محمد فائق
محمد فائق


محمد فائق يفتح خزائن الذكريات مع «الزعيم»: أرفض الناصرية.. وتاريخ «جمال» لم يكتب بعد

أسامة السعيد

الثلاثاء، 16 يناير 2018 - 11:53 ص

 

◄| عبد الناصر جدد شباب مصر واستعان بالكفاءات المدنية والعسكرية في معركة البناء
◄| دعم حركات التحرر في أفريقيا من أهم انجازات “الزعيم” وتمنيت دعوتها في مئويته
◄| ثورة يوليو استعادت وجهنا الأفريقي وقوتنا الداخلية تعيدنا إلى القارة السمراء
◄| مكافحة الإرهاب معركة بطولية للدولة والشعب ويمكن استغلالها للقارب مع أفريقيا
◄| إعلام عبد الناصر كان سلاحا قويا للدولة وخضنا بالإذاعات معارك ضارية
◄| الوجدان الشعبي يدرك عظمة ما حققه عبد الناصر رغم كل محاولات التشويه
◄| عجلة التاريخ لا تعود للوراء .. وعبد الناصر نفسه كان يسعى دائما للتقدم
◄| الديمقراطية تحمي الانجازات .. والمعارك لم تسمح لعبد الناصر باستكمال تجربته

كثيرون تحدثوا عن الزعيم جمال عبد الناصر، وقليلون هم من اقتربوا منه وتعاملوا معه، واكتسبوا ثقته، وشاركوا في صناعة تجربته، فعبد الناصر لم يكن مجرد رئيس لمصر، لكنه كان حالة وطنية خاصة، وتجربة ثرية بكل انتصاراتها وانكسارتها، ولأن هذه التجربة لا تزال حية في عقول وقلوب المصريين والعرب، حتى بعد رحيل صاحبها منذ ما يقرب من نصف قرن، فكان لابد من الاقتراب من أحد شهود العصر على تلك التجربة الفريدة، وأحد الذين عملوا عن قرب مع الزعيم، وشاركوا في تنفيذ رؤيته لمصر وللمنطقة، إنه محمد فائق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، والشخصية الوطنية ذات التاريخ الكبير، سواء خلال عمله العسكري أو السياسي، او حتى في سنوات لاحقة عندما اختار أن ينضم إلى الحركة الحقوقية العربية، ناشطا ومفكرا وخبيرا ومدافعا عن حق الإنسان العربي في الحياة وفي اختيار مصيره.
وطوال تلك الرحلة الوطنية الكبيرة كانت تجربة محمد فائق مع الزعيم جمال عبدالناصر،  سواء عندما كان مديرا لمكتبه للشئون الأفريقية، أو مستشارا للرئيس، ثم وزيرا للإرشاد القومي في مرحلة بالغة الأهمية من عمر الوطن، بمثابة نقطة نور، اكتسب منها فائق الكثير من الخبرات، وخاض خلالها العديد من التجارب الكبيرة، التي تستحق أن يطلع عليها أجيال ممن لم يعايشوا عبد الناصر، لكنهم يتلمسون عبق تجربته عبر السنوات.

في مكتبه الهادئ بالمجلس القومي لحقوق الإنسان كان اللقاء، ملامح وجهه الوقورة تخفي وراءها تجربة وطنية مليئة بالأحداث والتفاصيل، يملك محمد فائق الكثير، لكنه لا يتحدث إلا قليلا، قبل أن أكمل طرح سؤالي الأول عليه عن بداية علاقته بعبد الناصر، بادر بالإجابة، وكأنه يتلهف للتذكر، أو أنه ليس بحاجة للتذكر رغم مرور ما يزيد عن ستة عقود على تلك الذكريات…
-    بدأت علاقتي مع عبد الناصر عندما كان يدرس لي علم التحركات في مدرسة الشئون الإدارية عام ١٩٥١، وكانت هناك فرصة خلال تلك الفرقة لأن يخرج معنا عبد الناصر في مشاريع عملية، وكنا نتبادل حوارات ممتدة قربتني منه خلال تلك الفترة، وأعتقد أنني لفت نظره من خلال تلك الحوارات، ومن هنا بدأت علاقتي به.
•    ولكن هل كان من السهل أن يسند إليك عبد الناصر مسئوليات مهمة كمدير مكتبه للشئون الأفريقية، ثم مستشارا له، ثم وزيرا للإرشاد القومي، وانت لم تزل في عمر الشباب؟
-     يجب ألا ننسى أن عبد الناصر نفسه كان شابا، وقد قاد ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وهو في الثلاثينيات من عمره، وبالتالي فحرصه على الاستعانة بالشباب لم يكن أمرا مستغربا، فالثورة جددت شباب مصر بحق، وتم إسناد الكثير من المسئوليات الكبيرة في الدولة للشباب سواء من المؤسسة العسكرية او من المدنيين مثل مصطفى خليل والقيسوني وعزيز صدقي وغيرهم، لكن السن لم يكن هو المؤهل الوحيد، فالكفاءة هي المعيار الأهم، وبالفعل كانت هناك كفاءات كبيرة جدا بين الشباب في تلك المرحلة.. وعلاقتي مع عبد الناصر قبل الثورة لم تكن هي السبب في إسناده المسئوليات التي أشرت إليها، لكنني بحكم عملي في جهاز المخابرات، وقد كان الجهاز هو المطبخ الرئيسي الذي اعتمد عليه عبد الناصر في تنفيذ سياساته، في ظل غياب تنظيم سياسي او أحزاب في تلك الفترة، وكنت في بداية عملي في المخابرات أعمل مع واحد من أعظم الضباط في هذا المجال وهو محرز مصطفى، وكنا مسئولين عن إسرائيل، وخلال تلك الفترة كان هناك تواصل مستمر ومباشر مع الرئيس عبد الناصر، وكان يسند إلينا مهاما كبيرة، ومن هنا تطورت العلاقة، قبل أن يمتد اهتمامي إلى الشئون الأفريقية.
•    ولكنك اقتربت ايضا من عبد الناصر بعيدا عن المناصب الرسمية، وذلك من خلال مشاركتك في المقاومة الشعبية ضد الاحتلال البريطاني، وهو ما كان يحظى باهتمام خاص من جانب الرئيس عبد الناصر.
-    بالفعل كنت أشارك بصفة شخصية في الحركة الفدائية ضد الاحتلال البريطاني في منطقة القناة، وحتى خلال عملي في الشئون الأفريقية كنت أقوم بالمشاركة مع كمال رفعت في المقاومة الشعبية وتنظيم صفوفها، وكنا نحقق نجاحات كبيرة ضد قوات الاحتلال، ونحصل من خلال عناصر المقاومة على الكثير من الأسلحة التي نحتاجها، وكان لدينا العديد من العملاء داخل القواعد البريطانية، وأستطيع القول ان مصر نجحت في الاستفادة من تلك المقاومة الشعبية في تطوير أداء حركات التحرر الوطني بأفريقيا، والتحول من المقاومة السلبية إلى المقاومة الإيجابية التي أجبرت الاستعمار على الخروج من تلك الدول، وهذا يحسب لمصر، قيادتها ومساندتها  لحركات التحرر الوطني.
مصر وأفريقيا
•    هذا يدفعني لسؤالك عن أهمية البعد الأفريقي في تجربة الزعيم جمال عبدالناصر، وقد كان ذلك من أهم سمات عصره، وكنت أنت مهندس العلاقات المصرية الأفريقية، واضطلعت بدور مهم في بناء تلك العلاقات؟
-    علاقات مصر بأفريقيا قديمة وممتدة منذ عهد الفراعنة، ولكن قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ ابتعدت مصر عن افريقيا، وابتعدت أيضا أفريقيا نتيجة توجهات معينة عن مصر، وعندما جاءت الثورة، أعادت تقديم الوجه الأفريقي لمصر، وعبّر عبدالناصر عن ذلك بوضوح في كتاب “فلسفة الثورة”، ووضع فكرة الدوائر الثلاث العربية والأفريقية والإسلامية، وكل هذه الدوائر الثلاث تتلاقى في أفريقيا، وقد استطاع عبد الناصر أن يبني العلاقات مع افريقيا على أسس صلبة من التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي والشعبي، وهذا مكن مصر من تطوير زعامتها للمنطقة، فعلى سبيل المثال، كان قرار تأميم قناة السويس قرارا كبيرا وله اصداء عالمية، ولم يكن لينجح مثل هذا القرار إذا لم يكن لمصر هذا الحضور الكبير في محيطها العربي والأفريقي، وهناك تجارب أخرى للتأميم مثل محاولة تأميم النفط الإيراني التي قام بها مصدق ولم ينجح، لأنه لم تكن له نفس العلاقات التي تمكنت مصر من بنائها في تلك الفترة، فقد خرج عبد الناصر إلى العالم أفريقيا وأسيويا، سواء من خلال قيادة حركات التحرر الوطني، او من خلال مؤتمر باندونج، وعندما امم عبد الناصر القناة لم يكن معزولا، ووقف العالم إلى جواره، على عكس ما حدث مع مصدق في إيران.
•    ولكن ألا تشعر ببعض المرارة، وأنت ترى بعض الدول الأفريقية التي كانت سندا للقضايا العربية على مدى التاريخ، تساند في الأمم المتحدة القرار الأمريكي بنقل سفارة واشنطن في إسرائيل إلى القدس، ودول أخرى تمتنع عن التصويت؟
-    بالتأكيد.. الزمن تغير، لابد أن نتفهم أنه كانت هناك ضغوط أمريكية كبيرة، والدور العربي أيضا تراجع كثيرا في أفريقيا ولم يعد له نفس الزخم السابق، وحتى مع التوجه المصري المحمود رسميا وشعبيا بالعودة إلى أفريقيا، لكن ينبغي أن ندرك أن الأمر لم يتحقق بين يوم وليلة ، فتعويض ما فاتنا يتطلب وقتا وجهدا كبيرا.
•    وما هي - في رأيك - الخطوات التي ينبغي علينا اتخاذها لاستعادة دورنا الكبير في أفريقيا، مثلما كان الحال في حقبة عبد الناصر؟
-     أول خطوة حقيقية هي استعادة قوة مصر الاقتصادية والعسكرية، فدون أن نكون أقوياء داخليا، لن نكون أقوياء خارجيا، ولعل المعركة الكبيرة التي تخوضها مصر لمكافحة الإرهاب تمثل واحدة من أدوات استعادة دورنا في أفريقيا، فكثير من الدول الأفريقية تعاني من الإرهاب، ومصر بموقفها الواضح والحاسم في هذه المعركة يمكن أن تقدم للدول الأفريقية الكثير، والخبرات المصرية في مقاومة الإرهاب، رغم ما ندفعه من ثمن كبير، يمكن ان تمثل رصيدا كبيرا لمصر ومدخلا للتعاون مع أفريقيا.. وأيضا إقامة نهضة صناعية كبيرة في مصر ستكون من أسس القوة التي يمكن لمصر استغلالها للتعاون مع أفريقيا الغنية بالموارد، والتي تحتاج للتنمية، فضلا عن كونها سوق كبيرة ومهمة للمنتجات المصرية، وأفريقيا تحتاج للخبرات المصرية في هذا الشأن.
مرحلة دقيقة
•    إذا انتقلنا لتجربتك كوزير للإرشاد القومي في مرحلة دقيقة للغاية من عمر مصر، ومن تجربة عبد الناصر، وهي فترة صعبة إلى حد كبير، ماذا تقول عن تلك التجربة؟
-    بالفعل توليت هذا المنصب في فترة دقيقة وصعبة جدا، ولك أن تتصور مرحلة نعاني فيها من هزيمة عسكرية صعبة بعد نكسة ١٩٦٧، لكن المعدن الحقيقي للشعوب الكبيرة مثل الشعب المصري تظهر في مثل هذه الأزمات القاسية، فالشعب اختار طريق المقاومة، ورفض الاستسلام للهزيمة، وهذه عظمة المصريين، ونجح في ظرف أيام معدودة أن يستعيد توازنه ويلتقط أنفاسه سريعا، والجيش الذي تعرض لظلم كبير، ولم يحارب حقيقة، استعاد روحه بسرعة، وقام بعمليات سريعة في رأس العش وتدمير المدمرة إيلات، وهو ما عكس الروح القتالية العالية، والإعلام في تلك الفترة مر بمرحلتين ، الأولى هي المرحلة التي اعقبت الثورة، وكان يطلق على الوزارة وقتها “الإرشاد القومي” لتتوافق مع متطلبات المرحلة آنذاك وأبرزها دعم مشروع التحرر الوطني في الداخل وفي أفريقيا، وكان الإعلام وقتها “إعلام تعبوي” لأننا كنا وقتها في معارك مستمرة،  ولدينا رؤية نريد نقلها للعالم، وكنا نقوم ببث ارسالنا الإذاعي بـ ٣٥ لغة ولهجة أفريقية ، وكان لدينا تجربة “صوت العرب” على المستوى العربي، وكان الرئيس عب الناصر مهتم حقا بالإعلام، ويدرك أهميته وتأثيره الكبير في التصدي لمخططات الإستعمار، وبالفعل كان الإعلام يخوض معركة لا تقل ضراوة عن المعارك العسكرية. أما في المرحلة التالية فقد استقرت مؤسسات الدولة، وأصبح الإعلام مؤسسيا، وفي تلك المرحلة طلبت تغيير مسمى الوزارة باسمها الحقيقي، وهو وزارة “الإعلام” وكان ذلك في بداية عهد السادات، وكنت أنا أول وزير للإعلام، ونحن الآن نرى اختلافا كبيرا في المنظومة الإعلامية ودورها، تجعلنا أمام واقع مختلف تماما عما عرفته مصر في تلك الفترة.
•    هل يعني ذلك أن إعادة تجربة عبد الناصر في مجال الإعلام مسألة صعبة، وأن لكل تجربة إعلامها؟
-    لا يمكن إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، عبد الناصر كان تجربة مرتبطة بعصرها وتحديات تلك المرحلة، وأسوأ ما يحدث في مصر هو محاولة البعض إعادة عجلة التاريخ للوراء، سواء من يحنون إلى الملكية، او إعادة الثورة لأيام عبد الناصر، او حتى لمن يحنون إلى الإمامة والخلافة، وكل هذا مستحيل، فالتاريخ لا يعود للوراء، والعودة للوراء كانت ضد أفكار عبد الناصر نفسه، فكان اول ما يبحث عنه دائما هو التقدم، وما تحدثه قراراته من انطلاق للأمام، فقد كان يدرك ان مصر تحتاج إلى قفزات لتعوض ما فقدته، وبالفعل نجحت الثورة في تحقيق قفزات في التنمية والتعليم والصناعة وغيرها، وأعتقد أن هذا ما نحتاجه حاليا، وليس إعادة التاريخ للوراء، ونحن في الفترة الحالية نحتاج إلى دور الجيش في التنمية والعمران لتحقيق القفزات التنموية، ثم يأتي بعدها بناء تجربة ديمقراطية حقيقية للحفاظ على ما تحقق من إنجاز، تماما كما حدث في تجارب مثل اليونان وأسبانيا.
•    هل لهذا السبب تصر على رفض مصطلح “الناصرية”؟
-    بالتأكيد.. ولست وحدي من يرفض ذلك، فعبد الناصر نفسه كان يرفض هذا المصطلح، لأن تجربة عبد الناصر ليست أيدولوجية، وحتى الايديولوجيات الكبرى لم تعد صالحة للتطبيق بشكل كامل، فلا الرأسمالية أو الاشتراكية يمكن تطبيقها وحدها، لكن هناك مبادئ مهمة في تجربة عبد الناصر هي التي يمكن أن تستمر، ومنها العدالة الاجتماعية، والاستقلال الوطني، وتنمية الفرد، وتقليص الفوارق بين الطبقات، وغير ذلك من المبادئ المهمة التي يمكن البناء عليها حتى اليوم.
تاريخ لم يكتب
•    كيف تنظر إلى ذلك التباين الكبير في تقييم تجربة الزعيم جمال عبد الناصر، ما بين التمجيد الكبير لما حققته، وبين من يهيلون التراب على ما انجزته تلك التجربة؟
-    هذا أمر طبيعي فيما يتعلق بالتجارب الكبرى في التاريخ، لكن غير الطبيعي هو تلك الحملات التي تشن على عبد الناصر من فترة لأخرى، فبعد رحيل عبد الناصر على سبيل المثال تعرض عبد الناصر لحملة شديدة من الهجوم، ولو أن ما حققه عبد الناصر كان هينا لتلاشت تجربته أمام تلك الحملات، لكن إنجازات عبد الناصر بقيت، وفي المقابل تأتي لحظات مهمة تدل على عمق تجربة عبد الناصر في الوجدان الوطني، وانظر مثلا إلى ذلك الإقبال الجماهيري على فيلم مثل “ناصر ٥٦”، وكان معظم مشاهديه من الشباب الذي لم يسمع سوى شتيمة عبد الناصر، لكن هذا الشباب أدرك ما حققه عبد الناصر من دفاع عن كرامة وكبرياء مصر، وما أنجزه لتنميتها واستقلالها الوطني، كما كان من المدهش أيضا أن ترفع صور عبد الناصر في ميادين ثورة ٢٥ يناير، وهو ما يعكس إدراك الدور الوطني له، والذي ترسخ في الوعي الشعبي، ولعل هذا كان أهم ما في تجربة عبد الناصر، ورغم أنني لست ممن يدعون إلى إعادة عجلة التاريخ للوراء أو ان نظل محكومين بتجربة معينة، لكنني مع ضرورة دراسة كل تجاربنا التاريخية والاستفادة منها لبناء المستقبل.
•    وهل تعتقد أن التاريخ أنصف عبد الناصر؟
-    تاريخ عبد الناصر لم يكتب بعد، وكل الموجود حاليا مجرد شهادات لأفراد، لكن التاريخ الجقيقي لتلك المرحلة لم يكتب بعد، فتجربة عبد الناصر لها نجاحات كبيرة جدا كما ان لها إخفاقات أيضا، وعبد الناصر قال منذ بدايه عهده اننا نعمل بالتجربة والخطأ، وكان يتم تصويب الأخطاء، لكن حتى مما كتب إلى الآن عن تلك التجربة، أظن أن عبد الناصر يستحق لقب “الزعيم الخالد”، وهو وصف أعتقد انه من الصعب ان يوصف به زعيم آخر.
إرث عبد الناصر
•    وفي تقديرك ما أهم ما بقي من تجربة عبد الناصر، وما أهم ما لم ينجزه ونحتاج اليوم إلى استكماله؟
- ما بقي من تجربة عبد الناصر وثورة ٢٣ يوليو الكثير، رغم كل محاولات طمسها عبر عقود، فلازلنا نحتفل بتلك الثورة إلى اليوم، وأهم ما تركه عبد الناصر وتركته الثورة كان المبادئ التي قامت من أجلها، الاستقلال الوطني، والعدالة الاجتماعية، والتنمية، وكلها مبادئ لا تزال مطلوبة إلى اليوم.. أما ما لم تتسع تجربة عبد الناصر لإنجازه فربما هو قضية الديمقراطية، فهو لم يسمح له باستكمال التجربة الديمقراطية، فالمعارك كانت كبيرة وكثيرة جدا، وفي تقديري أن الديقراطية هي التي تحافظ على ما يتحقق من إنجازات، كما ان الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان هي الطريق الذي يعزز تواصلنا مع العالم.
 - كنت أتمنى في ذكرى مهمة كهذه ان يتم توجيه الدعوة لحركات التحرر الوطني الأفريقية التي ساندتها مصر لتحقيق استقلال بلادها، ليشاركوا في إحياء ذكرى مئوية عبد الناصر، فمساندة تلك الحركات التحررية كانت من أهم ما تميزت به تجربة عبد الناصر وتجربة ثورة ٢٣ يوليو، والتي دافعت عن حق تقرير المصير وحرية الأوطان والاستقلال، وهو ما ميزها بين الثورات الكبرى في العالم، ودعوة حركات التحرر الوطنية في أفريقيا والأحزاب التي قامت عليها لا حقا مثل حزب مانديلا في جنوب أفريقيا، وأحزاب  كينياتا ونكروما ورموز ثورة الجزائر، فدعوة كل هؤلاء كانت ستعطي دلالة خاصة للاحتفال بمئوية عبد الناصر، وأيضا تمنح فرصة للأجيال الجديدة في أفريقيا للتعرف على الدور التاريخي الذي لعبته مصر من أجل تحرر واستقلال تلك البلدان، وهو ما يمثل دعما للتوجه المصري الجديد نحو أفريقيا.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة