عنه شيئاً.. هذا أمر تابع للدولة وكانت تشرف عليه وزارة المالية.

< هل تتصور ان هذا راجع لمحاولات طمس إنجازات الثورة وتشويه تاريخ ناصر؟

- اريد ان أسأل من يهاجمون ثورة يوليو من 40سنة ويتهمونها بالتسبب فى كل الإخفاقات: لماذا خرج الناس فى ثورة يناير يحملون صور جمال عبدالناصر؟ ولما سرق اعداء عبد الناصر ثورة يناير رفع فيها الثوار صور جمال. حتى فى 30يونيو كان جمال عبد الناصر هو قائد الثورة لأن الشعب التف حول صور جمال عبد الناصر وحول مقولاته عن هذه الجماعة التى سرقت الثورة؟
لقد قام جمال عبد الناصر بالثورة على اوضاع فاسدة كان المصريون يعانون منها والاحتلال الانجليزى كان يحكم لمدة سبعين سنة، كان هناك حكم طبقة النصف بالمائة واتباعهم جميعا يشكلون خمسة بالمائة هى التى تحصل على كل الامتيازات.. الفترة التى قام فيها جمال عبد الناصر والضباط الأحرار بالثورة كانت اوضاع فاسدة بدليل ان الثورة لاقت تأييدا شعبيا جارفا وكان اول قرار تصدره الثورة بعد45 يوما من قيامها هو قانون الاصلاح الزراعى ولأول مرة فى التاريخ القديم والحديث يمتلك الفلاح أرضا بعد ان كان الفلاحون هم الذين يدفعون فواتير كل شيئ وعندما دخلت الصناعة استفاد العمال وكانت اوضاعهم سيئة. لقد قامت الثورة من اجل الشعب لم يكن العامل يعامل بآدمية، لم يكن هناك تأمينات، ولاتحديد لساعات العمل، اهتمت بالتعليم واصبح حقا لكل مواطن مصرى وليس مقصورا على فئة معينة، اهتمت بالصحة يكفى مشروع الوحدة المجمعة لأول مرة حيث كان الشباب فى كل قرية يجدون مكانا واحدا يتعلمون فيه ويعالجون ويمارسون الرياضة.
وما أبقى الثورة حية فى وجدان الناس طيلة حكم عبد الناصر حتى وفاته هو انجازاتها وانحيازاتها للغالبية العظمى من الشعب ويكفى انها فى كل ذلك الحين لم تقم بتصفية من قامت ضدهم مثل الثورات الأخرى واكتفت بتصفية امتيازاتهم.

ربنا أنصف جمال عبد الناصر
< متى بدأ التراجع عن مسيرة ثورة يوليو فى رأيك؟ وما مظاهر التراجع؟

- ثورة 23 يوليو استمرت لما بعد وفاة عبدالناصر وبعدها تبنى النظام سياسة معاكسة 180 درجة ولذلك انتهت كل هذه المظاهر الآن ولذلك أشفق على الرئيس السيسى أن يبدأ البناء من اول وجديد. بدأت ملامح التراجع تتضح بعد وفاة عبد الناصر بما سمى ثورة التصحيح وتصفية كل العناصر الفاعلة فى نظام عبد الناصر لكن كانت هناك مشكلة ان هناك جيشاً أعيد بناؤه واصبح جاهزا للمعركة وحرباً يجب ان تدار. البداية الحقيقية فى رأيى كانت بعد حرب 1973 وبعد أن أدى الجيش دوره الرائع وحقق الانتصار بدأت مصر تأخذ شكلها الجديد مع زيارة كيسنجر لمصر فى ديسمبر 1973 وكان اعلان الخط الجديد لمصر مع زيارة نيكسون لمصر فى يونيو 1974. ثم دخلنا سكة الأمريكان.

لو لاحظت الفترة التى تكثفت فيها الحملة على عبد الناصر فى 1974 حين حدث جفاف النيل، صوروا السد العالى على انه نكبة مصر الى أن أنصف الله جمال عبد الناصر وكشف زيف هؤلاء الناس. فحين وقع الجفاف حدثت مجاعات فى دول منابع النيل بينما لم نشعر نحن فى مصر بالجفاف. انتقدوا الإصلاح الزراعى وقالوا انه يدمر الزراعة، وهذا غير حقيقى ودليل ذلك قارنى مثلا انتاجنا من القطن سنة 1970 كنا ننتج 11مليون أردب. والآن 950 ألف فقط. لقد كان اول بنك يقام للفلاح هو الذى أنشأه جمال عبد الناصر؛ بنك التسليف الزراعى للإقراض بدون فائدة لأنه كان يرى أن فائدته الحقيقية ستعود على الفلاح بأن ينتج ويعمل هو وأولاده فتقل البطالة ويزيد الدخل. هناك ناس كارهة للثورة ولكل ما له علاقة بالثورة لأنها تهدد مصالحها للأسف هذه الفئة قلة لكن صوتها عال. الثورة لم تقم بإعدام القطاع الخاص مثلا.. لقد نقلت الملكية الزراعية من قطاع خاص لقطاع خاص ولم تصادر الأراضى لصالح الدولة ولكن نقلتها للفلاحين، ولذلك اصطدمت صداما شديداً مع الشيوعية فى بدايتها.

< بعض الأصوات تقول ان عبد الناصر لم يكن راغبا فى الزج بالجيش لمحاربة اسرائيل فى 1967لعدم جاهزيته

- هذا الكلام غير دقيق الجيش كان موجودا قبل 1967ومن اول رأس العش مرورا بحرب الألف يوم حرب الاستنزاف ووقف اطلاق النار، الجيش هو نفسه الجيش الذى كان موجودا قبل 1967 لكن المشكلة كانت فى القيادة. فعلا لم نكن جاهزين لحرب 1967 وللأسف لقد ظلمنا فى تلك الحرب وتم الزج بنا فيها لإجهاض المشروع الذى قادته مصر فى المنطقة. وقبلها ايضا فى حرب 1956 تم الزج بنا فيها لأننا كنا نريد بناء السد العالى ونزود الرقعة الزراعية ومحتاجين الكهرباء من اجل الصناعة فلما رفضوا التمويل وبحثنا عن مواردنا حاربوه لقد فرضت علينا كل الحروب التى خضناها ولم نكن نحن الذين حددنا توقيتها. الحرب الوحيدة التى انتصرنا فيها هى 1973 لأننا نحن الذين حددنا توقيتها. اليوم اسرائيل ليست دولة لكنها قاعدة ورأس جسر لضرب أى مشروع فى المنطقة وأثبتت الأيام هذا وهو ما عرقل مسيرة ثورة 1923.

< البعض يرجع أسباب النكسة إلى الانفصال التام بين المستويين السياسى والعسكرى فى نظام الحكم وترك الرئيس عبد الناصر قيادة الجيش تماما للمشير عامر وبالتالى كان الجيش بأفراده ومعداته تحت إمرة المشير وحده.

- فى أى دولة متحضرة تكون المؤسسة السياسية منفصلة عن المؤسسة العسكرية. صحيح ان الرئيس يتولى الإشراف على المؤسستين باعتباره ايضا القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو المسؤول فى النهاية. وقد تحمل عبد الناصر المسؤولية لكنه حاول فى عدة فترات ولم ينجح لأن المشير ومجموعته كانوا يسيطرون على المؤسسة العسكرية. ففى 1962 حينما تكون المجلس الرئاسى حاولوا تقليص سلطات المشير وتشكيل مجلس محترف، لكن المشير رفض وقدم استقالته ونشأت مشكلة. طبعا استخدم أدواته بسيطرته على الجيش وتجنبوا الصدام. ثم اخذت الأمور فى التفاقم الى ان شعر العدو بنقطة ضعفنا واستغلها.وفى العالم الثالث تكون المؤسسة العسكرية هى العضل الذى يتم البناء عليه فى الدولة.

< ملف الديموقراطية واحد من المآخذ التى تحسب على نظام عبد الناصر

- بالعكس جمال عبد الناصر ثار على الديموقراطية الليبرالية التى كان موجودة قبل الثورة لأن فسادها كان واضحا وكانت بمثابة التمثيلية الهزلية. لقد كانت هناك احزاب ولكنها تدار من جانب السفير البريطانى ولم تكن تعمل لصالح الشعب وحتى حزب الأغلبية "الوفد" لم يحكم الا ست سنوات منذ تطبيق دستور 23 وحتى قيام ثورة يوليو. ومنهم بعض سنوات كانت فى ازمة فبراير 42 لما حكم الوفد بأمر السفير البريطانى ضد رغبة الملك. وكان عبد الناصر مقتنعا بأنه لن توجد حرية سياسية بدون حرية اجتماعية.وكان يقول من لا يملك قوته لا يملك حريته. لذلك كانت العدالة الاجتماعية على رأس أولوياته مع التعليم والصحة وهكذا يمكن بناء مجتمع ديموقراطى. قد يكون الهيكل ديموقراطيا لكن المجتمع نفسه غير ذلك وهذا ما رأيناه اواخر التجربة الديموقراطية التى بدأها السادات وحتى 2011.

النقد الذاتى اول خطوة لتصحيح المسار
< لو كان العمر امتد بالزعيم الراحل هل كان سيتحول عن سياسته ويغيرها؟

- عبد الناصر كان شخصا -لو قرأت جلسات مجلس الوزراء أو الهيئة التنفيذية العليا- لديه القدرة على النقد الذاتى وهذه لم تتوفر عند الآخرين. وكان يصر على ضرورة التعلم من الأخطاء ووصل الحال به الى الاقتناع بضرورة وجود معارضة، وأن تكون غير أليفة وبأهمية وجود حزبين لكنه كان مؤمنا بأن هذه الأمور يجب ان تكون حقيقية أصيلة وليست شكلية أو تمثيلية وكان مؤمنا بأن الخطوة الأولى لتحقيق ذلك هى ان نتفق على الأهداف. ولو نظرنا الى تجارب الدول الديموقراطية التى تمارس التعددية الحزبية سنجد أن الحكومة والمعارضة متفقتان على الأهداف لكن الاختلاف يدور حول طرق تحقيقها. وفى كل هذه التجارب سواء فى الولايات المتحدة او بريطانيا وحتى فى اسرائيل هناك ثوابت لا حياد عنها. لكننا فى مصر فى تجربة حكم الإخوان مثلاً لم يكونوا مشغولين بوجود الدولة أساساً.

< لماذا إذاً استمرت تجربة الحزب الواحد ممثلة فى الاتحاد الاشتراكى طوال فترة حكم عبدالناصر؟

- لم يمهله القدر الوقت الكافى لتحقيق هذه الخطوة.. وبالتأكيد لو كان أدرك معركة إزالة آثار العدوان كان سيبدأ فى خطوة الديموقراطية. مع ذلك كانت هناك خطوات على الطريق ولا يمكن تجاهل بيان 30 مارس سنة 1968وكان به اعتراف واضح بأخطاء التجربة والرغبة فى تصويب مسارها، وكان ما احتواه من مبادئ أساساً للدستور الدائم، وبه تحديد لمدة الرئاسة، وكذلك انشاء المحكمة الدستورية العليا لتولى مهمة الرقابة الدستورية.

< فى أول لقاء لنا معك فى 2011 كنت ترى ان ثورة يناير هى الامتداد الطبيعى لثورة يوليو.. هل مازلت عند رأيك؟

- انا شايف ان ثورة يناير سرقها الإخوان. ومع ذلك أصدرنا دستورا وأجرينا انتخابات ونحاول اعادة بناء كل ما تم تدميره طوال الأربعين سنة الماضية من شق طرق واقامة الكبارى السكة الحديد والصحة فهناك حركة مستمرة. اليوم اختلف الوضع عاد دور الدولة كقاطرة تجر عجلة التنمية من جديد وهو دور شبيه بما كان ايام يوليو مع اختلاف الزمن والأوضاع. الدستور الجديد حدد ان الاقتصاد الحر هو اقتصاد الدولة. الآن تقوم الدولة بكل مهام النهوض والبناء والقطاع الخاص لم يدخل لنا الا السلع الاستهلاكية. حتى شركة المراجل البخارية لو كانت موجودة اليوم لوفرت علينا على الأقل ثلث تكلفة المحطة النووية الجديدة بالعملة الصعبة. هذه الشركة حين امتلكها القطاع الخاص انهى عليها بدلا من ان يطورها ورغم صدور حكم قانونى باستعادتها لم ينفذ وكانت شركة رائدة فى صناعة الغلايات والمراجل التى تعد أساس لكل الصناعات الثقيلة، الآن كل أملهم ان يستخدموا أرضها لعمل منتجع سكنى وسياحى.

< من هو العدو الآن؟

- الانتصار على أعدائنا جميعا. لدينا عدو رئيسى هو العدو الصهيونى. من لا يرى هذا يكون اعمى. فكل مشاكلنا فى رأيى وراءها العدو الصهيونى. وكل ما هو غير ذلك كإيران أو الإرهاب فإنهم مجرد أدوات. قد تكون هناك حالة من تضارب المصالح بيننا وبين ايران ولكن لا تحكمنا عداوة مع الشخص الايرانى على عكس الوضع مع إسرائيل. وما اعرفه ان العدو الصهيونى هو المستفيد الأول والوحيد من اى خراب يحدث فى المنطقة ودليل كلامى ما يحدث فى القدس لذا فإن الصدام مع العدو الصهيونى حتمى حتى لو كان مؤجلا.ً.. احنا وهم والزمن طويل ان لم نكن نحن فمع أولادنا واحفاد احفادنا.

وننتقل الى الجزء الإنسانى من حوارنا مع المهندس حكيم
< هل قرأت ماكتبه عمرو موسى عن غذاء الرئيس وهل تعتبره جزءا من حملة الاساءة؟

- لم اقرأه إنما سمعت عنه فقط ولذلك لن أردعليه. لقد نشأتُ فى بيت رئيس جمهورية وكان بيتنا بسيطا،ولم يكن لدينا شيئا مميزا. صحيح والدى كان مريضا بالسكر وكان يستخدم السكارين وله اكل خاص يتناسب مع مرضه لكن طعامنا فى البيت كان عاديا جدا. لكن الحلوى كانت ممنوعة وفى أضيق الحدود بصرف النظر ما إذا كنا كأطفال نرغب فيها أم لا. كانت الوالدة حريصة على التخلص من بقايا اى حلوى فور انتهاء أى مناسبة لأن الوالد كان يحب الحلويات وكانت تخشى عليه من التمادى فيها وإيذاء صحته. حين اكتشفوا مرض والدى بالسكر كان عمرى 3 سنوات ونشأت طفلاً رغم حبى للحلوى كانت الشوكولاتة ممنوعة، ووجودها فى البيت نادر جدا.وكانت الوالدة تحرص على عدم وضع اى شيئ فى طريقه. كانت الكيكة تتعمل وتؤكل فى ساعتها وما يتبقى توزعه فورا وبعد اعياد الميلاد كنا لا نجد فى اليوم التالى أى شيء من التورتة.

< هل كنتم بيتا متقشفاً؟

- بيتنا كان بيت عادى. بيت سعيد لم نكن نشعرأبداً انه ينقصنا شيء وأيضا لم نكن نزيد عن الآخرين فى شيء. كان مصيفنا السنوى فى الإسكندرية وكل الناس كانت تصيف هناك. عمرنا ما سافرنا أوروبا مثلاً. انا شخصيا اول مرة أسافراوروبا كانت بعد وفاة الوالد.

< كيف حكمت انكم بيت عادي؟ الم تكن هناك أى ميزة تميزكم عن اقرانكم؟

- ألم يكن لى اصحاب وزملاء ازورهم ويزوروننى وكنت اذهب للنادى وألتقى بهم؟ كان لبسنا متشابهاً، وحياتنا متشابهة، الفرق الوحيد اننا لم نكن نستخدم المواصلات، وان بيتنا كبيروله حديقة كبيرة. كانت الوالدة تصطحبنا الى الأهرامات وحديقة الحيوان وكانت الحياة ابسط كثيرا من الآن، فلم تكن هناك حاجة لإغلاق الطرق ولا إجراءات التأمين غير العادية لم يكن الشر تقدم كما هو الحال الآن.

< كيف كان الرئيس يتعامل مع أصدقائكم حين يزورونكم فى البيت؟

- بالطبع كانت هناك صداقات مع ابناء الضباط الأحرار حسب الأعمار لكن كانت لكل واحد صداقاته من خارج هذا الوسط فى المدرسة والنادى والجامعة. أصدقائى كانوا جمال السادات وأحمد ابن المرحوم حسين الشافعى والمرحوم نصر ابن المشير عبد الحكيم عامر الذى توفى فى حادثة سيارة منذ عدة سنوات كان قريبا منى جدا.وهناك أيضا شريف الإبن الكبير لحسين الشافعى كان صديق خالد ومن جيله، وطارق ابن المرحوم عبد اللطيف بغدادى. هذا غير اصدقائنا من المدرسة ومازالت أتواصل مع الجروب الخاص بمدرسة القومية. كنا نذهب للسينما معا، وأزورهم فى بيوتهم ويزوروننى فى البيت، وحين يرونه كانوا يهجمون عليه، وكان يأتى يسلم عليهم ويحييهم وكان باله طويل جدا لو تصادف ان كنا نلعب فى الحديقة وينزل هو للتمشية عمره ما كسف حد، وفى أعياد الميلاد كانوا يقفون معه لالتقاط الصور.

< اين كانت تتم المقابلات الرسمية؟

- الوالد كان يقوم بـ 80٪ من عمله بالمنزل بمنشية البكرى، كل مقابلاته كانت تتم فى الصالون لموجود الآن بالمتحف بكل مشتملاته وصوره، والمكتب كان فى الجهة الأخرى. وكان يستخدم المكتب فى المقابلات مع احد أعضاء مجلس قيادة الثورة أو مع أحد الوزراء لمناقشة موضوع ما. أما سكرتارية المعلومات حيث السيد سامى شرف والسكرتارية الخاصة والتيكرز فكانت أمامنا على الجهة الأخرى من الشارع. لكن كل الرؤساء الأجانب كانوا يزوروننا فى البيت وكان صالون البيت مجهزاً لتسجيل تلك الاجتماعات لكى يتم تفريغ تلك التسجيلات فيما بعد. لم يكن مسموحا ان تتم تلك الاجتماعات فى سرية. طالما ان رئيس الدولة حاضرا لتلك الاجتماعات فمن الضرورى ان يتم تسجيل الاجتماع وعمل محضر له يسجل فيه الحاضرون.

< من كان اقرب الأبناء للرئيس؟

- كلنا.. لكن ربما لأنى أصغر الأبناء لم تكن لديّ محاذير. لم اكن استوعب فكرة ان والدى رئيس جمهورية وان ضيوفه لهم مكانة كبيرة، أصلاً كنت أظن ان اسمه الرئيس. لكن أشقائى الكبار يعلمون انه لو كان موجودا فى الدور الأسفل بحجرة المكتب او فى الصالون مع ضيوف فلابد ان نبتعد. وعندما كنت صغيرا لم اكن مستوعبا للموقف فكنت ادخل واقتحم بلا استئذان وكان يضحك هو والضيف، وحتى عندما كان الأشقاء الكبار يحاولون إبعادى أو إثنائى عن الدخول لم أكن أسمع كلامهم. ولم تكن هناك محاذير مع بعض الضيوف المقربين من امثال المشير عامر او السيد حسين الشافعى أو السيد زكريا محيى الدين او السيد عبد اللطيف بغدادى فكنا ندخل ونسلم عليهم وأحيانا يصطحبون اولادهم. لكن بالطبع لو كان لدينا ضيوف أجانب فلم نكن ندخل، ودائما كان يتواجد أحد أعضاء السكرتارية الخاصة بالخارج لتلبية أى احتياجات تخصه مع الضيوف.

< كيف انعكس يوم النكسة على البيت؟

- البيت بعد 1967 اختفت منه البهجة التى كانت تملؤه. الوالد كان مهموما جداً ومشغولا بكيفية محو آثار 67. كان يعمل 24 ساعة فى اليوم. قبل 67 كان ينزل ويحضر معنا اعياد الميلاد، وبعدها توقف ولم يعد يحضرها. وقد ضاعف رد الفعل الشعبى يومى 9و 10 يونيو من شعوره بالحمل والمسؤولية. وكيف ان الشعب بعد هذه الهزيمة العسكرية المروعة لم يتخل عنه. بعد النكسة أصبحت علاقتنا به اكثر حساسية فنحاول ألا نثقل عليه بهمومنا ومشاكلنا أو طلباتنا ونحرص على عدم مضايقته أو إزعاجه.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة