د.محمد فاضل علي خلال حواره مع محرر الأخبار
د.محمد فاضل علي خلال حواره مع محرر الأخبار


«الأخبار» تحاور د. فاضل محمد على أول عالم نووى عربى رائد العلاج بالبصمة المغناطيسية

حازم بدر

الثلاثاء، 16 يناير 2018 - 11:47 م

اخترعت جهاز «البصمة المغناطيسية» وعالجت ١٠٠ مريض من الأورام السرطانية والقدم السكرى

تلقيت عرضاً لبيع الجهاز بـ ٢٤ مليون دولار ووضعته تحت أمر القوات المسلحة

الضبعة مشروع المستقبل


يكفى أن تكتب باللغة الإنجليزية على محرك البحث الشهير «جوجل»، اسم د.فاضل محمد علي، الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة، لتأتيك عشرات النتائج لأبحاث نشرت باسمه فى دوريات علمية مرموقة، وفى المقابل فإن نتائج البحث باللغة العربية لا تأتيك إلا بثلاث مواد على الأكثر.


فرغم شهرة د. فاضل العالمية، كمؤسس لمدرسة علمية فى مجال علاج الأمراض بـ «البصمة المغناطيسية»، وكعالم نووي، كان أول من حصل على الدكتوراه فى المفاعلات النووية بالعالم العربى عام 1961، إلا أنه لم يأخذ حظه من الانتشار الإعلامى الذى يستحقه.


ذهبت إليه فى مكتبه بمبنى قسم الفيزياء الحيوية بجامعة القاهرة، متخوفا من أن يتحول الحوار إلى بكائية على مستوى البحث العلمى والشكوى من التجاهل لإنجازاته، كما يردد الكثيرون ممن التقيتهم فى ظروف مشابهة، وشعرت بأن تخوفى ربما يكون فى محله بعد أن وقعت عينى على أثاث مكتبه، الذى يبدو أنه لم يتغير منذ تأسيس القسم فى عام 1982، ولكن الابتسامة التى استقبلنى بها، وتواضع العلماء الذى بدا واضحاً على وجهه، بدد مخاوفى.


كان من المقرر أن يبدأ حوارى معه فى الثانية عشرة ظهرا، ولكن الرجل الذى يكمل فى شهر نوفمبر المقبل عامه الـ 84، طلب منى الانتظار لبعض الوقت، حتى ينتهى من توجيه بعض طلابه الذين يشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه الخاصة بهم.


كانت حواراته مع طلابه التى لم يقطعها سوى شكواه لأحدهم من آلام المرارة التى بدأت تداهمه، وطمأنته لساعى مكتبه على الحالة الصحية لزميلهم الذى تم علاجه بجهازه الجديد لعلاج القدم السكري، ملهمة بالكثير من الأسئلة التى غيرت خطة الحوار، فتلاشت أمامها بعض الأسئلة التى كنت أحملها فى جعبتي، وأفسحت المجال لأسئلة أخرى كانت وليدة اللحظة، رأيت أنها أهم وأفيد، كونها تتعلق بنشاط علمى تصب نتيجته فى صالح صحة المواطن المصري.. وإلى نص الحوار.

 

> وأنا أطالع السيرة الذاتية الخاصة بكم، وجدت أنك حصلت على الدكتوراة فى المفاعلات النووية عام 1961، أى قبل العالم المصرى الراحل د.يحيى المشد بعامين، كما أنكما عملتما معاً فى انشاء المفاعل النووى العراقي، فلماذا لم تحصل على نفس شهرة العالم الراحل؟
- يطلق ضحكة عالية تكشف عن أنه لم يتوقع هذا السؤال، ويجيب قائلا: لأن يحيى قتل، وأنا مازلت حيا أرزق،  فرغم أن يحيى رحمه الله كان عالما كبيرا، إلا أنه لم يكن ليحصل على نفس الشهرة لو كانت وفاته فى ظروف طبيعية. وبالمناسبة يحيى نفسه كان له رأى يكشف عن هذه الرؤية التى أوضحها لك.


> تقصد إحساس العالم الراحل بمدى التقدير الذى كانت توليه الدولة للعلماء حينها؟
- يغمض د.فاضل عينيه لوهلة تعطيك إحساسا بأنه يسترجع تفاصيل موقف قديم، ثم يقول وقد ارتسمت على وجهه مسحة من الحزن: الحوار الذى دار بينى وبين يحيى قبل سفره إلى فرنسا ممثلا للجانب العراقي، فى المهمة التى اغتيل خلالها تكشف عن خوفه من العودة لمصر والانخراط فى عمل روتينى يتقاضى من خلاله أموالا لا تكفى لتأمين احتياجات أسرته، فقد قال لى ردا على نصيحتى له بعدم السفر مقولة لا زلت أذكرها: «مصيبة متوقعة أم كرب محقق»، وكان يقصد أن المصيبة المتوقعة هى احتمالات اغتياله أم الكرب المحقق فهو العودة والانخراط فى منظومة عمل كان يرى أنها لن توفر له متطلبات حياته.
النووى العراقى.


> أفهم من ذلك، أن السفر إلى فرنسا حينها عرض عليك أيضا؟
-خرجت الكلمات من فمه سريعة، وقال بنبرة صوت مرتفعة تكشف عن ثقته فى أنه اتخذ القرار الصحيح: طبعا، فأنا والراحل يحيى المشد كنا نعمل معاً فى العراق، ولكن مهمة السفر لفرنسا، فى إطار البرنامج النووى العراقى الفرنسى المشترك، لم ترق لى وشعرت بالخطر، فقررت العودة إلى مصر من العراق بالسيارة فى نوفمبر 1979.


> بالسيارة؟!.. يبدو أن هناك خطراً حقيقياً شعرت به حينها؟
- يصمت لوهلة ثم يقول: إحساس غريب انتابنى حينها وشعرت أن هذه المهمة لن يكتب النجاة لأصحابها، فغادرت العراق بالسيارة متجها إلى الأردن، ومنها إلى ميناء العقبة.


> من المؤكد أن هذا الإحساس كان مصدره وقائع حدثت لك، وإلا لم رفضت و نصحت د.يحيى المشد بعدم السفر؟
- يصمت لفترة تطول بعض الشىء، يفكر خلالها فيما سيحكيه وما سيظل محتفظا به، ثم يقول: لن أحكى لك كل الوقائع، لأن هناك وقائع لا ينبغى أن أتحدث عنها، لأنه «ليس كل ما يعرف يقال».


> كما تحب يا دكتور، يمكنك أن تحكى ما تراه مناسبا...
- قبل أن أتحدث عن المواقف، يجب أن أوضح أن الغرب لا يريدون لدول المنطقة العربية أن تنهض، فهو ينظر لنا كمنطقة استغلال وثراء، يقوم باستنزافها ويتعقبون أى عالم يمكن أن يساهم فى نهضتها.


> وهل كنت أحد هؤلاء العلماء الذين تعقبهم الغرب؟
- بما إنك تلح على ذلك سأحكى لك إحداها، وهو ما حدث معى قبل سفرى للعراق، حيث جاء مجموعة من الرجال إلى مكتبى أثناء إلقائى محاضرة، وقالوا لساعى مكتبى إنهم طلابي، وأرسلوه يشترى لهم شيئا حتى يتمكنوا من تنفيذ مهمتهم وهى سرقة كل محتويات مكتبى من أوراق، وفور عودتى واكتشاف ما حدث اتصلت بحرس الجامعة فأغلق الأبواب سعيا لضبطهم، لكنهم لم يتمكنوا، ومازلت لا أعرف حتى الآن من قام باقتحام مكتبي، لكنى اعتبرت أن ما حدث هو «قرصة ودن» ورسالة لى بأنهم يعرفون ما أقوم به، ولهذا الموقف وغيره قررت فى 1979 بعد عودتى من العراق، الإقلاع عن أى عمل له علاقة بالطاقة النووية.


> موقف كهذا يدفعك لاتخاذ قرار الإقلاع؟!
- يرفع سبابته قائلا: لن أتحدث عن المزيد فى هذا الجانب، فكما قلت لك سابقا ليس كل ما يعرف يقال.


نصوص واضحة
> وهل هذه المواقف وما حدث للدكتور يحيى المشد هو ما دفعك للتصريح فى عام 2013، بأنك تخشى على مصر من التدخل الأجنبى حال تم تنفيذ مشروع الضبعة النووي؟

-يشعر بقلق يظهر على وجهه من استدعاء تصريح مر على قوله 5 سنوات، ثم يقول متسائلا: وهل هناك مشكلة فى أن أبدى قلقى على بلدى مصر، فهناك من يترصد بنا ويريد ضرب بلادنا داخليا واقتصاديا، ولا أريد أن تكون المفاعلات فرصة للعدو كى يتدخل فى شئوننا، وهذا يقتضى أن تكون آمنة مائة فى المائة، وأن يكون معلوما لدينا من أين سنشترى وقود التشغيل وكيف نتخلص من الوقود المستهلك، لأن هذه الأمور تحكمها اتفاقيات دولية، ومخالفتها يمكن أن يكون مبررا للتدخل.


> أفهم تخوفك بالرجوع إلى تاريخ تصريحك وهو عام 2013، أى فى العام الذى حكم فيه الإخوان، عندما كانت مصر غير مستقرة وعلاقتها الدولية مضطربة، ولكن ألا ترى أن الوضع الآن قد تغير والعلاقات المصرية الروسية والتفاهم بين الرئيسين المصرى والروسى من القوة بمكان بحيث يزيل هذه التخوفات؟
-كان د.فاضل متكئا بظهره على كرسى مكتبه، فتخلى عن هذا الوضع قائلا وقد ارتفعت نبرة صوته: سؤالك يوحى وكأن روسيا تتفضل علينا بتشغيل المفاعل النووي، هذا فضل من مصر تمنحه لروسيا، والقصة ليست فى التقارب بين الرؤساء والدول، لأنها لو كانت كذلك، لظل مفاعل أنشاص يقوم بدوره إلى الآن، على اعتبار أنه تم تأسيسه فى ظل تقارب مصرى روسى كان فى أزهى عصوره حينها.


ولكن ما أحببت أن أؤكد عليه حينها وأعيده الآن، أنك وأنت تقوم بعمل كهذا سيمتد تأثيره لأجيال قادمة يجب أن يكون كل شىء واضحا بنصوص لا تقبل التأويل فى الاتفاقيات، حتى لا يلقى مفاعل الضبعة ما حدث لمفاعل أنشاص.


> أشعر بأنك لست متحمسا لمشروع الضبعة النووي؟!
-ترتفع نبره صوته ويقول مشيرا بسبباته: أنا لم أقل ذلك، فالضبعة مشروع للمستقبل سينقل مصر نقلة كبيرة إلى الأمام، لأنه سيوفر الكهرباء والمياه اللازمة لاستصلاح أراض صحراوية، بما سيساهم فى نقل جزء من التكدس السكانى بالقاهرة وحول نهر النيل إلى مناطق أخرى، ولكن ما أحببت أن أؤكد عليه أن المشروع يجب أن يتم تنفيذه بشكل صحيح مائة فى المائة، لأن مصير أجيال ستكون معلقة عليه.


> تقصد بمصير أجيال، أن هناك تخوفا مثلا من حدوث تسرب إشعاعى يؤثر على صحة الأجيال؟
-يبتسم ابتسامة مطمئنة قائلا: لن يحدث تسرب، لكن ما أعنيه هو ضمان ألا يلقى مفاعل الضبعة مصير مفاعل أنشاص، وهذا يقتضى إجابة واضحة ومكتوبة على كل الأسئلة المحيطة بالعملية مثل، من أين سنشترى الوقود اللازم للتشغيل؟، كيف سنتخلص من الوقود المستهلك؟ فهذه الأمور وغيرها يجب أن توضح، ولذلك فإن مسئولية كتابة هذه الاتفاقيات يجب أن يضطلع بها العلماء، وأكرر العلماء، لأن أخشى ما أخشاه هو اضطلاع مدعى العلم بهذه المسئولية، لأننا كما قلت سابقا ننفذ مشروعا للأجيال القادمة.


اعتزال نهائي
> ولماذا لا تبادر وتطرح خدماتك فى هذا الإطار؟

-تخرج الكلمات من فمه سريعة: انا اعتزلت هذا المجال نهائيا، عملت فيه بما يكفى حتى عام 1979، وأرى أن المجال الذى أعمل عليه الآن بالتعاون مع القوات المسلحة المصرية ووزارتى الزراعة والصحة أهم بكثير من هذا المجال.


> تقصد مجال عملك الجديد فى نظرية العلاج بالبصمة المغناطيسية ؟
- ترتسم على وجهة ابتسامة رضا، قبل أن يقول: من الجيد أن هناك من يتابعون جهدنا فى هذا المجال.


> الحقيقة الكلام عن هذا المجال شيق جدا، لاسيما بعد أن قرأت مؤخرا ما تحقق من نتائج فى مجال مقاومة مرض العفن البنى فى البطاطس...
-يحافظ هذا التعليق على ابتسامة الرضا على وجهه التى رسمها السؤال السابق، ليقول: من الجيد أنك تابعت نتائج ما تحقق فى مجال مقاومة العفن البنى فى البطاطس، وعلى فكرة لدينا نتائج رائعة فى عدة اتجاهات وليس العفن البنى فقط.


> أعرف يا دكتور، وحوارتكم مع الطلاب وساعى مكتبكم تبشر بأنى على موعد مع انفرادات صحفية...
- يطلق ضحكة عالية يعقبها بقوله: ان شاء الله، اسأل ما تريد وسأمدك بكل التفاصيل.


البصمة المغناطيسية
> بداية أود أن تشرح لنا ببساطة ما هى نظرية «البصمة المغناطيسية»؟

- تزداد ملامحه جدية، قبل أن يقول: أى كهرباء تمر فى سلك أو فى خلية حية يصحبها مغناطيسية، وما نقوم به هو معرفة الإشارات الخاصة بالخلية حتى نرسل لها على نفس ترددها إشارات تبطل عملها.


>إذا تفضلت أحتاج لمزيد من التوضيح؟
- يشعر بارتباكى لعدم فهم ما يقوله، فيبتسم قائلا: « سأشرح لك الموضوع بمزيد من البساطة، فكما خلق الله لنا 20 من الأصابع، لكل منها بصمة تختلف عن الأخرى، خلق لكل خلية خاصة بعضو من الأعضاء أو خلية عصبية أو خلية ميكروب بصمة خاصة بها، هى الإشارات الكهرومغناطيسية التى تصدر عنها، وما نقوم به هو أننا نعرف هذه الإشارات حتى نرسل للخلية إشارات أخرى على نفس ترددها فنوقف عملها.


العفن البنى
> الآن قد فهمت، ولكن كيف نطبق هذا الكلام عمليا على موضوع العفن البنى فى البطاطس الذى أشرتم إليه سابقا؟

- يشعر د.فاضل بسعادة بالغة بدت واضحة على وجهة لفهمى لنظريته، ويؤثر ذلك على لهجته لتصبح أكثر حماسة وهو يقول: البكتريا المسببة لمرض العفن البنى فى البطاطس اسمها «رالستونيا سولا ناسيرم»، وما فعلناه أننا عرفنا البصمة الخاصة بها فأنتجنا جهازا يرسل الإشارات على نفس تردد الإشارات التى تخرج منها، لتقوم بالقضاء عليها، فنجحنا باستخدامه فى تعقيم الأراضى التى تزرع البطاطس، فأنتجنا محصولا خاليا من العفن البنى وزادت الإنتاجية فى بعض الحقول بمعدل 300 %.


> ولماذا تستخدم صيغة الجمع فى الحديث عما تحقق من إنجاز؟
- تكتسى ملامح وجهه بالجدية قبل أن يقول: لأنى لا أعمل بمفردي، ولا يوجد انسان قادر على الإنجاز بمفرده، فما أقوم به هو نتاج جهد مشترك أتعاون فيه مع القوات المسلحة المصرية ووزارة الزراعة.


> وهل اقتصر عملكم مع هاتين الجهتين على موضوع العفن البني؟
- يطلب الإنتظار قليلا ليرد على اتصال هاتفى جاءه، وبعد أن ينتهى من الإتصال ترتسم على وجهه ابتسامة عريضة، يعقبها بقوله: سؤالك جاء فى محله، كان معى على الهاتف استاذ فى كلية الزراعة يخبرنى بنتائج ما تحقق فى علاج أحد السرطانات التى تصيب النبات، والحمد لله كانت النتائج مبهرة، وهذا العمل نقوم به بالتعاون مع وزارة الزراعة، كما تعاونا معها فى مشروع آخر للقضاء على العفن الأبيض الذى يصيب محصول البصل، وحققنا نتائج مبهرة لا تقل عما تحقق فى العفن البنى بالبطاطس.


الخلية السرطانية
> وفقا للنظرية التى شرحتها لي، فإن أى خلية حية لها بصمة، وبما أنكم تعرفتم على الخلية السرطانية المسببه للمرض فى النبات تستطيعون فعل نفس الشيء مع الإنسان؟

- يلتقط د.فاضل من مكتبه كتيبا يتضمن أحد أبحاثه التى نشرت فى مؤتمر بالنمسا عام 2002، ويقول وقد أصبحت لهجته أكثر حماسة: الإجابة على سؤالك فى هذا البحث.


ويشير د.فاضل إلى صورة توضح الفرق بين الخلية السرطانية قبل معالجتها بالجهاز والخلية الأخرى بعد معالجتها، ليقول وعلامة الفخر تبدو جلية على وجهه: هل لاحظت كيف تدمرت الخلية السرطانية.


وبمناسبة هذا السؤال هناك بحث آخر نشر فى 2017 لأحد طلابى وأجرى تحت إشرافى أحدث ضجة عالمية، لأنه حول الضرر الذى يحدثه ميكروب يدمر الخلية إذا أصابها إلى ميزه فى علاج الأورام السرطانية.


> كيف تحقق ذلك؟
- يشير د.فاضل بيده طالبا عدم مقاطعته، ليواصل الحديث قائلا: بكتيريا «السيدوموناس» إذا أصابت خلية تدمرها، ومشكلته أنه لا يستجيب لاى مضاد، ويخرج مواد تذيب الخلايا،  يعنى إذا أصاب قدم شخصا يأكل فى الخلايا حتى يصيب القدم بما يسمى «غرغرينة» ويتم قطعها، وما فعلناه أننا استخدمنا هذه الخصائص التى يتمتع بها هذا الميكروب وتم زرعه وسط الخلية السرطانية ليقوم بإذابتها، ثم قمنا باستهداف الميكروب بعد أداء هذه المهمة باستخدام جهاز البصمة.


مائة حالة
> وهل هذا الميكروب هو الذى أصاب الشخص الذى كنت تتحدث عنه مع ساعى مكتبكم قبل بدء الحوار؟

- يطلق ضحكة عالية، قبل أن يقول: يبدو أنك كنت تتابع ما نقوله، بالضبط، كان هذا الرجل وهو زميل ساعى كان يعمل معنا فى الجامعة سيذهب إلى مستشفى القصر العينى لتقطع قدمه اليوم، ولكن ارسلته إلى أحد الأطباء الذين يعملون معنا فى العلاج بالبصمة المغناطيسية فى أحد المستشفيات وتحسنت حالته.


> وماذا عن الأمراض الأخرى التى يمكن الشفاء منها باستخدام الجهاز؟
- يعود د.فاضل لوضعية الإتكاء بظهره على كرسى مكتبه، ليقول والشعور بالفخر يبدو واضحا فى عينيه: شاركت مع الهيئة الطبية التابعة للقوات المسلحة فى مؤتمر بلندن فى الصيف الماضي، وعرضنا خلاله مائة حالة تم علاجها من أمراض مختلفة منها التيفود والقدم السكرى والأورام السرطانية باستخدام جهاز البصمة، فنحن والحمد لله نتحدث عن علم نحن رواد فيه، وهو عندى أهم مليون مرة مما حققته من نتائج فى مجال أبحاث الطاقة النووية.  


بدون آثار جانبية
> أليس من الممكن أن تجد من يقول لك مثلا أنك تعالج شيئا وقد تسبب أجهزتك مرض آخر؟

- يشير بعلامة الرفض بكل ثقة، قبل أن ينادى على إحدى طالباته قائلا : تعالى يا بروتيس لكى تجيبى على هذا السؤال.


> لماذا تناديها بـ «بروتيس»؟
- يدخل الاستاذ وتلميذته فى نوبة من الضحك، يقول بعدها : اسميها كذلك كنوع من الدعابة، لأن هذا هو الميكروب الذى عملت عليه.


> وما علاقة «بروتيس» بالإجابة على سؤالي؟
- يشير لتلميذته كى تتدخل فى الحوار، قائلا لها : احكى لنا حكايتك مع ميكروب « بروتيوس ميرابيليس»، وعندها ستحصل على الإجابة.
تقول الطالبة: أن هذا الميكروب مدمر، فإذا أصاب عضو من الأعضاء يبطل عمله بشكل مباشر ولا يستجيب للمضادات الحيوية، ويعد من الاسباب المؤدية للفشل الكلوى وقصور عضلة القلب.


وتضيف: أثناء عملى على رسالة الماجستير أصاب هذا الميكروب عينى وفشلت مع كل المضادات الحيوية، فقلت لنفسى بما أنى أثق فيما توصلت له من نتائج فى توقيف عمل الميكروب بجهاز البصمة المغناطيسية، فلماذا لا أجرب على نفسي، والحمد لله شفيت تماما، ولم يترك هذا الميكروب أى أثر على عضو آخر، لأن الإشارات التى تخرج من الجهاز مصممة فقط لكى تتعامل مع الإشارات التى تخرج من الميكروب. تنتهى الطالبة من التوضيح ليعود الدكتور فاضل للقول بكل ثقة: أظن أن هذه التجربة هى أفضل إجابة على سؤالك.


جاسوس أجنبي
> اختراعات كالتى تتحدث عنها يمكن أن تجعلك ملياردير، ألم يراودك حلم الدخول إلى نادى أصحاب المليارات؟

- ترتسم ابتسامة الرضا على وجهه قبل أن يقول بكل ثقة: لو أردت الأموال لدخل حسابى قبل نحو عامين 24 مليون دولار.


> 24 مليون دولار؟!.. ما حكاية هذا المبلغ الضخم؟
- يشير إلى إحدى طالباته قائلا: كنتى موجودة عندما جاءنى الجاسوس الأجنبي.. احكى ما حدث.
تقول الطالبة: حاول هذا الجاسوس معرفة آلية عمل أجهزتك وكيفية تصميم الجهاز وعندما فشل عرض عليك 24 مليون دولار لكنك رفضت.
تنتهى الطالبة من حديثها ليعقب د.فاضل بكل فخر: الحمد لله يكفينى الفرحة التى تدخلها على حياة شخص، كانت قدمه ستقطع مثلا وأنقذه الجهاز، فهذا العلم الذى ينتفع به هو زادى عندما ألقى الله سبحانة وتعالى.


تعميم الاستفادة 
> حكاية الجاسوس الذى أشرت إليه أشعر أنه ربما يكون من أحد شركات الأدوية، فالإنجازات التى تتحدث عنها تقضى تماما على سوق المضادات الحيوية؟

- يصمت لوهلة قبل أن يقول: لا نقضى على المضادات الحيوية، ولكننا نتعامل مع الحالات التى تعجز المضادات الحيوية عن علاجها.


>وماذا عن تعميم الاستفادة من أجهزة العلاج بالبصمة؟
- بكل ثقة وفخر يقول: أجهزتى ملك القوات المسلحة المصرية، ويتم تجربتها تحت إشرافها، فهى الجهة الوحيدة المؤتمنة على مصالح الشعب المصري.


> وهل سنسمع قريبا عن جهاز يعالج المرارة؟
- يبتسم قائلا: ولماذا تسأل عن المرارة تحديدا.


> سمعتك قبل الحوار تشتكى منها؟
- يطلق ضحكة عالية قبل أن يقول: من الواضح أنك كنت متابعا لكل ما نقوله.. وإجابة على سؤالك القصة ليست بهذه البساطة، فلابد من معرفة سبب المشكلة، فإن كان سببها ميكروب ما، فلابد من عزله ثم إجراء أبحاث عليه حتى نصل إلى الإشارة الخاصة به، لنقوم بجهد آخر لمعرفة ظروف تعريض الميكروب للإشارة التى توقف عمل إشارته، يعنى مثلا يجب دراسة زمن تعريض الميكروب للإشارة، وهل يتم القضاء عليه من جلسة واحدة أم جلستين، والزمن الخاص بكل جلسة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة