اللواء أ.ح. سيد غنيم - استشاري الأمن الدولي وأستاذ زائر بالناتو
اللواء أ.ح. سيد غنيم - استشاري الأمن الدولي وأستاذ زائر بالناتو


استشاري بالأمن الدولي: روسيا تقلب الأحلاف في المنطقة

محمد محمود فايد

الثلاثاء، 23 يناير 2018 - 07:51 م

 

تلقت مصر دعوة من الرئيس الروسي «بوتين» للمشاركة في مؤتمر "سوتشي" القادم خلال الأسبوع الأخير من شهر يناير، كأول دولة عربية يدعوها المعسكر الشرقي لإقرار مصير سوريا.

 

علق اللواء أ.ح. سيد غنيم، زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، استشاري الأمن الدولي وأستاذ زائر بالناتو، على هذه الدعوة بأن الموضوع بالطبع ليس "لأن مصر هي القوى العظمى صاحبة دوائر النفوذ الكبرى بالمنطقة والتي تسيطر بنفوذها على كافة أرجاء الشرق الأوسط لحل مشاكله"، ولكن دور مصر كأحد أهم حلفاء روسيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد حان، وطبقاً للمرحلة الحالية بإستراتيجية الأمن القومي لروسيا.

 

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم» أنه في الوقت الذي يحاول فيه المعسكر الغربي أن يوجه الدور الإقليمي المصري ليكون في شمال أفريقيا وطبقاً للهدف المطلوب منها بتأمين الساحل الجنوبي للمتوسط شمال أفريقيا، وبالتالي يؤمن الساحل الشمالي للمتوسط جنوب أوروبا، تحاول روسيا إشراك مصر في أزمات الشرق الأوسط، موجدة دورا لها في نقاش مستقبل سوريا، خاصة أن المسير الروسي يتسق مع الموقف المصري "الداعم للحل السياسي في سوريا بما يحفظ كيان ووحدة الدولة السورية. 

 

وأوضح أن مصر أعلنت مراراً دعمها للمفاوضات الجارية تحت رعاية الأمم المتحدة بجنيف على أساس مرجعيات الحل السياسي في سوريا وأهمها القرار 2245، مع الترحيب بأية مبادرات أخرى مطروحة طالما تأتي لتعزيز هذا الإطار، ومنها المبادرة الروسية في هذا الشأن، وعلى صعيد آخر ترى روسيا «مصر» على أنها خطوة تالية لها بعد سوريا لفرض نفوذها جنوب المتوسط. 

 


روسيا والولايات المتحدة ومعها الناتو – عداء لا ينتهي

وحول الدور الروسي أكد «غنيم» أن روسيا نجحت في قلب الأحلاف بالمنطقة، وستبقى العدو الأول للولايات المتحدة والناتو ذلك الحلف الذي يجمع العديد من دول أوروبا وأخرى من خارجها.

 

وأضاف أن قدرات الولايات المتحدة والناتو والاتحاد الأوروبي ودول أخرى حليفة بالتأكيد قادرة مجتمعة على فرض هيمنتها أو نفوذها في عدة بؤر عالمية وبما يؤثر سلباً بشدة على نفوذ خصمهم روسيا، (ذلك الخصم الأضعف الذي تأثر اقتصاديا بشدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي)، ولذا نجد روسيا بقيادة «بوتين» مضطرة لممارسة نفوذها في الشرائح الأكثر أهمية بالنسبة لها من كافة بؤر الاهتمام، كجزء رفيع من وسط آسيا وأوكرانيا والقرم وشمال البلطيق، والجناح الشمالي (الأيمن) بالشرق الأوسط المطل على البحر المتوسط.

 

وتابع: عندما قرر الناتو عام 2015 الشروع في ضم دولة الجبل الأسود (مونتنيجرو) للحلف، رغم أن جيشها لا يتجاوز الألفين مقاتل، أعطى الناتو بذلك بياناً عملياً كيف تعلم من درس روسيا القاسي بضمها للقرم باستفتاء دولي، ودخولها أوكرانيا، ثم بداية استعادة نفوذها في شمال الشرق الأوسط. فدولة الجبل الأسود كانت الدولة الساحلية الوحيدة الباقية المطلة على البحر الأدرياتيكي من الشرق من غير دول الناتو (ذلك الساحل الذي يهدد شرق إيطاليا وشمال اليونان وألبانيا وجنوب كرواتيا، وجميعهم من دول الناتو)، حيث أنه حالة بقاء دولة الجبل الأسود حليفة لصربيا الواقعة شرقها لكانت تعتبر منفذاً ساحلياً شديد الخطورة تستغله روسيا لتهديد دول الناتو التي ذكرتها.

 


"بوتين" يرى تركيا وسوريا ومصر الحلفاء الأهم

 

وأشار استشاري الأمن الدولي، إلى تحسب «بوتين» مسبقاً لاحتمال قيام الناتو بضم دولة الجبل الأسود لغلق نافذة البحر المتوسط عليه من باب البحر الأدرياتيكي، وربما لم يتوقع أحد ما يخطط له بوتين مقابل ذلك، حيث لم يبق له سوى تركيا، والمطلة على البحر المتوسط وتمتلك مضيقي "البوسفور" و"الدرنديل" كأهم نافذتين لعبور روسيا للبحر المتوسط من خلال البحر الأسود. كما أن تركيا ستكون الأنبوب الأهم والأفضل لتمرير الغاز الروسي لدول أوروبا، وربما قد تفهمنا الآن مدى صبر «بوتين» على صفاقة «أردوغان» وغروره بعد قيام أحد مقاتلاته بإسقاط مقاتلة قاذفة روسية فوق الأراضي السورية عام 2015، وصبره على مقتل السفير الروسي في أنقرة على يد أحد رجال الأمن الأتراك عام 2016، وغير ذلك الكثير.

 

وأوضح «غنيم» أن سوريا ومصر، كان لهما الأولوية قبل تركيا، لظروفهما السياسية والأمنية وبصفتهما مفتاحا البحر المتوسط الواصل بين الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الجنوب، واللذان قد يمثلا تهديداً شديداً على نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة وعلى أمن دول جنوب أوروبا، وهما بالتأكيد الأسهل في التحالف معها في ظل الضغوط الكبيرة التي يتعرضا لها خاصة ضد الوكلاء الإسلاميين، سواء "الإخوان" المدعومين من قطر وتركيا، أو "السلفيين" المدعومين من دول الخليج، مع الوضع في الاعتبار أن ذلك كان بقبول ودعم من إدارة أوباما، حيث استغل «بوتين» وقتها بطء الأمريكيين في تقويض «داعش» بسوريا، وقرر التدخل العسكري فوراً للقضاء على «داعش» من جانب، وإطالة مدة حكم الأسد من جانب آخر.

 

وتابع: حتى جاءت اللحظة التي صبر عليها «بوتين» طويلاً، وهي يأس "أردوغان" تماماً من استمرار التحالف مع المعسكر الغربي وإسرائيل والعربي السني، ليس فقط بعد قيام القوات الإسرائيلية بقتل نشطاء أتراك على باخرة المساعدات الإنسانية التركية مرمرة للفلسطينيين، ولكن بعد إصرار الولايات المتحدة وإسرائيل على دعم انفصال الدولة الكردية والذي بالتأكيد سيقسم كل من تركيا وسوريا والعراق.

 

وأضاف: نجح "بوتين" في إيجاد عدو مشترك وهو (الأكراد ومن يدعموهم)، وهدف مشترك وهو تماسك الدولة التركية والعراقية والذي يعاون بالطبع على تماسك الدولة التركية، وهو ما يأتي في صالح إيران في حربها ضد العرب السنة في اليمن وضد إسرائيل إذا لزم الأمر في سوريا، وبعد أن نجحت روسيا في مهامها الأولية في سوريا، والذي أدي لإضعاف النفوذ الأمريكي والعربي السني، عقدت مؤتمر "سوتشي" في نوفمبر 2017 بحضور زعماء روسيا وإيران وتركيا كقوى جوار إقليمي دون تواجد عربي واحد لتقرير مصير سوريا.

 

واختتم «غنيم» أنه عقب ذلك، نجد "أردوغان" اليوم يشن هجوما عسكريا شاملا ضد أكراد سوريا في مدينة "عفرين" على الحدود التركية شمال سوريا، وذلك بعد إعلام تركيا لكل من روسيا وسوريا وإيران والولايات المتحدة، بهدف إنشاء منطقة عازلة كاملة على الحدود التركية الجنوبية داخل سوريا، وفي نفس الوقت تقوم القوات الحكومية السورية بشن هجوم على تنظيم فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) في إدلب جنوب غرب "عفرين" مستغلة الهجوم التركي المدبر، وبنجاح العمليتين تزداد فرص بقاء بشار الأسد مع وحدة الأراضي السورية، وتقل فرص الأكراد في الانفصال، ويقل معها النفوذ الأمريكي السعودي في سوريا.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة